أنواع بكاء الرضيع وكيفية التعامل مع كل نوع

في الوقت الذي لا يمتلك فيه الرضيع وسيلة للتواصل والتعبير عن احتياجاته، فإنَّه يتخذ من البكاء طريقة فطرية لتنبيه الأم ولفت نظرها إلى حاجاته النفسية أو البيولوجية، وكثيراً ما يُظلَم الرضَّع ويُفسَّر بكاؤهم على أنَّه مجرد إزعاج وإلحاح.



معظم المربين يتفقَّدون الاحتياجات الجسدية فقط من جوع وعطش وحاجة إلى النوم وتبديل الحفاض، ولا يدركون الاحتياجات النفسية والعاطفية للرضيع الذي غادر لتوه دفء الرحم وأمانه، وانتقل إلى عالم جديد يحتاج إلى بذل كثيرٍ من الجهد ليتكيف معه؛ لذا انطلاقاً من مبدأ أنَّ الطفل لا يبكي دون سبب، خصصنا هذا المقال للحديث عن أنواع بكاء الرضيع وكيفية التعامل مع كل نوع.

أنواع بكاء الرضيع:

يختلف بكاء الرضيع باختلاف الأسباب التي دفعته إلى البكاء، والحاجة التي يحاول الإفصاح عنها من خلال صوته، وبناءً على ذلك يمكن تقسيم أنواع بكاء الرضيع إلى ما يأتي:

1. بكاء الرضيع بسبب الجوع:

إنَّ بكاء الرضيع بسبب الجوع يُعَدُّ واحداً من أشهر أنواع بكاء الرضيع، ويعود السبب وراء ذلك إلى عدم اعتياد الرضيع على شعور الجوع، فهو في الرحم اعتاد على وصول التغذية إليه عبر الحبل السري، أما في الحياة خارج الرحم فهو يشعر بالجوع، ويبكي طلباً للطعام.

وتكون نوبات بكاء الرضيع التي يسببها الجوع خلال فواصل منتظمة من الزمن، وبتعبير أوضح عند زوال آثار شعوره بالشبع بعد آخر عملية إرضاع، يبدأ الرضع ببكاء ناعم عادة ما يتعالى حتى يتحول إلى نوبات غضب شديد، ثم لا يلبث أن يهدأ بعد أن يباشر الطفل الرضاعة الطبيعية أو الاصطناعية.

إقرأ أيضاً: متلازمة موت الرضيع المفاجئ

2. بكاء الرضيع بسبب عدم شعوره بالراحة:

يُعَدُّ انعدام الشعور الراحة واحداً من أنواع بكاء الرضيع، ويندرج تحت هذا التصنيف شعوره بالبرودة أو الحرارة الزائدة، أو اتساخ الحفاض، أو ارتداء ملابس ضيقة، أو تكتل الملابس والملاءات تحت جسده، أو التفاف شعرة حول أحد أصابعه وغيرها من الأسباب التي تثير في نفس الرضيع الشعور بالانزعاج والضيق؛ لذا فإنَّ الخطوة التالية في البحث عن سبب بكاء الرضيع بعد التأكد من امتلاء معدته، هي البحث عن أمر يقلق شعوره بالاطمئنان والراحة.

وهذا النوع من أنواع بكاء الرضيع يكون على شكل نوبات انتحاب، قد تكون هادئة أو صاخبة، ويكفي حمل الطفل بين ذراعي أمه وهدهدته لإيقاف هذا البكاء إيقافاً مؤقتاً، ليكون التوقف النهائي عنه عند معالجة السبب الذي أدى إلى حدوثه، كاستبدال الحفاض أو تغيير الملابس.

شاهد بالفيديو: 6 خطوات لنوم هانئ للصغار

3. بكاء الرضيع بسبب التعب:

يُصنَّف البكاء تعباً بوصفه واحداً من أنواع بكاء الرضيع الطريفة، فأول سؤال يخطر في بالنا هو "ما الذي يُتعِب هذا الكائن الطفيلي الذي يقضي وقته في الأكل ثم النوم؟" والجواب هو: إنَّ الرضيع يبذل مجهوداً في عمليات التأقلم مع الحياة خارج الرحم، فحتى عملية التنفس هي عملية متعبة بالنسبة إليه فهو الذي لم يكن معتاداً عليها في الرحم، وكذلك سائر العمليات الحيوية التي يقوم بها، من هضم للطعام وطرح للفضلات، وتعرُّف إلى الوجوه والأصوات، وحتى عملية المص في الرضاعة هي نشاط مرهق بالنسبة إليه.

وتُعَدُّ الأيام التي يخرج فيها الرضيع في نزهة أو زيارة من الأيام المرهقة له، فهو يخرج فيها عن روتينه المعتاد، ويشاهد كثيراً من المناظر والوجوه، فينفجر بكاؤه تعباً ليشرح حاجته إلى العودة لدائرة الراحة الخاصة به ومن ثم النوم بعد يوم مليء بالاكتشافات.

وتكون نوبات البكاء المترافقة مع هذا النوع من الحاجة على شكل صراخ شديد مصحوب بحركة فوضوية لليدين والقدمين، إضافة إلى التثاؤب المستمر وفرك العينين.

4. بكاء الرضيع بسبب الحاجة إلى الاهتمام والعاطفة:

تتفاوت نسبة هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع بين الصغار، فمنهم من يكون شديد التعلق بأمه، وهذا أمر طبيعي، فهو قد قضى تسعة أشهر كاملة في أحشائها ملاصقاً لها ومصغياً إلى صوتها طيلة الوقت.

وإنَّ حاجة الرضيع إلى اهتمام أمه وحنانها هو فطرة وغريزة طبيعية؛ وهذا يعلل توق الرُّضَّع إلى احتضان أمهاتهم لهم وشم رائحتهن، لتهدأ نوبات البكاء العاطفي هذه، وقد يكون بعض الرضع متطلبين أكثر من أقرانهم فلا يكتفون بعناق وقبلة؛ بل يطلبون مزيداً من اللعب والتسلية والمداعبة والحمل.

يشعر الرضيع على الرغم من صغر سنه بمشاعر الشوق لأمه، وخاصة إذا كانت أماً عاملة يُحتَّم عليها الغياب عنه لوقت طويل، فيعبِّر عن شوقه بنوبات البكاء التي تبلغ ذروتها كلما دقت الساعة البيولوجية في جسم الرضيع باقتراب موعد عودة الأم اليومي.

5. بكاء الرضيع بسبب الملل والرغبة في الحركة:

وهذا نوع شائع من أنواع بكاء الرضيع، فالأطفال مخلوقات كاملة المشاعر ناقصة التجارب، ومن ثمَّ فإنَّهم يشعرون مثلنا بالملل، ويريدون التسلية وتغيير المكان أو وضعية الاستلقاء، ولا يجدون طريقة لقول هذا إلا بالبكاء.

الجيد في الأمر أنَّ هذا النوع من البكاء يتناقص ما إن يبدأ الطفل الحبو والاعتماد على نفسه في الحركة، ويمكن أن يبدأ العد التنازلي الخاص به قبل ذلك؛ أي من مرحلة إتقان التقلب على البطن والظهر وإمساك الأشياء والألعاب.

6. بكاء الرضيع بسبب ألم المرض:

وهو أقسى أنواع بكاء الرضيع وأكثره إثارة للشفقة، فالرُّضَّع المساكين يتألمون ولا يستطيعون الشكوى والإخبار عن آلامهم، فيدخلون في نوبات بكاء هستيري تعكس أوجاعهم التي يصعب على أجسادهم الطرية تحمُّلها، وينتظرون أن يعي البالغون والأطباء أسباب هذا الألم وتخفيفه عنهم.

ويُعَدُّ نسب بكاء الرضيع إلى المرض آخر احتمال مُتوقَّع، فبعد التأكد من شبع الطفل ونظافته وراحته وحصوله على القسط الكافي من النوم وعدم استجابته لوسائل الإلهاء والتسلية التي يستمتع بها عادة، يمكن الجزم بأنَّ الرضيع يشكو من ألم ما.

ويُعَدُّ التهاب الأذن الوسطى وألم التسنين وألم المغص من أكثر آلام الرضع المسببة للبكاء، ويكون بكاء الألم متواصلاً وغير قابل للإيقاف بأي طريقة، أو يتوقف توقفاً مؤقتاً ليعاود الاستمرار بعد لحظات.

إقرأ أيضاً: حُمّى الرضيع... 5 علامات تستدعي الطّبيب فوراً

7. بكاء الرضيع بسبب المغص:

وهذا النوع هو أكثر أنواع بكاء الرضيع شيوعاً، ويُشخَّص عن طريق ملاحظة تطبُّل بطن الرضيع وانتفاخه، وتلوِّي حركة الرضيع وتحريكه لقدميه، ويعود السبب وراء المغص الذي يصيب الرضيع هو عمليات تطور جهازه الهضمي، يضاف إليها عدم تلاؤم نوع الحليب الصناعي المقدم مع معدة الرضيع، أو تناول الأم المرضعة لأطعمة تسبب الانتفاخ والغازات للرضيع كالبقوليات، ويكون بكاء الرضيع الناتج عن المغص قوياً يعكس ألم تقلصات أمعائه.

شاهد بالفيديو: كيف يتم العناية بالطفل حديث الولادة؟

كيف تتعامل مع كل نوع من أنواع بكاء الرضيع؟

توجد طرائق محددة للتعامل مع كل نوع من أنواع بكاء الرضيع، وقد لا يُجدي استخدام إحداها في غير الحالة المخصصة لها، وفيما يأتي بعض الأساليب التي توضح كيفية التعامل مع كل نوع من أنواع بكاء الرضيع:

  1. في حالة البكاء بسبب الجوع: يعدُّ الجوع هو أول فرضية تفرضها الأم لتعلل سبب بكاء رضيعها، ويُتعامَل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع عن طريق تفقُّد موعد آخر وجبة تناولها، وتقديم الحليب له في حال مضي ساعتين على آخر رضعة اصطناعية، أو ساعة على مضي آخر رضاعة طبيعية، وذلك لأنَّ حليب الأم أسرع وأسهل في الهضم من الحليب الاصطناعي.
  2. في حالة البكاء بسبب عدم الراحة: بعد التأكد من أن معدة الرضيع ممتلئة، تفترض الأم أنَّ طفلها يبكي لأنَّه لا يشعر بالراحة، ويُتعامَل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع عن طريق تفقُّد حفاضه إذا كان متسخاً، أو تفقُّد ملابسه ووضعية استلقائه، والبحث عن المنغصات التي يمكن أن تكون السبب في إزعاجه ومعالجتها.
  3. في حالة البكاء بسبب المغص: يُتعامَل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع عن طريق تطبيق بعض الحركات والتمرينات، مثل تحريك قدمي الرضيع تحريكاً دورانياً كأنَّه يقود دراجة، أو تمسيد بطنه بحركات دائرية أو الطبطبة عليه، أو حمله بوضعية معينة يضغط فيها ساعد الأم على بطنه برفق ليساعده على إخراج الغازات في حال وجودها. ينصح بعض المتخصصين في رعاية الأطفال بإعطاء الرضيع مشروبات عشبية مخففة للمغص كالنعناع والبابونج، ويعارض بعضهم الآخر هذه النصيحة، لكن الجميع يتفق على إمكانية الاستعانة بمستحضرات دوائية مهدئة للمغص وطاردة للغازات تُصرَف بموجب وصفة طبية.
  4. في حالة البكاء بسبب الحاجة إلى التسلية: يُتعامَل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع عن طريق توفير وسائل التسلية له، كالتحدث معه، أو إعطائه بعض الألعاب أو الأغراض الآمنة، أو أخذه في جولة إلى الخارج.
  5. في حالة البكاء بسبب الألم: يُتعامَل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع بطريقة واحدة فقط، هي أخذه إلى الطبيب لمعاينته وتحديد المشكلة، ويجب تجنُّب إعطاء الرضيع أي نوع من أنواع الأدوية أو المسكنات دون استشارة طبية.
  6. في حالة البكاء بسبب التعب: يجب تفهم هذه الحالة قبل التعامل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع، ففي كثير من الحالات يبكي الرضيع تعباً ولكنَّه يرفض النوم، وذلك بسبب عدم قدرته على تقبُّل حاجته للنوم وترك هذا العالم الممتع والذي يدفعه فضوله إلى الاستمرار في اكتشافه، في هذه الحالة يجب إدخال الطفل في روتين النوم الخاص به كتشغيل أغنية أو آيات قرآنية أو الدخول إلى غرفته وتخفيت الضوء ليتسنى له الاسترخاء والنوم.
  7. في حالة البكاء طلباً للعاطفة: يمكن التعامل مع هذا النوع من أنواع بكاء الرضيع عن طريق حمله وهدهدته وتقبيله وشم رائحته وقضاء الوقت إلى جانبه في تقديم الحب والحنان الضروريين لنموه النفسي والعاطفي.

إن أقسى نصيحة يمكن أن توجه للأم بشأن الرضيع هي عبارة "دعيه يبكي"، لأنَّه من الضروري التيقن أنَّ بكاء الرضيع مرتبط حتماً بسبب ما وإن لم نستطع اكتشافه، وعليه؛ فإنَّ الاستجابة لطريقته الوحيدة في التعبير، من شأنها أن يؤدي إلى إنشاء علاقة وطيدة بين الطفل وأمه، مبنية على الحب والأمان والثقة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة