لقد أعدَّتني الجامعة قدر الإمكان للتعامل مع الجوانب الفنية في العمل، لكنَّني افتقدت نوعاً ما إلى إجراء نقاشات حول المواضيع التي سيكون لها في نهاية المطاف الأثر الأكبر في جعلي أشعر بالرضا عن العمل.
إليك بعض صور الواقع التي وجدت أنَّها الأكثر إثارةً للدهشة بعد التخرج من الجامعة:
1- التوظيف هو أبرز مشكلة تعاني منها الشركات الناجحة:
بقدر ما كنت خائفاً من عدم العثور على عمل كان المديرون مشغولين بكيفية تعيين موظفين يتأقلمون بسرعة، ويقدمون يد العون للفريق، ويساعدون الشركة في المُضي قُدُماً. وكانوا متوترين لأنَّهم لم يكونوا يعرفون المكان الذي يجب عليهم نشر إعلان العمل فيه بحيث يتقدم إليه أشخاصٌ مقبولون فعلاً، ولا كيف سيرتبون وقتهم لقراءة السير الذاتية وعقد مقابلات العمل، ولا كيف سيؤوِّلون الردود التي أعطاها الأشخاص الذين قدموا توصياتٍ حول المرشحين حينما سُئلوا عنهم. وحينما عرفوا أنَّهم عثروا على المرشح المناسب ظلّوا خائفين من ألَّا يستفيدوا من مرشحهم مثلما سيستفيد المنافسون من مرشحيهم وأن يخسروا معركة الظفر بالمواهب.
اقرأ أيضاً: 8 موظفين يجب أن تعيِّنهم لتحقّق شركتك الناشئة نموَّاً أسرع
2- إنَّ مهمّة المسؤولين عن إجراء المقابلات مع المتقدمين أصعب من مهمة المتقدمين أنفسهم:
كم يمكن أن يكون طرح الأسئلة أمراً صعباً؟ لقد عرفت الإجابة عن هذا السؤال حينما رافقت المشرف عليَّ في رحلةٍ لتعيين الموظفين. حينما كنت أبحث عملٍ وأستعد لإجراء مقابلات العمل كنت أهتم بأن أكون قادراً على تقديم إجابات رائعة عن الأسئلة الشائكة تجعلني أبدو ذكياً وألَّا أتصرف بحماقة. وحينما جلست على الطرف الآخر من الطاولة أدركت أنَّ الأشخاص المسؤولين عن إجراء المقابلات مع المتقدمين لا يريدون أن يجعلوا المرشح يبدو غبياً ولا أن يطرحوا أسئلةً يمكن الرد عليها بإجاباتٍ جاهزة، بل إنَّهم يبذلون أقصى جهدهم لطرح أسئلة تُظْهِر بشكلٍ فعلي إذا ما كنت تمتلك المهارات المناسبة وإذا ما كانت شخصيتك مناسبة للعمل – إذا ما كانت مشاعر الشغف التي لديك تتفق مع مشاعر الشغف التي لديهم، وإذا ما كانت أفكارك ستسد فجوةً ما، وإذا ما كنت تتمتع بقدرٍ كافٍ من الشجاعة. لكنَّ السؤال نفسه لا يَصلح دائماً لجميع المرشحين فقد لا يفهم مرشحٌ سؤالاً أجاب عنه مرشحٌ آخر إجابةً وافية لكنَّ هذا ليس له علاقة بكون المرشح مؤهلاً للمنصب أو غير مؤهَّلٍ له.
اقرأ أيضاً: هل الأسئلة التي تُطرَح في مقابلات العمل غريبة؟ إليك معناها الحقيقي
3- يحبّ زملاء العمل فعلاً التدخّل في حياتك:
كنت أشعر أنَّ أيَّ إفصاحٍ عن تفاصيل الحياة الشخصية في العمل هو أمرٌ لا داعي له وكانت الحوارات التي أجريها مع الزملاء تقتصر على أسئلةٍ سطحية من قبيل "كيف كانت عطلة نهاية الأسبوع؟" عوضاً عن طرح أسئلة عن تفاصيل خاصة حول أفراد عائلات الزملاء وأهدافهم الشخصية، وحينما بدأت أشاهد الآخرين حولي يجرون حواراتٍ جدية لاحظت الفرق وبدأت أتساهل أكثر مع الأمر.
4- ستُنجز 80% من عملك خلال 20% من وقت العمل:
إذا كنت محظوظاً ستستفيد من ذلك في كسب مزيد من الوقت لإشباع شغفك، أو التطوّع، أو تحمّل مسؤوليات جديدة، لكن إذا لم تكن كذلك ستجد نفسك جالساً بلا عمل خلال 80% من اليوم.
5- السعادة في العمل ترتبط بأمور كثيرة غير الحوافز والراتب:
"أنا أتقاضى راتباً وأعمل في مجال دراستي وأجني ما يكفي لدفع الفواتير فكيف لا أكون سعيداً بوضعي؟" أنا أعرف الكثير من الأشخاص المتخرجين حديثاً الذين يطرحون هذا السؤال لا سيما إذا كان لديهم أصدقاء لم ينجحوا إلى الآن في الحصول على وظيفةٍ بدوامٍ كامل. وفي بعض الحالات يمتد الأمر إلى المكاسب المادية الرائعة في العمل: "أنا أقضي ساعات رائعة، إذ إنَّني ألعب الورق مع زملائي في وقت الغداء، ولدي تأمينٌ ممتاز، والمدير يكافئني دائماً بعطلٍ إضافية، فماذا أريد غير ذلك؟". لكنَّ الحقيقة تقول أنَّك ستظل تسعى إلى الحصول على عملٍ في مجال خبرتك يتحدى عقلك ويُحفّزه ويجعلك تشعر بالشغف مهما كانت الحوافز التي تحصل عليها.
لقد تعلمت الكثير من الأمور خلال ثلاث سنوات لكنَّني لم أتقن الحصول على أقصى استفادةٍ من ساعات يومي، أو أن أحدد الأمور التي تثير الشغف في نفسي، أو أن أستفيد من حياة زملائي وهذا بالنسبة إلى العديد من الناس يحتاج إلى كثيرٍ من سنين التعلم الإضافية.
أضف تعليقاً