في كثير من الأحيان لا يكون ترك العمل خياراً متاحاً، فربما يكون الموظف ملتزماً بعقد، أو ربما يكون يحب عمله ولا يريد أن يخسره، وربما يكون في ظروف مادية سيئة تمنعه من ترك بيئة العمل السامة والبحث عن فرصة عمل بشروط أفضل.
في هذا المقال سوف نتحدث عن بيئة العمل السامة، وتحديداً عن التعامل معها، وذلك عبر تقديم نصائح عملية وقابلة للتطبيق في التعامل مع بيئة العمل السامة.
كيف أعرف أنَّني في بيئة عمل سامة؟
إذا ما كنت تواجه واحداً أو أكثر من الأعراض المذكورة أدناه، فهذا يعني أنَّك تعمل في بيئة عمل سامة:
1. الشعور بعدم التقدير أو الاحترام:
قد يشعر الموظفون أنَّهم غير مقدرين أو مهملون، أو أنَّهم لا يحصلون على الاعتراف أو التقدير اللذين يستحقونهما.
2. التنمر أو التحرش أو الإساءة:
قد يتعرض الموظفون للتنمر أو التحرش أو الإساءة من قبل زملائهم أو رؤسائهم، وتشمل هذه السلوكات التعليقات المهينة أو المسيئة، أو السلوك الجسدي أو الجنسي غير اللائق.
3. الافتقار إلى الشفافية أو التواصل:
قد يشعر الموظفون أنَّهم غير مدركين لما يحدث في مكان العمل، أو أنَّهم لا يحصلون على المعلومات التي يحتاجونها لأداء عملهم بشكل فعال.
4. ثقافة المنافسة السلبية:
قد تتميز بيئة العمل السامة بثقافة من المنافسة السلبية، فيسعى الموظفون إلى التفوق على بعضهم بعضاً بدلاً من العمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة.
5. عدم وجود فرص للنمو والتطور:
قد يشعر الموظفون أنَّهم لا يحصلون على الفرص التي يحتاجونها للنمو والتطور في حياتهم المهنية.
تأثيرات بيئة العمل السامة في الموظفين:
قد لا يتوقع بعض الأشخاص أضرار بيئة العمل السامة وتأثيراتها السلبية في صحتهم النفسية والجسدية وشغفهم تجاه وظائفهم، في الحقيقة، إنَّ وجود الموظف في بيئة عمل سامة أشبه لعملية موت بطيء للموهبة والشغف واستنزاف لطاقته النفسية والجسدية، نعم، يكون لبيئة العمل السامة تأثيرات سلبية كبيرة في الموظفين، تؤدي إلى شعورهم بالضيق والقلق والتوتر، وتؤثر في صحتهم العقلية والجسدية، وتؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والأداء.
فيما يأتي بعض من أهم تأثيرات بيئة العمل السامة في الموظفين:
1. التأثيرات النفسية:
تؤدي بيئة العمل السامة إلى شعور الموظفين بالتوتر والقلق والاكتئاب، ويؤدي ذلك إلى مشكلات في النوم، وانخفاض مستويات الطاقة، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
2. التأثيرات الجسدية:
تؤدي بيئة العمل السامة أيضاً إلى مشكلات جسدية، مثل الصداع وآلام العضلات والمفاصل، ويؤدي ذلك أيضاً إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.
3. التأثيرات في الإنتاجية والأداء:
تؤدي بيئة العمل السامة إلى انخفاض الإنتاجية والأداء، ويكون ذلك بسبب انخفاض الحافز والتركيز، وزيادة الغياب من العمل.
4. التأثيرات في العلاقات الشخصية:
تؤدي بيئة العمل السامة أيضاً إلى مشكلات في العلاقات الشخصية بين الموظفين، ويؤدي ذلك إلى زيادة التوتر والنزاعات، ويجعل من الصعب بناء علاقات إيجابية في مكان العمل.
شاهد بالفديو: 5 علامات تشير إلى أن الأجواء في مكان العمل سامّة
كيفية التعامل مع بيئة العمل السامة:
فيما يأتي بعض النصائح العملية للتعامل مع بيئة العمل السامة:
إذا كنت تعتقد أنَّك تعمل في بيئة عمل سامة، فإليك بعض النصائح التي يمكنك القيام بها للتعامل مع المشكلة:
أولاً: حدِّد مشكلتك
تحديد المشكلة هو الخطوة الأولى في التعامل مع أي عقبة، ومن ذلك بيئة العمل السامة، فمن الهام أن تفهم بوضوح ما الذي يجعلك تشعر بالضيق أو عدم الارتياح في مكان العمل، وبمجرد أن تحدد المشكلات، يمكنك البدء في تطوير استراتيجية للتعامل معها، إذا كانت المشكلة بسيطة، فقد تتمكن من حلها بنفسك، ومع ذلك، إذا كانت المشكلة أكثر تعقيداً، فقد تحتاج إلى طلب المساعدة من شخص آخر، مثل زميل موثوق به، أو قسم الموارد البشرية، أو اتحاد العمال.
ثانياً: اجمع الأدلة
جمع الأدلة هو خطوة هامَّة في التعامل مع بيئة عمل سامة، خاصةً إذا كنت تواجه سلوكاً مسيئاً أو غير لائق، فتساعدك الأدلة على دعم ادعاءاتك ومن ثمَّ يتم اتخاذ إجراء بشأن المشكلة.
فيما يأتي بعض أنواع الأدلة التي يمكنك جمعها:
1. الملاحظات المكتوبة:
احتفظ بمذكرة لكل حدث أو سلوك مسيء، اذكر ما حدث بالضبط، ومن كان متورطاً، ومتى وأين حدث ذلك.
2. البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية:
إذا تلقَّيتَ بريداً إلكترونياً أو رسالة نصية مسيئة، فاحتفظ بها بوصفها دليلاً.
3. التسجيلات الصوتية أو المرئية:
إذا كان ذلك قانونياً في منطقتك، فيمكنك تسجيل السلوك المسيء، تأكَّد أولاً من التحقق من قوانين المكان.
4. شهود عيان:
إذا كان هناك شهود عيان للسلوك المسيء، فاطلب منهم أن يكتبوا بياناً أو يشهدوا لصالحك.
من الهام أن تحافظ على الأدلة في مكان آمن، فيمكنك نسخ الأدلة والاحتفاظ بها في مكانَين مختلفَين أو تخزينها في صندوق آمن.
ثالثاً: تحدَّث بحذر مع الشخص السام
التحدُّث إلى الشخص السام في بيئة عمل سامة يكون تجربة صعبة، ولكنَّها خطوة ضرورية من أجل وضع حدٍّ لتصرفاته السامة أو أقواله المستفزة، ومن الهام أن تكون مستعداً ولديك خطة لما تريد قوله، واتَّبع هذه النصائح للتحدُّث إلى الشخص السام في بيئة عمل سامة:
- حدِّد الوقت والمكان المناسبَين للتحدث، اختر وقتاً ومكاناً يكونان هادئَين ومريحَين لكليكما.
- كن حازماً ولكن مهذباً، تأكد من التعبير عن مشاعرك واحتياجاتك بوضوح، ولكن لا تهاجم الشخص أو تحاول إلقاء اللوم عليه.
- ركِّز على السلوك، وليس على الشخص، وتذكر أنَّك لا تهاجم الشخص، بل تحاول فقط معالجة سلوكه.
- كن مستعداً لتلقي ردود أفعاله والرد عليها، فمن المحتمل أن يشعر الشخص بالهجوم أو الدفاع عن نفسه، لذا كن مستعداً للرد على ردود الفعل بطريقة هادئة وموضوعية.
رابعاً: ضع الحدود
يكون وضع الحدود في بيئة العمل السامة أمراً صعباً، ولكن من الهام القيام بذلك للحفاظ على صحتك النفسية وطاقتك، وتساعدك الحدود على حماية نفسك من السلوكات السامة، وتحديد ما هو مقبول بالنسبة إليك، وتحديد ما هو غير مقبول.
فيما يأتي بعض النصائح لوضع الحدود في بيئة العمل السامة:
1. حدد ما هو هام بالنسبة إليك:
ما هي الأشياء التي تشعر بالحاجة إلى حمايتها في مكان العمل؟ قد تتضمن هذه الأمور وقتك، وخصوصيتك، وكرامتك.
2. كن واضحاً بشأن حدودك:
أخبر الأشخاص الذين تتعامل معهم بما هو مقبول وما هو غير مقبول بالنسبة إليك، كن حازماً ولكن مهذباً.
3. لا تخف من قول "لا":
من الهام أن تكون قادراً على رفض الطلبات التي لا تشعر بالراحة معها.
4. كن مستعداً للعواقب:
قد لا يحترم الأشخاص حدودك، لذا كن مستعداً لاتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر، مثل التحدث إلى قسم الموارد البشرية أو البحث عن وظيفة جديدة.
فيما يأتي بعض الأمثلة عن الحدود التي يمكنك وضعها في بيئة العمل السامة:
- يمكنك تحديد حدود بشأن وقتك، مثل رفض العمل الإضافي أو الرد على رسائل البريد الإلكتروني خارج ساعات العمل.
- يمكنك تحديد حدود بشأن خصوصيتك، مثل رفض الإجابة عن أسئلة شخصية أو السماح للناس بالوصول إلى هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك.
- يمكنك تحديد حدود بشأن كرامتك، مثل رفض التعليقات أو السلوكات المهينة أو المسيئة.
خامساً: اطلب الدعم والمساندة
يكون البحث عن الدعم من الآخرين مفيداً جداً عند التعامل مع بيئة عمل سامة، فيساعدك الدعم على تقليل الشعور بالعزلة، وبأنَّك لست وحيداً في هذه المعاناة، ويوفر لك شخصاً يمكنك التحدث إليه عن مشاعرك، ويقدم لك المشورة والتوجيه.
يمكنك الحصول على الدعم عند التعامل مع بيئة عمل سامة من عدة مصادر مختلفة، ومن ذلك:
1. الأصدقاء والعائلة:
يمكن للأصدقاء والعائلة المقربين أن يقدموا لك الدعم العاطفي الذي تحتاجه، ويمكنهم الاستماع إليك، ومساعدتك على رؤية الأمور بوضوح، وتقديم لك الأفكار عن كيفية التعامل مع المشكلة.
2. زميل موثوق:
يمكن لزميل موثوق به أن يقدم لك الدعم العاطفي والمشورة العملية، ويمكنه مساعدتك على جمع الأدلة، والتحدث إلى الشخص السام، أو البحث عن خيارات أخرى.
3. معالج نفسي:
يمكن للمعالج النفسي أن يساعدك على التعامل مع مشاعرك وتطوير مهارات التأقلم، ويمكنه أيضاً مساعدتك على تطوير خطة للتعامل مع المشكلة.
4. قسم الموارد البشرية:
إذا كانت شركتك لديها قسم موارد بشرية، فقد يكونون قادرين على تقديم المساعدة، ويمكنهم التحقيق في المشكلة، وتقديم المشورة للأشخاص المعنيين، واتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر.
5. اتحاد العمال:
إذا كنت عضواً في اتحاد عمال، فقد يكونون قادرين على تقديم المساعدة، فيمكنهم تقديم المشورة والدعم، ويمكنهم أيضاً المساعدة على اتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر.
شاهد بالفديو: كيف تتعامل مع الناس بذكاء؟
سادساً: ركِّز على نفسك
التركيز على النفس هو أمر هام في أي وقت، ولكن يكون أكثر أهمية خاصة عند التعامل مع بيئة عمل سامة، ويساعدك التركيز على نفسك على الحفاظ على صحتك العقلية والعاطفية، وتطوير مهارات التأقلم، واتخاذ قرارات أفضل بشأن مستقبلك المهني.
فيما يأتي بعض النصائح للتركيز على نفسك عند التعامل مع بيئة عمل سامة:
- اعتنِ بنفسك جسدياً ونفسياً، واحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الأطعمة الصحية، وممارسة الرياضة بانتظام؛ فتساعدك هذه الأشياء على الحفاظ على صحتك العامة وتحسين مزاجك.
- اقضِ وقتاً مع الأشخاص الذين يدعمونك، فيساعدك التواصل مع الأصدقاء والعائلة على الشعور بالراحة والدعم.
- ابحث عن نشاطات تسعدك، وخصص بعض الوقت لممارسة الهوايات أو النشاطات التي تستمتع بها، فيساعدك ذلك على الاسترخاء وتخفيف التوتر.
- احصل على المساعدة المهنية إذا احتجت إليها، فيساعدك المعالج النفسي على التعامل مع مشاعرك وتطوير مهارات التأقلم.
في الختام:
إنَّ بيئة العمل السامة قد تكون واقعاً لا يمكن الفرار منه، أو على الأقل لوقت محدد؛ لذا لا بد من اتباع الاستراتيجيات الخاصة بالتعامل مع بيئة العمل السامة، والتي تكون ذات أهمية كبيرة في تقليل تأثُّرك بما يحدث، أو إيقاف الأجواء والسلوكات السامة، أو تأمين طريق لخروجك من هذا المكان.
أضف تعليقاً