ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "ماندي هولجيت" (Mandie Holgate)، والذي تُحدِّثنا فيه عن بعض الطرائق التي تساعدنا على التخلُّص من القيود التي نفرضها على أنفسنا.
ولنأخذ مثالاً إيكاروس (Icarus)، والذي قال مقولته الشهيرة: "كل الحدود مفروضة ذاتياً"؛ ومع أنَّ "إيكاروس" عظيم من الناحية النظرية، لكن تثبت محاولة الطيران عالياً جداً نحو الشمس بأجنحة مصنوعة من الريش والشمع أنَّ بعض الحدود جيدة، ويجب الانصياع لها.
إحدى المشكلات التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين هي صعوبة التمييز بين القيود الجيدة التي تحافظ على سلامتنا، والقيود التي تعيقنا وتقتل سعاداتنا ونجاحاتنا وحتى صحاتنا؛ لذا يتعين عليك تعلُّم كيفية تحطيم هذه القيود للاستمتاع بفوائد التحرُّر.
فيما يلي 7 نصائح لكسر الحدود والقيود التي تفرضها على نفسك:
1. راقب أفكارك:
ما تعتقد أنَّه سيحدث هو ما سوف يحدث بالفعل، فما تفكر به يؤثر في قدرتك على التفكير بفاعلية، وبذلك أنت تحبس نفسك في نوعية تفكيرك.
لقد عملت مع عميل أكَّد لي تأكيداً قاطعاً أنَّه لا يوجد شيء يمكن القيام به لتحطيم القيود؛ ولكنَّه لم يعلم أنَّ أول شيء يجب أن تفعله هو تحطيم إيمانك بها، واعلم أنَّك لست مضطراً إلى معرفة كيفية القيام بذلك؛ إذ يجب عليك فقط أن تتقبَّل أنَّ هناك طريقة تسمح لك بكسر القيود؛ ففي دراسة أُجرِيت في مجال الكيمياء الحيوية حول هذا الأمر، نظر الباحثون في موضوع أنَّ "الإنسان نِتاج ما يؤمن به" -وهو اقتباس للكاتب الروسي "أنطون تشيخوف" (Anton Chekhov)-، فاكتشفوا أمثلة حول كيفية تأثير الأفكار التي تؤمن بها عقولنا في أجسامنا ونتائجنا في الحياة؛ وهذا ما صرحوا به:
"تتسِّم المُستقبِلات على أغشية الخلايا بالمرونة، ممَّا قد يغيِّر من حساسية الخلايا وتكوينها، أو بعبارة أخرى، حتى عندما نشعر بأنَّنا عالقون عاطفياً، تكون هناك احتمالية كيميائية حيوية للتغيير والنمو المحتمَل، وعندما نختار تغيير أفكارنا (بخلق اندفاعات من المواد الكيميائية العصبية)، نصبح منفتحين ومتقبلين لأجزاء أخرى من المعلومات الحسية التي كانت تحجبها معتقداتنا! وبالتالي، عندما نغيِّر تفكيرنا، نغيِّر معتقداتنا، وعندما نغيِّر معتقداتنا، نغيِّر سلوكنا"؛ لذا، سواءٌ صدَّقت ذلك أم لا، فهو حقيقة؛ إذ يمكنك دائماً التحرُّر وكسر الحدود.
في كتاب عالم الأعصاب "جو ديسبنزا" (Joe Dispenza)، "أنت العلاج الوهمي: كيف تجعل عقلك مسيطراً؟" (You Are the Placebo: Making Your Mind Matter)، ينظر "ديسبنزا" في الحالات التي تغلَّبت فيها قوة الذهن على ما يحدث في الجسم، فيلقي نظرة على قصة طبيب في الحرب العالمية الثانية يُدعى "هنري بيتش" (Henry Beech) الذي وقع في مأزق فظيع إذ نفد المورفين الذي كان يُسكِّن به آلام الجنود، فحقَن الجنود بمحلول ملحي غير ضار كنوعٍ من العلاج الوهمي، وكان المدهش أنَّ الجنود استكانوا وشعروا بألمٍ أقل لأنَّهم اعتقدوا أنَّهم قد أخذوا مسكناً حقيقياً! أرأيت إلى أي مدى قوَّة العقل فعالة وقوية التأثير؟
ومجدداً، ليس عليك أن تؤمن إيماناً مطلقاً بأنَّ أمر ما صحيح، بل يجب أن تكون منفتحاً على الفكرة فقط.
شاهد بالفيديو: 7 طرق للحفاظ على القوة الذهنية
2. انتبه لما تقوله:
قال "شيلدون" الممثل الرئيس في المسلسل الأمريكي "نظرية الانفجار العظيم" (The Big Bang Theory): "كثيراً ما أنسى أنَّ الآخرين عليهم قيود، هذا محزن للغاية".
وهو محق في هذا، فمن واقع خبرتي، كثيراً ما يكون للقيود التي لا يمكنك لحظها التأثير الأكبر، كالقيود التي تفرضها على نفسك من خلال التفوُّه بالعبارات السلبية.
لقد وضعت سؤالاً على وسائل التواصل الاجتماعي عن العبارات التي يكرهها الجميع، فتلقيت أكثر من 150 تعليقاً في غضون ساعات قليلة، ثم سألت: "ما هي الأقوال التي تحبها؟"، فوجدت صعوبة في الحصول على 8 تعليقات في غضون أيام!
المفارقة هي أنَّ العبارات السلبية تمنعك من تحقيق الأشياء العظيمة، بينما تعزِّز العبارات الإيجابية قدرتك على تحقيق ما ترغب فيه؛ لذا يجب أن تتعلم الانتباه لما تقوله.
"كلير" هي قائدة فريق مرموقة للغاية، ولقد أثَّرت جائحة كورونا في عملها كما أثَّرت في الكثيرين، أدركت "كلير" أنَّها محاطة بأناسٍ يقولون عبارات سلبية، مثل:
- "هناك الكثير من العمل، وينبغي علينا العمل خلال عطلة نهاية الأسبوع".
- "أنا لا أجيد العمل بمفردي، لا يمكنني فعل ذلك".
- "هذا ليس خطئي؛ فتكنولوجيا الأقسام الأخرى ليست جيدة".
- "لا نملك خياراً بشأن هذا".
عندما تسمع إحدى هذه الأقاويل المُقيِّدة، فعليك أن تتساءل:
- هل هذا صحيح؟
- ألا يوجد شيء يمكن فعله؟
- هل تساءلت إن كانت هناك طريقة أفضل للقيام بالأمور؟
إذا لم تكن هناك طريقة أفضل لمحاولة التحرر من هذه القيود، فستكون هناك طريقة أفضل على الأقل للتعامل معها بطريقة لا تتسبَّب في تقييد العمل.
ولقد كان فريق "كلير" أفضل مثال على هذا، فلقد أخذنا كل بيان أدلى به الفريق وشكَّكنا في صحته.
ولقد رأينا أنَّ بعض الناس كانوا يعتقدون أنَّ من الممكن أن تكون هناك طريقة جديدة للعمل (من خلال عمليات وتواصلات جديدة)، بينما يتعيَّن على آخرين تبنِّي طريقة جديدة في التفكير؛ إذ كانوا يعتقدون اعتقاداً راسخاً أنَّه ما لم تنتهِ الجائحة، فسيكونون عالقين في الجحيم.
3. امتلك عقلية النمو:
لتغيير العبارات التي تساهم في إنشاء القيود، عليك أن تنظر إلى نفسك بمزيدٍ من التفصيل؛ ومن المؤسف أنَّ بعض الناس يتمسكون بمعتقداتهم ولا يقبلون التغيير أو حتى الإيمان بأنَّ هناك طرائق مختلفة للعيش والعمل غير تلك التي يتمسكون بها، بينما ينمِّي آخرون عقلية النمو بصورة طبيعية، ويقبلون التفكير بطريقة تساعدهم على استكشاف أفكار جديدة.
فإذا كنت لا تستطيع تخيُّل التخلص من القيود التي تفرضها على ذاتك، فتعلَّم كيف تُصغي أكثر إلى نفسك، إذ يتمكَّن كل شخص يتبنَّى عقلية النمو من فعل ذلك من خلال تحطيم القيود وكسر الحدود.
نقدم فيما يلي بضعة استراتيجيات لتطوير عقلية النمو إذا كنت تمتلك عقلية ثابتة:
- ابحث عن قدوة: ليس شرطاً أن تقتدي بأولئك الذين يمتلكون عقلية نمو بالفعل، ولكن يمكن أن تقتدي بمن هم مثلك ممَّن يسعون إلى الحصول على الحياة التي يريدونها.
- فكِّر فيما تلحظه بشأن هذه النماذج التي تحتذي بها: سواء كانوا يتحمسون للدُرجة السائدة، أم كانوا أشخاصاً منظمين، أم يحبون التحدُّث أم لا.
- افهمهم جيداً: سيكون إجراء محادثة معهم أمراً مفيداً للغاية؛ لذا تحلَّ بالشجاعة وافعلها، وسوف تندهش من مدى رغبة الناس في المساعدة.
- اكتب العبارات التي تقولها واسأل نفسك ما إذا كانت جيدة أم سيئة لنجاحك: ينطبق هذا على جميع العقليات، وقد يقول الأشخاص ذوو عقلية النمو أشياءَ تحدُّ من قدراتهم على الحصول على ما يحتاجون إليه، ربما يفترض هؤلاء ألا قيود لديهم؛ لكنَّهم يعتقدون أنَّ مهاراتهم لا تتوافق مع مع عقليتهم النامية؛ لذا يجب عليك الانتباه جيداً لما تقوله لأنَّه يؤثر في واقعك أيَّما تأثير.
- تحدَّ واسأل: تكمن قوة بالغة في الأسئلة؛ لقد كان "دافنشي" (Da Vinci) من محبي الأسئلة؛ ولكنَّ يجب ألَّا تجبر نفسك على الإجابة، بل استكشف رأيك فحسب. وكلما زاد عدد الأسئلة التي يمكنك طرحها، كانت جودة أفكارك أفضل.
- ابدأ بالطريقة التي تناسبك: ليس من الجيد أن أخبرك بأن تبدأ بعملٍ صغير إذا كنت تحب أن تكون مشغولاً للغاية، وربما ترتبك للغاية وتعجز عن القيام بأي شيء إذا أخبرتك أن تعمل كثيراً.
- سِر بوتيرة تناسبك ولكن بصرف النظر عن أي شيء، احرص على جدولة خطة عمل في حياتك: حتى الأمور المعنوية تحتاج إلى وقت لإنجازها؛ فضَع في خطَّة عملك شيئاً مثل "استكشاف تأثير هذا الفكر في جودة العمل خلال الأسابيع الأربعة المقبلة"؛ ولكن إذا لم تدوِّن هذه الأمور، فلن تمنحها الأولوية.
4. لا تستخدم عبارات مثل "لا أستطيع" أو "لا يمكنني":
نحن نركز على الأمور السلبية للحفاظ على سلامتنا، وهذا ما يُعرف باسم "الانحياز إلى السلبية"، لقد كان الانحياز إلى السلبية وسيلة ناجحة لنا نحن البشر منذ بداية وجودنا، والمشكلة هنا هي أنَّ أدمغتنا قد تخدعنا لتصديق ما تقوله لنا.
عندما تبدأ في التركيز على العبارات التي تستخدمها؛ ابحث عن هذه الكلمات الأربع الآتية:
- أحاول.
- لا أستطيع.
- لن أفعل.
- ينبغي.
تستولى هذه الكلمات على قدرٍ كبير من عقلك وتمنعك من كسر الحواجز التي تفرضها على نفسك؛ تنتاب البشر جميعاً الكثير من المخاوف، بدءاً من أصحاب المليارات إلى الطلاب، ومن المديرين التنفيذين إلى الأفراد السعداء والأصحاء الذين يعيشون الحياة على أكمل وجه؛ ولكن بمجرد أن تبدأ في تحديد الكلمات التي تتفوَّه أو تفكِّر بها، يمكنك تغيير نتائجك.
تشير كلمة "أحاول أن" إلى احتمالية إخفاقك في نهاية المطاف؛ لذا استبدلها بعبارة مثل "أَهدُفُ إلى".
تخلَّص أيضاً من كلمة "لا أستطيع"، وفكِّر فيما إذا أخبرك أحدهم أنَّه لا يستطيع فعل شيءٍ ما، فهل هو لا يستطيع حقاً برأيك أم أنَّه خائف؟
أمَّا عبارة "لن أفعل"، فهي رائعة؛ إذ يمكن استخدامها لتعزيز فرصتك في التغلُّب على قيودك وكسر الحدود، أو حتى استخدامها للحفاظ على تلك الحدود في مكانها، على سبيل المثال: "لن أسمح لأي شخص بإيذاء عائلتي"، وهذه العقلية نفسها التي تفكِّر: "يمكنني التغلُّب على أي شيء".
وأخيراً، توضِّح كلمة "ينبغي" أنَّ لكل شخص وكل شيء آخر أولوية عنك، وهذا ليس صحيحاً.
تذكَّر أنَّك لا يمكنك كسر كل الحدود؛ ولكن لا يمنعك تقيُّدك بقيودٍ معينة من تغيير طريقة تفكيرك فيها؛ فعلى سبيل المثال: "ينبغي أن أنهي هذا التقرير لأنَّ الشركة بأكملها تحتاجه"؛ قد تستنزف هذه الصياغة طاقتك؛ لذا قُل بدلاً من ذلك: "أنا أحاول إنجاز هذا التقرير لأنَّ الشركة بأكملها تعتمد عليَّ"
هل ترى كيف كانت إحدى العبارتين قوية والأخرى ضعيفة؟
لقد دربتُ عميلاً كان يشعر بأنَّ الجميع يتحكَّمون في حياته، وقد أحدثَت إعادة صياغة أفعاله وما فعله مسبقاً فرقاً كبيراً للغاية، إلى درجة أنَّه أصبح يرى نفسه بطلاً خارقاً بدلاً من رؤية نفسه كضحية.
5. انتبه للأشخاص الذين تحيط نفسك بهم:
لا يمكنك التحرر من القيود المفروضة على الذات بهدوء، فهي مُعزَّزة بحقائق غير صحيحة مجمَّعة من شبكات الإنترنت أو دائرة الأصدقاء، ونتيجةً لذلك تعني محاولة اختراق القيود والحدود انتباهك لنوعية الأشخاص الذين تحيط نفسك بهم، سواء عبر الإنترنت أو في العالم الحقيقي، وسوف يساعدك الأشخاص المناسبون في إزالة القيود أيضاً.
6. أنشئ خطة عمل بثقة:
لكسر هذه القيود والحدود؛ أنشئ خطة عمل، وحاول تطبيقها بمزيدٍ من الثقة والمسؤولية، كما يجب عليك مراقبة معتقداتك الذاتية ومدى ثقتك بنفسك باستمرار؛ إذ يجب أن تبني نفسك أولاً قبل أن تكسر حدودك.
7. لا تحصر نفسك:
على خلاف ما يقوله لك العديد من الخبراء، أنا لست من أشد المعجبين باختبارات الشخصية؛ فإذا كنت تحبها، فادرِك أنَّك توافق على أن تكون محاصراً؛ فقد يكون لديك ميول وطرائق طبيعية للتصرف والتفكير والتفاعل، ولكن لا يحدِّد هذا ما يمكن أن تكون عليه في المستقبل.
قد يقيِّد التمسُّك بصيغة معينة، كأن تقول: "لا يمكن لأناسٍ مثلي أن يصبحوا مديرين" القدرة على تقوية قدراتك الذهنية وكسر حدودك.
لقد قال لي أحد العملاء ذات يوم: " من المستحيل كسب المزيد من المال في ظل جائحة كورونا"، وفي خلال 5 أشهر، كسر هذا الرجل قيوده من خلال ربح 500% أكثر من المال، ومن المرجَّح أن يُضاعِف هذا الربح مرَّةً أخرى، هذه هي قوة عقلك، فاستثمرها في صالحك دوماً.
في الختام:
ليس من السهل كسر الحدود والقيود، خاصةً إذا لم تكن مستعداً ذهني؛ لذا يمكنك البدء بهذه النصائح السبع لكسر الحدود التي تفرضها على نفسك دون دراية من أجل تحقيق أهدافك وعيش حياتك على أفضل نحو.
تذكَّر: إذا كنت تعتقد أنَّ شيئاً ما سيحدث، فمن المرجح أن يحدث؛ لذا اختر بعناية ما تفكر فيه.
أضف تعليقاً