9 علامات تدل على أنك لن تتحسر على حياتك عندما تقترب من نهايتها

في مراسم تأبين صديقتي العزيزة "أليسون" (Alison)، وقف زوجها لتقديم خطاب التأبين وقال: "الحياة هي السبب الرئيس للوفاة، وقد عاشت "أليسون" حياتها بشغف حقيقي، وماتت وهي تفعل ما تحبه، ولو أنَّها لم تفعل ما تحبه، فربما ما كانت لتموت سعيدة، وما كانت لتعيش بحق أيضاً".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "آنجل كرنوف" (ANGEL CHERNOFF)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في أن تعيش حياتها بكل شغف.

ذكَّرتني كلماته على الفور بالسطور الافتتاحية لإحدى الملاحظات المفضَّلة بالنسبة إليَّ في يوميات جدة زوجي "مارك" (Mark): "لقد رأيت ولمست ورقصت وغنيت وتسلَّقت وأحببت وتأمَّلت في الحياة التي عشتها بكل صدق؛ فإذا كانت حياتي ستنتهي قريباً، يمكنني القول بكل إيجابية إنَّني لست نادمة على أيِّ شيء، وأشعر بأنَّني محظوظة لأنَّني عشت تجربتي الخاصة، ومحظوظة لأنَّني عشت حقاً ألف مرة".

ماذا يعني أن تعيش بحق؟ وماذا يعني أن تعيش 1000 مرة؟

يعني ذلك أن تتبَّع خطى "أليسون"، وأن ترقد بسلام يوماً ما دون أيِّ ندم على الطريقة التي عشت بها؛ وهو ما عناه خطاب التأبين الجميل والصادق الذي ألقاه زوج "أليسون".

إليك 9 علامات تدلُّ على أنَّك لن تتحسَّر على حياتك عندما تقترب من نهايتها:

1. التصرف على سجيتك دون تقديم اعتذار لأحد:

أين رغبتك في أن تكون غريباً؟ وأين قرارك في أن تكون صادقاً؟

من الغريب ألَّا تكون غريباً؛ فالجميع غريب بطريقةٍ ما، يجب أن تفتخر بشخصيتك الفريدة، وألَّا تخجل منها، وإذا كنت محظوظاً بما يكفي لامتلاك شيء يجعلك مختلفاً، فلا تخجل ولا تتغيَّر.

فالتفرُّد لا يقدَّر بثمن؛ لذا تحلَّ بالشجاعة في هذا العالم المجنون الذي يحاول أن يجعلك مثل أي شخص آخر لتعيش حياتك الخاصة والمميزة، فأحد أكثر مصادر السلام والسعادة تأثيراً هو أن تكون مرتاحاً لما أنت عليه حقاً، فلا تتصنَّع وتغيِّر واقعك أو إحساسك، ولا تتنازل عن حريتك في التفكير، ولا ترتدي قناعاً مزيَّفاً يغيِّر حقيقتك.

لا يمكن أن تعيش حياتك بسلامٍ وسعادة حتى تتمتَّع بالسلام الداخلي مع ذاتك، وأن تكون على طبيعتك، فلن يكون الأمر سهلاً دائماً، لكنَّ معرفة ذاتك الداخلية هي امتياز لا يُقدَّر بثمن، وأن تعيش حياتك دون تقديم الأعذار يستحق هذا العناء.

2. اختيار الطريق الذي يناسبك:

حاول أن تعيش حياةً تبدو أنَّها مناسبة لك، لا حياةً تناسب شخصاً آخر؛ إذ ستكون معركتك الداخلية الأسوأ مع ذاتك دائماً بين ما تعرفه وبين ما تشعر به، ومن أصعب القرارات التي سيتعيَّن عليك اتخاذها هو متى تبقى ثابتاً وتحاول بجد أكبر، أو متى تحمل ذكرياتك وتمضي إلى الأمام، ففي بعض الأحيان، عليك أن تتغيَّر لتعود إلى ذاتك الحقيقية، وتكون كما يُفترض أن تكون.

حياتك هي رسالتك للعالم؛ لذا تأكَّد من أنَّها ذات مغزى، وامنح نفسك مزيداً من لحظات الرهبة والتساؤل والعاطفة، ولا تدع جهلَ أو كراهية أو سلبية أي شخص تقف في طريقك، ولا تسمح لهم بإطفاء حماستك فقط لأنَّها تزعجهم.

إذا كنت ترغب في إحداث فرق في العالم، يجب أن تكون مختلفاً عن الآخرين؛ تجرَّأ على المشي بمفردك، ولا تخف من أن تعتاد على ذلك، وذكِّر نفسك أنَّه ليس عليك أن تفعل ما يفعله الآخرون؛ بل عليك أن تفعل ما هو مناسب لك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتتخلص من الندم بسبب أخطاء الماضي

3. بذل قصارى جهدك بصدق:

أكثر ملخَّص للحياة تعاسةً مكوَّن من أربع كلمات فقط: "كان في الإمكان، وكان يجب"؛ لذا قرِّر ما تريد أن تفعله في الحياة دون خوف أو تردد، وأنَّ العمل الذي تقوم به يستحق النتيجة النهائية، فقد تبدو الحياة صعبة أحياناً؛ لكنَّنا غالباً ما نجعلها أكثر صعوبة ممَّا هي عليه، فكلُّ ما عليك فعله هو اتخاذ قرار بشأن الخطوة التالية.

قلها بصوت عالٍ: "أنا ما أنا عليه اليوم بسبب الخيارات التي اتخذتها بالأمس، وسأكون ما أنا عليه غداً بسبب الخيارات التي اتخذها اليوم"، فبدلاً من الشكوى من ظروفك، حاول أن تشغل نفسك بابتكار ظروف جديدة، فإمَّا أن تعاني ألم الانضباط أو ألم الندم.

4. تقبُّل الواقع بالكامل (حتى عندما يكون مؤلماً):

من الأفضل أن تؤذيك الحقيقة بدلاً من أن تطمئنَّ بالكذب، فهي ستحرِّرك دائماً في النهاية؛ لكنَّها قد تدفعك إلى الجنون لفترة من الوقت قبل ذلك؛ لذا تنفَّس بعمق، وامنح نفسك المساحة التي تحتاج إليها للتفكير بوضوح، وتعامل مع مشكلاتك اليومية عندما تواجهك بدلاً من القلق بشأن المستقبل.

حاول أن تعيش ببساطة وتحب بسخاء وتتحدث بصدق وتعمل بجد، ثمَّ حاول أن تتغاضى ودع الأمور تجري كما هي، فغالباً ما يدفعك التغاضي خطوة إلى الأمام، وفي بعض الأحيان يتعيَّن عليك الابتعاد عمَّا كنت تعتقد أنَّك تريده لكي تجد ما تحتاج إليه وتستحقه حقاً، وفي أحيان أخرى، عليك فقط أن تنسى ما حدث، وأن تقدِّر ما لديك، وتبذل قصارى جهدك، وتتطلَّع إلى ما هو قادم.

تذكَّر أنَّ الإيمان لا يعني الاعتقاد بأنَّ الحياة ستمنحك دائماً ما تريد؛ بل هو الاعتقاد بأنَّ الحياة ستكشف تدريجياً ما هو صحيح.

5. التغلب على مخاوفك:

لا يوجد ما هو مخيف في الحياة، فكلُّ ما فيها هو أن تعيشها وتتعلَّم من تجاربها، وقد حان الوقت للعيش واكتشاف المزيد؛ لذا تحلَّ ببعض الإيمان بأنَّك تسير في هذا الكون وفق خطَّةٍ محدَّدة، وسيُكشف عن كلِّ ذلك في الوقت المناسب؛ إذ ستدرك في النهاية من خلال ما تواجهه من تقلُّبات عدم وجود قرارات خاطئة في الحياة، فقط خيارات ستأخذ حياتك في مساراتٍ مختلفة، ففي بعض الأحيان يجب أن تتأذى لكي تنمو، أو تخسر لكي تكسب، وأحياناً أخرى لا يمكن تعلُّم الدرس الذي تحتاج إليه دون أن تعاني القليل من الألم.

الهروب من الخوف هو سباقٌ خاسر، وما تخاف من مواجهته هو في الحقيقة ما سيحرِّرك؛ لذلك لا تدع خوفك يقرِّر عنك، ولا تدعه يمنعك من متابعة مسارك؛ بل بخلاف ذلك دعه يوقظك، وجازف واتَّبع حدسك وكن متحمساً، وأخبر قلبك أنَّ الخوف من المعاناة غالباً ما يكون أسوأ من المعاناة نفسها، فكلُّ ما تريده يتحقق بتجاوزك مخاوفك، فلا تتردَّد أبداً في خوض غمار الحياة والمجازفة.

شاهد بالفديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

6. الرضى بنصيبك من الحياة:

توقَّف عن التركيز على مدى توترك، وتذكَّر كم تحظى بالنعم؛ إذ ننسى غالباً أنَّ السعادة لا تأتي نتيجة الحصول على شيء لا نملكه؛ بل نتيجة التقدير العميق والامتنان لما لدينا؛ لذا توقف عن البحث عن أسباب تجعلك تشعر بالضيق، وركِّز على الأشياء التي لديك والأسباب التي تجعلك سعيداً.

الإيجابية تغيِّر كلَّ شيء، والشخص السعيد ليس من يكون في موقف جيد دائماً؛ بل هو الشخص الذي يتمتَّع بموقف جيد في كلِّ موقف، وستُدرك يوماً ما أنَّ الحياة مثل المحيط، يمكن أن يكون هادئاً أو هائجاً، لكن في النهاية جميلاً دائماً لمن يرغبون في المغامرة.

7. التعامل بلطف مع الآخرين ورفع معنوياتهم:

توجد ثلاثة أشياء تحدِّد شخصيتك: صبرك عندما لا تملك شيئاً، وموقفك عندما تملك كل شيء، ومن تساعد متى استطعت.

يتطلَّب الأمر قدراً كبيراً من القوة لكي تكون لطيفاً؛ لكنَّك أقوى بكثير ممَّا تعتقد، وحتى عندما تكون الأوقات صعبة، كن إيجابياً وابذل جهداً إضافياً لمن هم في أمَسِّ الحاجة إليك، في عالم مليء بأشخاصٍ لا يهتمون، قدِّم أنت ذلك الاهتمام، وساعد الآخرين على التطلُّع إلى الغد، وتصرَّف وكأنَّ ما تفعله اليوم يحدث فرقاً، وستلاحظ ذلك الفرق.

كما قال الكاتب "رالف والدو إيمرسون" (Ralph Waldo Emerson)، فإنَّ الغرض من الحياة ليس فقط أن تكون سعيداً، لكن أيضاً أن تكون مفيداً، وأن تكون مشرِّفاً، وأن تكون لطيفاً ورحيماً، وأن تحقِّق أهدافاً سامية في حياتك.

8. تخصيص كثير من الوقت لمن هم أولوية في حياتك:

عندما نولي اهتماماً لبعضنا بعضاً، نبثُّ حياة جديدة فينا، فبالاهتمام المستمر والمودة تزدهر علاقاتنا، ونحن بوصفنا أفراداً نزداد قوة، فهذا هو التأثير الجانبي للعلاقات العظيمة، أن نساعد على مداواة جروح بعضنا بعضاً ودعم نقاط القوة لبعضنا بعضاً؛ لذا ابق على تواصلٍ وثيق مع من تهتم لأمرهم، وتعامل معهم بصراحة وصدق، ليس لأنَّ هذه الطريقة مريحة، لكن لأنَّ هؤلاء الأشخاص يستحقون جهداً إضافياً.

سيكون في النهاية أفضل استثمار لوقتك المحدود هو قضاؤه مع الأشخاص الذين تحبهم، وعلى الرَّغم من أنَّك قد تتخيَّل يوماً أنَّك قد ترقد على فراش الموت وتأسف لأنَّك لم تعمل بجدية أكبر وتتابع كلَّ شيء صغير في قائمة مهامك، فمن المشكوك فيه أنَّ عملك سيكون مصدر قلقك الأكبر.

مع ذلك فالأرجح أنَّك تتمنَّى قضاء ليلة رومانسية أخرى مع زوجتك، أو محادثة أخرى طويلة وصادقة مع أختك، أو ضحكة أخيرة مع أفضل صديق لك؛ فالحياة أقصر من أن تكون مشغولاً عن الأشخاص الذين تحبهم.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

9. ممارسة الامتنان يومياً:

نحن نولد في لحظةٍ واحدة، ونموت في لحظة واحدة، وتتغيَّر الحياة في كلِّ لحظة، ويمكن أن يحدث أي شيء في غمضة عين؛ لذا اجعل حياتك ذات قيمة عالية، وامنحها اهتمامك وإدراكك الكامل لكل ما قد يحدث؛ فالحكمة لا تقتصر على معرفة متى يجب عليك الاستعداد والتقدُّم فحسب؛ بل هي معرفة متى يجب أن تكون حاضر الذهن، ومعرفة أنَّ حضورك الذهني الكامل لا يمثِّل أبداً مضيعةً للوقت.

فقد نستخف غالباً بالأمور التي تستحق اهتمامنا وامتناننا، فكم مرة تتوقف لتقدر حياتك وكل شخص وكل شيء فيها؟ وكم مرة تتوقف فجأةً فقط لتأخذ نفساً عميقاً وتبتسم؟ انظر حولك واحمد الله الآن، من أجل صحتك وعائلتك وأصدقائك ومنزلك، فلا شيء يدوم إلى الأبد.

في الختام:

مع وضع قصة "أليسون" في الحسبان، آمل بصدق أن تكون النقاط والمبادئ المذكورة أعلاه قد ألهمتك لتعيش حياتك اليوم، فلا تتجاهل الموت، لكن لا تخف منه أيضاً، وتحسَّر على حياة لم تعشها أبداً لأنَّك كنت خائفاً جداً من اتخاذ إجراء بشأن الأمور الأكثر أهمية.

الحق يقال، الموت ليس أكبر خسارة في الحياة، الخسارة الأكبر هي ما يموت بداخلك وأنت ما زلت على قيد الحياة وتتنفس، فلقد عاشت "أليسون" حياتها بمعرفة وخبرة أكثر من معظم الأشخاص في حياتها؛ لذا تحدَّ نفسك لفعل الشيء نفسه.




مقالات مرتبطة