9 معتقدات ومخاوف تسبب زيادة في الحمل الناتج عن التعاون

أدرك "روب كروس" (Rob Cross) بعد دراسة الأداء العالي والمنخفض في المؤسَّسات الفعالة لأكثر من 20 عاماً أنَّنا نتعاون أكثر من اللازم؛ إذ كتب في كتابه "ما وراء زيادة أعباء التعاون" (Beyond Collaboration Overload): "نحن متشوِّقون جداً للبدء بعمليات التعاون النشطة، أو الانجرار إليها على الرغم من أنَّها قد تنجح أكثر دوننا وقد تحرق وقتنا الثمين وطاقتنا".



لا يقتصر حجم التعاون الزائد على الاجتماعات التي تملأ تقويماتنا فحسب؛ بل يتعلَّق أيضاً برسائل البريد الإلكتروني التي لا نهاية لها ورسائل برامج التراسل الفوري والتقارير والعمل الذي يولده كل مشروع جديد.

من الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها لتقليل الحمل الزائد هي التعرف إلى الرغبات والاحتياجات والمشاعر والتوقعات، التي تقود إلى زيادة الأعباء التي نتحملها؛ لذا بحثَ "كروس" في كتابه عن المحفزات الأكثر شيوعاً وكيف يمكننا مواجهتها.

يُظهر هذا البحث أنَّ سبب ما يقارب الـ 50% من مشكلة التعاون الزائد هو شكل المعتقدات التي نتمسك بها، ونقصد بالمعتقدات الرغبات والاحتياجات والمشاعر والتوقعات والمخاوف الراسخة - وغير المختبرة في الكثير من الأحيان - والتي ترتكز على افتراضنا أنَّه علينا مساعدة الآخرين كل يوم.

من المصطلحات الأخرى التي تُستخدَم هنا "المحفزات" و"المُسببات"؛ وذلك لأنَّها تحفز أو تثير الميل للبدء بالتعاون أو مساعدة الآخرين، عندما لا يكون القيام بذلك في الكثير من الأحيان يصب في مصلحتنا العُليا أو ينفع منظمتنا.

القائمة الفعلية للمعتقدات والمحفزات والعوامل التي تحمِّل الأشخاص أعباء تعاونية لا حصر لها تقريباً، ولكن فيما يأتي 9 من أكثرها شيوعاً، ومن المؤكد أنَّك قد اختبرتَ بعضها؛ لذا نأمل أن تتمكن من تطبيق الحلول التي قدمها الأشخاص الذين اختبروها أيضاً:

1. الرغبة في مساعدة الآخرين:

يجد الناس هذا المحفز مفاجئاً؛ لأنَّ مساعدة الآخرين هي الركيزة الأساسية لواحد من أكثر الأساليب رسوخاً في مجال الإدارة، لكن ما يفترض أن يكون أمراً إيجابياً يمكن أن يتحول في الواقع إلى أمرٍ سلبي، فمثلاً كان أحد القادة يحاول دائماً مساعدة الناس، من مرؤوسيه المباشرين إلى رؤسائه، ومع ذلك، فقد أدت مساهماته في المناقشات والقرارات إلى عمل إضافي له وللآخرين.

الحل: إذا سارعتَ في المساعدة بشكل متكرر، يمكن أن تصبح هدفاً للطلبات المتزايدة التي تعوقك وتمنعك من تحقيق أهدافك الأكبر؛ لذا اعرف السبب الذي يدفع الأشخاص إلى طلب مساعدتك، وإذا كانوا يطلبونها منك لأنَّك تمثل الطريق الأسهل، فتعلَّم أن تكون قادراً على الرفض.

تذكَّر: يساعد هذا الآخرين على الاعتماد على الذات؛ لذا غيِّر وجهة نظرك من اكتساب الرضا من المساعدة إلى تعليم الناس كيفية حل مشكلاتهم.

2. الشعور بالرضا عن الإنجاز:

صحيح أنَّ الانتصارات الصغيرة تشعرك بالرضا، وتعزز هويتك وتعطيك جرعةً من الدوبامين، لكنَّ هذين الدافعين - الرغبة في المساعدة والرضا عن الإنجاز - يتسببان في نشوء التوقعات من أنفسنا ومن الآخرين، ويمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

عندما نتدخل باستمرار، نتوقع أن يستجيب هؤلاء الذين نساعدهم؛ مما يزيد من عبء العمل عليهم، وهم بدورهم يعتمدون اعتماداً مفرطاً على مساعدتنا؛ مما يزيد من عبء العمل علينا ويمنعنا من تركيز طاقتنا على العمل الصعب؛ حيث نضيف القيمة الأكبر والأكثر تميزاً، ويتحول الأمر إلى حلقة مفرغة لا نهاية لها من التعاون المتزايد.

الحل: تدرَّب على تجنُّب النشاطات التي تمارسها للحصول على جرعةٍ من الإحساس بالإنجاز فحسب؛ وذلك عن طريق إبعاد نفسك عنها أو تقديم توجيه جزئي في أثناء بناء قدرات الآخرين، وإذا كان يجب عليك المشاركة في مهمة صغيرة، فذكِّر نفسك أنَّك إذا أنجزتَها إنجازاً جيداً فهذا يكفي.

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

3. الرغبة في أن تكون مؤثراً أو في أن يعترف الآخرون بخبرتك:

يفترض الكثيرون أنَّ دورنا هو الانضمام باستمرار إلى المناقشات وتقديم خبراتنا طلباً لمكانة أفضل، ويتوقع الآخرون هذا؛ لذلك يبطئون في عملهم بانتظار تدخلنا، وينتهي بنا الأمر بإعادة المهام إلينا وتراكمها بسبب تراكم طلبات الآخرين.

تبيَّن أنَّ المتعاونين الأكثر كفاءة لا يحاولون الحصول على إحساسهم بالهدف والقيمة من خلال إظهار إنجازاتهم أو مكانتهم، وبدلاً من ذلك، يحصلون عليه من خلال تطوير الآخرين ووضعهم في موقع يُشكَرون فيه على قدراتهم الخاصة.

الحل: لا تبحث عن الحصول على المكانة بسبب الخبرة والمعرفة السابقتين اللتين ميزتاك، وتخلَّ عن طرائق التفاعل القديمة والمألوفة حتى تتمكن من إنشاء مساحة للتطور بأساليب جديدة بصفتك قائداً يمكِّن الفريق من تولِّي زمام الأمور والمشاركة المستقلة.

4. القلق من أن يقول الآخرون عنك أنَّك موظف أو زميل سيئ:

نقبل بمساعدة الآخرين حتى يعرف الجميع مقدار كفاءتنا واستجابتنا، فعندما نتلقى طلبات من الرؤساء أو غيرهم، لا يرغب معظمنا في التردد أو أن يُنظَر إلينا على أنَّنا نشكو كثرة العمل.

الحل: قد تشعر بالقلق من أن يؤثر الرفض فيك لاحقاً، ولكن هناك حد لما يمكنك فعله؛ لذا بدلاً من إجابتهم بالرفض أو الإيجاب، اعرض خيارات أخرى، واسألهم: "ما هو الترتيب الذي تريد مني القيام به؟" تعامل بشفافية تجاه قدراتك وحجم الطلبات التي تواجهها، ثم اطلب من الشخص مناقشة احتياجاته الحقيقية ومعرفة ما إذا كانت هناك طريقة مختلفة لإنجاز الطلب.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح من خبيرة العلاقات تريسي روس (Tracy Ross) للتعامل مع الرفض

5. الحاجة إلى أن تكون على حق:

تؤدي الحاجة إلى أن تكون على رأس كل التفاصيل إلى عدد من النشاطات غير المنتجة، ويدفعنا ذلك إلى قضاء ساعات في التحضير للاجتماعات والبحث في التقارير والأرقام أو كتابة رسائل بريد إلكتروني مثالية.

يُعَدُّ هذا غير ضروري، ويمنع أيضاً مشاركة الآخرين ولا يتيح لهم المجال لتقديم إسهاماتهم، فالحاجة إلى أن تكون على حق هي وسيلة لظهور اجتماعات ورسائل بريد إلكتروني زائدة تستهلك وقت الكثير من الأشخاص.

الحل: اعترف بأنَّك لا تعرف الإجابة الدقيقة ولكنَّك قادر على معرفتها بسرعة وترغب في ذلك؛ لذا وضِّح هذا في وقت مبكر، في بداية المشروع أو عند الانضمام إلى مجموعة جديدة.

من خلال كونك صادقاً بشأن حدودك وامتلاكك الشجاعة لطرح الأسئلة، فإنَّك تقلل من نشاطاتك غير المنتجة، وتخلق أيضاً مساحة للآخرين ليكونوا صادقين وليعترفوا بأنَّهم ليس لديهم الإجابات أيضاً، يزيد كل هذا من ثقة الآخرين بك.

6. الخوف من فقدان السيطرة على المشروع:

غالباً ما يرتبط هذا المحفز باعتقاد الناس أنَّهم الأكثر قدرة على أداء العمل بشكل جيد، وإذا كنتَ متردداً في التفويض أو التواصل، فأنت تحكم على نفسك بحياة تحاول فيها أن تفعل كل شيء بنفسك، وهو أمر مستحيل.

ولا يبدو أنَّ الأشخاص المهتمين بالسيطرة لديهم معلومات كافية، أو عملية واضحة أو خطة كاملة بما فيه الكفاية، إنَّهم يطلبون المزيد من البيانات، أو يبنون عمليات أكثر شمولاً، أو يصيغون استراتيجية أفضل، وتستهلك مطالبهم وقت الآخرين، كما أنَّهم يتسببون في حدوث خلل وازدحام.

الحل: فرِّق بين المهام عالية المخاطر التي تتطلب منك الاستمرار في العمل عليها والمهام منخفضة المخاطر التي يمكنك تفويضها دون قلق، ويساعدك الاستغناء عن بعض المهام على بناء القدرات لدى الآخرين وتوفير وقتك الخاص للمشاركة في مهام تضيف إليها أكبر قيمة؛ لذا احتفِ بحلول الآخرين وقاوم إغراء الإشارة إلى كيف كنت ستفعل ذلك بشكل مختلف.

7. الحاجة إلى نتيجة حاسمة:

يمكن أن تبقيك هذه الحاجة تعمل على الهاتف أو الحاسوب حتى وقت متأخر من الليل من خلال ربط الرسائل في بريدك الإلكتروني أو محاولة إنجاز المهام الصغيرة الأخيرة عندما لا يكون لديك الإبداع أو الطاقة اللازمين لذلك، فلا تكتمل غالباً تلك الجهود التي تبذلها للحصول على نتيجةٍ حاسمة؛ مما يجبر الآخرين على القيام بعمل إضافي.

الحل: ذكِّر نفسك بأنَّ النتيجة الحاسمة - كإفراغ صندوق البريد الإلكتروني من الرسائل الواردة - لا ينبغي أن تكون أولويتك الوحيدة؛ لذا دع المهام التي لا تُعَدُّ أولوية أو الطلبات تنتظر أو تختفي بعيدة عن فكرك تماماً.

هل تحضر كل اجتماع في جدول الأعمال الخاص بك؟ الحقيقة هي أنَّ هذه الاجتماعات ليست على القدر من الأهمية نفسه؛ لذا فوِّت تلك التي لا تحتاج إلى معلوماتك ولاحظ ما إذا كان الناس يلاحظون ذلك.

إقرأ أيضاً: شبكة بليك-موتون الإدارية: إدارة الناس وتحقيق النتائج

8. الانزعاج من الغموض:

غالباً ما يظهر هذا المحفز في سياق المشروع عندما تكون هناك تطورات غير متوقعة، ويعتقد الذين ينفرون من الغموض أنَّ عدم اليقين يمكن أن يخلق الفوضى، وأنَّه من الأفضل إجراء البحث والمناقشات في وقت مبكر حتى تُحدد جميع التفاصيل.

لكنَّ تحديد الأشياء يمكن أن يؤدي إلى عبء كبير، ليس فقط للمدير ولكن للموظفين الذين يركضون بحثاً عن الحقائق الثابتة في ضباب عدم اليقين، ويذهب الكثير من هذا الجهد في النهاية هدراً، ونادراً ما يتكشف المستقبل كما نريد، والنتيجة هي انسحاب الأشخاص الذين أضاعوا وقتهم.

الحل: يتمتع المتعاونون الأكثر كفاءة بتقبُّل واسع للغموض، ويركزون على أن يكونوا على حق عموماً، مع التأكد من أنَّهم يتحركون في الاتجاه العام الصحيح في المشروع، ويظلون منفتحين على تعديل أفكارهم وخططهم مع ورود معلومات جديدة.

ادفع نفسك لاتخاذ قرار لمواجهة الغموض، وابحث عن حل في 20 دقيقة يساعد على التقدم في الخطة، بدلاً من قضاء ثلاث ساعات واستهلاك وقت الآخرين للوصول إلى حل أكثر دقة أو استخدام عملية أكثر شمولاً.

9. الخوف من الخسارة:

الخوف من فقدان مشاريع وزملاء وفرص أفضل يمكن أن يصبح مشكلة مزعجة ومستمرة لن تسمح لك بالراحة أو البقاء في اللحظة الراهنة؛ إذ قد تشعر بالضعف إذا فقدتَ فرصة لتعلُّم مهارة جديدة، أو قد تتساءل عما إن كنتَ تتخلف عن أقرانك.

في الكثير من الأحيان، يقود الخوف من الخسارة إلى خيارات غير منتجة؛ لذلك ينتهي بنا المطاف في مشاريع تثقل كاهلنا بالتعاون ولا تتماشى جيداً مع من نريد أن نكون أو ما نريد أن نفعله في حياتنا.

الحل: قبل القفز إلى مشروع جديد، تأكد من أنَّ خططك ليست مدفوعة برد فعل عاطفي غير طبيعي قائم على الخوف أو المقارنة الاجتماعية، واجلب الأشخاص الذين لديهم نطاق أوسع من المسؤوليات إلى شبكتك الاجتماعية، وادفعهم لتطوير عمليات مضادة قد تساعدك على تجنُّب اتخاذ القرار بناءً على الخوف من تفويت الفرص بدل اتخاذه للقيام بما هو أفضل حقاً بالنسبة إليك.

المصدر




مقالات مرتبطة