تعريف اندماج الموظفين:
يعبِّرُ مفهوم الاندماج عن مستوى مشاركةِ الموظَّفِ، وحماسته للعمل، والمساهمة في تحقيق أهداف المؤسَّسة والفريق، فلا يتعاملُ الموظَّف المُندمِج مع العمل على أنَّه وسيلة لكسبِ المال فقط، بل إنَّهُ يجدُ فيه متعةً ومعنى، ويبذلُ ما بوسعه للمساهمةِ في نجاح الشركة.
يندفِعُ الموظَّفُ لتكثيفِ جهودِه من تلقاء نفسه دون أن ينتظر مقابلاً عندما يدركُ المعنى والهدف من عمله، كما أنَّه يلتزمُ مع الشركة ولا يسعى إلى الحصول على عروض وفرص عمل أخرى.
يساعدُ الموظَّفُ المندمِجُ زميلَه على إنهاء مهامه حتى لو اضطرَّ للعملِ لوقتٍ إضافيٍّ، كما أنَّهُ يتعامل مع الزبائنِ في نهاية الدوام بنفسِ مستوى الحماسة واللباقة في بدايته.
"يعملُ الموظَّفُ من أجل الحصولِ على عائدٍ ماديٍّ عندما تكون أولويتك تحقيق الربح، لكنَّه يندفعُ للمساهمةِ في نجاح شركتك عندما تكون أولويتكَ تحقيق رضى الموظفين". _ المؤلِّف والمتحِّدث التحفيزي "سيمون سينك" (Simon Sinek).
8 نتائج يحققها اندماج الموظفين:
يساعدُ اندماجُ الموظفين على تحقيق النتائج الآتية:
- زيادة الأرباح بنسبة 23%.
- زيادة المبيعات بنسبة 18%.
- زيادة ولاء العملاء بنسبة 10%.
- تقليل معدَّل غياب الموظفين بنسبة 81%.
- تخفيض عدد الإصابات والحوادث بنسبة 64%.
- تخفيض معدَّل السرقات بنسبة 28%.
- تخفيض معدَّل دوران العمالة بنسبة 18% في المؤسسات التي يكون معدَّل الدوران فيها مرتفعاً.
- تخفيض معدَّل دوران العمالة بنسبة 43% في المؤسسات التي يكون معدَّل الدوران فيها متدنياً.
أهمية اندماج الموظفين:
يرتفعُ مستوى اندماج الموظفين مع زيادةِ حماستهم والتزامهم مع الشركة، وهو ما يؤدِّي بدوره إلى تحسينِ الأداء وإنتاجيَّة العمل.
استراتيجية اندماج الموظفين:
تهدف استراتيجيات اندماج الموظفين إلى تعزيز الارتباط العاطفي للموظَّف مع المؤسَّسة التي يعمل بها بغيةَ تحسين الأداء، والمبيعات، والأرباح، وتخفيض معدَّل دوران العمالة، وزيادة التزام الموظَّف مع الشرِكة.
بيَّنَت نتائج أحد استطلاعات مؤسسة "فوربس" (Forbes) أنَّ اندماجَ الموظفين عاملٌ حاسمٌ في نجاح الشركة بالنسبة إلى حوالي 90% من المديرين، ولكِنْ أقرَّ 75% منهم بعدم وجود استراتيجية اندماج في الشركة.
بيَّنَ أحد أبحاث شركة "زينفيتس" (Zenefits) أنَّ 63.3% من الشركات تواجهُ صعوبةً في الاحتفاظ بالموظفين أكثر من استقطابهم، وهنا تبرزُ أهميَّة خططِ اندماج الموظفين في نجاح الشركة على الأمدِ الطويل.
4 عناصر أساسيَّة في خطط اندماج الموظفين:
كل الخطط الموضوعة لاندماج الموظفين تتألف من العناصر التالية:
1. المقياس المستخدم في تقييم مستوى اندماج الموظفين:
يمكنُ أنْ تتمَّ عمليَّة التقييم باستخدام استطلاعات الرأي، أو عن طريق إجراء مقابلات مع مستشارين من خارج الشركة.
2. أهداف محدَّدة وقابلة للقياس:
يمكن أنْ يضمَّ هذا العنصر مقاييسَ تقدِّرُ عدد مرَّات إجراء نشاطات الاندماج، ومقدار الزيادة في معدَّل استبقاء العمالة، أو أي نهجٍ آخر تستخدمه لقياس النتائج كميَّاً، وتقييم مدى نجاح الجهود المبذولة في تحقيق النتائج المرجوة.
3. ميزانية خاصة بمبادرات اندماج الموظفين:
تركِّزُ معظم خطط اندماجِ الموظفين على التطبيقات والأفعال، ولكنْ يُنصَحُ بالتطرُّق إلى تمويل النشاطات والإجراءات أيضاً.
4. أساليب تعزيز اندماج الموظفين:
هل ستكون الأساليب موحَّدة بين جميع الموظفين، والفِرَق، والأقسام؟ كيف سيجري دعم طاقم الإدارة خلال العملية؟
إعداد استراتيجية فعالة لاندماج الموظفين:
يشرح "جاك زينغر" (Jack Zenger) الرئيس التنفيذي لشركة "زينغر_فولكمان" (Zenger/Folkman) أنَّهُ ثمَّة سلوكات محدَّدة تميِّز القائد الناجح عن نظيره الفاشل.
يؤثِّرُ المديُر بشكلٍ مباشرٍ في مستوى اندماج الموظفين ورضاهم عن العمل، لهذا السبب يجب أن يطَّلع على خطوات إعداد استراتيجيات الاندماج في مكان العمل.
7 خطوات لتعزيز اندماج الموظفين في العمل:
لا بد من اتباع الخطوات التالية لتعزيز اندماج الموظفين:
1. توضيح مساهمة الشركة:
لكلِّ شركة رسالة وقصَّة تعبِّر عن أهدافها ومساهمتها في المجتمع، ويمكنُ تعزيز ارتباط الموظفين مع المؤسسة عن طريق سرد هذه القصص، وتوضيح المساهمة التي تقدِّمها المؤسسة لعملائها.
يجبُ أنْ يفهمَ الموظَّفُ القيمَ الأساسيَّة للشركة، والتغييرَ الذي تُحدِثَه في حياة العميل؛ لكي يساهمَ في ترويجها، واستقطابِ مزيدِ من العملاء، واستقدامِ المواهب والخبراء إلى مكان العمل.
أي؛ يجبُ توضيح الهدف من المنتجات والخدمات عن طريق رواية التجارب والحالات التي ساهمَتْ فيها هذه المنتجات في خدمة المجتمع، وتحسينِ حياة الآخرين.
يمكنُ أنْ تحكيَ هذه القصص عن تكنولوجيا أنقذَتْ حياة أحدهم، أو ساعدت على إلقاءِ القبض على الخارجين عن القانون على سبيل المثال، وهي تؤدِّي دوراً بارزاً في زيادة اندماج الموظفين مع الشركة.
كما يمكنُ التركيز على هدف الشركة أكثر عن طريق إضافة بيان رسالتها إلى توقيع البريد الإلكتروني، وطباعته على ملصقات توضع في غرفة الاستراحة، وذكره في النشرات الإخبارية الخاصَّة بالموظفين على سبيل المثال.
2. بناء الثِّقة:
بيَّنَتْ نتائج إحدى دراسات مجلَّة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنَّ 58% من الموظفين يثقون بالغرباء أكثر من مديرهم بالعمل، وهو عاملٌ مؤثٌِر جدَّاً في مستوى اندماجهم، وتكمن المشكلة في أنَّ موظَّفاً واحداً غير مندمجٍ يؤثِّر في ارتباط أعضاء الفريق ومستوى التعاون فيما بينهم.
يمكنُ أنْ يخصِّصَ المديرُ بعضَ الوقت لإجراء اجتماعات فردية مع كلِّ موظَّفٍ على حِدَةٍ؛ لكي يوثِّقَ علاقتَه معهم، ويُثبتُ هذا التواصل المنتظم اهتمامَ المدير بموظفيه على الصَّعيد الشخصي، ومتابعته لإجراءات العمل في الشركة، ويمكن أنْ يتمَّ ذلك عن طريق إجراء اجتماعات دوريَّة لتقييم سير العمل، ومتابعة الموضوعات التي أشار إليها الموظفون مسبقاً.
إذا ذكرَ الموظَّفُ فكرةً أو منهجيَّة جديدة للتعامل مع مشكلة ما، عندئذٍ يمكنك أن تسأله عنها في الاجتماع التالي بطريقة ودية، وتستعلم عن نتائج تطبيقها إذا أتيحتْ له فرصة تجريبها على أرض الواقع.
يمكنُ أنْ يواجهَ المدير صعوبةً في تخصيص الوقت اللازم لبناء الثِّقة مع كلِّ موظَّف على حدة، وفي هذه الحالة، يُنصَح بتطبيق نشاطات جماعية لبناء الثقة ولتكن ألعاباً، أو مشاريعَ، أو تمريناتٍ لتلطيفِ الأجواء في أثناء الاجتماعات.
يمكنُ تحسين العلاقات مع الموظفين عن طريق تخصيص بعض الوقت للاجتماع معهم، فبناء الثِّقة ضروري لتحسين نتائج العمل على مستوى الشركة.
3. بناء مجتمع تعاوني ضمن الشركة:
تؤدِّي المنافسة المستمرَّة بين الموظفين إلى زيادة شعورهم بالتوتر ونفورهم من العمل، ويقتضي الحلُ نسبَ الفضلِ في تحقيق الأهدافِ إلى الجهود المشتركة، بمعنى أنَّ نجاح المؤسسة قائمٌ على تضافرِ الجهود التي يبذلُها جميع الموظفين.
تتيحُ هذه البيئة التعاونية إمكانيَّة تبادلِ الأفكار، وتقديرِ الجهود المشتركة؛ ما يؤدي إلى زيادة مستوى اندماج الموظفين ومساهمتهم في نجاح الشركة.
شاهد بالفيديو: 8 طرق لتحسين التعاون بين أقسام الشركة
4. تحقيق الاندماج قولاً وفعلاً:
قد يتحدَّث المدير مطوَّلاً عن محاسن الاندماج، لكنَّه لا يبدو مقتنعاً به، ولا يطبِّق مبادئه في مكان العمل، فيفقد احترام موظفيه، وتنتشرُ سلوكاته بين العاملين في المؤسسة.
يجب أنْ يؤمنَ المديرُ برسالة الشركة وأهدافها من صميم قلبه، ويلتزم بالسلوكات التي يريد أنْ ينقلَها إلى موظَّفيه، فالمدير يلهمُ موظَّفيه وينقلُ إليهم شغفه بالعمل عبر سلوكاته.
تزدادُ فاعليَّة المدير وقدرته على بناء فِرَق عالية الأداء عندما يدركُ قدرات الموظفين، والمهارات التي تنقصهم، والفرص التي تساعدهم على تحقيق التنمية المهنية.
5. تنمية قدرات أعضاء الفريق:
يسعى الفردُ إلى الاستمتاعِ بالأعمال التي يقوم بها في الشركة، واستثمارِ الفرص التي تساعده على تنمية إمكاناته ومواهبه، كما أنَّه يُقبِلُ على خوض التحديات في العمل ويحتفي بها شريطة ألا تنهكه وتستنزف طاقاته، فقد بيَّنَت نتائج الأبحاث العلمية أنَّ معدَّلات استبقاء العمالة تزدادُ عندما يتسنَّى للموظَّف أنْ يستثمرَ مواهبَه، ومهاراته، وخبراته في العمل، لكنَّه في المقابل يبحثُ عن وظيفةٍ جديدة عندما لا تتاحُ له فرصة تنمية إمكاناته.
إذاً؛ يجبُ أنْ يبذلَ المديرُ ما بوسعه لتحديدِ إمكانات الموظفين، وإسناد المهام التي تساعدهم على تنميتها قدر الإمكان، وينجحُ المديرُ في زيادة ثقة الموظفين بكفاءاتهم المهنية عندما يتيح لهم فرصة تحسين مهاراتهم، وتحقيق تنمية المواهب والتقدُّم على صعيد العمل.
طرق عملية لدعم التنمية المهنية للموظفين:
- تقديم المِنَح التعليمية.
- التكفُّل بمصاريف حضور المؤتمرات الخاصة بقطاع العمل.
- التشجيع على تنمية المهارات الناعمة وتمويل برامج التدريب الخاصة بها.
- إعداد برنامج منتورينغ ضمن المؤسسة.
- التعاقد مع متحدِّثين من خارج الشركة؛ لتحديث مهارات الموظفين، ومساعدتهم على التفكير الإبداعي والمتنوِّع.
- إنشاء مناصب إضافية في الهيكل التنظيمي للشركة؛ بغية الاحتفاظ بالموظفين في أثناء تقدُّمهم المهني.
- مساعدة الموظفين على تجنُّب حالة الاحتراق الوظيفي.
6. التواصل الواضح والدوري:
يرتفعُ مستوى رضى الموظَّف واندماجه في العمل عندما تكون النتائج محدَّدة بدقة، لكنَّه أيضاً يشعرُ بالإحباط والضياع عندما لا تكون الأهداف واضحةً ودقيقةً.
يؤدِّي الوضوح من ناحية أخرى إلى تحسن معنويات الموظفين والإنتاجية في مكان العمل، وهو ما يؤدِّي بدوره إلى رفع سوية الشَّركة دون الحاجة إلى إنفاق المال.
درسَت مؤسسة "غالوب" (Gallup) اثني عشَرَ من الاحتياجات المختلفة للموظفين، وقد تصدَّرَ بندُ "معرفة النتائج المطلوبة من العمل" هذه القائمة، كما تبيَّنَ أنَّ نصف الموظفين يعرفون النتائج المطلوبة منهم في العمل.
يمكنُ أنْ تشهدَ المؤسَّسة انخفاضاً يُقدَّر بحوالي 22% في معدل دوران العمالة، و29% في حوادث السلامة، وتزايداً مقداره 10% في إنتاجية العمل عند زيادة هذه النسبة إلى 8/10.
يمكنُ زيادة حماسة الموظفين واندماجهم في العمل؛ عن طريق توضيح دورهم ومساهمتهم في تحقيق الأهداف على مستوى الشركة، ويشعر الموظف بهذه الطريقة أنَّ ثمَّة معنى وفائدة حقيقية من الجهود التي يبذلها، وهو ما يساعد على إلهامه وتحسين أدائه، فضلاً عن دور النتائج المحدَّدة بدقَّة في تنظيم إجراءات العمل وتوضيح كافة مراحل التنفيذ.
7. قبول اختلافات أعضاء الفريق:
لا توجدُ طريقةٌ واحدةٌ لحلِّ مشكلةٍ ما في معظم الحالات، لهذا السبب يُنصَح باستشارة الموظفين وطلب آرائهم وأفكارهم، فأنت غير مضطرٍّ لتطبيق أفكار الموظفين، ولكِنْ ينبغي أنْ تطلبَ رأيهم، وتأخذَ أفكارهم على محمل الجدِّ، وتحترمَ مقترحاتهم وتقدِّر مساهماتهم.
يجب أنْ تركِّزَ على عنصر التنوُّع عند تشكيل فريق العمل من أجل تعزيز التفكير الإبداعي بين الأعضاء، وتكوين فريقٍ متكاملٍ، ويمكن أنْ يظهَر هذا التنوُّع في التجارب الحياتية، والثقافات، والخلفيات المهنية، وهو يساعدُ على زيادة فاعلية العمل، والقدرة على التفكير الإبداعي والتحليلي عند حلِّ المشكلات ضمن إطار الفريق.
في الختام:
تتجه معظم الشركات للاهتمام باندماج الموظفين بغية تحسين أداء العمل وزيادة الإنتاجية والأرباح، ولقد قدَّمَ الجزءُ الأوَّل من المقال 7 خطوات لزيادة اندماج الموظفين في العمل، ويبحثُ الجزء الثاني والأخير في مجموعة من الطرائق التي تطبِّقها الشركات في مكان العمل لهذا الغرض.
أضف تعليقاً