ما هي القيم؟
القيم معتقدات أساسية تحكم حياتك، وتشكِّل مصدر إلهام للعمل، وتوجِّه كل قراراتك من المهنة إلى النمو الشخصي، وتجسد الشخص الذي تريد أن تكونه، وتؤثِّر في طريقة تعاملك مع الآخرين وتفاعلك مع العالم؛ فالقيم جوهر هويتك.
ويُوجد نوعان منها: القيم الشخصية والقيم الثقافية؛ إذ تمثِّل القيم الشخصية معتقداتك المتعلقة بالصواب والخطأ، أمَّا القيم الثقافية، فهي تلك التي تحظى بإقرار المجتمعات التي نشأتَ فيها؛ لذلك فهي تختلف حسب المكان والسياق، لكن يمكن أن تكون بنفس قوة القيم الشخصية، وتُعد قيم الشركة والقيم الدينية أمثلةً عن القيم الثقافية، فيما تشمل أنواع القيم الشخصية القيم الفردية وقيم المجموعة، كمجموعات الأصدقاء أو العائلة.
تعتمد طريقة تشكُّل القيم الشخصية للفرد على المشاعر والعواطف التي يكنها المرء تجاه نفسه والعالم من حوله؛ إذ قد تكون القيم الشخصية إيجابيةً، وتؤدي إلى تقدير الذات والشعور بالرضى، أو قد تستند إلى معتقدات ضيقة، وتسبب مشكلات في علاقاتك وتفاعلك عموماً مع العالم بأسره.
شاهد بالفيديو: 8 أمور تجعل علاقاتك تستمر بنجاح
من أين تنشأ القيم؟
تتشكل القيم بصورة قوية في مرحلة الطفولة؛ إذ إنَّ الأطفال كالإسفنج، يمتصون العالم الصغير نسبياً من حولهم، وعادةً ما يلتقطون قيم أفراد الأسرة المقربين، وتأتي القيم أيضاً من جهودك للحصول على الحب الذي تتوق إليه؛ إذ يرغب الأطفال في أن يكونوا محبوبين، وسيتبنون القيم والمعتقدات اللازمة للحصول على ذلك الحب.
تتأثر القيم الشخصية أيضاً بالتجارب الراهنة، والأشخاص المقربين منك، ولا بُدَّ أنَّك سمعت من قبل بعبارة: "قل لي من أصدقاؤك أقل لك من أنت؟"؛ إذ إنَّك تكتسب من عائلتك وأصدقائك وأشخاص آخرين مهمين في حياتك السمات المميزة التي تحبها، وتتجاهل تلك التي لا تعجبك؛ وتكون بذلك الحصيلة النهائية هي قيمك ومعتقداتك الشخصية الحالية التي تساعدك على تمييز الخطأ من الصواب.
أنواع القيم الشخصية:
يعتمد تعريف القيم على السياق، وتُوجد أنواع مختلفة للقيم الشخصية، يمكن تصنيف معظمها في ثلاث فئات: القيم الأخلاقية والجمالية والأسرية.
1. القيم الأخلاقية:
تساعدك على التمييز بين الخطأ والصواب، وتستند إلى القوانين أو المعتقدات الدينية أو السياسة؛ إذ تميل القارات والدول والمدن إلى تطوير قيم أخلاقية عامة، والتي تنتقل بعد ذلك إلى أولئك الذين يعيشون في المجتمع، ثم يتبنونها كقيم شخصية.
2. القيم الجمالية:
تساعدك على الحكم على الجمال أو الموهبة الفنية أو الموسيقى، ويغلب على القيم الجمالية الطابع الفردي أكثر، لكن يمكن أن تتأثر إلى حدٍّ كبير بطريقة تربيتك، والأشخاص الذين ترافقهم، والقيم الجمالية لثقافتك.
3. القيم العائلية:
تختلف من عائلة إلى أخرى، وتتعلق ببنية الأسرة وطريقة قضاء الوقت مع أفرادها، وكيفية التعامل معهم؛ والجواب الحاسم عن سؤال "ما هي القيم؟"، هو غالباً قيم عائلتك نفسها.
أمثلة عن القيم:
1. التعلم:
إذا كنت تبحث دائماً عن طرائق لتغذية عقلك بمعلومات جديدة، وتستمتع بالتحدث مع الآخرين لاكتشاف المزيد عنهم، فمن المحتمل أن يكون التعلُّم من قيمك الشخصية الهامة.
2. الفردية:
هل تعيش الحياة على هواك، وترفض الوضع الراهن؟ إذا عرَّفت نفسك بدقة وفقاً لمعاييرك الخاصة، وتجاهلت باستمرار ما يعتقده الآخرون عن "الطريقة الصحيحة" لتعيش حياتك، فأنت شخص يقدِّر الفردية.
3. الاستقلالية:
يُعد مفهوم الحرية، ومن ذلك الحرية الجسدية أو العاطفية أو المالية، أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إليك؛ فأنت تعيش حياةً تضع بنفسك حدوداً لها، وتنتزع من قوَّتك ومثابرتك لتحقيق أهدافك المنشودة.
4. الكرم:
إذا كان الكرم من قيمك الشخصية، فأنت تجسِّد الاعتقاد بأنَّ العطاء سرُّ الحياة، ومن المرجح أنَّك تقضي كثيراً من وقتك في ممارسة النشاطات التطوعية، أو التبرع، أو البحث عن طرائق أخرى لرد الجميل.
أهمية القيم:
ما هي أهمية القيم الشخصية إن لم تكن مصدر إرشاد لك طوال الحياة؟ إذ ترسم قيمك شخصيتك - تجعلك ما أنت عليه - ولا حرج في ذلك، وتُعد القيم مجموعة من القواعد تملي عليك طريقة تفاعلك مع الآخرين، وحُكمك عليهم، وتحدد كيفية رؤيتك لنفسك، وللعالم كذلك.
الأهم من ذلك، أنَّ للقيم تأثيراً عميقاً في علاقاتك الشخصية؛ إذ إنَّك تطبِّق هذه المجموعة من القواعد على كل علاقة تنشئها، ومع القواعد تأتي التوقعات؛ فثمة أمور تثير حفيظتك، وتصورات مسبقة عن كيفية سير الأمور.
تكون هذه القواعد وجيهةً في بعض الأحيان، وسخيفةً ببساطة في أحيان أخرى، وغالباً ما تفرض قيمك الشخصية على شريكك من دون إخباره عن توقعاتك أو احتياجاتك؛ الأمر الذي يؤدي إلى خيبة الأمل والإحباط.
فكِّر في الأمر:
عندما تقول أو تسمع أشياء مثل: "لو كنت تحبني، لما فعلت كذا وكذا"، فإنَّ هذه قيمة تتوقع أن يلتزم بها الأشخاص من حولك، وإذا كنت قد شعرت بالضيق من قبل لأنَّ أحدهم لم ينفِّذ ما وعد به، فهذه أيضاً قيمة، وهذا هو سبب خطورة التوقعات.
تتضايق من الآخرين طوال الوقت لأنَّ شخصاً ما فعل شيئاً ينتهك إحدى قيمك الشخصية؛ إذ يتكلم الطرفان باستمرار عن القواعد التي انتهكها الطرف الآخر في العلاقات غير الصحية، ممَّا يؤدي إلى عقوبة تعود على الشراكة بمزيد من الضرر.
إنَّ العثور على إجابة عن السؤال عن ماهية القيم، والقدرة على تحديد مجموعة القواعد الشخصية الخاصة بك، أمر ضروري لبناء علاقات صحية طويلة الأمد، فعندما لا تكون قيمك مكملةً لقيم شريكك، سيؤدي ذلك إلى حالة صراع دائم، وعندما تصبح القواعد الخاصة بك غير منطقية، وتجعل علاقاتك أكثر صعوبة، فإنَّك تحتاج إلى عملية إعادة تقييم، وربما حان الوقت لإعادة صياغة معتقداتك وقيمك، لتحقِّق مزيداً من الانسجام بدلاً من الصراع.
في الختام:
من أين تنشأ القيم إذاً؟ كيف تساعدك أو تعوقك؟ هل لهذه المعتقدات تأثير إيجابي أم سلبي في نجاحك وعلاقاتك؟ من خلال إلقاء نظرة موضوعية على معتقداتك، وتعديلها بحيث تتلاءم على نحو أفضل مع أهدافك، يمكنك أن تحقق مزيداً من الإنجاز بنهاية المطاف.
أضف تعليقاً