5 تأثيرات نفسية مختلفة للتمرينات الرياضية

"التمرين هو الشيء الوحيد الذي يقوِّي الروح، وينشِّط الذهن" - الكاتب الروماني ماركوس توليوس سيسرو (Marcus Tullius Cicero).



ما هي السلامة؟

السلامة تُعرَّف على أنَّها حالة إيجابية جسديَّاً واجتماعياً وذهنياً، وفي هذا المقال، سنركِّز على الجانب الذهني.

السلامة الذهنية ليس لها تعريفٌ عالميٌ موحَّد؛ لكنَّها تشمل عوامل عدة منها:

  • الشعور بالرضى تجاه أنفسنا وقدرتنا على التعايش وحدنا و/أو مع شريك.
  • القدرة على التعامل مع التقلُّبات الحياتية، مثل التكيف مع جائحة فيروسية وتحقيق أقصى استفادة من فرصٍ مثل هذه الفرص.
  • الشعور بالترابط تجاه مجتمعنا ومحيطنا.
  • امتلاك التحكم والحرية في حياتنا.
  • الشعور بأنَّ لنا غاية، وإحساسنا بأنَّ لنا قيمةً بسببها.

طبعاً، السلامة الذهنية لا تعني كونك سعيداً طوال الوقت، ولا تعني أنَّك لن تواجه مشاعر سلبية ومؤلمة، مثل الحزن والخسارة والفشل، والتي تُعَدُّ جزءاً من الحياة الطبيعية، لكن بأيِّ حال، مهما كنت تبلغ من العمر، يساعدك النشاط الجسدي على الحصول على حياةٍ أكثر صحَّة ذهنياً، وحتى يمكن أن يحسِّن من سلامتك العامة.

ما هو تأثير النشاط الجسدي في السلامة؟

يمتلك النشاط الجسدي قدرةً هائلة على تحسين سلامتنا، وإن كانت فترة عشر دقائق من المشي السريع، فإنَّها تزيد من النباهة الذهنية لدينا، وطاقتنا والمزاج الإيجابي.

تزيد ممارسة نشاطٍ بدنيٍ بانتظام الثقة بالنفس وتخفِّف الضغط والتوتر، كما يكون له دورٌ في منع تفاقم مشكلات الصحة الذهنية، ويحسِّن من جودة الحياة للناس الذين يعانون مشكلات في الصحة الذهنية.

التمرين هو سبيلٌ رائع لتحسين مزاجك، فالذين يتدربون بانتظام لديهم أعراض اكتئاب وتوتُر أقل من الذين لا يتمرنون؛ لذا جرِّب أن تتمرَّن في الخارج لزيادة الفوائد؛ فالتمرينات الهوائيَّة (مثل المشي وركوب الدراجة والجري)، وتمرينات القوى (مثل رفع الأثقال) كلاهما يمكن أن يساعدا على علاج الاكتئاب.

التمرين يمكن أن يكون له تأثيرٌ ضخمٌ في مزاجك، وفي الواقع من المُعتَقد أنَّ التمرين يمكن أن يكون فعَّالاً مثل مضادات الاكتئاب في علاج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط، والتمرين لا يساعد على علاج الاكتئاب فقط؛ بل يمكنه أن يمنع الناس من الشعور بالاكتئاب مجدداً؛ لذا من الهام المواظبة على التمرين بعد التحسُّن.

إنَّ المعلومات المتوفرة بين يدينا حتى الآن عن التمرينات الرياضية والمزاج ليست كافيةً لنعرف بدقة أيِّ نوعٍ من التمرينات هو الأفضل، وكم يجب علينا أن نتمرن؛ لكنَّنا نعلم أنَّ تأثيرها إيجابيٌ بلا شك، فنحن لا نفهم تماماً لِمَ التمرين جيِّدٌ لهذه الدرجة في تحسين الحالات المزاجية بعد، لكن نعرف أنَّه مفيدٌ فعلاً.

يمكن أن يعود هذا إلى مجموعة أسبابٍ منها:

  • يساعد التمرين على علاج الاكتئاب المزمن؛ لأنَّه يزيد من إفراز السيروتونين (الذي يساعد دماغك على تعديل المزاج والنوم وفتح الشهية) أو عامل التغذية العصبية المستمدَّة من الدماغ (الذي يساعد الأعصاب على النمو).
  • التمرين يخفِّف من سموم جهاز المناعة، والتي يمكن أن تزيد الاكتئاب.
  • التمرين يزيد من مستوى الإندورفينات، وهي بمنزلة محسِّنات مزاج طبيعية.
  • التمرين يساعد على إعادة نمط النوم لديك إلى وضعه الطبيعي، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يمكن أن يحمي الدماغ من الضرر.
  • التمرين يعطيك نشاطاً مُرَكَّزاً يمكن أن يساعدك على أن تشعر بالإنجاز.
  • التمرين يحدُّ من تأثير الضغط في دماغك.
إقرأ أيضاً: 6 فوائد صحيّة تمنحها الرياضة للعقل

ما هي مدة التمرين الكافية؟

ثلاثون دقيقةً أو أكثر من التمرينات يومياً، ومن ثلاث إلى أربعة أيام أسبوعياً ستحسن تحسيناً كبيراً من أعراض الاكتئاب والتوتر، لكن كميات أصغر من التمرين كخمسة عشر دقيقةً في كل مرة يمكن أن تُحدِثَ فرقاً، وسيستغرق التمرين وقتاً أقل لتحسين مزاجك حين تقوم بنشاطات حيوية أكثر، مثل الجري وركوب الدراجة.

فوائد الصحة الذهنية المكتسبة من التمرين تدوم فقط عندما تلتزم به التزاماً طويل الأمد؛ وهو سببٌ آخر لإيجاد أنشطةٍ تستمتع بالقيام بها.

يختلف النشاط البدني باختلاف حدته في تأثيره في الحالة المزاجية للناس، فالتمرينات الهوائية منخفضة الحدة لمدة ثلاثين أو خمسة وثلاثين دقيقة يومياً من ثلاث إلى خمسة أيام في الأسبوع، ومن عشرة إلى اثني عشر أسبوعاً كانت الأفضل في زيادة الحالات المزاجية الإيجابية (الحماسة والنباهة).

شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

إليك فيما يأتي مجموعة من آثار النوم المختلفة في الإنسان:

1. التأثير في شعورنا بالضغط:

حين تقع أحداثٌ تجعلنا نشعر بالتهديد أو تخِلُّ بتوازننا بطريقةٍ ما، يتدخل نظام الدفاع في أجسادنا برد فعل تجاه التوتر، يجعلنا نشعر بأحاسيس مختلفة وأعراض غير مريحة ويجعلنا نتصرف بطريقة مختلفة، ويمكن أن نحسَّ بالمشاعر أكثر.

العلامات الجسدية الأكثر شيوعاً للتوتر هي مشكلات في النوم، والتعرق وفقدان الشهية، وهذه الأعراض يطلقها ارتفاع في هرمونات التوتر في أجسادنا، كما تُعرَّف باسم (استجابة الكر أو الفر).

إنَّ هرموني الأدرينالين والنورادرينالين هما من يرفعان ضغط الدم ونبضات القلب ومستوى التعرق، تجهيزاً للجسم لردٍّ اضطراري، ويمكنهما أيضاً خفض تدفق الدم إلى الجلد وخفض نشاط المعدة، وبينما الكورتيزول وهو هرمون آخر من هرمونات التوتر يفرز الدهون والسكريات إلى الدم لتزويد الجسم بالطاقة.

التمرين الجسدي يمكن أن يكون فعَّالاً جداً في التخلص من التوتر، والأفراد النشيطون يكون لديهم مستوى توتر أقل من غيرهم ممن هم أقل نشاطاً.

2. التأثير في تقدير النفس:

التمرين ليس له تأثيرٌ إيجابيٌ في صحتنا وحسب؛ بل ويزيد من ثقتنا بأنفسنا أيضاً، فتقدير النفس هو كيفية شعورنا تجاه أنفسنا وكيف نرى قيمة أنفسنا، إنَّه مؤشرٌ رئيسي لصحتنا الذهنية وقدرتنا على التكيف مع ضغوطات الحياة.

تبيَّن أنَّ للنشاط البدني تأثيراً إيجابياً في تقديرنا لذاتنا وقيمتنا الذاتية، وقد رُصِد هذا التأثير في الأطفال والمراهقين والبالغين والمسنين، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح عملية لتعزيز تقدير الذات

3. التأثير في الاكتئاب والقلق:

يمكن أن يكون النشاط البدني علاجاً بديلاً من علاجات الاكتئاب، ويمكن أن يُستخدم بوصفه علاجاً منفرداً أو أن يُدمج مع علاجٍ طبي أو نفسي، وله آثارٌ جانبية خفيفة، ولا يرتبط بوصمة العار التي يربط بعض الناس مضادات الاكتئاب أو العلاج النفسي بها.

النشاط البدني يمكنه أن يخفف القلق للناس الذين يعانون أعراضاً خفيفة، ويمكن أن يكون مفيداً في علاج اضطراب القلق، وهو متاحٌ للجميع، وتكاليفه قليلة، وهو نشاطٌ فعَّال يدعم التحكم بالذات ويعززه.

4. تعزيز القدرة على النوم:

إن كنت تعاني عدم الحصول على نوم كافٍ؛ فالتمرين سيساعدك على ذلك أيضاً؛ لأنَّ النشاط البدني يرفع درجة حرارة الجسم، ممَّا يهدِّئ الذهن ويخفف الأرق، كما أنَّه يساعد على ضبط توترك اليومي، وهو المنبه الموجود في أجسادنا الذي يتحكم بشعورنا بالنعاس وشعورنا باليقظة، على من الرَّغم من أنَّ تحسُّن النوم هو من الفوائد النفسية للتمرين، إلا أنَّ خبراء النوم يوصون بعدم ممارسة التمرينات قبيل الخلود إلى النوم.

5. تنشيط الدماغ:

يعزز التمرين القدرة العقلية بطرائق مختلفة، فقد أظهرت الدراسات على الفئران والبشر أنَّ تمرينات القلب والأوعية الدموية تقوم بصناعة خلايا دماغية جديدة في ظاهرة اسمها (تَخَّلُق النسيج العصبي)، ويحسِّن أداء الدماغ عامة، كما تمنع التدهور المعرفي وفقدان الذاكرة عن طريق تقوية الحُصين؛ وهو جزء الدماغ المسؤول عن الذاكرة والتعلم، كما أظهرت الدراسات أنَّ النشاط البدني يعزز الإبداع والطاقة الذهنية؛ لذا إن كنت بحاجة إلى الإلهام يمكن أن تكون فكرتك اللامعة على بعد تمرينٍ واحد.

في الختام:

لقد تبيَّن أنَّ النشاط البدني يؤثِّر تأثيراً إيجابيَّاً في مزاجنا، وقد طرحت إحدى الدراسات سؤالاً على الناس لتقييم مزاجهم بعد التمرين مباشرةً (مثل الذهاب للمشي أو أعمال المنزل)، وبعد فترات من عدم التمرين (مثل قراءة كتاب أو مشاهدة التلفاز)، وقد وجدت الأبحاث أنَّ المشتركين أحسوا بالرضى والنباهة والسكينة أكثر بعد النشاط البدني مقارنةً بعدمه، كما أنَّهم وجدوا أنَّ تأثير النشاط البدني في المزاج كان أعلى عندما كان المزاج سيئاً، ولا يغيِّر التمرين جسمك فقط؛ بل يغيِّر تفكيرك وسلوكك ومزاجك أيضاً.




مقالات مرتبطة