يمكن أن يكون وجود الأشخاص المُحبِطين مُثبِّطاً للهِمَم، إذ يثنون الآخرين عن السعي لتحقيق أحلامهم أو استكشاف أفكارهم الإبداعية، لذلك يتطلَّب التعامل مع المُحبِطين وعياً وثقة بالنفس، إذ يمكن أن يُصبح النقد حافزاً لتحقيق مزيد من النجاح عند التسلح بالعزيمة والإصرار.
كيفية التعامل مع الأشخاص المُحبِطين
عندما تكون محاطاً بأشخاص محبطين يمنعونك من الاستمتاع بالحياة التي ترغب بها، نقدم لك بعض النصائح لتتعامل مع هؤلاء الاشخاص:
1. لا تخبرهم بأهدافك
تخيَّلْ أنَّك تبني قلعة رملية جميلة وكبيرة على الشاطئ، والآن تخيَّلْ شخصاً يسكب الماء فوق قلعتك كل دقيقة، فهل ستبني أي شيء في النهاية؟ بالطبع لا، ففي كل مرة تضع فيها أساسات قلعتك، يهدمها الماء، وفي النهاية، ستذهب كل جهودك سدىً وتشعر بإحباط شديد.
هذا هو الحال عندما تستمع إلى المحبِطين الذين يركِّزون على الجوانب السلبية والمخاطر، فتهدمُ كل ثانية تستمع فيها إليهم جزءاً من أحلامك، وفي النهاية، تتزعزع ثقتك بنفسك وتساورك الشكوك بشأن أهدافك في حين أنَّك كنت متفائلاً وواثقاً للغاية قبل الحديث مع هؤلاء.
أهدافك أثمن من أن تسمح للآخرين بهدمها، لذا لا تخبِرْ المحبِطين بأهدافك حتى لا تعطيهم الفرصة للتلاعب بك وتضليلك، وناقِشْ أهدافك مع أشخاص تثق بهم واطلب مشورتهم ومساعدتهم، لأنَّك تعلم أنَّهم يريدون لك الخير. أمَّا إذا كنت لا تثق بهم، فلا تغامر بذلك.
2. قيِّمْ أداءهم في الحياة
قبل أن تطلب نصيحة أي شخص، قيِّم أداء هذا الشخص في حياته، واطرح على نفسك الأسئلة الآتية:
- هل هذا الشخص يعيش الحياة التي أطمح إليها؟
- هل هذا الشخص ناجح في الهدف الذي أسعى لتحقيقه؟
- هل لدى هذا الشخص معرفة وخبرة فيما يقوله؟
إذا كانت الإجابات"لا"، فتجاهَلْ ما يقوله، ففي النهاية، لقد وصل هذا الشخص إلى هذه الحال باتباع أفكاره ونصائحه، وإذا استمعتَ له، فقد تصل إلى مكانه لا إلى المكان الذي تريده أنت. فمثلاً إذا أردت إنقاص وزنك وتناوُل طعام صحي، ولكنَّ زملاءك الذين يعانون من زيادة الوزن يطلبون منك الكف عن تناول السلطات الصحية، ويشجِّعونك على تناول الوجبات السريعة على الغداء، فمن الأفضل أن تتجاهلهم.
إذا كنت ترغب في تأسيس مشروع تجاري وتتلقَّى نصائح من أشخاص لا يعرفون شيئاً عن ريادة الأعمال، ولم يؤسِّسوا مشروعاً تجارياً طوال حياتهم، فعليك التشكيك فيما يقولونه. وإذا كنت ستُقلِعْ عن التدخين، ولكنَّ زملاءك المدخنين، بالرغم من سعالهم المستمر ورائحة أفواههم الكريهة، يشجِّعونك على الاستمرار في التدخين، فتجاهَلْهُم.
شاهد بالفيديو: كيفية التعامل مع الأشخاص المُحبطين
3. قيِّمْ كلامهم
قيّم كلام المحبِطين باعتبارك الشخص الوحيد المسؤول عن حياتك، فأنت أنسب شخص لتقييم وتحديد ما يناسبك وما لا يناسبك. خذ بالحسبان ما يأتي:
- هل ما يقوله يناسبني؟
- هل في كلامه صحة أو مصداقية؟
- هل سيتحسن وضعي إذا طبَّقت نصيحته؟
- هل يتكلم بدافع الخوف أم الحب؟
إذا كانت الإجابة "لا" عن الأسئلة من الأول إلى الثالث، وكان الشخص يتكلم بدافع الخوف، فهذه النصيحة لا تناسبك حتى لو كانت حسنة النية، فلا تدعها تثقل كاهلك.
4. تجاهَلْهم ولا تُعِرْهم انتباهك
إذا تبيَّن أنَّ شخصاً يقدِّم نصيحة محبِطة أو سيِّئة، فمن الأفضل ألّا تنصت إليه، فليست كل النصائح تخدم مصلحتك.
مثلاً عند مواجهة تحذيرات غير مدروسة تتعلق بتجربة جديدة أو هدف معيَّن، يجب التركيز على الأبحاث الشخصية واستشارة ذوي الخبرة بدلاً من الانشغال بمخاوف الآخرين، وغالباً ما تكون النصائح السلبية انعكاساً لمخاوف الأشخاص، وليست مبنية على حقائق أو تجارب واقعية. تجاهُلْ تلك الأصوات المزعجة يساعد على تجنُّب التشتيت، ويسمح بالمضي قُدُماً لتحقيق الأهداف.
ويُقال: "إذا قدَّم لك شخص هدية ورفضتها، تبقى الهدية ملكه"، وبالمثل يمكن للناس تقديم نصائحهم، لكنَّ الخيار في قبولها أو رفضها يبقى دائماً بيدك. فأنت المتحكِّم في كيفية استجابتك لما تسمعه.
5. لا تشارك في النقاش
يتشبَّث المحبِطون بآرائهم بقدر إصرارك على تحقيق أهدافك، ومن ثمَّ ليست هناك حاجة لكسب تأييدهم أو الاتفاق معهم بشأن خططك. فإذا أصروا على التعبير عن معارضتهم، فاجعَلْ ردودك قصيرة وموجزة.
لا تحاول إثبات وجهة نظرك أو تدافع عنها أو تشرح موقفك، فكل هذا مضيعة للوقت، إذ سيجد المُحبِط دائماً مبرِّرات لإثبات أنَّه على حق وأنَّك على خطأ، ممَّا يصيبك بالإحباط. ليس ذلك فحسب؛ بل إنَّ المُحبِط يسعد بتثبيط عزيمتك، لذا مقاومته ستزيد من إصراره على الجدال، فغيِّر الموضوع إذا لزم الأمر حتى تقطع عليه الطريق، وسيتوقف عن تثبيط عزيمتك.
6. أخرجهم من حياتك
نظراً إلى أنَّ المحبِطين لا يرون إمكانات الحياة كاملة، فإنَّ قضاء الوقت معهم سيؤدي إلى تضييق رؤيتك للعالم، فأخرجهم من حياتك إن أمكن، أو قلِّلْ التواصل معهم إذا لم يكن ذلك ممكناً، سواء كان الشخص زميلاً، أم صديقاً، أم فرداً من العائلة. لا توجد قاعدة تُلزمك بقضاء الوقت معه طوال اليوم.
- في العمل، يمكنك الاختلاط بزملاء آخرين.
- اجتماعياً، ابحث عن أصدقاء يتشاركون الأفكار والطموحات نفسها.
- في المنزل، مجرد أنَّك تعيش مع عائلتك، لا يعني أنَّه يجب عليك قضاء كل وقتك معهم، وحتى حين تكونون معاً، لا يتعيَّن عليك التحدث عن أهدافك معهم باستمرار.
قد يكون الأمر محزناً أحياناً عندما يكون الأشخاص الذين نحبهم هم المُحبِطين، كأنَّنا لا نستطيع مشاركة أهدافنا مع أحبَّائنا دون أن نتعرض للإحباط. لكن فكِّرْ بإيجابية، فربما يكون سبب إحباطهم هو أنَّهم غير مُدركِين للإمكانات الأكبر في الحياة. ومن خلال ثباتك على أهدافك وتحقيق النجاح، قد تكون مصدر إلهام لهم للتفكير تفكيراً إيجابياً والسعي وراء أهدافهم أيضاً.
7. أحِطْ نفسك بأشخاص يدعمونك
أنت عبارة عن متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي معظم وقتك معهم، لذا اختر خمسة أشخاص ناجحين لقضاء الوقت معهم، بدلاً من الخروج مع المحبِطين. فكِّرْ في الأشخاص الذين سيدعمون أهدافك إذا أخبرتهم بها، وفكِّرْ في كيفية زيادة الوقت الذي تقضيه معهم بدءاً من اليوم.
إذا لم يكن لديك أي من هؤلاء الأشخاص في حياتك، فلا بأس، فكِّرْ في الأشخاص الموجودين في هذا العالم والذين يفعلون ما تريد القيام به، ثمَّ تعرَّف إليهم عبر أعمالهم، مثل كتبهم ومقابلاتهم وبرامجهم التلفزيونية، وما شابه ذلك.
8. فكِّرْ مرة أخرى في رؤيتك لنفسك
أخيراً وليس آخراً، فكِّرْ في رؤيتك المثالية، فما هي رؤيتك المثالية لحياتك؟
عندما يشتِّت المحبِطون انتباهك، فذلك لأنَّك أبعدتَ نظرك عن أهدافك. إن كان الأمر كذلك، كل ما عليك فعله هو النظر إليها مرة أخرى، وتذكَّرْ ما تريد تحقيقه بالضبط، وفكِّرْ فيما تريد الحصول عليه بالضبط من حياتك، ثمَّ اسأل نفسك ما إذا كان الأمر يستحق تأجيل أهدافك بسبب بعض المحبِطين.
في الختام
لا تحرم نفسك من الحياة التي تحب أن تعيشها بسبب المحبِطين، ولا تكن بدورك محبِطاً للآخرين. عندما يخبرك الآخرون بأهدافهم، شجِّعْهم وادعَمْهم، ولا تكن غمامة سوداء لعهم كما لا تريد أن يكونوا غمامة سوداء لك.
يقول اللغوي "جون إليوت" (John Eliot): "يُظهر لنا التاريخ أنَّ الأشخاص الذين يغيرون العالم، كالعظماء في السياسة والاجتماع والعلوم والتكنولوجيا والفن والرياضة، يسعون جاهدين حتى يثبتوا صوابهم، ومن ثمَّ يثبتو عبقريتهم".
أضف تعليقاً