6 طرق لمواجهة مشاعر التوتر التي لا مبرر لها

هل سمعت سابقاً المثل القائل: "الأمر الوحيد الذي يتوجب علينا الخوف منه، هو الخوف بحد ذاته"؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون إيفان جاراشوير (Evan Jarschauer)، والذي يحدثنا فيه عن طرائق التغلب على مشاعر القلق.

المعنى الأساسي البسيط لهذا المثل هو أنَّ التفكير في المصائب التي ستَحِلُّ مستقبلاً، يجعلك حبيس الماضي في نهاية المطاف، ناهيك عن العجز عن الاستمتاع بلحظات الحاضر الذي يُسبِّبه الإرهاق الناجم عن الخوف والقلق اللذَين لا مُبرِّر لهما.

يمكن أن يحدث القلق بسبب تنوع أشكال الإجهاد والتي منها على سبيل المثال: الأمراض والمشكلات العاطفية والمالية.

وفق التعريف، يشير القلق عموماً إلى: "إحساس مُركَّزٌ وشديدٌ ومستمرٌّ بالخوف لا يتناسب عادة مع المواقف والتجارب التي تواجهنا عموماً، من أشهر أعراض القلق: الأرق، وتسارع الأفكار، وضعف التركيز، والانفعال، والملل، والشحوب، والارتعاش، والغثيان، والتعرق".

على غرار لعبة الفيديو المفضلة لديك، تزداد تحديات الحياة صعوبة كلما تقدَّمتَ فيها؛ ويزداد مستوى التوتر كلَّما وصلت إلى مرحلةٍ هامة أو أكملت مهمة ما، فلا أحد محصَّن من الإجهاد.

في مرحلة ما من حياتك ستشعر بشكل من أشكال القلق، فهذا أمر لا مفر منه طالما أنت على قيد الحياة، وقد بات معروفاً للكثيرين منا في الوقت الحالي أنَّ كثرة التَّوتر تؤدي مباشرة إلى القلق الشديد.

لذا دعونا الآن نلقي نظرة لنحدد استراتيجيات التصدي للقلق، وذلك لمساعدتكم على التعامل بفاعلية مع التجارب القاسية والمُنهِكة التي يسببها إحساس القلق الذي لا مُبرِّر له:

1. تحديد أهداف واقعية:

على الرَّغم من كونك قادراً على تحقيق أي أمر تضعه هدفاً نصب عينك مثل: خسارة الوزن، وتحسين علاقاتك وحتى كسب المزيد من المال، فكِّر بعنايةٍ في مستوى الإجهاد الذي يثيره كل عملٍ تنوي القيام به.

تصرَّف كطالبٍ، وتعلَّم كل ما تستطيع تعلُّمه عن الناس والأماكن والأشياء في حياتك، سواء كان حلمك أن تُقرِّب بعض أطراف العالم المُترامية من بعضها الآخر من خلال منصة جديدة من منصات التواصل الاجتماعي أم افتتاح مقهىً رائع  في بلدتك، فإنَّ ذلك يتطلب منك أن تكون قادراً على مواجهة بعض أشكال القلق حتى تنجح في إحراز ما ترغب في إحرازه في حياتك.

وبهذا الخصوص يمكن القول: حدِّد أهدافاً تُثير التحدي في نفسك، لكن يمكن في الوقت نفسه تحقيقها بالعمل الجاد والدؤوب.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد أهدافاً واقعية قصيرة الأمد لحياة ناجحة؟

2. وضع حدودٍ ثابتة:

ضح حدوداً عاطفيَّةً واضحةً لحياتك، فمنذ بداية التاريخ، كان الصِّراع جزءاً أساسيَّاً من التجربة الإنسانية، وكلَّما ازداد الصراع، زادت حدة التوتر أكثر فأكثر وارتفعت نسبة القلق، وهكذا دواليك.

إضافة إلى تعلُّمك كيفية تعزيز قوتك الجسدية والروحية، فبإمكانك أن تُقلل أعراض القلق إلى حد كبير، وذلك من خلال العناية بعقلك، فعندما تضع حدوداً ثابتة تُحدِّد شكل علاقتك مع الآخرين؛ فإنَّك بذلك تمنح نفسك مساحة عاطفية لتحديد قيمة العلاقات وفق ما يلائمك.

اجعل الناس الذين من حولك يعرفون بدقَّةٍ ما الأمور التي لديك الاستعداد للقيام بها، وبالنتيجة، فإنَّ ذلك سيساعدك على تجنب الشُّعور بأنَّك ضحية من خلال تحديد توقعات واقعية يمكن السَّيطرة عليها مع الآخرين.

3. تحديد الأولويات:

اختر المعارك العاطفية التي تخوضها بحكمة، إذ ليس ضروريَّاً أن تؤدي كل حالة توتر إلى أعراض القلق المرهقة، فعوضاً عن محاولة التصدي لأصعب العقبات بطريقك دفعة واحدة، بإمكانك ترتيب الأولويات وحل المشكلات البسيطة أوَّلاً.

ضع في حسبانك تولِّي أمر المشكلات التي يمكنك التعامل معها بفعالية وبأقل جهد ممكن، ودَع الزخم يزداد من خلال البدء بنقاط القوة، بعد اجتياز كل عقبة بطريقك، أحصِ الإنجازات التي حققتها، ودوِّن التقدم الذي أحرزته في أثناء ذلك، بالإضافة إلى اللحظات التي كنت فيها قادراً على استجماع قوتك وشجاعتك لمواصلة طريقك قدماً حتى في أصعب لحظاتك وأشدها خطورة.

ينبغي أن يساعدك التفكير في الإنجازات التي حققتها على تعزيز ثقتك بنفسك، على نحو مشابه للأسد في فيلم "الساحر أوز" (The Wizard of Oz)، كلَّما أدركت قدرتك على تجاوز حالات  التوتر والتغلب على الصُّعوبات، أصبحت أقل قلقاً حتماً.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

4. منح النفس قليلاً من الراحة:

عندما ينتابك القلق دون سبب يُذكَر؛ فإنَّ إحدى أفضل الطرائق هي أن تمنح نفسك الراحة، فالحياة هي سباق جري طويل وليست عدواً قصير المسافات.

إنَّ مفتاح عيش حياة مديدة يكمن بقدرتك على التَّطور بوتيرة أكثر سلاسة لتجنب الإنهاك قبل الوصول لخط النِّهاية؛ لذلك حاول أن لا تتحمس كثيراً بينما تتقدم بطريقك وبينما تتجاوز القضايا الشائكة التي من المؤكد أنَّنا سنواجهها جميعاً في طريق الحياة.

لا تُشيَّد الإمبراطوريات في يومٍ وليلة وكذلك إمبراطوريتك الشخصية، وذلك مهماً كانت كفاءتك العاطفية والمهنية.

بدلاً من محاولة تحقيق كلِّ أهدافك دفعة واحدة وبأقصى سرعة، قد يكون من الأفضل أن تسعى لتحقيق أهداف مُمكنة في أثناء رحلتك، سواء كنت تعاني من مشكلات في المنزل أم العمل، حاول أن تفعل كل ما بوسعك لمعالجتها وحلِّها بعيداً عن القلق والإرباك.

 إذا لم تكن قادراً على التعامل مع الموقف، يجب عليك أن تعرف متى تقول كفى، ربما تحتاج أن تبقى بعيداً عن المعضلة لدقيقة أو اثنتين فقط، وبذلك يمكنك أن تعود مجدداً لمواجهتها وأنت أكثر اتزاناً.

5. الحديث مع شخص ما:

لابد من أنَّ معظمنا اختبر حالة ضيق الرؤيا عندما نواجه مشكلة رئيسة في حياتنا؛ حيث نجد أنفسنا مستنزَفين بسبب الظروف التي تحيط بكل ما يزعجنا، ثمَّ نَغُضُّ الطرف عن الكثير من الأشياء الهامة الأخرى في حياتنا.

بناءً على تجربتي الشَّخصية، فإنِّي أُدرك مقدار صعوبة أن تُفصِح عن مشاعرك الدَّاخلية، لاسيما إذا كنت تعيش حياة سريعة بوقت فراغ قصير لايتيح لك فرصة أن تتأمل، أو إذا كنت منحدراً من عائلة لا تشجِّع أحداً من أفرادها على البوح بمشاعره.

على الرغم من ذلك، وبصفتي متخصص بالحالات العقلية وأخصائي علاج نفسي مُجاز، فقد أصغيت لعدد لا يحصى من الناس الذين يعانون من أزمات.

تذكُر الدراسات ضرورة منح الوقت الكافي للحديث عن أعظم مخاوفك مع الشخص المناسب؛ لأنَّ ذلك يمكن أن يساعدك على تجاوز أشد حالات القلق التي قد تبدو غير قابلة للحلِّ بعد أن عانيت منها فيما مضى.

يُجدي العلاج بالكلام نفعاً إذا واظبت عليه، وأُوكد بشدَّة أنَّك ستتمكن من معرفة لماذا تشعر بهذه المشاعر ومن أين أتت، وبعبارةٍ أخرى، إذا أردت أن تقتلع شجرة، فعليك أن تبدأ من جذورها، وكلَّما كنت قادراً على الإفصاح إلى شخص ما عن الأشياء التي تسبب لك القلق، قلَّ التأثير السلبي لهذه الأشياء على حياتك وتمكنت من المضي قُدماً نحو الأمام.

6. التنفس:

هل سبق لك أن شعرت بالقلق من أمر ما لدرجة أن انتهى بك إلى الإعياء الجسدي والاستنزاف العاطفي وحتى صعوبة في استنشاق الهواء؟

لا بُدَّ أنَّك مررت بذلك؛ لأنَّ الجميع يُحِسُّون بهذا الإحساس في وقت ما؛ ففي بعض الأحيان، قد تشعر بالتوتر بلا سبب واضح، فالحياة هي مسار ممتلئ بالعقبات وبالأفراح والأتراح وبالانتكاسات غير المتوقعة وبمجموعة من العقبات وحتى بضعة أبواب موصدة على طول الطريق.

لكن، عوضاً عن أن تكون أول الواصلين إلى النهاية الفعلية، فربما تحتاج أن تركز انتباهك على الوصول إلى الجانب الآخر بنجاح وتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات مع أكبر قدر ممكن من الراحة الذهنية.

ربَّما نجحَت عدة مرات حينما كنت طفلاً في حيلة حبس أنفاسك من أجل الحصول على ما تريد، لكنَّها تغدو بلا جدوى عندما تصبح بالغاً وتتحمل مسؤولياتٍ مثل دفع فواتيرك والحفاظ على علاقات صحية مع الآخرين.

بمناسبة ذلك يمكن القول، أنَّه يتوجب عليك، بطريقةٍ أو بأخرى، أن تستنشق الهواء لتصفية عقلك وتجديد الأوكسجين، وذلك على نحو مماثل للتعليمات المتبعة قبل الإقلاع للطيران، في حال وجود مشكلة في الهواء، فعليك أن تضع قناع الأوكسجين الخاص بك أولاً.

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

في الختام:

مهما كنت رابط الجأش وهادئاً ورصيناً، فلابد أن تعاني من القلق في مرحلة ما من حياتك بشكل أو بآخر، ولابد أن يؤدي القلق المتراكم إلى مجموعة من أعراض القلق الموهِنة والتي تؤثر سلباً على جودة حياتك.

الآن أكثر من أي وقت مضى، يعاني العديد منا من أعراض القلق مهما حاولنا جاهدين أن نتحكم بدرجة القلق في حياتنا، وذلك بينما نحاول أن نتكيف مع عالمنا الطبيعي الجديد بعد الوباء.

من خلال تعلُّم كيفية مواجهة القلق مواجهة فعالة، يمكننا أخذ استراحة لنعيش الحياة بفاعلية ونحرز إنجازاتٍ أفضل. ومع ذلك، فإنَّ أكثر استراتيجية منطقية للحدِّ من أعراض التوتر هي في المقام الأول أن تُجنِّب وضع نفسك بمواقف مُرهقة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة