7 سمات للشخصية المرنة اجتماعياً

الميزة الأكثر أهمية لكونك تتمتع بمقدار كبير من المرونة الاجتماعية هي قدرتك على الاندماج في أي وسط اجتماعي؛ فالأشخاص المرنون اجتماعياً يلتقطون الإشارات التي تصدر من الوسط الاجتماعي المحيط، ويلاحظون السمات الشخصية للناس الموجودين. وهذه القدرة على التكيف مع أوساط اجتماعية مختلفة تجنِّب هذا النمط من الأشخاص التعرض لأي موقف محرج، ولا شك أنَّ الثقة التي يمتلكونها تجعلهم يشعرون بشعورٍ رائع.



لكن يوجد جانب سلبي لهذه القدرة، فهي تنبع من نفس الشيء الذي يدفع الأشخاص المرنين إلى الاندماج في أي وسط اجتماعي، ونحن هنا نتحدث عن خوفهم من أن يكونوا مختلفين عن الآخرين.

ما هو المقصود بالشخصية المرنة اجتماعياً؟

لدينا جميعاً هذه الرغبة في الانتباه إلى السلوكات أو اللهجات أو الكلمات التي نلاحظ استخدامها بكثرة من قِبل الأشخاص الآخرين، وأحياناً قد نحاكيهم من دون وعي، لكن معظمنا لا يغيِّر شخصيته لتتلاءم مع ما يمكن أن يرغب فيه الآخرون؛ بمعنى أنَّنا نتكيَّف ضمن الحدود التي تسهِّل علينا التواصل الاجتماعي، ونحتفظ بشخصياتنا الحقيقية.

أما الأشخاص أصحاب الشخصية المرنة اجتماعياً، فيتكيفون تكيفاً كبيراً مع مختلف الأفراد في المجتمع؛ فبعد أن يدخلوا في وسط اجتماعي، فإنَّهم يتعرفون بسرعة إلى توقعات الآخرين وتفضيلاتهم، ومن ثمَّ يتصرفون بما يتطلبه الموقف؛ فتارةً تجدهم يمرحون بصخب، وتارةً وفي موقف اجتماعي مختلف تجدهم هادئين وملتزمين الصمت.

وفي أثناء تصنُّعهم لهذه الشخصيات تبقى شخصياتهم الحقيقية مخفية، وهدفهم - سواء كانوا يدركون ذلك أم لا - ترك انطباع رائع لا يُنسى لدى الجميع، وهم ينجحون عموماً، وهذه بعض الأمثلة عن هذا النمط من الشخصيات:

  • الشاعر "ويستون هيو أودن" (H.Auden)، الذي صرَّح أنَّ شخصيته الحقيقية تختلف كثيراً عن الشخصية التي يحاول إظهارها للآخرين من أجل كسب محبتهم.
  • المخرج "وودي آلين" (Woody Allen) الذي غيَّر شخصيته تماماً لتتلاءم مع أي موقف اجتماعي.

وعلى النقيض تماماً من الشخصية المرنة اجتماعياً، يوجد الأشخاص المفرطون في الصراحة والعفوية، الذين يرفضون تغيير شيء ما في شخصيتهم ليتلاءموا مع المحيط الاجتماعي، ولكلا النقيضين سلبياته.

إقرأ أيضاً: الشخصية النوابية: تعريفها، وأسبابها، وأعراضها، وطرائق علاجها

هل كونك شخصية مرنة اجتماعياً أمر جيد أم سيئ؟

كونك شخصية مرنة اجتماعياً أمر يمنحك العديد من المزايا، خاصةً عندما تتطلب وظيفتك التبدُّل والتأقلم مع مواقف مختلفة وأشخاص مختلفين، ومهما تكن المهنة التي اخترتها، فيجب أن تلبِّي توقعات رؤسائك في العمل، ومن ثمَّ تصبح تماماً كما يريدونك أن تكون.

لكن تكمن السلبيات عندما تلاحظ بعد فترة أنَّك لست واثقاً تماماً من شخصيتك الحقيقية؛ وذلك لأنَّك عندما تعتاد على تقمُّص شخصيات مختلفة بحسب ما يفرضه الموقف، فسيصبح من الصعب عليك تذكُّر هويتك الأصيلة عندما تكون وحدك ولا حاجة لديك إلى نيل إعجاب أحدهم أو تحقيق مكسب.

الإيجابيات:

  1. مستوى مرتفع جداً من الوعي بالإشارات والتوقعات الاجتماعية.
  2. القدرة على التكيف مع أي موقف اجتماعي.
  3. مستوى مرتفع جداً من المهارات الاجتماعية التي تساعد على كسب استحسان ورضى الآخرين.

السلبيات:

  1. الروابط والعلاقات الاجتماعية السطحية.
  2. عدم الشعور بالأمان، والشعور بأنَّك غير مقبول في حال أظهرتَ شخصيتك الطبيعية.
  3. الإرهاق الشديد بسبب الطاقة التي تُبذَل في سبيل تقمُّص شخصية مختلفة عن شخصيتك الطبيعية.

شاهد بالفيديو: أساليب تطوير الذات: 14 طريقة لتطوير مهاراتك الشخصية

7 صفات تتميز بها الشخصية المرنة اجتماعياً:

يتميز معظمنا بأنَّنا في موقع بين الشخصية فائقة المرونة اجتماعياً والشخصية المفرطة في التشبث بمبادئها؛ لذلك من المفيد فهم مزايا كل من هاتين الشخصيتين، وفيما يأتي 7 سمات للشخصية المرنة اجتماعياً، ويمكنك الاطلاع عليها لترى إن كان أي منها ينطبق عليك:

1. يعطون أولوية لترك انطباع جيد:

بمعنى أنَّ ترك انطباع مؤثِّر لدى الأشخاص الآخرين، يكون أهم بالنسبة إلى هذا النمط من الشخصيات من التصرف على عفويتهم أو الدفاع عن مبادئهم، وإذا كنت من هذا النمط، فربما تعرف هذه الحقيقة عن نفسك وليس لديك مشكلة في كونك كذلك.

فأنت تفضِّل أن تساير الآخرين بدلاً من المخاطرة بجعلهم ينفرون منك؛ لذلك من المُرجَّح أن تواري شخصيتك ومعتقداتك الحقيقية، مع افتراض أنَّك تلاحظ أنَّ شخصيتك المصطنعة تختلف عن شخصيتك الأصيلة؛ وهذا ليس أمراً يمكن أن نضمن أنَّ الشخصية المرنة اجتماعياً تعرفه.

وفي معظم الأوقات عندما تكون مُحاطاً بالناس، فإنَّك تتقمص الشخصية التي تنال إعجاب الآخرين، وتفضِّل ذلك بدلاً من المخاطرة بتلقِّي الرفض أو النقد لكونك تتصرف على سجيتك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتكون صاحب شخصيّة اجتماعيّة ومحبوبة

2. يلاحظون تصرفات الناس الآخرين في محاولة لاستنباط الطريقة الجيدة للتصرف معهم:

تعني هذه السمة أنَّك تشعر بأنَّ كثيراً من الناس يتوقعون منك التماهي مع تصورهم عمَّا هو صحيح وخاطئ في السلوك والمعتقدات، وبالإضافة إلى ذلك، أنت بارع في التقاط توقعاتهم؛ وبذلك تتمكَّن بسهولة من الاندماج والحصول على قبول المحيطين بك؛ أي أنت تُخمِّن ما يفضِّله الآخرون وأيضاً تتصرف كما يتوقعون، وهذا يجعلهم يشعرون بأنَّهم مصيبون ومحبوبون.

حتى إنَّك تستطيع التقاط سلوكاتهم ولهجاتهم والتبدل في نبرة الصوت، سواء كان ذلك بوعي أم من دون وعي، ومن ثمَّ تحاكي سلوكاتهم، وهذا يساعدك على الاندماج، وغالباً يكون من الصعب عليك أن تتصرف على سجيتك، أو ألا تبالي بما يظنه الناس عنك، وكل ما يشغل بالك هو أداؤك ونيل إعجاب الآخرين.

3. معتادون على التفكير في شيء ما ثم فعل خلاف ذلك:

يعني ذلك أنَّك تتصرف تصرفات مناقضة تماماً لما ترغب فيه، وفي حين أنَّه ربما تكون على دراية بما تشعر به، على الأقل على مستوى ما، لكنَّك تعلَّمت عدم البوح بحقيقة مشاعرك أو رغباتك؛ ولذلك لا يصفك أحدهم بأنَّك شخص يعبِّر عن مشاعره، ولا تستطيع أن تكون على هذا المستوى من الشفافية، ولا يمكنك منع نفسك من التصنع.

فكِّر في موقف يُطلَب منك التصرف فيه تصرفات لا تحبها أبداً، لكنَّك تشعر أنَّ الشخص الذي يطلب منك ذلك يريد منك أن تتصرف كما لو كنت تحب هذا التصرف بمقدار ما يحبه هو؛ لذلك ومن دون التصريح عن حقيقة مشاعرك، تبتهج وتتصرف كما يريد الآخرون، ويكون أداؤك مقنعاً لدرجة أنَّ ما من أحد يشك بأنَّك تصرَّفتَ وفق طريقة تحبها جداً، وطبعاً، لن يخمِّن أي أحد أنَّك تقاوم رغبتك الحقيقية وتبذل جهوداً مضنية لفعل ذلك.

4.   يعانون من متلازمة المحتال معاناة كبيرة:

أنت لا تجرؤ على إظهار شخصيتك الحقيقية أمام الأشخاص الذين تظن أنَّهم لن يقدِّروا ذلك؛ ولذلك تتقمص الشخصية التي تتأقلم مع كل موقف، وحتى عندما يكون لديك الفرصة لتكون على طبيعتك، فليس من السهل عليك إظهار شخصيتك الحقيقية دون تحفظات؛ فأنت تشعر دوماً أنَّك مراقب؛ لذلك تشعر دوماً أنَّك تحتال على الآخرين.

ربما لن يكون واضحاً للآخرين أنَّك تخشى إظهار شخصيتك الحقيقية، وفي حين أنَّك تُبقي شخصيتك الحقيقية متوارية، إلا أنَّك تمتلك شعوراً دائماً بالقلق من رد فعل الآخرين إذا ما انكشفت؛ ونتيجة كل هذا التكتُّم على شخصيتك الأصيلة فإنَّ الناس يرون شخصيتك المزيفة على أنَّها هي ما تكون عليه في أفضل حالاتك.

إقرأ أيضاً: الشخصية الانبساطية: تعريفها، وسماتها، وكيفية التعامل معها

5. يتكيفون بسهولة مع المهن التي تتطلب حيلاً نفسية:

إنَّ مهناً مثل السياسة أو القانون أو المبيعات أو العروض المسرحية أو الوظائف الدبلوماسية تتطلب المحاكاة ببراعة؛ وذلك من أجل الاستمرار، ولأنَّ المحاكاة ببراعة في هذا النوع من المهن تُعَدُّ نجاحاً كبيراً.

تمنحك سمات شخصيتك تفوقاً في هذه الوظائف على الأشخاص الذين يقدِّرون مبادئهم وصدقهم أكثر من سعيهم إلى تحقيق صفقة مُرضية للطرفين؛ ولا يعني ذلك أنَّك لا تهتم بالأصالة أو معتقداتك الشخصية، بل إنَّك تجيد تجاهُل هذه الأمور عندما يتطلب الموقف منك ترك انطباع جيد.

بمعنى إذا كان تحقيق النجاح في حياتك المهنية يتطلب تجاهُل تحفظاتك مؤقتاً، فإنَّك لا تتردد في فعل ذلك؛ وهذا ما يجعلك بارعاً جداً في المهنة التي اخترتها.

6. لا يمكنك الانسجام مع الشخصيات المتمسكة بشخصيتها:

إذا كان لديك أحد يمكن أن يعكِّر هدوءك المصطنع، فهم بلا شك الأشخاص الذين يمتلكون شخصيات مناقضة تماماً لشخصيتك؛ فالأشخاص المتمسكون بشخصياتهم الأصيلة، يضعون الصدق في قمة أولوياتهم، ويهتمون بهذا الجانب أكثر من ترك انطباع جيد لدى الآخرين، وهؤلاء الأشخاص لا يحاولون حتى أن يكونوا أكثر شبهاً بك.

إنَّهم يظهرون أنفسهم على حقيقتها دون مبالاة برد فعل الآخرين، ونتيجة هذا الاختلاف بينك وبينهم فإنَّهم لا يرونك مثالاً يُحتذى به، وحتى لو لم يصرحوا برأيهم عن شخصيتك، إلا أنَّك تستطيع أن تتوقع أنَّ لديهم رأياً سلبياً تجاهك، وهذا يزعجك؛ لذلك قد ترغب في انتقادهم، في محاولة منك لإثبات أنَّ أسلوبك في الحياة أفضل من أسلوبهم.

شاهد بالفيديو: 6 سمات للشّخصية المرنة اجتماعياً

7. من غير المرجح أن يلتزموا بعلاقة عاطفية لفترة طويلة:

نظراً لأنَّ علاقاتك في معظمها سطحية، ويعتمد نجاحك بصفتك تملك شخصية مرنة اجتماعياً على المحافظة على سطحية علاقاتك، من غير المُحتمل أن تلتزم بعلاقة طويلة الأمد، وإذا دخلت في علاقة فمن المستبعد أن تتمكن من تكوين رابط عاطفي قوي مع شريكك، والمُحتمل أن تتخيل أنَّ لديك علاقات مع أشخاص آخرين غير شريكك الحقيقي مع أنَّك على علاقة فعلية به.

وأنت أكثر ميلاً للخيانة من الشخصيات غير المتصنعة، ومع كل ذلك تحاول ترك انطباع بأنَّ علاقاتك أفضل من علاقات الآخرين، والسبب أنَّ التصنع في هذه الحالة ما هو إلا جزء من أسلوبك المعتمد كلياً على التصنع.

شاهد بالفيديو: 12 صفة تجعلك صاحب شخصية مثالية

كيف تستفيد من سمات شخصيتك بصفتك تملك شخصية مرنة اجتماعياً؟

إنَّ التصنع بلا شك يصبح مرهقاً عندما يبلغ حدوده القصوى، لكن توجد فرصة للنجاح مع كل هذه السلبيات؛ وذلك إذا تبنَّيت الاستراتيجيات الآتية:

  1. تخصيص بعض الوقت باستمرار لتتعرف إلى نفسك بشكل أفضل.
  2. إعطاء نفسك بعض الوقت للتعرف إلى شريكك، وأيضاً إعطاء شريكك الوقت الكافي للتعرف إليك.
  3. إعطاء أصدقائك الذين تكون بصحبتهم على طبيعتك الفرصة والوقت الكافي للتعرف إليك، وبالمثل، حاول أيضاً أن تتعرف إليهم.
  4. فعل الأشياء التي تستمتع بها، وليس ما يتوقع الآخرون أنَّك تستمتع به.

وكلما ازداد وعيك بشخصيتك المرنة، عرفت متى يكون مناسباً أن تتصرف على طبيعتك، وهذا الوقت الذي تكون فيه على طبيعتك ضروري جداً لاستعادة طاقتك والشعور بالرضى بشأن هويتك الأصيلة.

إقرأ أيضاً: الشخصية المستسلمة: تعريفها، صفاتها، أسبابها، وطرق معالجتها

هل تمتلك شخصية مرنة اجتماعياً؟

بعد أن عرَّفنا الشخصية المرنة اجتماعياً، فهل وجدت أنَّ إحدى السمات تنطبق عليك، أم أنَّك أقرب إلى التمسك بشخصيتك دون تصنُّع؟ كلا الشخصيتين لها عيوبها، ولا يمكننا القول إنَّ إحدى الشخصيتين أفضل من الأخرى.

إذا تعرفت إلى سمات الشخصية المرنة اجتماعياً، فستكون قادراً على دمج عادات الرعاية الذاتية والاجتماعية الصحية مع الحفاظ على قدرتك على التكيف؛ فمع تحقيق التوازن يمكنك الحصول على أفضل السمات لكلتا الشخصيتين.

المصدر




مقالات مرتبطة