8 أخطاء في إدارة الوقت تقلل من إنتاجيتك

نحن نرفض المشاركة في الفعاليات فور دعوتنا إليها في الكثير من الأحيان؛ لاعتقادنا أنَّه ليس لدينا وقت لحضورها، ولكن في الحقيقة يمكِننا ضغط جدول أعمالنا ليتاح لنا الوقت، لكن علينا أن نتذكر أولاً أنَّنا لا نعاني من ضيق الوقت.



معظم الأشخاص يظنون أنَّ لديهم كمية محدودة من الوقت، ولكن في الحقيقة كلٌّ منا يملك خيار إزالة مَهمات من قائمة مهامه ليستمتع بالمزيد من وقت الراحة، لكنَّك قد تشعر أنَّ هذا الخيار غير متاح لك؛ لأنَّك في الغالب تُخضِع نفسك لضغوطات لا داعي لها.

باختصار، أنت لا تعاني من ضيق الوقت؛ بل تعتقد ذلك لأنَّك ترتكب أخطاء إدارة الوقت الثمانية الآتية:

1. عدم إنشاء أو الالتزام بميزانية زمنية:

وقتك مثل نقودك؛ مورد قيِّم يجب إدارته، وإذا لم تضع ميزانيةً وتلتزم بها، فلن يتوفر لديك الوقت للقيام بالأمور التي تهمك، أو أسوأ، فقد تلجأ إلى الدَّين؛ فمثلاً، إن كنتَ تعمل 60 ساعة في الأسبوع، فلن يكون لديك وقت راحة طويل، وذلك يعني أنَّك ستضحي بوقتك مع أحبائك والمقربين إليك، ويمكِن حتى أن تعرِّض صحتك وعافيتك للخطر.

تُعرِّف المتحدثة التحفيزية والكاتبة "أماندا أبيلا" (Amanda Abella) الميزانية الزمنية في مقال على موقع "كالندر" (Calendar) على أنَّها: "إرشادات تساعدك على قضاء وقتك بالطريقة التي تريدها"، ويتضمن ذلك بالطبع أموراً لا تستمتع بفعلها، لكنَّ الفكرة هي أنَّ الميزانية الزمنية ستساعدك على إدارة وقتك بحكمة وسابق تفكير.

في البداية، حدِّد أولوياتك في الحياة؛ حيث يتضمن ذلك عادةً علاقاتك، وصحَّتك، وحياتك المهنية، وبعد تحديدها يمكِنك قضاء الأسبوع في العمل على النشاطات التي تساعدك على الوصول إلى أهدافك وتخصيص وقت لعائلتك.

لكي تلتزم بهذه الميزانية، يمكِنك الاستفادة من تطبيقات التقويم التي تساعدك على الالتزام بمواعيدك.

2. السعي إلى السيطرة على وقتنا:

يشرح أستاذ العلوم السياسية "روبرت إي غودين" (Robert E. Goodin) في كتابه "الوقت التقديري: مقياس جديد للحرية" (Discretionary Time: A New Measure of Freedom): "حين نقول أنَّ شخصاً 'لديه وقت أكثر من شخص آخر، لا يعني ذلك أنَّ يومه مؤلف من 25 ساعة؛ بل نعني أنَّ لديه أموراً أقل تُقيِّده وخيارات أكثر فيما يتعلق بالطريقة التي يقضي بها وقته؛ أي أنَّه يتمتع بالتحكم المستقل بوقته".

تعتقد عالمة النفس والسلوك "سوزان وينشينك" (Susan Weinschenk) أنَّ السبب وراء ذلك "هو أنَّنا ننظر إلى القدرة على الاختيار على أنَّها تعادل السيطرة، وبالنسبة إلى غرائزنا، يعتمد بقاؤنا على امتلاكنا للسيطرة؛ ولذا يدفع بنا عقلنا غير الواعي نحو السعي إلى هذه السيطرة، وهي تلك الرغبة التي تدفعنا للبحث عن الخيارات".

3. الإيمان بخرافة تعدُّد المهام:

حين نذكر تعدُّد المهام، لا نعني بذلك المهام البسيطة التي تقوم بها يومياً؛ فعلى سبيل المثال: يمكِنك طي الملابس، أو غسل الصحون في أثناء الاستماع إلى برنامج إذاعي، أو يمكِنك التنزه والتحدث عبر الهاتف في الوقت ذاته؛ لكنَّ المقصود هنا هو المهام التي تتطلب كامل تركيزك؛ فمثلاً: لن تتمكن من حساب ضرائبك وكتابة جدول اجتماعات اليوم التالي في الوقت ذاته بفاعلية؛ وسبب ذلك أنَّ دماغك مصمم ليعمل على مَهمة واحدة فحسب.

كما تبيَّن أنَّ تعدُّد المهام يبطئك؛ لأنَّك ترتكب المزيد من الأخطاء حين تحاول إنجاز أكثر من أمر في الوقت نفسه، وبالنهاية ستحتاج إلى وقت أطول، والحلُّ ببساطة هو أن تعمل على كلِّ مهمة على حدة، أو ما يُسمى "تفرُّد المهام" (single-tasking).

شاهد بالفيديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت

4. تغذية النزاعات عوضاً عن الشغف:

تُظهِر الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يعملون على مهام يحبونها وتعني لهم، لا يكونون في عجلة من أمرهم أو مرهقين بقدر أقرانهم الذين يفتقدون هذا الشغف؛ لأنَّه يمنع الصراعات الداخلية.

تقول "كيرا إم نيومان" (Kira M. Newman)، مديرة التحرير في مجلة "غريتر غود" (Greater Good): "يهدف الموظفون الذين يفتقرون إلى الشغف إلى التنافس مع الآخرين على نيل الوقت والاهتمام"، لكنَّ الحال كان مختلفاً بالنسبة إلى الموظفين الشغوفين؛ إذ كانت أهدافهم تتضمن دعم بعضهم، وتضيف نيومان: "لا تؤثر ضغوطات الوقت فقط في مدى استمتاعنا بالنشاطات؛ بل أيضاً في طريقة تفكيرنا بها".

ليس هناك طريقة صحيحة أو خاطئة لحلِّ هذه المشكلة في حياتنا، لكنَّك ستجد أنَّ التخلي عن عقلية "امتلاك كل شيء" مفيد بالتأكيد، وبدل ذلك حدِّد أوقاتاً في جدولك لأولوياتك والنشاطات التي تستمتع بها وتشعرك بالسعادة. 

إن كنتَ لا تزال قلقاً بشأن ضيق الوقت، فعثرَت الأستاذة "جينيفر آكر" (Jennifer Aaker) وفريقها من جامعة "ستانفورد للأعمال" (Stanford GSB) على نشاطات بسيطة قد تساعدك؛ فالأول: "تنفَّس بعمق بحيث يدوم كل نفس (الشهيق والزفير) لمدة 11 ثانية، والثاني هو تغيير نظرتك إلى القلق والتعامل معه على أنَّه حماس، مثل أن تقول: "أنا متحمس" حين تشعر بالتوتر".

5. عدم صعود الهضاب في أثناء التمرن:

إن كنتَ شاركتَ في ماراثون من قبل، فقد استخدمتَ في الغالب "أسلوب فارتليك" (the Fartlek approach)؛ حيث يأتي الاسم من مصطلح سويدي يعني "اللعب السريع"، وهو نوع من تدريب الفترة (interval training) تتناوب فيه بين الهرولة ببطء والركض السريع لتحسين سرعتك وقدرتك على التحمل، ولكن يُنصَح أيضاً بإضافة الجري على الهضاب إلى تمرينك.

ولكن ما علاقة ذلك بإدارة الوقت؟ تماماً مثلما تحتاج إلى التمرين لزيادة سرعتك وقوَّتك، يجب أيضاً أن تتحدى نفسك، على سبيل المثال: يتطلب تعلُّم التركيز ومنع تشتت الانتباه الانضباط والتمرين والموازنة بين فترات بذل الجهد وفترات الراحة، ولكن لا تحاول صعود أعلى الهضاب في أوَّل يوم؛ بل تدرَّب تدريجياً كي لا تنهك نفسك قبل بدء السباق.

إقرأ أيضاً: الأخطاء الخمسة الفادحة في إدارة الوقت

6. قدرتك على الالتزام بخطط مستقبلية:

في كتاب إدارة الوقت "مدرسة جولييت للاحتمالات" (Juliet’s School of Possibilities) للمؤلفة "لورا فاندركام" (Laura Vanderkam)، تخبر الشخصية الرئيسة مستشاراً يافعاً يدعى رايلي (Riley) أنَّها تجيب بـ "نعم" عنما تريد ذلك فقط، حيث تكتب فاندركام: "لا يدرك معظم الناس تماماً تكلفة الفرصة؛ فحين يُطلب منك القيام بأمر ما في المستقبل البعيد، قد تلقي نظرةً على تقويمك، وتكتشف أنَّك تمتلك متَّسعاً من الوقت للقيام به".

ولكن، تبعاً للكاتبة، هنا نقع بالخطأ، لأنَّك في المستقبل ستكون مشغولاً بقدر انشغالك الآن؛ إذ "ستكون غارقاً بالمهام حينها أيضاً، لكنَّك الآن أضفتَ هذا الالتزام الذي سيتطلب وقتك وطاقتك (ولم يكن موجوداً من قبل)".

تقترح الكاتبة أن تسأل نفسك قبل الموافقة على أيِّ التزام جديد إن كان بإمكانك القيام به في الغد، في ضوء انشغالك اليوم؛ وإن كان جوابك بنعم؛ فيمكِنك حينها قبول الالتزام الإضافي، أمَّا إن كان جوابك بالنفي، فهذا أفضل جواب للمستقبل أيضاً؛ حيث ستفرغ الكثير من وقتك حين تتأنَّى قبل الإجابة بنعم.

7. التركيز الزائد على المال:

جميعنا بحاجة إلى المال لنعيش ونستمتع بهواياتنا، ولكن في الوقت نفسه وجد بحث أجراه الأستاذان "سانفورد ديفو" (Sanford DeVoe) من "جامعة تورنتو" (University of Toronto) و"جيفري بفيفر" (Jeffrey Pfeffer) من "جامعة ستانفورد" (Stanford) أنَّ الأشخاص ذوي الدخل العالي هم أكثر مَن يشعرون بضيق الوقت.

كما يشرحان في مجلة "ذي إيكونوميست" (The Economist): "حين تقيِّم الساعات من الناحية الاقتصادية، يقلق الناس أكثر بشأن تضييعها، أو توفيرها، أو استثمارها بشكل مربح، وحين ينمو الاقتصاد ويرتفع الدخل تزداد قيمة الوقت، وكلما ارتفعَت قيمة أمرٍ ما، بدا أندر".

إضافة لذلك، وجد "ديفو" و "بفيفر" أنَّ مجرد فكرة الثراء تشعرك بضيق الوقت؛ لذا عليك العمل لتعيش براحة، في حين أنَّ عليك أيضاً ألَّا تسمح للمال بالسيطرة على تفكيرك.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات فعّالة لإدارة الوقت وزيادة الإنتاجيّة

8. يرمز مدى انشغالك لمكانتك:

تقول "بريغيد شولته" (Brigid Schulte) في كتاب إدارة الوقت: "منهمك: العمل والحب واللعب حين لا يملك أحد الوقت" (Overwhelmed: Work, Love, and Play When No One Has the Time): "يكتب المعالجون النفسيون عن عملاء لا يمكِنهم تخطِّي فكرة أنَّه كلَّما بدوتَ أكثر انشغالاً، نظر إليك الآخرون على أنَّك ناجح وحذق وكفء، وزاد إعجابهم بك، ولربما حسدوك أيضاً".

الحل هو التوقف عن القلق بشأن كونك منتجاً كل الوقت، وقد يكون هذا مفهوماً غريباً بالنسبة إلى بعض الناس، لكنَّ الحقيقة هي أنَّك لستَ بحاجة لاستثمار كل دقيقة من وقتك إلى أقصى حد، وعوضاً عن ذلك، اقضِ وقتك الثمين مع الأشخاص، وفي العمل على المشاريع التي تعني لك شخصياً، وتجنَّب الوقوع في شرك الانشغال واستمتِع بما تفعله، وتذكَّر دوماً أنَّ الحياة أقصر من أن تعمل طوال الوقت؛ فأحياناً تحتاج أن تتوقف للحظة وتحظى ببعض المرح.

المصدر




مقالات مرتبطة