5 مهارات أساسية يحتاجها كل مدير لحل النزاعات

يربط الكثير منَّا النزاعات بمشاعر مثل الخوف والخجل والإحباط؛ إذ نبذل قصارى جهدنا لتجنبها للابتعاد عن هذه المشاعر، فنحاول أن نكون لطيفين مع الناس، أو نتفق مع ما يقولونه من دون اقتناع، أو نتجنب الحديث برمته، غير أنَّ هذه السلوكات ليست منتجة.



حينما نتجنب النزاعات تماماً، لا نحصل على التغذية الراجعة والأفكار اللازمة لتحسين أنفسنا وعلاقاتنا؛ لذا يجب على المديرين تعلُّم كيفية تقبُّل النزاعات وإدارتها بطريقة مثمرة؛ وذلك للخروج بمحادثات ووجهات نظر جديدة؛ إذ إنَّ النزاعات التي نُديرها بفاعلية تُعزِّز الفِرق؛ لأنَّها تؤدي إلى مناقشات مبتكرة وتعاونية ضرورية لتعزيز نجاح الأعمال.

النزاعات الصحية مقابل النزاعات غير الصحية في العمل

عندما يتمكن المديرون من جعل فريقهم يرى النزاعات كأداة لتبادل الأفكار، والسماح لكل طرف بأن يلقى آذاناً صاغية، ستصبح النزاعات هذه شكلاً فعَّالاً من أشكال التواصل، بدلاً من خوض جدالات مخيفة؛ إذ تُعَدُّ إدارة النزاعات من أصعب المهارات بالنسبة إلى المديرين؛ لذا، ولمساعدتك على إتقان فن إدارة النزاعات، جمعنا خمس مهارات لا غنى عنها لقيادة فريقك بنجاح عند ظهور النزاعات. ‍

1. استخدام الذكاء العاطفي في حل النزاعات:

ترتبط مهاراتك في الذكاء العاطفي ارتباطاً وثيقاً بقدراتك على إدارة وحل النزاعات؛ إذ يُعرَّف الذكاء العاطفي بأنَّه القدرة على تحديد وإدارة عواطفك ومشاعر الآخرين من حولك، وحينما تتقن العمل به، يمكنك فهم ردود أفعال الآخرين؛ وهذا يمكِّنك من تحديد العواطف التي يشعرون بها، وأسبابها، وكيف يمكنك التعامل مع الموقف في ضوء الاستجابات العاطفية ذات الصلة. ينقسم الذكاء العاطفي إلى خمس فئات:

  • الدوافع الداخلية: وتُشير إلى الحوافز التي تدفعنا نحو تحقيق الأهداف لأسباب شخصية، وليس بهدف الحصول على المكافآت والتقدير.
  • التعاطف: يعني التعاطف؛ القدرة على الإحساس بما يشعر به الآخرون، وتفهُّم مواقفهم.
  • الوعي الذاتي: يتمحور الوعي الذاتي حول فهمك نفسك.
  • التنظيم الذاتي: إنَّه القدرة على إدارة عواطفك واندفاعاتك.
  • الاجتماعية: وتشير إلى مهاراتك الاجتماعية، وقدرتك على إدارة العلاقات بفاعلية.

تؤدي جميع هذه العوامل الخمسة دوراً أساسياً في التعامل مع النزاعات بفاعلية؛ إذ تتطلب إدارة النزاعات بنجاح أن تتمكن من التواصل مع الآخرين، والتحكم في عواطفك، والنجاح في التفاعلات الاجتماعية، على سبيل المثال: يؤدي التنظيم الذاتي دوراً فعَّالاً في منعك من الخروج عن السيطرة والتسبب في جدال سام، إذا ما قال أحدهم شيئاً لم تقتنع به وتوافق عليه.

كما يُعَدُّ فهم وجهة نظر الآخرين مفيداً أيضاً عند التعامل مع النزاعات؛ وذلك لأنَّه يتيح لك سماع القصة من وجهات نظرهم والتحقق منها، يُظهِر التداخل بين مكونات الذكاء العاطفي والمهارات اللازمة للتغلب على النزاعات، أنَّ تعزيز الذكاء العاطفي هو الخطوة الأولى لتعزيز مهارة حل النزاعات.

إقرأ أيضاً: التعاطف في العمل، تنمية المهارات لفهم الآخرين

2. أخذ الوقت الكافي لفهم أفراد فريقك وتحديد ما يحتاجون إليه:

يُعَدُّ فهم وإدارة الشخصيات المختلفة في العمل مهارة ضرورية لإنشاء فريق فعَّال؛ إذ إنَّك حينما تكتسب فهماً واضحاً لأفراد فريقك وشخصية كلٍّ منهم، ستكون قادراً على تحديد ما يحفِّزهم، ومعرفة كيفية تهدئتهم أو إخراجهم من قوقعتهم؛ أي باختصار، كلما فهمت الشخصيات المختلفة لأفراد فريقك وكيفية التفاعل معهم بصورة أفضل، ستتمكن من توفير بيئة عمل تناسبهم أكثر.

إنَّ أفضل إطار مرجعي لفهم أنواع الشخصيات المختلفة لأفراد فريقك هو أداة "ديسك" (DISC)، وهو اختصار في اللغة الإنكليزية جمعت أحرفه أوائل الكلمات الآتية:

أداة ديسك (DISC)

إنَّ الهدف من هذه الأداة هو منح الفِرق لغة مشتركة لتحسين فهمهم ومهاراتهم في التواصل مع بعضهم بعضاً، والآن دعنا نتعمق في كل شخصية من الشخصيات الأربع هذه أكثر:

1. الشخصية المسيطرة:

يُعَدُّ صاحب الشخصية هذه عجولاً ومباشراً؛ لذا حينما تجد نفسك في خلاف مع شخصية مسيطرة، انتبه للنقاط الرئيسة الآتية:

  • عند التواصل مع شخصية مسيطرة، من الأفضل أن تختصر، ويكون حديثك في صلب الموضوع.
  • التركيز على الأهداف وما يجب القيام به.
  • تحب الشخصية المسيطرة تولي المسؤولية؛ لذا امنح هؤلاء الأفراد مساحة للتعبير عن آرائهم ومخاوفهم.

2. الشخصية المؤثِّرة:

يحب أصحاب هذه الشخصية الناس، فهم ودودون للغاية ومتحمسون وساحرون ومفعمون بالحيوية؛ لذا حينما تجد نفسك في خلاف مع شخصية مؤثِّرة، انتبه للنقاط الرئيسة الآتية:

  • يحب الأشخاص المؤثرون التقدير؛ لذا لا تتردد في الثناء على الأفكار أو الآراء التي يطرحونها عليك أو على الفريق.
  • يشعر أصحاب هذه الشخصية بأنَّهم مرفوضون اجتماعياً؛ لذلك تأكد دوماً من الاعتراف بجهود الأفراد المؤثرين، والتأكد من أنَّهم يشعرون بالتقدير داخل الفريق.
  • الأفراد المؤثرون كثيرو الكلام، وغالباً ما يكون لديهم الكثير ليقولوه؛ لذا احرص على منحهم مساحة للإصغاء إليهم، والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم ومخاوفهم.

3. الشخصية المستقرة:

يميل أصحاب الشخصية هذه إلى أن يكونوا أبطأ وتيرة من الشخصية المسيطرة والمؤثِّرة، لكن يمكن الاعتماد عليهم؛ وهذا يجعلهم أفراداً فاعلين في الفريق؛ لذا حينما تجد نفسك في خلاف مع شخصية مستقرة، انتبه للنقاط الرئيسة الآتية:

  • يريد أصحاب الشخصية المستقرة بيئة من الدعم والتعاون؛ لذا خذ دائماً الوقت الكافي لشكرهم على ما يقدمونه من عمل، وابذل جهداً لإظهار أنَّك مستعد على الدوام لمساعدتهم.
  • نظراً إلى أنَّ أصحاب الشخصية هذه يحتاجون إلى المزيد من الوقت، امنحهم الوقت والمساحة للرد على أسئلتك ومخاوفك.
  • يتجنب أصحاب الشخصية هذه التغيير؛ لذا كن على استعداد لمنحهم مساحة للتعامل مع الأمور الجديدة، وأثبت لهم أنَّك مستعد لمساعدتهم في أثناء توليهم مناصب جديدة.

4. الشخصية الواعية:

يحب أصحاب الشخصية الواعية أن يأخذوا وقتهم أيضاً، مثلهم مثل أصحاب الشخصية المستقرة، لكنَّهم أشخاص يفكرون تفكيراً تحليلياً، ويعتمدون على البيانات؛ لذا حينما تجد نفسك في خلاف مع شخصية واعية، انتبه للنقاط الرئيسة الآتية:

  • أصحاب الشخصية الواعية منطقيون ومنظَّمون؛ لذا امنحهم الوقت لتحليل وجهات نظرهم والحديث عنها.
  • نظراً إلى اعتمادهم على البيانات، عليك أن تُثبت للشخصية الواعية أنَّك تنظر إلى المشكلة بموضوعية؛ لذا تأكد من التركيز على الحقائق في المقام الأول.
  • يميل أصحاب الشخصية الواعية إلى الانعزال، وانتقاد أنفسهم بإفراط؛ لذا أشركهم في المحادثات عبر طرح أسئلة مفتوحة عليهم، والثناء على أفكارهم الجيدة، لمساعدتهم على التعرف إلى نقاط قوَّتهم.
إقرأ أيضاً: أنماط الشخصية الأربعة وطرق التعامل معها

3. وضع قواعد للفريق لضمان التواصل الفعَّال:

يحتاج أفراد الفريق إلى فهم كيفية التحدث مع بعضهم بعضاً للتغلب على النزاعات بنجاح، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي إنشاء قواعد يتبعها الفريق بأكمله عند حدوث أيِّ خلاف؛ إذ يؤدي إنشاء أنظمة التواصل من خلال هذه القواعد إلى وضع معايير يتواصل من خلالها أفراد الفريق بسلاسة، وحينما يعرف أعضاء الفريق ما المتوقع منهم ومن الآخرين، فسيتفاعلون بصورة طبيعية أكثر؛ بعبارة أخرى، عندما تضع قواعد للخلافات، تمنح الجميع بذلك أرضية مشتركة للاعتماد عليها.

فيما يلي مثال عن قواعد ناجحة للخلافات يمكنك الاسترشاد بها واستخدامها في فريقك:

  • تشجيع أفراد فريقك على طرح الأسئلة دوماً.
  • عدم السماح لأفراد فريقك بالتقليل من أهمية القضايا السهلة، وإلا سيفعلون الأمر نفسه لاحقاً أيضاً.
  • تذكير أعضاء فريقك بتوقع أفضل النوايا عند إرسال الرسائل واستلامها.
  • أخذ الوقت الكافي لترتيب اجتماع، عندما تكون هناك قضايا أكبر تحتاج إلى النقاش.
  • عند مواجهة خلاف، البدء بتحديد المشكلة، ثم عرض الحقائق.
  • التأكد من تحديد هدف نهائي تريد التوصل إليه من النقاشات لتجنب تبديد جهد الجميع.
  • إنشاء "عَقْد" للخلافات، يمكن للجميع التوقيع عليه لفهم ما يجب على كل طرف القيام به لمساعدة بعضهم بعضاً.
  • متابعة الفريق دائماً للتأكد من التوصل إلى حل.

من خلال إنشاء قواعد للخلافات، ستعزز العلاقات بين أفراد فريقك عبر منحهم مساحة آمنة نفسياً للتفاعل.

4. الاستعداد لاتخاذ قرارات صعبة:

مع كل الأبحاث والبيانات والنصائح حول كيفية تحسين مهاراتك في إدارة النزاعات، ستكون هذه المهمة دائماً واحدة من أصعب مهامك كمدير؛ إذ ستُحَل بعض النزاعات بسلاسة، وستجد طرائق للتوصل إلى حلول وسط؛ وهذا يضمن رضى الجميع؛ لكن في حالات أخرى، لن تتمكن من إرضاء جميع الأطراف.

عندما لا تتمكن من حل النزاعات بالسلاسة التي تريدها، فمن الهام أن تتذكر العلاقات بين أفراد فريقك وأهداف العمل للتوصل إلى حل يحقق أكبر فائدة، وفيما يلي بعض النصائح لمساعدتك في معرفة الجانب الذي عليك اختياره عند اتخاذ قرارات صعبة تثيرها النزاعات.

  • حافظ دوماً على توافق قراراتك مع قيم الشركة.
  • استخدم بيانات ومعلومات قديمة عند الضرورة.
  • وثِّق المشكلات وتأثيراتها والقرارات والعواقب الناتجة عنها.
  • أثبِت أنَّك على استعداد للإصغاء إلى أسئلة ومخاوف الفريق، ولكن كن مستعداً أيضاً لتقديم أفكار معارِضة.
  • كن الشخص الذي ينقل القرار إلى جميع الأطراف المتأثرة.

على الرغم من أنَّك ستجد صعوبة في اتخاذ القرارات في خضم النزاعات، إلا أنَّه من الأفضل دائماً اتخاذ إجراءات بدلاً من ترك المشكلات تتفاقم، ثم إنَّك عندما تتوصل إلى قرار يفيد الفريق والعمل، سيتذكره الآخرون، وستجد ثقة والتزاماً متزايداً من أفراد فريقك.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لإتقان فن اتخاذ القرارات

5. تأطير النقاشات بموضوعية:

عند اندلاع النزاعات، من الهام أن تتذكر منح أفراد الفريق مساحة للتعبير عن عواطفهم والتحقق من صحتها؛ إذ يحتاج جميع أعضاء الفريق أحياناً إلى الشعور بأنَّ صوتهم مسموع.

لا يمكن أن تكون العواطف أساس حل المشكلات؛ إذ إنَّه من الضروري إبقاء العواطف تحت السيطرة، والتفكير والتحدث بموضوعية قدر الإمكان في مكان العمل، اطرح أسئلة مثل: "ما هو الهدف النهائي من المشروع؟" و"ما هي السلوكات المتوقَّعة في مكان العمل؟" و"كيف تتأثر النتائج القابلة للقياس؟"، لإعادة صياغة النقاشات الناتجة عن النزاعات وإبقائها حيادية.

من الضروري تركيز الخلاف على المشكلة حتى لا يُؤخذ على محمل شخصي أو يُسيء أحد إلى الآخرين؛ إذ إنَّه من خلال تحديد هدف من النقاش، سيتوصل الجميع إلى حل فعَّال للمشكلات والنزاعات.

المصدر




مقالات مرتبطة