أهمية تقديم الشركات لموظفيها هدايا قائمة على التجارب

لقد بذلتَ الكثير من الجهد في سبيل تطوير المنظمة التي تعمل بها؛ إذ كثيراً ما بقيتَ في العمل لوقت متأخر وبدأت عملك باكراً، وأمضيت وقت الغداء في المكتب؛ وكل ذلك كي تُنجز المهام المُسندة إليك، وبعد مضي عام كامل من عملك في هذه المنظمة سيكون هذا اليوم حدثاً هاماً كونه الذكرى السنوية الأولى لعملك في هذا المكان، وهذا أمر يبعثُ على الشعور بالراحة.



في هذا الحدث المميز يُهنِّئك مديرك في العمل ويقدم لك هدية؛ إذ تتلقى مظلة محفور عليها شعار المنظمة التي تعمل بها؛ لتضيفها بذلك إلى مجموعة الهدايا التي تلقيتها من هذه الشركة.

تعجز العديد من المنظمات عندما يتعلق الأمر بتقديم الهدايا لموظفيها؛ إذ تفشل في منح عملائها وموظفيها هدايا تثير إعجابهم وتترك لديهم انطباعات دائمة؛ لذلك إذا كان هدف المنظمة من تقديم الهدايا هو إظهار الامتنان لموظفيها وأن يبقى العمل في المنظمة من أولويات الموظفين، فقد لا ينجح هذا الأسلوب؛ فما العمل إذاً؟

ننصح بتقديم الهدايا المرتبطة بتجارب الموظفين؛ إذ هذا النوع من الهدايا من شأنه أن يزيد من القدرة على بناء علاقات أعمق بين المنظمات وموظفيها أو عملائها؛ وذلك لأنَّها تخلق ذكريات من غير المُحتمل أن تُنسى.

حساب الأموال التي تنفقها على الهدايا التي تقدمها لموظفيك:

تُنفق المنظمات قدراً كبيراً من الأموال مقابل الهدايا التي تقدمها لموظفيها؛ وذلك على أمل تقوية علاقتها بهم أو بعملائها، فالهدايا هي أيضاً وسيلة لإظهار الامتنان للموظفين؛ وهذا بالتأكيد أمر يعود بالفائدة على المنظمات؛ إذ يقول 86% من الموظفين إنَّهم يشعرون بالتحفيز لبذل المزيد من الجهد في العمل عندما يُقدَّرون مقابل العمل الذي يقومون به.

وفقاً لتقرير تقديم الهدايا السنوي الذي أعدَّه معهد "أدفيرتايزينغ سبيشيلتي" (Advertising Specialty Institute)، خططت المنظمات لإنفاق 48 دولار في المتوسط ​​على كل عميل خلال موسم العطلات في أحد الأعوام؛ وهذا يمثل زيادة بنسبة 9% عن العام السابق له، كما خططت المنظمات لتقديم هدية بقيمة 44 دولار لكل موظف؛ وهذا يمثل زيادة 16% عن ذات العام، وقالت ربع المنظمات إنَّها ستنفق أكثر بكثير من ذلك؛ أي 100 دولار على كل هدية تُمنح للموظف الواحد.

وفقاً للتقرير تقدِّم المنظمات في الغالب الطعام والمشروبات والتقويمات ولوازم المكاتب للعملاء؛ إذ يحصل الموظفون في الغالب على نقود أو بطاقات هدايا أو ملابس، وقالت 46% من المنظمات إنَّها ستقدم منتجات تحمل شعار المنظمة للموظفين والعملاء على حدٍّ سواء.

لكن هل هذه هي الهدايا التي يريدها الموظفون؟ على سبيل المثال هل تلقِّي تقويم سيجعل الشخص يشعر بالحماسة أو يكون لهذا التقويم تأثير في الموظفين بشكل دائم؟ غالباً لن يكون الأمر كذلك، ووجد باحثون من جامعة ولاية "سان فرانسيسكو" (San Francisco State University) أنَّ الناس يعتقدون أنَّ تجارب الحياة بعد اقتناء الأشياء تمنحهم سعادة أكثر من الأشياء المادية؛ ففي هذه الأيام ما يريده المستهلكون هو الهدايا القائمة على أساس التجربة.

شاهد: 8 طرق لتحفيز العاملين على العمل

تفضيل التجارب على المنتجات:

لقد حدث تحوُّل في جميع مجالات الأعمال على مدار عقود، فالمستهلكون يرغبون الآن في الحصول على التجارب أكثر من المنتجات، ويجب أن تحذو الشركات التي تهدي موظفيها حذوهم.

وُصِفَ اقتصاد التجربة لأول مرة في مقال نُشِر في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) بعنوان: "مرحباً بكم في اقتصاد التجربة" (Welcome to the Experience Economy)؛ إذ يجادل المؤلفون بأنَّه بينما رأى الناس ذات مرة قيمة كبيرة في الحصول على المنتجات والخدمات، فقد تغير الاقتصاد إذ يرى المستهلكون قيمة أكبر في التجارب والذكريات؛ إذ يريد المستهلكون الآن أن يشعروا بالعاطفة من المنتجات، وسيدفعون مقابل الشعور الذي توفره المنظمة.

على سبيل المثال دعنا نلقي نظرة على كيفية تغيُّر مفهوم الحصول على التدليك ليصبح قائماً بشكل أكبر على التجربة، في حين أنَّه في الاقتصاد القائم على المنتجات يكون المستهلك سعيداً بتلقي مُدلِّك كهربائي كهدية، فإنَّ الاقتصاد القائم على التجربة يعني أنَّ المستهلكين يتوقعون أكثر من ذلك بكثير.

تخيَّل هذا الأمر: تتلقى دعوة شخصية إلى منتجع صحي، وعند وصولك يرحب بك شخص ما باسمك ويدلُّك على غرفة خاصة، ثم يقدم لك الشاي الأخضر الدافئ وتجلس في الغرفة، وتستريح وحدك لبضع دقائق وتستمع للموسيقى الهادئة، بعدها يصل المدلِّك ويبدأ التدليك؛ يسمح هذا النوع من التجارب للفرد بالتفاعل مع علامة تجارية والمشاركة في خدمة من غير المحتمل أن ينساها، فهو شيء لا يمكن أن يوفره المدلِّك الكهربائي أو الحصول على تدليك في عيادة.

يجب أن تتوقف المنظمات عن إهداء أشياء مرتبطة بمنتجات وخدمات غير مخصصة، لتركز بدلاً من ذلك في الهدايا التي تكون على شكل تجارب؛ إذ يمكن أن تشمل هذه الهدايا تذاكر لحفلة موسيقية أو عضوية في النادي أو رحلة إلى حديقة الحيوان مع العائلة، فهذه أشياء لن يخبئها الموظفون والعملاء في خزائنهم؛ بل سيرون فيها قيمة أكبر لأنَّها شكلت ذكريات لهم.

إقرأ أيضاً: كيف تمنح موظفيك إحساساً بالانتماء في ظل ظروف العمل عن بعد؟

قيمة العائد على الاستثمار للتجارب:

وفقاً لـ "أنطونيو داماسيو" (Antonio Damasio) أستاذ علم الأعصاب في "جامعة جنوب كاليفورنيا" (University of Southern California)، تؤثر العواطف في جميع قراراتنا؛ فعندما نواجه خياراً، تؤدي العواطف من التجارب السابقة دوراً في إنشاء تفضيلاتنا؛ مما يؤدي إلى القرارات التي نتخذها، ومن ذلك قرارات الشراء؛ إذ نشتري بناءً على عاطفة تزرعها العلامة التجارية فينا.

فيما يأتي مثال عن شركة "نرويجيان للرحلات البحرية" (Norwegian (Cruise Line: أمضى المستخدمون وقتاً أطول على موقع الشركة الإلكتروني؛ وذلك لأنَّهم أدركوا أنَّ العلامة التجارية "مسلية" و"جذابة" و"موجهة نحو الأسرة"، ووفقاً لدراسة أجرتها شركة "كي لايم إنترأكتيف" (Key Lime Interactive)، فإنَّ التجربة العاطفية الإيجابية تُنتِج ولاء العملاء.

إقرأ أيضاً: تقدير الموظف: أفضل الطرق لإظهار التقدير للموظفين

في الختام:

يمكن أن تُظهِر الهدايا التي تقدمها المنظمات الامتنان وتبني العلاقات، ومع ذلك عندما تفتقر الهدية إلى الخيال والجهد، فقد يشعر الناس بخيبة أمل وحتى لو أنفقت المنظمة مئات الدولارات عليها، أما الهدايا القائمة على التجربة فلها تأثير أكبر؛ إذ تثير الهدايا استجابة عاطفية، والتي تؤدي بعد ذلك إلى زيادة الولاء للعلامة التجارية.

المصدر




مقالات مرتبطة