ما هي الغيبة في مكان العمل؟ وما هو ضررها؟
تعني الغيبة في مكان العمل التكلم بسوء عن سمات الزملاء أو حياتهم الشخصية أو مهام عملهم في غيابهم، ومن أمثلة الغيبة في مكان العمل ما يأتي:
- مناقشة الأمور الخاصة بزميل العمل مع الموظفين الآخرين.
- نشر أنصاف الحقائق أو الأكاذيب عن المدير أو أحد الزملاء.
- نشر شائعات عن الشؤون القانونية، أو الحالة الطبية، أو انتهاكات السياسة المزعومة، أو الأمور الشخصية.
- إشاعة معلومات خاصة أو سلبية أخرى دون إذن الشخص المعني.
رسمياً، يعرِّف علماء الاجتماع الغيبة في مكان العمل بأنَّها "حديث سلبي وغير رسمي في مكان العمل عن أحد الزملاء في غيابه"، بمعنى آخر، الحديث عن حماستك تجاه زواج أحد زملائك أو التكهن بأنَّ شخصاً ما سيحصل على ترقية يستحقها لا يعد غيبة؛ لأنَّ هذا كلام جميل تستطيع قوله أمام الشخص المعني، ومع ذلك يعد الحديث عن عدم استحقاق زميلك للترقية غيبة لأنَّ هذا الكلام مؤذٍ والشخص المعني غير موجود للدفاع عن نفسه.
كيف تميز بين المحادثات العابرة والغيبة؟
- إذا كانت المحادثة تركز على السلبيات أو تشمت بمحنة الآخرين، فهي غيبة.
- إذا لم يكن بمقدورك إجراء هذه المحادثة أمام الشخص الذي تتحدث عنه، فهذه غيبة.
- إذا كانت القصص أو التكهنات أو الشائعات التي تنشرها تضر بسمعة شخص ما، فهذه غيبة.
- إذا كنت تنشر معلومات غير موثوقة لم يصرح بها الشخص المعني، فهذه غيبة.
6 نصائح للتعامل مع الغيبة في مكان العمل:
أولاً: تجاهَل الغيبة أو غيِّر الموضوع
يتوق الثرثارون إلى جذب انتباه الآخرين، وعندما تصم أذنيك عمَّا يقولونه تفقد كلماتهم قوتها، فإذا كان أحدهم يغتاب شخصاً آخر أمامك، فلا تشترك معه بالحديث، وما إن يبدأ ينفث سمومه، قاطعه فوراً، وقل له: "ما تتحدث عنه لا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد".
إنَّ صم أذنيك عن الثرثرة يئد الفتنة في مهدها، ويعفيك من أي مسؤولية أو عواقب سلبية قد تترتب عليها؛ لذا ركز في عملك وفي حال حضرت موقفاً فيه غيبة، الزم الصمت أو غيِّر الموضوع، ولكن في الحالات القصوى التي لا يجدي معها التزام الصوت نفعاً، وفي حال كانت الغيبة تضر بصحتك العقلية أو إنتاجية فريقك أو سمعتك، فعليك التواصل مع رئيسك في العمل أو قسم الموارد البشرية وطلب المساعدة المهنية.
ثانياً: ضع حدوداً واضحة
الحدود هي القواعد التي تحكم علاقاتك بالآخرين وتبين لهم كيف تريد منهم معاملتك، ومن ذلك المواقف التي تحدث فيها غيبة، لقد وجد علماء النفس أنَّ الثرثارين يفتقرون إلى احترام الذات، ما قد يدفعهم إلى الخوض في حياة الآخرين.
عندما تضع الحدود، فإنَّك تحدد مبادئك وقيمك في حياتك المهنية والشخصية، فإذا كنت ضحية للغيبة والنميمة، يمكنك وضع حدود بعبارات مثل:
- "أنا لا أتحدث عن حياتي الخاصة في العمل".
- "أنا لا أسمح بالافتراء عليَّ".
- "أعلم أنَّنا لسنا على وفاق، ولكن الافتراء عليَّ لن يحل المشكلة بيننا".
- "إذا واصلت الحديث عني بهذه الطريقة، فسأقدم شكوى إلى قسم الموارد البشرية".
إذا كان أحد الثرثارين يكثر من اغتياب الآخرين أمامك، فلتكن حدودك معه كما يأتي:
- "أنا أفضل التركيز على الإيجابيات".
- "لا يستهويني الخوض في شؤون الآخرين".
- "هذا ليس من شأني، ودعنا نتحدث عن كذا بدلاً من ذلك".
- "لا أريد التحدث بسوء عن الآخرين".
- "إذا واصلت الحديث عن كذا، فستخسر صداقتي معك".
شاهد بالفديو: 10 طرق لبناء علاقات عمل إيجابية وفعالة
ثالثاً: انشر ثقافة الغيبة الإيجابية
قد تبدو الغيبة الإيجابية كأنَّها تناقض لفظي، لكن هذه النصيحة مثبتة علمياً، فإذا كنت مديراً أو رب عمل، فإنَّ أسلوبك في التعامل مع الغيبة في مكان العمل يمثل قدوة للموظفين الآخرين، فتُظهر الأبحاث أنَّ المشرفين الذين يغتابون مرؤوسيهم هم أقل جدارة بالثقة، ولكن هذا لا يعني أنَّه لا يمكنك التحدث عن الموظفين، فالعبرة في نوع الحديث، فعند التفاعل مع الموظفين أو المرؤوسين، يجب على المديرين التحدث بطريقة إيجابية فقط عن الموظفين الآخرين.
على سبيل المثال، لنفترض أنَّك مدير فريق التسويق، وفي أثناء غداء غير رسمي مع عدد قليل من موظفيك، ذكرت أنَّ خالداً (موظف غير حاضر) نجح نجاحاً باهراً في عروض مبيعاته الأخيرة، ويوافق بعض أعضاء الفريق على ذلك، وتتبادلون الآراء عن نجاح نهج خالد في زيادة المبيعات.
قد ترى أنَّ هذا التصرف غير سليم ظناً منك أنَّه ليس على المدير التحدث عن موظف في غيابه، ولكن المثير للدهشة هو أنَّ الأبحاث تؤيد هذا التصرف وتثني على فوائده، فقد يفاتح أحد الموظفين خالداً لاحقاً، ويقول له: "لن تصدق كم أثنى المدير عليك في أثناء غدائنا الأخير، لقد قال عنك كذا وكذا".
يعد هذا المثال غيبة إيجابية، ويمكن أن يحسن نوعية العلاقات بين المشرف والمرؤوس، وعندما يجري المدير محادثات غير رسمية إيجابية مع الموظفين، يُنظر إليه على أنَّه قائد محنَّك.
إضافة إلى ذلك، وجدت الأبحاث أنَّ الموظفين يحبون هؤلاء القادة لأنَّهم على ثقة بأنَّهم سيتحدثون عنهم بطريقة إيجابية في غيابهم، وهذا هو الأساس لبناء ثقافة إيجابية في الشركة.
رابعاً: كن محايداً
إذا كنت ضحية للغيبة والنميمة، فمن الطبيعي أن تشعر بالغضب أو الانزعاج أو الإحباط، فهذا مصدر رزقك وسمعتك على المحك، ومع ذلك رد فعلك العدائي قد يضر أكثر مما ينفع، وبدلاً من رد الإساءة بإساءة، اتخذ موقف الحياد.
داخلياً، طمئن نفسك بتذكيرها أنَّ آراء هؤلاء الثرثارين غير صحيحة وأنَّها مجرد انعكاس لشعورهم بعدم الأمان.
خارجياً، تجنَّب الجدال وتعامل مع الموقف بحكمة أو أضفِ عليه طابع الفكاهة.
عندما تشعر بالانفعال أو الانزعاج من الموقف، تحدث مع الأصدقاء والعائلة الموثوقين خارج العمل، ولا تناقش المسألة مع زملاء العمل حتى لا تطيل أمد الشائعة وتسهم في انتشارها.
تعلَّم مهارة الذكاء العاطفي قبل مواجهة أي شخص، فكلما كنت أكثر هدوءاً، ضعفت قوة الشائعة، لا تحاول دحض ما قيل عنك ولا تدخل في جدال عدواني قد يؤدي إلى تفاقم الأمر؛ بل دع الحقيقة تظهر من خلال مهنيتك وحسن تعاملك مع الموقف.
خامساً: واجه الشخص الذي اغتابك
من الصعب بلا شك أن تضبط أعصابك عندما تشعر بأنَّ سمعتك أو حياتك المهنية في خطر، ومع ذلك، فإنَّ القدرة على مواجهة الغيبة بهدوء ومهنية هي قمة الذكاء العاطفي، فإذا كنت تريد وأد الشائعة في مهدها، فاتبع الخطوات الآتية:
1. تدوين المشاعر:
قبل مواجهة الشخص الذي اغتابك، اكتب ما تشعر به في دفتر يومياتك أو هاتفك، واكتب كل مشاعر الغضب والخزي والأسى، وعندما تهدأ وتستعيد رباطة جأشك، ارجع إلى النص وأزل الكلمات العدوانية أو غير المفيدة وتمرَّن على قراءة النص أمام المرآة.
2. إخبار الشخص الذي اغتابك بتأثير سلوكه فيك:
أوضح شيء في الغيبة هو قدرتها على الإضرار بسمعتك المهنية، وفي بعض الأحيان يمكنك استعطاف الشخص الثرثار عندما تشرح له حجم الألم الذي يسببه لك، على سبيل المثال، قل له: "هذه الشائعات تضر بصحتي العقلية وتصعِّب عليَّ القيام بعملي، وهذا يؤثر في فريقنا بأكمله".
3. الحفاظ على هدوئك:
مارس التنفس العميق والاسترخاء قبل الدخول في هذه المناقشة الصعبة، ضع استراتيجية (مثل التنفس بعمق أو ترديد عبارة إيجابية) لاستخدامها إذا اشتدت المحادثة، فعدم رغبتك في الانتقام يزيد من هدوئك حتى لو ارتبك الشخص الآخر أو اتخذ موقفاً دفاعياً.
4. التعامل معه بلطف:
عندما تتحدث إلى الشخص الذي اغتابك، اختر كلمات طيبة حتى تحرجه وتجعله يشعر بالخجل من تصرفاته.
5. دعوة طرف ثالث للشهادة:
في حالات الغيبة أو المضايقات الشديدة، احرص على أن تكون لديك وثائق وشهود لكل محادثة، ففكر في دعوة ممثل عن الموارد البشرية للحضور عند مواجهة الشخص الذي اغتابك.
سادساً: أعلم رئيسك في العمل
يتجنب معظم الموظفين تقديم شكوى إلى الإدارة أو الموارد البشرية خشية أن يُتهموا بالوشاية بزملائهم، ومع ذلك تتطلب حالات الغيبة الشديدة التدخل على المستوى الإداري، فترغب معظم الشركات في تشجيع الثقافة الإيجابية في مكان العمل لأنَّ الثقافة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأرباح والإنتاجية؛ لذلك لا تتردد في الإبلاغ عن الغيبة في مكان العمل إلى رئيسك في العمل أو قسم الموارد البشرية، ففي الواقع قد يشكرونك على مساعدتهم على تحسين سياساتهم.
إقرأ أيضاً: فن التعامل مع الزملاء
في الختام:
لسوء الحظ، من طبيعة الإنسان أن يتحدث عن الآخرين، ولكن هذا لا يعني أنَّ من حق الناس نشر معلومات ضارة أو شائعات كاذبة، ويكمن حل منع الغيبة في مكان العمل في تنمية الذكاء العاطفي والتواصل الإيجابي؛ لذا لا تهتم بالشائعات وبمن يطلقها، فالكلمات السلبية تفقد قوتها عندما لا يعيرها أحد اهتمامه، تقول السيدة الأولى للولايات المتحدة سابقاً "إليانور روزفلت" (Eleanor Roosevelt): "العقول العظيمة تناقش الأفكار؛ العقول المتوسطة تناقش الأحداث؛ العقول الصغيرة تناقش حياة الناس".
أضف تعليقاً