قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا نَفَّسَ الله عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسرٍ يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتر مُسلماً سَترهُ الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
ما هي أهم أعمال الخير في رمضان التي من الممكن ممارستها؟
نظرا للأهمية الكبيرة التي يحظى بها الشهر المبارك عند المسلمين قاطبة، فإنهم يحرصون على إقامة العبادات والطاعات فيه في كل يوم منه وكل ساعة. لذا، نذكر لك هنا بعض أعمال الخير التي يمكنك القيام بها في شهر الرحمة والمغفرة شهر رمضان المبارك:
1. الأعمال التطوعية في رمضان
التطوع: عمل الخير الذي يقوم به المسلم بإرادته، راجياً من الله سبحانه وتعالى الأجر والثواب. والعمل التطوعي له تأثير إيجابي كبير في الأفراد والمجتمع، إذ يقدم المتطوع مساعداته، ويستغل طاقته وقدراته ووقته في مساعدة الآخرين؛ فالتطوع من الأمور المحببة إلى الله سبحانه وتعالى، ووعد عباده المتطوعين بالأجر المضاعف لهم، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. [سورة البقرة، الآية: 245].
نذكركم ببعض الأمور التطوعية التي يُمكنكم القيام بها في هذا الشهر الفضيل:
- المساهمة في الحملات التطوعية لموائد إفطار الصائم.
- شراء التمر وتوزيعه في مسجد الحي الذي تسكن فيه أو أي مسجد آخر.
- الاعتناء بأحد المساجد والمساعدة في تنظيف المرافق التابعة له.
- المشاركة في إعداد السلات الغذائية وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
2. حضور مجالس العلم في شهر العمل والعبادة
من أعظم أعمال الخير في رمضان مجالسة أهل العلم، فقد كان النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- يشجّع على حضور مجالس الذكر والعلم، لما لهذه المجالس من آثار إيجابية وثمرات عظيمة، حيث أنها تساعدنا في والصلاح والبر.
أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن ابن عباس - رضي الله عنه عنهما: (كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أجوَدَ النَّاس بالخَير، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضان حين يَلقَاهُ جبريل عليه السلام، وكان جبريل عليه السلام يلقاهُ كُلَّ ليلةٍ في رمضان حتَّى ينسَلِخ، يَعرِضُ عليه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- القرآن؛ فإذا لقيهُ جبريل عليه السَّلام، كان أجود بالخير من الرِّيحِ المُرسلة).
3. صلة الرحم
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم في قوله عزَّ وجل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}. [سورة الإسراء، الآية: 26].
إن صلة الأرحام من صفات عباد الله الصالحين، ولها عظيم الأجر والثواب عند الله عزَّ وجل، وهي تعمل على زيادة المحبة والألفة بين أفراد العائلة والأهل والأقارب، وشهر رمضان هو شهر التراحم والمغفرة، ويجب علينا نحن كمسلمين أن نصل أرحامنا، بالأخص في هذا الشهر الفضيل.
سنذكر لكم بعض النواحي التي تتجلَّى بها هذه الصفة:
توقير الكبير منهم واحترامه، والعطف على الصغير منهم، وزيارة الأقارب والأهل باستمرار، وتقديم يد العون والمُساعدة عند الحاجة، والإحسان إلى الفقراء منهم، والتصدُّق عليهم، حيثُ أنَّ الصدقة على الأرحام من الأمور التي حثَّ عليها نبيُّنا محمدٌ -صلَّى الله عليه وسلم- بقوله: (إنَّ الصَّدقة على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقةٌ وصِلة).
شاهد: 7 من أهم أعمال الخير في رمضان
4. إدخال الفرحة إلى قلوب الآخرين
يعد إدخال الفرح والسعادة إلى قلوب الآخرين من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى وأفضل أعمال الخير في رمضان خصوصاً، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (أحبُّ الناس إلى الله أنفَعُهُم للِنَّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ سُرورٌ يدخلُهُ على مُسلم، أو يكشِفُ عنهُ كُربةً، أو يقضي عنه دَيناً، أو يطرُدَ عنه جوعاً؛ ولأن أمشي مع أخٍ لي في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتَكِفَ في هذا المسجدِ -يعني مسجد المدينة- شهراً؛ ومن كفَّ غضبهُ ستر الله عورتَهُ، ومن كَظَمَ غيظهُ، ولو شاء أن يُمضيهُ أمضاهُ، ملأ الله قلبهُ رجاءً يوم القيامة؛ ومن مشى مع أخيهِ في حاجةٍ حتَّى تتهيَّأ لهُ، ثبَّتَ الله قدمهُ يوم تَزِلُّ الأقدام؛ وإنَّ سوء الخُلُقِ يُفسدُ العملَ كما يُفسدُ الخلُّ العَسَلَ).
5. الصدقة
يتضاعف أجر الصدقة في رمضان عن غيره من الشهور، ومن ثمار الصدقات أنَّها تطرد وساوس الشيطان، فعن بُريدة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهَا لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانًا)؛ كما أنَّ الصدقة تُوسِّع الرزق، يقول الله سُبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. [سورة سبأ، الآية:39]. بالإضافة إلى أنَّ الصدقات تُطهِّر النَفس والمال، قال الله عزَّ وجلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. [سورة التوبة، الآية: 103].
ومن صور الصدقة التي يمكننا أن نذكركم بها:
5. 1. إفطار الصائم
عن زيدِ بن خالدٍ الجهَني -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (من فَطَّرَ صائماً كان له مثلُ أجرهِ، غير أنَّهُ لا ينقصُ من أجر الصائم شيء).
5. 2. إطعام الطعام
قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}. [سورة الإنسان، الآيتان: {8، 9}].
6. إحياء السنن المهجورة في شهر الرحمة والعتق من النار
إن إحياء السنن النبوية تعني القيام بما كان يفعله النبي - صلَّى الله عليه وسلم، وتذكير الناس بهذه السنن. ويعد إحياء السنن النبوية من أعمال الخير التي نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، يقول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. [سورة آل عمران، الآية: 31].
كما أنَّ الرسول الكريم -عليه أفضل الصلاة والسلام- قال لبلال بن حارث - رضي الله عنه: (من أحيا سُنَّةً من سنَّتي قد أُميتت بعدي فإنَّ له من الأجر مثل من عمل بها، من غير أن ينقُص من أجورهم شيء؛ ومن ابتدع بدعةً ضلالةً لا تُرضِي الله ورسوله، كان عليه مثلُ آثامِ من عمل بها، لا يُنقِص ذلك من أوزار الناس شيئاً).
ونذكُر لكم من السنن النبوية:
6. 1. قيام الليل
عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يقوم من الليل حتى تَتَفطَّر قَدماهُ، فقلتُ لهُ: لمَ تصنعُ هذا يا رسول الله، وقد غَفَرَ الله لك ما تَقَدَّم من ذنبكَ وما تأخَّر؟ قالَ:(أفلا أحِبُّ أن أكون عبداً شكوراً؟).
6. 2. السنن القولية
وَرَدَ عن أبي عمارة البراءِ بن عازبٍ -رضي الله عنهما- قال: (أمرنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ. أمرنا: بعيادة المريض، واتِّباع الجنازة، وتَشميتِ العاطِس، وإبرار المُقسِمِ، ونصرِ المظلومِ، وإجابةِ الدَّاعي، وإفشاءِ السلام؛ ونهانا عن: الخواتيم -التختُّم بالذَّهبِ- وعن شُربٍ بالفضة، وعن المَياثِرِ الحُمرِ، وعن القسِّيِّ، وعن لبسِ الحريرِ والإستبرقِ والديباجِ).
6. 3. السواك قبل الصلاة
قليل من الناس من يستاكون قبل الوضوء من أجل الصلاة، والدليل على أنّ السواك من السنن الهامة: عن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (لولا أن أشُقَّ على أمَّتي أو على الناس لأمرتُهُم بالسواك مع كُلِّ صلاةٍ).
6. 4. مسح اللقمة أو قطعة الخبز بعد سقوطها على الأرض وأكلها
هذه السنة يكاد أناس قليلون جداً يفعلونها، وهناك أكثر من حديث يؤكد هذه السنة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (إذا سقطت لُقمة أحدكم فليُمِط عنها الأذى ولا يتركها للشيطان)؛ وعن جابر -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، وليُمِطْ ما كان بها من أذىً، وليأكُلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتَّى يلعق أصابعه، فإنَّهُ لا يدري في أيِّ طعامه البركة).
6. 5. الاستغفار في المجلس
من أعمال الخير في رمضان الاستغفار في المجالس، فقد ورد عن صحابة الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- قولهم: (إن كُنَّا لَنعدُّ لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في المجلِسِ الواحدِ مئةَ مرةٍ: "ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ إنَّكَ أنت التَّوابُ الرحيم").
7. كفالة اليتيم
تعد كفالة اليتيم من أفضل أعمال البر والتقرب من الله سبحانه وتعالى، حيث وعد الله سبحانه وتعالى كافل اليتيم بالجنة، فعن سهل بن سعد الساعدي أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنَّة كهاتين. وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى)؛ وممَّا يدلُّ على أهميَّة كفالة اليتيم وفضلها، قوله سُبحانه وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. [سورة البقرة، الآية: 215].
8. أعمال الخير
هناك العديد من أعمال الخير في رمضان والني تعد سهلة التنفيذ، ولكن لها أجور عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، منها:
- قراءة جزء من القرآن الكريم يومياً.
- الحفاظ على قول كلمات من أحب الكلمات إلى الله في كل يوم من أيام رمضان، وهي: (سُبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله والله أكبر).
- الصلاة على وقتها: في التبكير إلى المسجد خير كثير، لذا متى ما سمعت الأذان قم إلى الصلاة.
- اختيار حديث نبوي واحد ومحاولة تطبيقه كلَّ يوم.
- أخذ ورقةٍ وقلم ومحاولة إحصاء نعم الله على العبد. تذكر أن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى.
- إضمار نية السحور على أنه عبادة لله عز وجل، وأنه من سنة نبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلم. تذكر أن الملائكة تستغفر لك في السحور، وأنَّك بالسحور تقوى على طاعة الصيام.
في الختام
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ}. [سورة هود، الآية:7].
إنَّ العمل الصالح هو الغاية والحكمة من خلقِ السَّماوات والأرض، فكيف إذا كان هذا العمل في شهر البركات وشهر الفضائل؟ لقد تناولنا في هذا المقال أفضل 8 من أعمال الخير في رمضان نتمنى أن ينال ثوابها المسلمين الصائمين.
أضف تعليقاً