8 نصائح تساعدك على الازدهار في أوقات الشدائد

اعتدت مرافقة والدي في رحلات صيد الأسماك عندما كنت طفلة، حيث كنَّا أحياناً نصل منتصف البحيرة، فأراه يبحث عن الثقوب في القارب ويضع عليها الشريط اللاصق كي يمنع تسرب الماء مؤقتاً ريثما نعود إلى الشاطئ؛ ولطالما قال لي أنَّ القوارب لا تغرق إلَّا عندما تصل المياه إلى داخلها، ولطالما كانت تلك المقولة مصدر إلهام لي، خصوصاً عندما تعصف المصاعب بحياتي وتسحبني دوامة من السلبية وتحيط بي؛ وتجربتي أكبر مثال على ذلك، فقد شاءت الأقدار أن يصدر كتابي في الأسبوع نفسه الذي شُخِّصت فيه إصابة زوجي بمرض كورونا (COVID-19)، ممَّا أرغمني على الالتزام بالحجر الصحي معه لأسبوعين كاملين، وإلغاء جولة التسويق لكتابي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة والمتحدثة الدولية "مارجي واريل" (Margie Warrell)، والتي تحدثنا فيه عن بعض النصائح للتغلب على الشدائد.

لقد بدا كل ذلك وكأنَّني أُخضِع نصيحة والدي إلى التجربة، إذ ظل صدى كلماته يتردد في أذني: "لا تسمحي للظروف الخارجية التي تعصف بك أن تتحكم بحالتك النفسية الداخلية"، إلَّا أنَّ القول أسهل من الفعل؛ ومع ذلك، لا شيء مستحيل، إذ يتوقف كل شيء على العادات، والتي هي أنماط التفكير والسلوك المدرَّبة جيداً لمساعدتنا على السيطرة على حالتنا الداخلية؛ فعندما تتلبد حياتنا بالسحب السوداء، نسطع رغماً عنها، ونكون الشخص الذي نطمح إليه دوماً؛ فقد نتعثر ونسقط كثيراً، لكنَّنا ننهض ونلملم شتات أنفسنا بالتأكيد.

لتحقيق هذه الغاية، إليك ثماني نصائح لتنمية العادات التي تميز الأشخاص الذين يزدهرون في أوقات الشدائد، وتمكِّن "قاربهم" من مجابهة عواصف الحياة والنجاة منها منتصرين:

1. ابدأ بتطلعاتك:

ينصحنا الكاتب الأمريكي والمتحدث التحفيزي سايمون سينك (Simon Sinek) أن نبدأ بـ "الدافع" وراء ما نقوم به، لكنَّ دوافعنا قد تكون مبهمة في بعض الأحيان؛ لذا علينا في هذه الحالة أن نبدأ بتطلعاتنا وتصوِّرنا للشخص الذي نرغب أن نكون عليه.

خصص خمس دقائق لتدوين الصفات الذي تتمنى أن تكون عليها، والقصة التي تريد إخبارها للآخرين عن كيفية تغلبك على الشدائد التي واجهتك في عملك وعائلتك ومجتمعك على نطاق أوسع؛ وعندما يغلبك الشك وعدم اليقين، انظر في داخلك باحثاً عن الحقيقة التي لن تجدها في مكان آخر.

تقع الكثير من الأمور خارج نطاق سيطرتك، لكنَّك لن تستطيع أن تضع الأمور في نصابها ما لم تظهر إلى العالم كما تريد أنت؛ ولا تنسَ في غمار الحياة وصعابها الالتزام بالهدف والإمعان في الشكر والحمد على النعم التي أُغدِقت عليك رغم الكرب.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

2. مارس العادات اليومية بانضباط ذاتي صارم:

إنّ الصمود ليس أمراً فطرياً، بل هو عادة مكتسبة؛ لذا من الهام في الأوقات الصعبة مضاعفة الممارسات والعادات التي تساعدك على أن تتجلى في أبهى صورك جسدياً وعقلياً وعاطفياً وروحياً.

التزم بساعات النوم والاستيقاظ، وأكثِر من الحركة والنشاط، وتغذَّ جيداً، وحدد أولوياتك على جدول مواعيدك، واجعل الكتاب جليسك، وابقَ على تواصل مع محيطك؛ حيث يمكن لهذه الممارسات البسيطة التي تقوم بها كل يوم أن تُحدِث أثراً عميقاً في الحياة المليئة بالتقلبات.

3. احمِ طاقتك:

تتأثر عواطفنا بالأشخاص من حولنا، فنفرح إن فرحوا، ونغضب إن غضبوا؛ لذا من السهل أن تؤثر فيك مخاوف الآخرين وتنتقل إليك؛ ولهذا السبب عليك أن تقيم حاجزاً منيعاً يدرأ سلبية الآخرين عن مجالك العاطفي، حتى لو تطلَّب ذلك أن تتحاشى أشخاصاً معينين أو تحظرهم عن وسائل التواصل الاجتماعي؛ ومن جهة ثانية، وطِّد أواصر الصداقة مع الذين ينقلون إليك الطاقة الإيجابية بدلاً من استنفاذها.

4. تقبَّل الوضع غير المريح، واعتبره حافزاً للنمو:

تُظهِر الأبحاث دور المشاعر الهام في النمو والازدهار؛ لذا إن شعرت أنَّك ترزح تحت وطأة ضغوطات الحياة، تقبل هذه المشاعر غير المريحة على اعتبارها قطعة أساسية لا تكتمل أحجية حياتك دونها، واعتبر الشدائد اختباراً يكشف معدنك الصلب، وأعد صياغة مشكلاتك الحالية على أنَّها فرص جوهرية لاكتشاف وتنمية مواطن قوتك الكامنة.

5. تواصل مع نفسك الروحية:

لاحظ العالم ألبرت آينشتاين (Albert Einstein) أنَّ الأشخاص المؤثرين يمتلكون خصلة مشتركة، وهي المواءمة مع ذاتهم الروحية أولاً ثم الجسدية؛ فعندما تتعمق في البعد الروحي لذاتك، تتمكن من مواجهة المصاعب مدفوعاً بالإيمان لا بالخوف؛ فحتى لو لم يغير هذا الأمر من مشكلاتك شيئاً، إلَّا أنَّه يغير نهجك في التعامل معها.

لن يساعدك هذا فقط على كبح النزعة إلى تهويل الأمور التي تسبب اضطرابك وتحجب عنك رؤية الأمور بوضوح، ولكنَّه يوسِّع نطاق رؤيتك كي تستطيع مواجهة المصاعب بمزيد من الهدوء والإبداع والشجاعة؛ وهي السمات ذاتها التي تميز الأشخاص الأكثر نجاحاً عن الباقين.

قارن بين أثر الإيمان والخوف على أسلوبك في الحديث وسلوكك وتفاعلك مع المحيط ونمط حياتك ودورك الرئيس، ثم لاحظ كيف يغير ذلك نظرتك وحركاتك وأفعالك وتفاعلاتك؛ فإن شعرت أنَّ حياتك تتجه نحو الأفضل بعض الشيء، فاستمر على هذا المنوال.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتقوِّي صلتك بالله سبحانه وتعالى

6. اسعَ إلى تحويل كل خسارة إلى فوز:

"لا تُضِع منك فرصة استثمار أعتى الأزمات لصالحك" - وينستون تشرشل (Winston Churchill).

لقد اكتسبت بعض الخبرة في تطبيق الاجتماعات زوم (Zoom) هذا العام، وتمكَّنت أخيراً من إتقان فن التواصل مع الجماهير الافتراضية؛ والمقصود بكلامي أنَّ على الجميع أن يتعلموا أموراً جديدة بين الفينة والأخرى.

نحن دائماً ما نجد فرصاً ثمينة تحت ركام الأزمات، وما علينا إلَّا أن نبحث عنها؛ لكن تكمن المشكلة في أنَّ معظم الناس يغلقون جميع أبوابهم أمام الأزمات، وينسون أنَّ هذه الأبواب نفسها تُفتَح أيضاً على الفرص الثمينة التي يجب أن تغتنمها.

7. ضع خططاً مرنة:

نحن نكون في أبهى حالاتنا عندما نبذل مجهوداً كبيراً لتحقيق الأهداف والتطلعات البناءة؛ ولهذا السبب لا تدع الأزمات الحالية التي تمر بها تثنيك عن المضي قدماً للوصول إلى ما تبتغيه، ممَّا يعني ألَّا تشغل نفسك كثيراً بكيفية سير الأمور.

لقد علمتنا جائحة كورونا أنَّ الخطط قد تنهار في أي وقت، لكنَّها علمتنا أيضاً أن نبذل قصارى جهدنا كل يوم، بغض النظر عن العقبات التي تقف في طريقنا؛ لذا عليك وضع الأهداف ورسم الخطط المرنة التي يمكنك المناورة بها، وكما قال والدي يوماً: "طوبى للمرنين الذين لا تكسرهم رياح الشدائد".

إقرأ أيضاً: تطوير استراتيجيات المرونة في التعامل مع الأزمات

8. لا تقسُ على نفسك إن فشلت:

لقد تعثرنا جميعاً وتعرَّضنا إلى الإخفاق في حياتنا، ولا عجب أن يقع أكثر الناس نجاحاً فريسة للخوف أو تراجع الميول الذي تتميز به الطبيعة البشرية؛ لكن إن لم تستطع الارتقاء إلى صورة الشخص التي رسمتها في ذهنك، فلا تقسُ على نفسك، بل طبطب عليها، وعاملها دائماً كما يفعل المحبون معك، وتوقف عن جلدها؛ فقد وجدت الدراسات أنَّ التسامح مع أخطاء الذات والتعاطف معها هما ما سيجعلانك تقف على أقدامك مجدداً بسرعة وتعود أقوى من ذي قبل.

عندما تولي الأهمية لما يمدك بالقوة، تدرك حينها أنَّك أقوى وأكبر من المشكلة التي تواجهك؛ وليس ذلك فحسب، بل تكتشف أنَّ العواصف التي واجهتك في طريقك لم تكن تهدمه، بل تمهده أمامك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة