صفات الشخص المتلاعب:
أجرى فيسبوك بالتعاون مع باحثين من جامعة "كورنيل" وجامعة "كاليفورنيا" تجربةً قبل بضع سنوات، وتلاعبوا فيها -عن قصدٍ- بمشاعر ستمئةٍ وتسعٍ وثمانين ألف مستخدم، وذلك من خلال التحكُّم بالمنشورات التي تظهر لهم، حيث رأى بعض المستخدمين قصصاً سلبيةً فقط، بينما رأى آخرون قصصاً إيجابية؛ وعندما نشر هؤلاء الأشخاص تحديثاتهم الخاصة، وُجِدَ أنَّهم تأثَّروا كثيراً بمزاج المنشورات التي عُرِضَت.
وقع فيسبوك في الكثير من المتاعب بسبب هذه التجربة؛ وذلك لأنَّ أيَّاً من "المشاركين" لم يوافق على الانضمام إلى الدراسة. ولعلَّ الأمر الأكثر إثارةً للخوف من التلاعب بمشاعر الناس على فيسبوك، كان مدى سهولة القيام بذلك.
في النهاية، إذا كان بإمكان فيسبوك التعامل مع عواطفك فقط من خلال التحكُّم بملف الأخبار والمنشورات التي تصلك، فتخيَّل مدى سهولة ذلك بالنسبة إلى شخصٍ حقيقيٍّ حيٍّ يعرف نقاط ضعفك.
يمكن لمتلاعبٍ ماهرٍ بالعواطف أن يدمِّر احترامك لذاتك ويجعلك تشكُّ في صحتك العقلية؛ لأنَّ التلاعب العاطفي يمكن أن يكون مدمِّراً إلى الحدِّ الذي يجعل من الهامِّ أن تدركه وتعرفه في حياتك. الأمر ليس سهلاً كما تعتقد، فعادةً ما يكون المتلاعبون بالعواطف ماهرين للغاية، حيث يبدؤون التلاعب الخفي، ثمَّ يرفعون درجة المخاطرة ببطءٍ شديدٍ مع مرور الوقت، لدرجة أنَّك لا تدرك أنَّ شيئاً ما يحدث. إذاً ما هي صفات الشخص المتلاعب، وما هي علامات الرجل المتلاعب؟ لحسن الحظ، من السهل التعرُّف على المتلاعبين العاطفيين إذا كنت تعرف ما الذي تبحث عنه. إليكَ أشياء قد تساعدك:
1. يُضعِفون إيمانك بفهمك للواقع:
من علامات الشخص المتلاعب أنّخ ماهر في الكذب بشكلٍ لا يُصدَّق، فهذا النمط من الشخصيات يُصرُّون على أنَّ الحادث لم يحدث عندما حدث، ويصرُّون على أنَّهم فعلوا أو قالوا شيئاً ما، في حين أنَّه لم يحدث ذلك؛ والمشكلة هي أنَّهم بارعون في الأمر إلى الحدِّ الذي قد يجعلك تشكُّ بفهمك في نهاية المطاف.
إنَّ الإصرار على أنَّ كلَّ ما تسبَّب بالمشكلة هو من وحي خيالك، مجرَّد وسيلةٍ قويةٍ للغاية يستخدمونها للتخلُّص من المشاكل.
2. لا تتطابق أفعالهم مع كلماتهم:
سيخبرك المتلاعبون بالعواطف بما تريد أن تسمع، لكنَّ أفعالهم ستكون شيئاً آخر. سيتعهَّدون إليك بدعمك، لكنَّهم يتصرَّفون كما لو كانت طلباتك غير معقولةٍ تماماً عندما يحين وقت التعاون؛ ويخبرونك كم حالفهم الحظُّ في معرفتك، ثمَّ يتصرَّفون كما لو كنت عبئاً عليهم.
هذه مجرَّد طرائق لتقويض إيمانك بصحَّتك العقلية، حيث يجعلونك تشكِّك في الواقع الذي تراه، لتقلب تصوُّرك وفقاً لما هو مناسبٌ لهم.
3. خبراء في تحميلك الذنب:
المتلاعبون بالعواطف أسياد في تعزيز شعورك بالذنب، فإذا طرحت شيئاً يزعجك بسبب تصرُّفٍ قاموا به، فإنَّهم يجعلونك تشعر بالذنب لذكره؛ وإذا لم تفعل، فسيجعلونك تشعر بالذنب لإبقائه في نفسك وتسترك عليه.
عندما تتعامل مع شخص يقوم بـ التلاعب بالمشاعر، فكلُّ ما تفعله خطأ؛ وبغضِّ النظر عن المشكلات التي تواجه كليكما، فإنَّه دائماً خطؤك أنت.
4. يلعبون دور الضحية:
لا يتحمَّل المتلاعبون بالعواطف مسؤولية أيِّ شيء، وباعتقادهم أنَّهم لا يرتكبون أيَّ خطأ، فكلُّ ما يفعلونه أو يفشلون في فعله خطأُ شخصٍ آخر جعلهم يقومون بذلك، وعادةً ما تكون أنت هو ذلك الشخص.
إذا شعرت بالضيق أو الغضب، فهذا خطؤك أنت، وذلك بسبب توقُّعاتك غير المعقولة؛ وإذا شعروا هم بالغضب، فهذا خطؤك أيضاً؛ لأنَّك أزعجتهم.
5. إنَّهم أكثر ممَّا ينبغي، وأقرب ممَّا ينبغي:
يبدو أنَّ المتلاعبين بالعواطف دائماً ما يسبقونك ببضع خطوات، سواءً كانت العلاقة شخصيةً، أم علاقة عمل.
يشاركونك كثيراً جداً، ويتوقَّعون منك الشيء نفسه؛ فهم يمثِّلون عليك حالة الضعف والحساسية، لكنَّها مجرَّد خدعة.
المقصود من هذه التمثيلية أن يجعلك المتلاعب بالعواطف تشعر أنَّك مميَّز، وذلك بسبب سماحه لك بالدخول إلى دائرته الداخلية؛ ولكنَّ المقصود من ذلك أيضاً ألَّا يجعلك تشعر بالأسف عليه فحسب، بل وبالمسؤولية عن مشاعره أيضاً.
6. إنَّهم ثقبٌ أسود عاطفي:
أيَّا كان ما يشعر به المتلاعبون بالعواطف، فهم عباقرةٌ في جذب كلِّ من حولهم إلى تلك العواطف.
إذا كانوا في مزاجٍ سيئ، فيجب أن يعرف ذلك كلُّ من حولهم؛ ولكن ليس هذا هو الجزء الأسوأ، فهم ماهرون لدرجة أنَّه ليس على كلِّ شخصٍ أن يكون على درايةٍ بمزاجهم فحسب، بل يجعلون من حولهم يشعرون بهم أيضاً، حيث يخلق هذا ميلاً لدى الناس إلى الإحساس بالمسؤولية عن الحالة المزاجية لهم، ليُجبروهم على إصلاحها.
7. يوافقون بحماسٍ على المساعدة، وربَّما على التطوُّع؛ ثمَّ يتصرَّفون كضحايا:
يتحوَّل الشغف الأوليُّ للمساعدة بسرعةٍ إلى حسرةٍ وتذمُّرٍ وتلميحاتٍ بأنَّ كلَّ ما وافقوا على القيام به هو عبءٌ كبيرٌ عليهم، وإذا سلَّطت الضوء على هذه الممانعة، فسوف يحوِّلون الأمر إليك، مؤكِّدين لك أنَّهم يريدون المساعدة بطبيعة الحال، وأنَّك مصابٌ بجنون الشكِّ والاضطهاد.
والهدف: جعلك تشعر بالذنب، وربَّما بالجنون.
8. يحاولون دائماً التغلُّب عليك:
بغضِّ النظر عن المشاكل التي قد تواجهها، فإنَّ المتلاعبين بالعواطف يزدادون سوءاً في أسلوب تعاملهم مع شكواك، حيث أنَّهم دائماً ما يُضعِفون من شرعية شكواك من خلال تذكيرك أنَّ مشاكلهم أكثر خطورة. ورسالتهم من ذلك: ليس لديك أيُّ سبب للشكوى، فاصمت.
9. يعرفون كلَّ ما يستفزك ويثير ضيقك؛ لكنَّهم يفعلونه على أيِّ حال:
يعرف الشخص المتلاعب بالمشاعر نقاط ضعفك، وسرعان ما يستخدمون تلك المعرفة ضدك؛ فإذا كنت قلقاً بشأن وزنك، فإنَّهم يعلِّقون على ما تأكله، أو على الطريقة التي تُنسِّق بها ملابسك؛ وإذا كنت قلقًا بشأن عرضٍ تقديميٍّ قادم، فإنَّهم يشيرون إلى أنَّ الحاضرين قد ينتقدونك ويحكمون عليك؛ وكلُّ ذلك بغية إخافتك. إنَّ إدراكهم لمشاعرك شيءٌ خارجُ مخطَّطاتهم، لكنَّهم يستخدمونه للتلاعب بك، وليس لجعلك تشعر بتحسُّن.
التغلُّب على التلاعب العاطفي يقودك المتلاعبون بالعواطف إلى الجنون بسبب سلوكهم غير العقلاني، حيث يتعارض سلوكهم مع العقل، فلماذا تسمح لنفسك بالردِّ عليهم عاطفياً، والتورُّط في هذه الأمور؟
كلَّما كان شخصٌ ما مخطئاً وغير عقلاني، كان من الأسهل بالنسبة إليك أن تنأى بنفسك عن مصائده، فتوقَّف عن استخدام حيلهم، وأبعِد نفسك عنهم، وتعامل مع ردود فعلك كأنَّها مشروعٌ علمي (كأنَّك طبيبٌ نفسيٌّ تعالجهم، إذا كنت تفضِّل هذا).
لا ينبغي لك أن تستجيب للفوضى العاطفية، بل للحقائق فقط.
يتطلَّب الحفاظ على مسافةٍ عاطفيةٍ الوعي، فلا يمكنك منع أيِّ شخصٍ من التلاعب بك إذا كنت لا تعرف متى حدث ذلك، وستجد نفسك في بعض الأحيان في مواقف ستحتاج فيها إلى إعادة التنظيم واختيار أفضل طريقةٍ للمضي قدماً. هذا جيد، فلا يجب أن تخشَ منح نفسك بعض الوقت للقيام بذلك.
يشعر معظم الناس بذلك؛ لأنَّهم يعملون أو يعيشون مع شخصٍ ما من هذا النوع، ولكن ليس لديهم طريقةٌ للسيطرة على الفوضى التي يسبِّبها هذا الشخص لهم، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. سوف تبدأ اكتشاف سلوك الآخرين على نحوٍ أكثر قابليةً للتنبؤ، وأكثر سهولةً في الفهم؛ وسوف يجهِّزك هذا للتفكير بعقلانيةٍ حول متى وأين يجب عليك الترفُّع، ومتى تمتنع عن ذلك.
الحيلة الوحيدة هي المتابعة والحفاظ على الحدود عندما يحاول شخصٌ ما التعدي عليها، وهذا ما سوف يحدث.
يمكن للمتلاعبين العاطفيين تقويض إحساسك بذاتك، وحتَّى تشكيكك بسلامتك العقلية؛ ولكن تذكَّر: لا يستطيع أحدٌ التلاعب بك دون موافقتك وقبولك.
أضف تعليقاً