6 أفكار بسيطة لتعزيز التعددية في الشركات الناشئة

قد يحوي عنوانُ مقالنا عبارة "أفكار بسيطة"، ولكنَّ تعزيز التعددية في شركتك أمرٌ أبعد ما يكون عن البساطة. وبذلك، وخلال عملي في السنتين الماضيتين في شركة "ليفر" (Lever) التي تطوَّرَت من 40 إلى 140 موظف بنسبة توازن 50\50 بين الجنسين، وبنسبة 40% من عامليها من خارج العِرق الأبيض، فقد استنتجتُ أنَّ الأعمال الصغيرة تؤتي بثمارها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رئيسة قسم التسويق في شركة "سيرفاي مونكي" (SurveyMonkey) "ليلا سرينيفازان" (Leela Srinivasan)، والذي تُحدِّثنا فيه عن التعددية في الشركات.

وإليك 6 نصائح يمكِنك أن تبدأ بها لتعزيز التعدُّدية إبَّان نشأة شركتك:

1. كُن واقعياً بشأن مدى تعزيز التعددية والشمولية في شركتك:

لقد اتَّسعَ الحديث عن التعددية في السنوات الماضية ليشمل مفهوم الإشراك، حيث يطرح بعضهم فكرة الشمولية - وهي خلق الظروف التي يشعر فيها الموظفون جميعهم على تنوُّع خلفياتهم بتمتُّعهم بالصلاحيات التي تسمح لهم بتقديم أفضل ما لديهم - على أنَّها الفكرة الأهم في حال أردتَ أن تثمر جهودُك، وبعبارة أخرى، من غير المجدي توظيف الكفاءات على أساس تعدُّديتها إن لم تتوفَّر لها بيئةٌ تشعر فيها بالانتماء، ولنوضح حديثنا أكثر، حاوِل أن تناقش النقاط التالية بأعلى قدر من الموضوعية:

  • ضع قائمةً بآخر 5 ترقيات في شركتك، واسأل نفسك عن مدى تعدديتها من حيث جنس الموظفين وعِرقهم وخلفياتهم.
  • ضع قائمةً أخرى بأسماء آخر 5 موظفين عيَّنتَهم في شركتك، واسأل السؤال ذاته.
  • إن لم تُقدِّم أيَّة ترقيات أو لم تُعيِّن موظفين جدد مؤخراً، فكِّر بالاجتماعات الأخيرة لكل طاقم شركتك ومن هم الذين حظوا بالشُّكر لمجهودهم، أو انظر في مجموعة العلاوات والمكافآت التي وزَّعتَها إن كانت تُغطِّي نطاقاً واسعاً من مساهمات موظَّفيك.
  • فكِّر أيضاً بآخر 5 أشخاص ممَّن غادروا الشركة، وفيما إذا كانت بينهم قواسم مشتركة في ظروفهم أو خلفياتهم.

ستساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة في تحديد نقطة بداية أفضل وإيلاء الاهتمام للنقاط الأكثر أهميةً.

2. علِّم فريقك إجراء مقابلات مع المرشحين للوظائف بشكل دوري وبطريقة موضوعية:

من الأمور التي تثير دهشتي باستمرار أنَّه وبرغم الإجماع على أهمية التوظيف لنجاح أيَّة شركة، إلا أنَّ الشركات الناشئة نادراً ما تُعطي الوقت أو الجهد أو الموارد الكافية لتدريب طاقمها على اتِّخاذ قرارات التوظيف بموضوعية، جميعُنا مُتحيِّزون في نهاية الأمر حتى لو لم نرِدْ ذلك، ولكن قد تساعدنا بعض التوجيهات المدروسة للانتباه أو للتقليل من آثار هذا التحيُّز.

قد ينتهي الأمر بمَن يجرون المقابلات في غياب تلك التوجيهات إلى تقييم المتقدِّمين للعمل بطريقة تعيق التعددية في بيئتهم، فيرفضون مثلاً أحد المتقدِّمين لأنَّه لا يتوافق مع الثقافة التنظيمية، إلا أنَّهم في الحقيقة يعنون بذلك أنَّ المُتقدِّم "لا يشبههم" أو "لم يشعروا أنَّهم سيقضون وقتاً ممتعاً بصحبتهم".

عليك اختيار المتقدِّمين على أساس ملاءَمتهم لقيم الشركة، لأنَّك إن اخترتَ فقط من يشبهك، فستجد شركتك في بيئة ذات ثقافة أحادية تعيق الإبداع والنجاح في عالم الأعمال.

يمكِنك بدلاً من ذلك توفيرُ الموارد لمساعدة موظَّفيك على تحسين أدائهم في إجراء المقابلات عن طريق تقييم المتقدِّمين في مجال معيَّن بصورة منتظمة، وستساعدك حقائب المقابلات التي تحوي بعض الإرشادات العامة المتعلقة بإجراء المقابلات إن كنتَ تستخدم نظام تتبُّع المتقدمين (applicant tracking system)، أو بإمكانك أن تُنشئ بعض الاستبيانات وتُوزِّعها على موظفيك المسؤولين عن إجراء المقابلات على أن يحرصوا على الالتزام بها جيداً.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على النجاح في المقابلة الشخصية

3. أظهِر اهتمامك الحقيقي بالتعددية للعالم الخارجي:

اسأل موظَّفيك الذين يَعُدُّون أنفسهم من الأقليَّات (كالآباء، أو مَن هم في الأربعينيات أو الخمسينيات من عمرهم، أو من المهندسين الذين اكتسبوا خبرَتهم بشكل غير أكاديمي في معسكرات التدريب)، إن كانوا يريدون الظهور في مدوَّنة الشركة أو مشاركة تجربتهم في العمل لديك على أحد مواقع كتابة المحتوى مثل: موقع "ميديوم" (Medium)، أو "لينكد إن" (LinkedIn).

لقد شكَّل الذكور الغالبية العظمى من فريق المبيعات في شركة "ليفر" في السابق، حتى بدأنا التركيز على خلق التوازن في الفريق، مما دفع محاسِبة تنفيذيَّة لكتابة مقال بعنوان "لماذا نحتاج المزيد من النساء في مبيعات التكنولوجيا؟" الذي حصد آلافاً من المشاهدات والتعليقات والإعجابات وتمكَّنَّا بعد ثمانية أشهر من توسيع فريقنا بشكل ملحوظ وزيادة نسبة وجود النساء من 21% إلى 42%، وقد ذكرَت 80% من النساء اللاتي انضممن إلى فريق المبيعات أنهنَّ قد تأثرنَ بأحد المقالات التي نشرَتها شركة "ليفر" سواء للتقديم إلى وظيفة أم لقبول العرض.

وفي حال لم يكن لديك في شركتك الناشئة أقلياتٌ على استعداد للتحدث علناً عن تجربتهم الإيجابية، بإمكانك أن تُظهِر دعمك كحلٍّ بديل، فشارِك في لقاءاتٍ جماعية تدعم التعددية، أو خطِّط لحملات تطوُّعية تتيح لك الاختلاط بمجموعات مختلفة.

وبالطبع عليك أن تحرص على طبيعة الصور التي تظهر على موقعك الإلكتروني، فلا يجب أن تحوي هذه الصور النمط ذاته من الأشخاص، وعليك أن تُظهر أنماطاً متنوعة تُمثِّل مجموعات مختلفة إن كنتَ تسعى إلى نشر ثقافة تنظيمية قائمة على التعددية.

4. اجعل التعددية موضوعاً يشارك فيه الجميع:

غالباً ما تُشكِّل الشركات عند نموِّها مجموعات موارد الموظفين (ERGs) لإفساح المجال للأقليات في الشركة للتواصل وتبادل الأفكار مع زملائهم، وفي شركة "ليفر" مثلاً لدينا مجموعة خاصة بالموظفات في الشركة تُدعى "ليفيريت" (Leverette)، ومجموعة أخرى تُدعى "بلاك ليفيرو" (Black Leveroo) للموظفين الأمريكيين من أصل إفريقي وغير ذلك.

ولا أخفي أنِّي أجد بعض المعاناة مع هذه المجموعات من حيث المفهوم؛ فلا شكَّ أنَّها تقوم بعمل رائع في إبقاء الحوار مفتوحاً وفي الترحيب بمشاركة الجميع، إلا أنَّ القيام بذلك على نحو خاطئ قد يعني المخاطرة بتشتيت الحوار وعزله وراء الكواليس، فترى موظَّفيك "المتنوِّعين" يتبادلون الأحاديث بأمورٍ دقيقة و حسَّاسة خلف الأبواب المغلقة بينما كان الهدف في البداية هو مناقشتُها في حوار مفتوح وخلق بيئة من الانسجام فيما بينهم.

تكمن نقطة القوَّة في خلق حوارات على مستوى الشركة بأكملها تستطيع من خلالها تعزيز هذه التعددية والاحتفاء بالاختلافات بين الموظفين، فليس بالضرورة أن تكون حوارات محضَّرة مسبقاً، فالهدف هو خلقُ حالة من الانسجام تأتي بدورها بفوائد عديدة، وما زلتُ أتذكَّر إحدى الجلسات التي نظَّمها أحد الموظفين وكانت بعنوان "أغنية وحكاية"؛ حيث قدَّم كل شخصٍ أغنيةً مميَّزة لديه مع ذكر قصة موجزة عنها لمدة دقيقة ونصف قبل أن نسمعها.

لقد نتج عن تلك الجلسة التي امتدَّت بضع ساعات قائمةً رائعةً من الأغاني المُنتقاة بعناية، بالإضافة للأحاديث التي جعلَتني أعرف الكثير عن أشخاص في الفريق قبل أن يكون هناك تفاعلٌ بيننا، وأعتقد أنَّ أكثر النشاطات نجاحاً هي تلك التي تخلق حسَّ الانتماء المشترك لدى الجميع، الأقليَّات والأكثريات على حدٍّ سواء.

يمكِن أيضاً لأسلوب الكلام الذي يستخدمه الموظفون يومياً - إلى جانب النشاطات - أن يساهم في خلق أو إعاقة التشاركية في بيئة العمل لدى الشركة الناشئة.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لجعل مؤسستك أكثر ترحيباً بالجميع

5. ابحث عن المتقدِّمين المختلفين إن لم يأتوا إليك:

أصبحَت الشركات في السنوات الأخيرة تلجأ إلى الاستعانة بمصادر خارجية من أجل توظيف أفضل الكفاءات في فريقها، ولعلَّ الأرقام تُوضِّح السبب خير توضيح، فعلى موقع "لينكد إن" يسعى 30% فقط من القوى العاملة للحصول على عمل، أما الـ 70% المتبقِّية فهم مَن يُطلَق عليهم اسم "المرشحين الخاملين" (passive candidates)، وهم أفراد لا يبحثون عن عمل بشكل فعَّال، إنما يُبدون اهتماماً بالعروض عند تقديمها بصورة مقنعة، وإن استقبلتَ 20 متقدِّماً لمنصب تقني في الشركة، وكانوا جميعهم من العِرق الأبيض أو ذكوراً آسيويين من جيل الألفية، فاعلم أنَّك بحاجة لبذل جهدٍ أكبر للحصول على لائحة أكثر تنوُّعاً من المتقدمين.

هناك العديد من الطرائق لإيجاد الكفاءات من الأقليَّات، ولكن إيَّاك أن تختارهم لمجرَّد اختلافهم؛ إذ سيذهب ذلك برغبتهم في العمل أدراج الرياح؛ فلا أحد يحب أن يكون مجرد رمزٍ في مكان عمله.

6. لا تنتظر:

أعلمُ من خلال التجربة أنَّ ساعات اليوم جميعها لا تكفي لما تتطلبه الشركة الناشئة من عمل، فبعد العمل على الأرباح والإنتاج والتمويل، سيكون مغرياً أن تتريَّث قليلاً قبل صرف الطاقة المتبقِّية على التعددية والشمولية، ولكنَّ الحكمة تقول: كلما انتظرتَ أكثر، صَعُبَت المهمة، فليس هناك وقتٌ أفضل من فترة البداية حين تملك مجموعة صغيرة من الموظَّفين؛ حيث ستتراكم صعوبات هذه المهمة مع الوقت إن لم تختر موظفيك بعناية منذ البداية.

لذلك لا تنتظر؛ ضع أهدافاً صغيرة، واتَّبِعها، واتَّخِذ من التعددية هدفاً مركزياً في شركتك، واجعلها مثالاً لها، إلا أنَّ الأهم من ذلك هو الالتزام بذلك على الأمد البعيد، ففي شركة "ليفر" حظينا بالعديد من الجوائز والأوسمة، لكنَّنا ما زلنا نتعلَّم بشكل يوميٍّ، ولن نتوقف عن السعي وراء التعددية؛ لأنَّنا على يقين أنَّ هدفنا هذا يستحقُّ الجهد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة