سنتناول في هذا المقال الأسباب الرئيسة التي تجعلك تشعر بالرغبة في ترك وظيفتك أو مجال عملك، لكنَّنا سنتحدث بدايةً عمَّا إذا كان العمل بحدِّ ذاته، أو أي جانب سلبي آخر هو المشكلة الفعلية لهذا الشعور قبل أن تتسرَّع وتتَّخذ قراراً بترك عملك.
السؤال الأساسي: هل العمل هو المشكلة الفعلية؟
لماذا لا ترغب بالعمل؟ هل وظيفتك التي تعمل بها هي المشكلة الأساسية؟ أم بيئة العمل (ونعني بذلك عملك تحت قيادة مدير مُزعج، أو مع زملاء عمل سامِّين)؟ أم أنَّ المشكلة في طبيعة التواصل مع الآخرين في يوم العمل؟ أم أنَّ السبب يُعزى أساساً إلى السأم من مجال عملك عموماً؟
قد تجد عند التفكير موضوعياً، أنَّ السبب هو الاحتراق الوظيفي، أو الشعور بالإرهاق، أو التوتر الذي يدفعك للشعور بالسأم من وظيفتك، وربَّما أصبحت فكرة العيش دون أية مسؤولية جذابة لك، إذا ما استثنينا بالطبع أنَّ العيش دون مسؤولية إطلاقاً غير ممكن على أرض الواقع إلَّا بالنسبة إلى شخص مشرَّد يعيش دون مأوى أو وظيفة، ولذلك ابدأ بتحديد ما إذا كانت المشكلة تكمن في وظيفتك، أم الأشخاص الحاضرين معك في العمل، أم حياتك عموماً.
كيف يساعدك تذكُّر السبب الذي دفعك إلى اختيار وظيفتك الحالية على تحديد الأسباب وراء شعورك بالسأم من عملك؟
هل تتذكَّر السبب الذي دفعك لاختيار هذا المسار المهني؟ هل كانت هي الوظيفة الوحيدة المُتاحة لك؟ هل دراستك متعلِّقة بالمجال الذي تعمل به حالياً؟ أم أنَّك قرَّرت العمل في هذا المجال أو المهنة سيراً على خُطا والديك؟ أم أنَّك تعمل في شركة تمتلكها عائلتك؟
فكِّر في السبب الذي دفعك للعمل في هذه الوظيفة في المقام الأول، وهل يقتصر الأمر على كونها سبيلاً لكسب دخل يضمن لك حياةً كريمة، وأنَّك تعتقد أنَّك عاجز عن العمل في مهنة أخرى (وربَّما جني المقدار نفسه من الدخل إذا بدأت مسيرتك المهنية من الصفر)؟ أم أنَّ السبب هو أنَّك يئست من الاعتراض على الواقع منذ فترة طويلة؟
تساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة على استعادة تقديرك لوظيفتك، أو اتِّخاذ قرار بتركها، أو اتِّخاذ الإجراءات اللازمة لتغيير مصيرك والتخلُّص من التعاسة التي تسبِّبها لك الوظيفة؛ وذلك من خلال التعرُّف إلى السبب الأساسي الذي دفعك إلى الدخول في هذا المسار المهني أو ذاك.
شاهد بالفيديو: 7 علامات تدل على ضرورة ترك عملك والبحث عن عمل جديد
9 أسباب وراء شعورك بالسأم من وظيفتك:
لدينا نحن البشر حاجة فطرية لتحقيق الذات، ومن النادر أن يتخلَّى أي كائن بشري عن هذه الحاجة ويرضى بعيش حياة مسدودة الأفق، لذلك إذا كنت تشعر بالسأم من وظيفتك الحالية، فأنت تعبِّر في الواقع عن عدم رضاك عن مسارك المهني الحالي، ومسيرتك الحالية في الحياة، ولا يتعلَّق الأمر بتاتاً بالشعور بالكسل.
إليك فيما يأتي بعض الأسباب وراء شعورك بعدم الرغبة في العمل في وظيفتك الحالية:
1. الوظيفة السامَّة وزملاء العمل السامِّين:
من المرجَّح أن تمتلك موقفاً سلبياً تجاه وظيفتك إذا كانت علاقاتك مع زملاء العمل والمديرين في شركتك سيئة، ومن المُحتمل أنَّك تعمل أيضاً في بيئة عمل سامَّة، وتوجد ممارسات غير أخلاقية وضارة بالصحة النفسية يومياً، والنتيجة إذن أنَّك تكره وظيفتك، والسؤال الآن هو كيف تتعامل مع هذا الأمر؟
الحلُّ:
يكمن الحلُّ في تحديد ما إذا كنت تعمل في بيئة سامة ومع أشخاص لا يكترثون لأمرك مطلقاً، فناقش - إذا كنت تفضِّل العمل من المنزل - إمكانية العمل عن بُعد مع ربِّ عملك، أو فكِّر في تغيير المهام الموكلة إليك، أو الانتقال إلى قسم آخر للتخلُّص من بيئة العمل السامة، أو ثقافة العمل غير الأخلاقية والضارة بالصحة النفسية والتي تسود في القسم الذي تعمل فيه.
2. العمل في وظيفة مملَّة ولا تلبِّي شغفك:
تتغيَّر احتياجاتنا واهتماماتنا، لذلك ليس من الغريب أنَّنا قد نفقد شغفنا الذي كان يدفعنا لممارسة مهام عملنا اليومية، وعندما يتلاشى شغفك الوظيفي، فهذا يعني أنَّ الوقت قد حان للتفكير في السبب الذي يجعلك تفكِّر في ترك عملك، ومن الضروري أن تفكِّر في الأسباب التي أدَّت إلى تلاشي حماستك، عندما تفقد شغفك، وفكِّر أيضاً فيما يمكنك القيام به لاستعادة شغفك، واعثر على طرائق تساعدك على استعادة حماستك تجاه عملك مرةً أخرى.
الحلُّ:
يمكنك وبمجرَّد أن تدرك أنَّك فقدت شغفك تجاه عملك، أن تُفكِّر في أخذ إجازة قصيرة لاستعادة شغفك مرةً أخرى، ويمكنك أيضاً أن تتحدَّث إلى مديرك، أو رئيسك في العمل، أو يمكنك حتى أن تحصل على خدمات، حتى تستعيد حماستك تجاه عملك من جديد.
3. شعورك بأنَّك لا تحظى بالتقدير الكافي من قِبَل مديرك وزملائك في العمل:
لا شيء يزعجنا أكثر من شعورنا بعدم التقدير، وفي حين أنَّك قادر على التعامل مع هذه المشكلة مباشرةً إذا حدثت معك في حياتك الشخصية، إلَّا أنَّ التعامل معها أكثر صعوبةً عندما تحدث في مكان العمل، ولن تتمكن إذا لم تكن بيئة عملك تشجِّع سياسة الباب المفتوح (التواصل المباشر والسلس بين الموظفين والإدارة)، من مناقشة شعورك بعدم التقدير في مكان العمل مع مديرك.
يُضاف إلى ما ذُكر آنفاً أنَّه يمكن لشعورك بعدم وجود شخص في مكان العمل تبوح له بما تشعر به من عدم التقدير أن يزيد من تثبيط عزيمتك، ما يجعلك ترغب بترك الوظيفة، وأحد الجوانب التي يتمثَّل فيها عدم التقدير، هي أن يركِّز ربُّ العمل على أخطائك، في الوقت نفسه الذي يتجاهل فيه الجوانب الإيجابية في أدائك.
الحلُّ:
في حين يمكنك السعي إلى الحصول على التقدير من أشخاص خارج بيئة العمل الخاصة بك، إلَّا أنَّه من الأفضل أن تتعلَّم أن تقدِّر وتحترم نفسك، واعترف لنفسك بما تضيفه من قيمة في مكان العمل، وأثنِ على جهودك الخاصة، أو اعثر على طرائق تمكِّنك من مكافئة نفسك، ويمكن أن تتمثَّل هذه المكافأة لنفسك بالاستمتاع بكوب قهوة عندما تنجز مهمَّةً ما قبل الموعد المُحدَّد لها، أو أخذ استراحة قصيرة تخصِّصها للقيام بنشاطات الرعاية الذاتية.
مع ذلك لا تُعد رغبتك بنيل تقدير زملائك ومديرك في العمل خطأً على الإطلاق، فاتَّخذ قرارك فيما إذا كنت تريد معالجة هذه المشكلة وناقش مع زملائك إمكانية تطبيق آلية للمكافآت تعود على جميع الموظفين بالفائدة.
في الختام:
لقد تناولنا في هذا الجزء من المقال 3 أسباب رئيسة وراء شعورك بالسأم من وظيفتك، مع توضيح الحلول الممكنة للتعامل مع هذه الأسباب، وسنتابع الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عمَّا تبقَّى من أسباب.
أضف تعليقاً