7 أنماط تفكير تشوِّه الواقع

هل تستخدم أفكارك لإنشاء الحياة التي تريدها، أم أنَّ الطريقة التي تفكِّر فيها تؤثر تأثيراً سلبياً في حياتك؟ إذ يقع معظمنا ضحية لأنماط التفكير السلبية والضعيفة التي تسلبنا الفرح وتتسبَّب لنا في معاناة لا داعي لها، فإذا كان الأمر ينطبق عليك، فلا داعي للشعور بالضيق، فالحياة لا تأتي مع دليل يُخبرنا كيف نتحكَّم بأفكارنا، والمدارس لا تعلِّمنا هذه الأمور.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "تيبو موريس" (Thibaut Meurisse)، ويحدِّثنا فيه عن 7 أنماط تفكير نستخدمها لتشويه الواقع.

في هذا المقال، سوف أشارك 7 أنماط فكرية شائعة تجعلنا نرى المواقف بطريقة خاطئة وسلبية من شأنها أن تسبِّب البؤس والألم والمعاناة، فتأكَّد من أنَّك لا تخرِّب حياتك بهذا النوع من التفكير، وإذا كنت كذلك فاكتشف السبب.

1. التركيز على الجانب السلبي والتغاضي عن الإيجابي:

إنَّه لأمر مدهش كيف يمكن أن نكون قاسين على أنفسنا، وهذا يجعل من السهل نسيان الأشياء الجيدة في الحياة، فهل تجد نفسك تركِّز باستمرار على الجوانب السلبية لكل ما تفعله، أو على أجزاء من نفسك تجدها غير مرغوب فيها؟ فإذا كان الأمر كذلك، فأنتَ لست وحدك، فهناك كثير من الأشخاص الآخرين مثلك، فعلى سبيل المثال قد تتلقَّى مديحاً فيما يتعلَّق بخطاب ألقيته وتفكِّر فيه: "بالتأكيد، يقولون إنَّ كلامي كان جيداً، لكن هذا فقط لأنَّهم لطفاء جداً، ولا يريدون إخباري بالحقيقة"؛ إذ يمكن أن تكون هذه العقلية ضارَّة جداً، لأنَّها تقوِّض دافعك وتبرِّر لك الاستسلام والتوقُّف عن المضي قدماً.

وفيما يأتي قائمة بالنصائح التي يمكن أن تساعدك على التركيز على الجوانب الإيجابية وتصبح أكثر موضوعية وأقل تشكيكاً في إنجازاتك:

  1. تقبَّل المجاملات، ولا تضيِّع طاقتك في التشكيك في صدق أولئك الذين يظهرون التقدير لك.
  2. اكتب جميع التعليقات الإيجابية التي تتلقَّاها من الآخرين وراجعها كلما شعرت بالضعف.
  3. تأمَّل في كل ما أنجزته في حياتك واعمل قائمة به، وراجع القائمة كلما شعرت بالحاجة إلى ذلك.

2. افتراض أنَّ مشاعرك صحيحة دائماً:

هل تشعر بأنَّك فاشل لأنَّك رسبتَ في الامتحان؟ هل تعتقد أنَّك تشعر بالخجل لأنَّك لم تكن قادراً على إنجاز شيء كنت تنوي القيام به؟ بصرف النظر عن مقدار واقعية مشاعرك، فهي مجرد مشاعر، فقد تشعر بأنَّها قوة، لكنَّ العواطف لا علاقة لها بالواقع؛ إذ إنَّها نتيجة تفسيراتك سواء كانت واعية أم غير واعية لما يحدث لك.

لذا، تعلَّم أن تنأى بنفسك عن مشاعرك، وتجنَّب قول "أنا"، وحاول وصف مشاعرك بأوصافٍ مختلفة، فبدلاً من قول: "أنا غاضب"، قل: "أُعاني من الغضب" لفصل نفسك عن مشاعرك؛ إذ إنَّ تحديد المشاعر يقلِّل من استجابة اللوزة الدماغية، وهي الجزء من الدماغ المسؤول عن الاستجابة الفيزيولوجية الغريزية لحالة مهددة، والتي تثير في المرء استجابة الكر أو الفر، كما أنَّه يزيد من نشاط قشرة الفص الجبهي، وهذا يُساهم في التفكير العقلاني، فلا تحاول قمع مشاعرك؛ بل اعترف بها وراقبها قدر الإمكان.

3. الاعتقاد بأنَّك تفهم الآخرين:

أنت تفترض أنَّك تعرف ما يعتقده الآخرون عنك، ومن الأمثلة على ذلك أن تقرِّر أنَّ زميلك في العمل هادئ، ولا يتكلَّم كثيراً؛ لأنَّه يكرهك، وقد تقول: "أنا أعرف كيف يراني؛ إذ إنَّني رأيت الطريقة التي نظر بها إليَّ"، وفي الحقيقة أنت لا تعرف ما يعتقده هذا الشخص عنك، ولا يمكنك أن تفترض بدقة ما يعتقده أي شخص؛ لذا توقَّف عن إنشاء الافتراضات.

فقد يكون زميل العمل هذا خجولاً أو لديه مشكلات لا تعرفها، فقد أساء الناس فهم كلامي أو أفعالي أو موقفي في مناسبات عديدة، فإذا كان في إمكان الآخرين أن يخطئوا في الحكم علينا بهذه السهولة، فيمكننا بنفس السهولة أن نخطئ في الحكم عليهم، فعندما تحاول قراءة أفكار شخص آخر، فأنت تقوم فقط بإسقاط أفكارك عن نفسك عليه، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تنتقد نفسك بشدة، فمن المُحتمل أن تتخيَّل أنَّ الأشخاص من حولك ينتقدونك بشدة أيضاً، وعندما يحدث هذا فإنَّك ترى العالم على ضوء ما تعتقد بأنَّه الواقع، ويمكن أن يتسبَّب ذلك في إنشاء عالم تشعر فيه أنَّ الزملاء أو الأصدقاء لا يقدِّرونك.

الأسوأ من ذلك، يمكن أن تصبح هذه المشاعر نبوءة تُحقِّق ذاتها، فعندما تفكِّر أنَّ شخصاً ما لا يحبك، فمن المُحتمل أن تتصرَّف تصرُّفاً مختلفاً معه، وهذا وحده قد يتسبَّب في كراهيته لك؛ إذ يمكن أن يؤدي سوء التواصل والافتراضات غير الدقيقة إلى إحداث فوضى في العلاقات، فإذا كنت تريد بصدق أن تعرف ما يعتقده الناس عنك، فاسألهم، وبنفس الوقت، لا تتوقع أن يعرف الناس في حياتك ما تفكِّر فيه.

4. عدم التفريق بين الواجبات والضروريات:

خُذ ورقةً واكتب خمس جمل تبدأ بعبارة "عليَّ أن"، ومن ثمَّ اسأل نفسك لماذا تعتقد أنَّه عليك القيام بهذه الأشياء؟ فالكلمات التي نستخدمها كل يوم لها تأثير هائل في حياتنا، فقد تبدو كلمات مثل "علي أن" أو "يجب" غير ضارة، ولكنَّها تحدُّ من خياراتنا في الحياة، فإذا كان لديك الكثير من الأشياء في حياتك، فهذا يعني عادةً أنَّه لديك الكثير من التوقعات فيما يتعلَّق بالطريقة التي يجب أن تتصرَّف بها.

تنبع هذه التوقعات من معتقداتك، والتي غالباً ما تكون نتيجة لما أخبرك به والداك أو المجتمع أنَّه يجب عليك القيام بها، فإذا كان نظام المعتقدات هذا لا يتوافق مع من أنت، فإنَّك تخاطر بأن تكون خاضعاً للتوقعات، و"الواجبات"، و"الضروريات"، وكل ذلك يحدُّ من السعادة.

فإذا لم تتصرَّف بالطريقة التي يجب أن تتصرَّف بها، فمن المُحتمل أن تعاقب أو تجلد ذاتك، وهذا هو السبب في أنَّ عبارة "من الممكن" هي الاختيار الأفضل؛ إذ يمكنها أن تمنحك مزيداً من الحرية في الأمور، فبدلاً من أن تقول: "كان يجب أن أفعل ذلك"، يمكنك أن تقول: "كان في إمكاني فعل ذلك".

5. التعميم المفرط:

تتضمَّن التعميمات المفرطة أفكار مثل: "لقد فقدت وظيفتي؛ لذا لن أجد وظيفة مرة أخرى"، أو "أفعل الشيء الخطأ دائماً"، فاحذر عندما تجد نفسك تستخدم كلمات، مثل: أبداً، أو دائماً، أو طوال الوقت فمن المُحتمل أنَّك تفرط في التعميم، فهذه العبارات الثلاث مطلقة لدرجة أنَّها نادراً ما تكون وصفاً دقيقاً للواقع.

في كثير من الأحيان، تكون نتيجة تفسيرات ذاتية، والتي يمكن أن تكون مدمِّرة جداً، وأوصيك أن تبدأ في ملاحظة الطريقة التي تستخدم بها هذه الكلمات عندما تتحدث إلى نفسك وإلى شريكك أو أشخاص آخرين؛ إذ لا تُستخدَم هذه الكلمات عادةً إذا كنت ترغب في إنشاء علاقات متناغمة.

شاهد: 5 طرق تفكير سلبية عليك تجنبها اليوم

6. وجود سلسلة من ردود الفعل تجاه الأفكار السلبية:

هل سبق لك أن استغرقت وقتاً لتحليل ما حدث بالضبط في المرة الأخيرة التي شعرت فيها بالاكتئاب؟ ففي معظم الأحيان، يكون سبب اكتئابنا هو فشلنا في إيقاف سيل الأفكار السلبية، ولسوء الحظ، مجرد فكرة سلبية واحدة تبدو غير هامة يمكن أن تكون كافية لإنشاء سلسلة من ردود الأفعال تتحوَّل إلى دوَّامة من الأفكار السلبية.

في يوم عندما كنت حزيناً قليلاً، سألت نفسي عن السبب وحاولت تحديد المُسبِّب الرئيسي، وسرعان ما أدركت أنَّ سبب سوء مزاجي كان فكرة تافهة لم أكن حتى على دراية بها، فعلى سبيل المثال، سيؤثر ألم الركبة سلباً في مزاجي لدرجة أنَّني أتَّجه إلى أنماط التفكير المدمِّرة بأسلوبٍ أسرع ممَّا يمكنني التعامل معها.

لذلك، حلِّل أفكارك الأخيرة، وحاول تحديد أول شيء أثار مشاعرك، فهل كان سبباً منطقياً؟ ومن فضلك لا تعذِّب نفسك بأسوأ نسخة من نفسك وحياتك من خلال تركيز طاقتك على جميع مشكلاتك دفعة واحدة، فعندما يتم التعامل معها بصورة فردية، فإنَّ معظم المشكلات ليست بهذه الأهمية.

إقرأ أيضاً: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح

7. إضافة رأيك إلى الحقائق:

إذا تمسَّكنا بالحقائق عند التفكير في الأمور، فسوف نتجنَّب كثيراً من الحزن، ومع ذلك فإنَّنا غالباً غير قادرين على تجنُّب إضافة تعليقاتنا وآرائنا الصغيرة إلى الحقائق المطروحة، وبالنسبة إلى معظمنا، تكون هذه التعليقات والآراء سلبية، وتعمل فقط على جعلنا نشعر بالسوء.

إقرأ أيضاً: التفكير السلبي: أسبابه وطرق التخلص منه

في الختام:

إليك طريقة رائعة للتوقف عن تدمير النفس بالآراء المدمرة ونقد الذات، وهي أن تمارس لعبة فصل الحقائق عن الآراء في حياتك اليومية، فعندما تكون قاسياً على نفسك، اسأل نفسك ما إذا كانت الأشياء التي تخبرها لنفسك حقائق أم آراء؟ ويمكنك توسيع نطاق هذه اللعبة للآخرين أيضاً، فعندما ينتقدك الناس، اسأل عمَّا إذا كان الشخص المعني يخبرك بحقيقة عنك أو يعطيك رأيه.

المصدر




مقالات مرتبطة