9 طرق لتحسين التركيز وزيادة الإنتاجية

مررنا جميعنا بأيام أقنعنا أنفسنا فيها بأنَّنا غير منتجين كما ينبغي، فربما كان السبب هو مقارنة نفسك بالآخرين أو وجود انخفاض حقيقي في الإنتاجية؛ وبغض النظر عن السبب، قد نصل إلى طريقٍ مسدودٍ، ونضغط زر الطوارئ ونبدأ بتبنِّي أنظمة وعمليات جديدة، وفي الواقع يمكن أن يكون أصل المشكلة أبسط بكثير، فقد تكون قلة التركيز هي السبب.



1. الاستمرار في إنجاز 1% من المهام فقط:

كتبَت "تشونسيه مادوكس" (Choncé Maddox) وهي مدرِّسة معتمدة للتعليم المالي (CFEI) وكاتبة مستقلة في مجال التمويل الشخصي: "لا يبدو تحقيق نسبة 1% من الإنجاز مؤثراً جداً، لكنَّه يُحدِث فارقاً كبيراً عندما يتعلق الأمر بتطوير العادات المتأصلة"؛ كما يناقش الكاتب "جيمس كلير" (James Clear) فكرة الإنجاز الصغير نفسها وتأثير استمراريته على الأمد البعيد في كتابه "العادات الذرية" (Atomic Habits)، وذلك من خلال مشاركة النظرية القائلة: "تُمثل العادات الفائدة المركبة للتحسين الذاتي"، فقد لا يبدو أنَّ إنجاز 1% من المهام يُحدث تغييراً، لكنَّه يفعل ذلك وأكثر مع مرور الوقت، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بتطوير عاداتٍ راسخة.

يُعَدُّ الالتزام بالتغيير بنسبة 1% في كل مرة أكثر قابليةً للإدارة من وضع أهدافٍ سامية وغير واقعية، وهذا التغيير الصغير يتراكم مع مرور الوقت ويسهِّل الانتقال إلى إنجاز تغييرات أعلى بنسبة 2% أو 5%، وفي نهاية المطاف، تصبح هذه العادات جزءاً من حياتك وتبدأ النتائج المراد تحقيقها بالظهور.

تقول "مادوكس": "لا يتعلق الأمر بالهدف بقدر ما يتعلق بالأنظمة الموضوعة لتحقيق نتائج طويلة الأمد، فالعادات الذرية التي نكتسبها تتكدس بعضها فوق بعض وتضاعف النتائج مع مرور الوقت، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يتبعها الناس لإنجاز المهام والوصول إلى مستويات محددة من النجاح"، وللبدء، ركِّز على العادات الذرية التالية:

  • الاستيقاظ قبل ساعة من الوقت الفعلي من كل يوم، وذلك عن طريق الاستيقاظ قبل 15 دقيقةً من الموعد كل يوم حتى تستطيع الاستيقاظ قبل 60 دقيقةً لاحقاً.
  • زيادة النشاط البدني؛ مما سيزيد الطاقة والتركيز، وأضف 30 دقيقةً من أي نوع من التمرينات الرياضية إلى برنامجك اليومي، وإذا كان ذلك ممكناً، فاذهب في نزهة سيراً على الأقدام أو راكباً الدراجة، فقد ثبت أنَّ قضاء بعض الوقت في الطبيعة يحسِّن التركيز والإنتاجية.
  • الامتناع عن مشاهدة التلفاز ليلةً كاملة في الأسبوع، بالإضافة إلى تقليل وقت الاستخدام والتعرض للشاشة، ويمكن استخدام وقت التوقف هذا بشكلٍ أكثر إنتاجيةً.
  • تحديد مهمة واحدة ووضع خطة لتنفيذها، فعند الشعور بالتشتت بسبب تعدُّد المهام، فاختر مهمةً واحدة وركِّز عليها، أو اختر مهمةً واحدة من كل جانب من جوانب حياتك.

2. عيش اللحظة:

كتبَت "كندرا تشيري" (Kendra Cherry) الكاتبة في موقع "فيري ويل مايند" (Very Well Mind) لتقديم الاستشارات النفسية عن بعد "من الصعب التركيز الذهني عندما يُقضى الوقت بالتفكير في الماضي، والقلق بشأن المستقبل، وتجاهل اللحظة الراهنة لسببٍ أو لآخر، ومن المألوف الحديث عن أهمية عيش اللحظة والتركيز ذهنياً في الحاضر؛ حيث يتعلق الأمر بالتخلص من المشتتات، سواء كانت حسيةً كالهاتف المحمول، أم معنويةً كالقلق، والبقاء منهمكاً في اللحظة الحالية، كما أنَّ العيش في الحاضر أمرٌ ضروري أيضاً لاستعادة التركيز الذهني وتعزيز انتباهك وقدراتك العقلية للحفاظ على تركيزك على التفاصيل التي ستكون هامةً في مرحلة ما".

فهل يمكن بلوغ هذه المرحلة المتقدمة من التركيز الذهني في الواقع دون مشتتات بفترة وجيزة؟ لا؛ بل سيستغرق الأمر وقتاً وتدريباً، ولكن يجب التذكر أنَّه لا يمكن تغيير الماضي، كما أنَّ المستقبل لم يَحدث بعد، وما نفعله اليوم يمكن أن يساعد على تجنب تكرار أخطاء الماضي وتمهيد الطريق لمستقبلٍ أكثر نجاحاً.

إقرأ أيضاً: عيش اللحظة: حاجة ملحة في ظل انعدام الطمأنينة

3. ممارسة الالتزام المسبق:

ما هو الالتزام المسبق بالضبط؟ تجيب عن ذلك الكاتبة والمحامية وسيدة الأعمال "ماريليسا فابريغا" (Marelisa Fabrega) "بأنَّه تحديد المهام التي سيتم العمل عليها في وقتٍ مبكر مع تحديد المدة أيضاً؛ إذ بمجرد تحديد المهمة المراد تنفيذها يفضَّل كتابتها على ورقة أو بطاقة فهرس أو ملاحظة للتذكير؛ وذلك لأنَّ الكتابة تعطي مساحةً للذهن للتركيز في الخطوات العملية، ومثال على ذلك، هو الحاجة إلى كتابة منشور جديد للموقع الإلكتروني عبر تخصيص 25 دقيقةً لهذا النشاط، فيمكن كتابتها على ورقة مع تحديد الإطار الزمني وضبط المنبه على 25 دقيقة، وخلال هذه المدة لن يتم التركيز إلا على المهمة المحددة".

شاهد بالفديو: 9 قواعد أساسية لزيادة الإنتاجية في العمل

4. وضع حد للمشتتات:

عندما يتعلق الأمر بالحد من المشتتات، فلكلٍ منا طريقته في فعل ذلك، كوضع الهاتف على وضع "عدم الإزعاج" أو إغلاق النافذة أو وضع سماعات الرأس، وعلى الرغم من بذل أفضل الجهود فلن ننعزل كلياً عن المشتتات، فأفضل طريقة للتعامل مع المشتتات هي من خلال تخصيص وقت لها، تساعد تقنية تحديد "وقت للمشتتات" على تحقيق التوازن، على سبيل المثال: قبل البدء بعمل هذا اليوم، يمكن للشخص تصفح وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب الخوف من تفويت الأحداث أو ما يسمى عقلية الفومو (FOMO)، والحل هو وضع قيود زمنية حتى لا يَضيع الكثير من الوقت في هذا النشاط غير المنتِج.

5. السفر إلى عام 1918:

لطالما كانت مشكلة ضعف التركيز مسألة نقاشٍ عبر الزمن، ففي عام 1918 تحديداً، نشر "ثيرون كيو دومون" (Theron Q. Dumont) كتاباً يُعَدُّ الأشهر في مجال تحسين التركيز بعنوان: "قوة التركيز" (The Power of Concentration)، وتضمَّن الكتاب تمرينات عدَّة لتقوية التركيز وزيادة مدة الانتباه، في حين أنَّ بعض هذه التدريبات قد تبدو سخيفةً، لكنَّها فعالة وتمنحك فرصةً للانفصال مؤقتاً عن العالم المشتِّت من حولك.

مثال عن إحدى هذه التمرينات:

الجلوس بهدوء على كرسي لمدة 15 دقيقةً، والتركيز بالبصر على الأصابع، ثمَّ رفع الذراع اليمنى حتى تكون على مستوى الكتف، باتجاه اليمين، والنظر حولك بعينيك دون تحريك الرأس، والتركيز بالبصر على الأصابع، وإبقاء الذراع ثابتاً تماماً لمدة دقيقة واحدة، ثم القيام بالتمرين نفسه بالذراع اليسرى.

بعدها يتم قضاء 5 دقائق مع التركيز فقط على فتح وإغلاق قبضات اليد، وعند الانتهاء يتم الاستلقاء لاسترخاء العضلات، والتركيز على نبضات القلب، كما يمكن متابعة اليد الثانية بالعينين بينما تدور، والاستمرار في هذا لمدة خمس دقائق، ويجب عدم التفكير في شيءٍ آخر سوى اليد الثانية.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة للحفاظ على التركيز في أثناء العمل

6. تمرينات العقل:

عندما يتعلق الأمر بألعاب تدريب العقل، فإنَّه يمكن الحصول على العديد من الألعاب التي تتصف بالتعقيد والتي تثير الحماسة بغموضها، وتُظهِر البحوث أنَّ ألعاباً مثل السودوكو والكلمات المتقاطعة يمكن أن تُحسِّن الذاكرة قصيرة الأمد، وتقوي التركيز، وتسرع وقت الاستجابة، وتُطوِّر مهارات المنطق، وحتى ألعاب الفيديو المتخصصة يمكنها تحسين التركيز وشحذ الوظائف المعرفية مثل لعبة "بيك" (Peak) ولعبة "التدريب لتطوير مدة التركيز الذهني" (Brain Age Concentration Training).

تقول "كيم ويلمنت" (Kim Willment) اختصاصية علم النفس العصبي في مستشفى "بريغهام" ومستشفى "النساء" (Brigham and Women’s Hospital): "الهدف من ممارسة هذه الألعاب ليس تطوير مهاراتك فيها؛ بل تعزيز النشاطات المعرفية للحياة اليومية"، ولكن هناك أدلة على أنَّ قدرة الشخص على التركيز يمكن تحسينها من خلال التحسن في الأداء، لذلك إذا تمَّ الوصول إلى مستوى معيَّن من الانتباه والتركيز المتواصل، فإنَّ الانتقال إلى المستوى التالي سوف يساعد على تحسينه، وقد يُترجَم ذلك إلى الأداء الذهني في الحياة اليومية.

7. التواصل غير المستعجل:

ماذا يحدث عندما نتلقى رسالةً إلكترونية، أو رسالةً نصية أو أيَّ إشعار من تطبيق؟ سوف يتوقف بعض الأشخاص عن إكمال أعمالهم، ويستجيبون تلقائياً، ومع ذلك، يفضل الأشخاص المنتجون تأجيل الرد وإعطاء الأولوية للقيام بالأعمال.

يلاحظ "ستيف غلافيسكي" (Steve Glaveski) الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للحرم الجامعي الشامل (Collective Campus) أنَّه "بصرف النظر عن الفائدة المعروفة لعدم الرد التلقائي في زيادة التركيز ومن ثمَّ إتقان الأعمال، فإنَّ التأخر في التواصل يهيئ للناس فرصاً أفضل للتفكير في اتخاذ القرار من خلال زيادة مقدار الوقت للرد على طلبٍ ما، فعندما يتم إجراء مكالمة هاتفية أو مكالمة فيديو، فإنَّ القرارات تُؤخَذ في الوقت الفعلي، بينما عند التواصل عبر البريد الإلكتروني، فالوقت المعطى يكون أكثر للتفكير في الرد".

كيف يمكن زيادة التركيز بإبطاء عملية التواصل بنجاح؟ يقول "غلافيسكي" (Glaveski): "يجب التخلص من الإلحاح التعسفي الذي لا يزال منتشراً في أماكن العمل لأداء المهام في جميع أنحاء العالم"، وإحدى الاستراتيجيات الأكثر فاعليةً لمكافحة هذا التحيز المُلح هي من خلال "مبدأ أيزنهاور" (Eisenhower Principle).

إنَّها طريقة بسيطة لتحديد أولويات العمل ضمن وقت محدد من خلال التمييز بين المهام العاجلة والهامة، واستشهدَ "أيزنهاور" بالدكتور "ج. روسكو ميلر" (J. Roscoe Miller) رئيس جامعة "نورث ويسترن" (Northwestern) بقوله: "يوجد نوعان من المهام: المُلحُّ والهام، فإنَّ المهام المستعجلة قد لا تكون هامةً، والمهام الهامة قد لا تكون مُلحةً أبداً"، كما يوصي "غلافيسكي" (Glaveski) للاستخدام الأمثل للتواصل غير المتزامن أو غير المستعجل وتجنب الحصول على الكثير من رسائل المتابعة الإلكترونية، بتضمين ما يأتي في الرسالة:

  • التفاصيل الكافية.
  • عناصر إجراء واضحة؛ أي المهام التي ستحتاج إلى إتمامها.
  • موعد محدد.
  • مصادر للاستعانة بها في حال واجه المرسل إليه صعوبةً في تنفيذ متطلباتك.
إقرأ أيضاً: كيف تصبح أكثر إنتاجية باستخدام مصفوفة أيزنهاور؟

8. تقليل الفوضى اليومية:

هناك أغنية راديو تسمى "فقط" (Just) تحتوي على السطر التالي: "أنت تفعل ذلك لنفسك، وهذا ما يؤلم حقاً"، وإنَّ هذا اقتراحٌ ممتاز عندما يتعلق الأمر بتحسين التركيز، على سبيل المثال: إذا كان لدى أحد الأشخاص قائمة شاملة مضنية من عشرين مهمة يجب إنجازها، فكيف سوف يتمكن من تحديد أهم مهمتين أو ثلاث مهام لهذا اليوم؟ إذا كانت مساحة العمل الخاصة به مُربِكةً جداً، فسوف تكون مشتتاً جداً خلال العمل.

ومن الممكن حدوث تعارضات بين المهام كالقيام بجدولة اجتماع عن بعد في الوقت نفسه الذي يعمل فيه عمال البناء في منزلك؛ مما سيقلل من فاعلية الأداء في المهمتين كليهما، ولكلٍّ منا طريقته الخاصة في إدارة الأمر وليس ذلك من التعجرف أو الاعتداد بالرأي في شيء؛ لذا، للحد من الفوضى الموجودة في حياة كل شخص لا بُدَّ من الاعتماد على الفطرة السليمة والبصيرة.

9. التركيز على ما يمكن فعله وليس على ما لا يمكن فعله:

يقول "أنتوني ج. دانجيلو" (Anthony J. D’Angelo) الرائد في مجال تطوير التعليم العالي: "يجب التركيز بنسبة 90% من الوقت على الحلول و10% فقط من الوقت على المشكلات"، ففي الكثير من الأحيان يتم اختلاق الأعذار للسماح للمشتتات بالتسلل بين المهام وتقليل التركيز والأداء.

أحد أكثر المشتتات الشائعة هو السكن في مكانٍ مزدحم مليءٍ بالضجيج، فهو بالفعل أمرٌ مزعج، لكن يمكن التغلب عليه بوضع زوج من سماعات الرأس المضادة للضوضاء أو العمل في مكان أكثر هدوءاً، بالإضافة إلى الالتزام بتنفيذ مهمة صعبة؛ حيث يمكن تجاوز الأمر بتقسيمها إلى مهام أصغر ومجرد البدء بمعالجة أسهل الأجزاء أولاً ستُنجَز المهام الأخرى تباعاً، أو انتظار زميل لإرسال البريد الإلكتروني أو إكمال الجزء الخاص به من المشروع، وفي هذه الحالة يمكن تنفيذ بعض المهام الأخرى في أثناء فترة الانتظار هذه.

المصدر




مقالات مرتبطة