أسباب القلق الذي يصيب الموظفين في الشركات وطرق علاجه

يعاني 40% من الموظفين في أمريكا من الإجهاد المستمر أو القلق المفرط في حياتهم اليومية، ويُعبِّر 72% منهم عن التأثير السلبي الذي يخلفه في حياتهم وأدائهم، وعلى الصعيد العالمي يُعَدُّ القلق سادس الأسباب الرئيسة للإعاقة "وتزايدها".



ومع ذلك فإنَّ القلق لا يُعَدُّ عاطفة؛ بل تجربة فهو يضر بقدرتنا على التحكم مما يجعلنا نشعر بالعجز، كما يؤثر القلق في قدرتنا على اتخاذ القرارات؛ إذ إنَّ مواجهة تهديد لا نستطيع فهمه تُعَدُّ تجربة مربكة، وعلى العكس من ذلك فإنَّ الخوف هو استجابة عاطفية لخطر ندركه.

قد يكون التوتر والخوف إيجابيَّين أو سلبيَّين، فباستطاعتك تحويلهما إلى طاقة، ومع ذلك لا يوجد شيء يُسمَّى القلق الإيجابي؛ ولهذا السبب يجب علينا مواجهته إذا أردنا إبطال تأثيره.

التأثير السلبي في الإنتاجية:

لا تتعلق الإنتاجية بالقيام بمهام عدَّة في وقت قصير فحسب؛ بل بالقيام بالأمور الصحيحة بشكل صحيح. ولا يؤثر القلق في الأداء فحسب؛ بل يضر بالمشاركة والشغف؛ فمن الصعب الاستمتاع بعملك إن لم تركِّز الاهتمام في لحظات الحاضر.

وفقاً لـ "جمعية القلق والاكتئاب في أمريكا" (Anxiety and Depression Association of America)؛ يؤثر القلق سلباً في الأفراد "القلقين" ويتعدى تأثيره ذلك ليشمل:

القلق هو ترقُّب عاطفي؛ إذ إنَّه التفكير في الفشل في المستقبل، ويستعمل اختصاصيو الصحة مصطلح "القلق" لوصف الشعور المستمر بالخوف أو الشعور المزمن بالقلق دون أسباب واضحة.

المشكلة هي أنَّ المنظمات معظمها لا تشجع الناس على معالجة القلق، وأكثر من 60% من الموظفين الذين يعانون من القلق، لم يناقشوا الأمر مع الرؤساء. تجنُّب التحدث عن ذلك يجعل الأمور أسوأ.

شاهد بالفديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

مسببات القلق:

القلق ليس نتيجة لسبب واحد؛ بل لأسباب عدة؛ وهذا يجعله صعب المكافحة. فيما يأتي أشهر أسباب القلق المعروفة في المنظمات:

  1. غياب المديرين التنفيذيين: اعتماد مبدأ "الواقع" هو أحد أهم التوجهات السائدة في مجال تطوير القيادة، ولسوء الحظ، يواجه كبار المديرين صعوبة في تركيز الاهتمام في لحظات الحاضر، وصعوبة تركيز المديرين التنفيذيين في لحظات الحاضر تضرُّ قدرتهم على الإنصات وفهم ما يجري مع فرقهم، فتزيد العقلية المشتتة لقادة الفِرق من شعور الأفراد بالقلق.
  2. الثقافة غير الآمنة: لا يناقش الناس المشكلات المتعلقة بالقلق؛ وذلك بسبب الخوف من انتقام رؤسائهم، كما يخشون أن يُفَسَّرَ ذلك على أنَّه نقص في الالتزام، أو تصنيفهم على أنَّهم ضعيفون، أو السخرية منهم؛ إذ إنَّ غياب الثقافة الآمنة يؤدي إلى التردد في إجراء محادثات صريحة؛ بل ويخلق المزيد من القلق أيضاً.
  3. انتشار التكهنات: انعدام الشفافية يسبب انتشار الشائعات والتكهنات، ويُفضِّل دماغنا اليقين على الترقُّب، فعند جهلنا بأمر ما يميل الدماغ إلى ملء الفراغ الناجم عن الجهل بالفرضيات، وتحدُث هذه المشكلة عند افتقار المنظمات إلى التواصل الواضح والمستمر فالتكهنات تجعل الناس أكثر قلقاً.
  4. القلق الشخصي: تعمد المنظمات على توظيف المحترفين دون أخذِ شخصياتهم في الحسبان؛ وهذا يجعلهم يُحضِرون قلقهم إلى العمل كل يوم، فعدد قليل جداً من الشركات على دراية بالموظفين الذين يعانون من هذه الحالة المزمنة والأسوأ من ذلك أنَّها لا تعرف كيف يمكن مساعدتهم.
  5. مصادر التشتيت الحديثة: مثل وسائل التواصل الاجتماعي والإشعارات المرتبطة بالتكنولوجيا والاجتماعات المتعاقبة والبريد الإلكتروني وغيرها الكثير، عندما تُسيطِر هذه المحفزات الخارجية على تركيزنا وأولوياتنا، سيصبح من الصعب عدم الإصابة بالقلق. فبدلاً من التفكير فيما يجري الآن، سيتساءَل عقلنا ما الذي سيحدث بعد ذلك.
إقرأ أيضاً: القلق: أنواعه، أسبابه، وطرق العلاج

التخلُّص من القلق:

لن تزول مسببات عدم الإنتاجية عند تجاهلها؛ فالتجاهل قد يزيد الأمور سوءاً، وعليك أن تتصرف قبل أن تنفجر القنبلة؛ إذ إنَّ القلق مثل حرائق الغابات يخرج بسرعة عن نطاق السيطرة. تذكَّر أنَّ اكتساب السلوكات السلبية يستغرق وقتاً طويلاً، والتخلُّص من القلق يحتاج إلى وقتٍ ومثابرة، ولا توجد طرائق مختصرة لذلك.

فيما يأتي بعض الطرائق المعروفة للتخلُّص من القلق في العمل:

1. زيادة الوعي:

  • مراقبة القلق: في كل مرة تشعر فيها بالقلق، اسأل نفسك عن السبب؟ ثم دوِّنه على ورقة ملاحظات وضعها أمام مساحة العمل الخاصة بك، واطَّلِع على الأحداث المدوَّنة من وقت إلى آخر، ما هي المشكلة؟ وما هي الموضوعات أو اللحظات أو المحفزات المتكررة التي تدفعك إلى القلق؟
  • مراقبة أنفاسك: يمنعنا القلق عن أخذ نفس عميق، وقد يكون الأمر خفياً أو واضحاً جداً؛ وذلك اعتماداً على مدى تأثيره فيك، وفي الحالتين يُعَدُّ إدراكك لطبيعة أنفاسك خطوة أولى قوية لاستعادة السيطرة على صحتك العقلية.
  • التدرب على التركيز البصري: يؤثِّر كل من التوتر والقلق في الرؤية، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يساعدك تدريب التركيز البصري على الاسترخاء، وعندما تشعر بالقلق أغمض عينيك قليلاً؛ وبتغيير وجهة نظرك ستنفصل عاطفياً عن الحدث وتساعد عقلك على الاسترخاء. وبالمثل، فإنَّ إغلاق عينيك بشكل كامل يساعدك على التركيز تركيزاً أكبر؛ إذ إنَّ إغلاق أعيننا يشحن طاقة الدماغ ويقوي الذاكرة ويزيد التركيز.

2. تخفيف الضغوطات:

  • تحسين التنفس: وهو الانتقال من المراقبة إلى زيادة دورة التنفس بشكل فعلي؛ إذ يتعيَّن عليك إطالة عملية الشهيق والزفير، وتقنيَّة 4-7-8 هي إحدى أكثر التقنيات شيوعاً؛ إذ تأخذ شهيقاً لمدة 4 ثوانٍ، ثم تحبس أنفاسك لمدة 7 ثوانٍ، وبعد ذلك تطلق أنفاسك لمدة 8 ثوانٍ.
  • تمديد جسمك: الألم هو مؤشر، فالتشنُّج الذي يصيب بعض أجزاء جسمك ناجم عن التوتر أو القلق، وعند وجودك في اجتماع يمكنك تمديد رقبتك أو ساقيك دون إزعاج الآخرين أو مغادرة الاجتماع؛ إذ إنَّ الوعي بالجسم هو وسيلة فعالة لاستعادة السيطرة على عقلك.
  • تبني قاعدة منع استعمال الهواتف: وضع هواتفنا على الوضع الصامت ليس كافياً، فمعظم الناس يتركون الإشعارات المرئية على هواتفهم؛ وهذا يُسبِّب لهم التشتت في أثناء الاجتماعات، ويُعَدُّ وجود صندوق الهواتف وسيلة سهلة لجعل الناس يضعون أجهزتهم بعيداً وتركيز انتباههم بشكل أفضل.
  • تنظيم مساحة العمل الخاصة بك: اجعل من تنظيف مكتبك والبريد الوارد أو التقويم عادة منتظمة من وقت إلى آخر؛ إذ تساعد إزالة الفوضى على التخلُّص من المشتتات ومسببات القلق، فلا يوجد ما يمدك بالطاقة أكثر من التخلص من الفوضى.
  • الحصول على الراحة: يحتاج دماغك - تماماً كجسمِك - إلى الاستراحة من وقت إلى آخر، ويمكن أن تساعدك فترات الراحة الرسمية على إعادة شحن طاقتك أو الاسترخاء أو الاستعداد إلى ما هو قادم أو الحصول على الوقت الكافي للتأمل والتفكير، فالابتعادُ عن رؤية برنامج العمل يحمي راحتك الشخصية.
  • تعديل وضعية جسمك: الجلوس ليس الإدمان الجديد، بينما ما يزال الوقوف كذلك، ولا يكمن الحل في الوقوف أو الجلوس أو المشي طوال الوقت؛ بل في إيجاد التوازن بين كل ما سبق، والاستمرار في تبديل وضعية جسمك خلال يوم العمل.
  • أخذ الأمور بسهولة: حتى لو كان عملك متعباً للغاية، إياك والتوقف عن التبسُّم. لا تأخُذ نفْسك أو عملك على محمل الجد بشكل مبالغ به؛ إذ إنَّ الفكاهة هي الأداة الأكثر فاعلية لتخفيف الضغوط والتخلص من المشاعر المكبوتة.

3. تجربة سلوكات جديدة:

  • إجراء الاجتماعات في أثناء التنزه: الخروج إلى التنزُّه ومناقشة مشكلة ملحة أو الحصول على تغذية راجعة من شخص آخر يمنحك نشاطاً يفوق الوجود في قاعة المؤتمرات، فتَّتسِم الاجتماعات في أثناء التنزه بالهدوء واستحضار الأفكار والتخلُّص من المشتتات المعتادة.
  • جولات التفقد: يساعدك فهم ما يحظى باهتمام فريقك في بداية الاجتماع على التخلص من القلق وزيادة التركيز أيضاً.
  • التأمُّل: يُعَدُّ التأمل وسيلة فعالة لتصفية ذهنك، ومع ذلك الأمر أصعب مما يعتقد معظم الناس؛ وهذا يدفعهم إلى التوقف عن ممارسته؛ إذ يتطلَّب أكثر بكثير من مجرد تطبيق لتذكيرك بموعد التأمُّل، وينصح الاختصاصيون بتجربة الأمر مع مجموعة تأمُّل أو بإشراف مدرب للاطلاع على هذه التقنية والتدريب مع شخص آخر قبل القيام بالأمر لوحدك.
  • حفلات التخلص من القلق: تعقد شركة "غوغل فينتشر" (Google Ventures) اجتماعات لمناقشة حالة التوتر التي تصيب الأشخاص بهدف الحد من القلق الفردي والجماعي على حد سواء، وتتضمَّن تسجيل أكثر الأسئلة المُسبِّبة للقلق لكل شخص على انفراد وترتيبها حسب الشدة، ومن ثم العثور على حلول مشتركة، والفكرة الأكثر أهمية هي أنَّ القلق في معظم الأحيان ليس له أساس من الصحة.
  • تقليل مدة الاجتماعات: فوجود جدول أعمال حافل أو تضارب المواعيد يزيد من القلق، ويمكن للجميع الاستفادة من عقد اجتماعات أقل أو أقصر.
  • إزالة المهام غير الضرورية: محاولة تنفيذ مهام تفوق طاقتك أمر يدفع إلى الإحباط والقلق؛ إذ يتعيَّن عليك إزالة المهام غير الضرورية وعديمة القيمة. دع فريقك يقرِّر النشاطات غير الضرورية التي يريد إزالتها؛ إذ سيساعد هذا التمرين على تفريغ تقويمات الجميع؛ إذ يتمكنون من التركيز في الأمور الهامة.
إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع القلق حينما يصيبك بشكل مفاجئ؟

ستساعدك الاقتراحات المذكورة آنفاً على البدء، وما عليك سوى التجربة لمعرفة ما يناسبك وفريقك بشكل أفضل.

المصدر




مقالات مرتبطة