4 أشياء لا أهمية لها إطلاقاً على الأمد الطويل

في صباح أحد أيام الأحد الماطرة قبل 15 عاماً عندما كنت أنا وزوجتي "إنجِل" نكافح لتقبل حقيقة وفاة اثنين من أحبائنا المقربين جلست على طاولة المطبخ، وفكرت عميقاً في نفسي، لقد قرأت مئات الأقسام المؤرشفة في خمس دفاتر يوميات مختلفة احتفظت بها على مر السنين، على وجه التحديد كنت أبحث عن كل الأهداف والأحلام والرؤى المستقبلية التي لم تتحقق، والتي دونتها خلال حياتي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويشرح فيه أهمية التخلي عن العادات غير الهامة في الحياة.

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن أدرك أنَّ حياتي حتى تلك اللحظة كانت مجرد انعكاس لأفكار الآخرين وآرائهم وقراراتهم، كنت أدرك تماماً أنَّ الحياة قصيرة، ومع ذلك كنت أعيش كل يوم باستهتار، وأفعل ما كان من المفترض أن أفعله بدلاً من السعي وراء شغفي الحقيقي، وكنت مرتاحاً في حياتي ومعتاداً عليها؛ لكنَّني كنت غافلاً تماماً عن الأمور الهامة حقاً في الحياة.

أما اليوم عندما استيقظت هذا الصباح ذُهِلتُ من حياتي؛ ففي حين كنت أستيقظ سابقاً وأجد صعوبةً في عيش يوم جديد أستيقظ الآن متحمساً ممتناً؛ لأنَّني أفعل ما أفعله يومياً، وممتناً لأنَّني رتبت أولوياتي تريباً صحيحاً، وأعطيت نفسي فرصةً عادلة.

أقول لكم هذا؛ لأنَّني أعلم أنَّ الحياة قد تبدو مجنونةً أحياناً، وفي بعض الأحيان تصبح الحياة صعبةً ومعقدةً لدرجة أنَّنا ننسى أهمية الإنصات إلى أنفسنا، وتمتلئ برامج أعمالنا وحساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي وأيامنا بإلهاءاتٍ مختلفة؛ فقط كي نتجنب القيام بالأشياء الصغيرة المزعجة؛ لكنَّها ضرورية لنصل من حيث نحن الآن إلى حيث نأمل أن نكون.

في اللحظة التي نشعر فيها ببعض الانزعاج نهرب في اتجاه أقرب غرضٍ لامع يلفت انتباهنا، وهذه العادة تقضي تدريجياً على نياتنا الحسنة وإمكاناتنا الحقيقية، نضع أحلامنا وأولوياتنا جانباً، ونندم على ضياع عام آخر.

يعاني معظمنا خللاً عميقاً في ترتيب أولوياته على الرَّغم من أنَّنا في أعماقنا نعلم أنَّ حياتنا تمر بسرعة، إذا كانت هذه الأفكار تَمُسُّك بأي شكل يسعدني أن أخبرك بأنَّ الأشياء يمكن أن تتغير إذا أردتها أن تتغير مهما كان عمرك.

مثلما غيرت حياتي أعرف مئات الأشخاص الآخرين الذين فعلوا الشيء نفسه؛ فخلال عقد من تقديم التدريب للمتدربين والحاضرين في حلقاتنا الدراسية شاهدت أنا وإنجِل أشخاصاً يعيدون اكتشاف أنفسهم في جميع الأعمار؛ أشخاصٌ يبلغون من العمر 48 عاماً يكوِّنون أُسراً، وآخرون يتخرجون من الكلية لأول مرة عندما يبلغ عمرهم 57عاماً، ناهيك عمن يؤسسون شركاتٍ ناجحة بعمر 71 عاماً، وما إلى ذلك.

كيف فعلنا ذلك جميعاً؟ كانت الخطوة الأولى هي أنَّنا توقفنا عن إهدار الوقت والطاقة على أشياء غير هامة، بالطبع يحتاج هذا الانتقال إلى الممارسة، لكن إذا كنت مستعداً لتحذو حذونا وتبدأ تغيير حياتك، فإليك أربع أفكار شائعة جداً تسلبنا الحياة التي يمكننا أن نعيشها:

1. الاعتقاد بأنَّنا بحاجة إلى الرسائل النصية وأخبار مواقع التواصل الاجتماعي وصورها:

إذا كان شيءٌ ما يسليك الآن؛ لكنَّه سيؤذيك أو يضجرك يوماً ما فهو ليس إلا مجرد إلهاء؛ لذا لا تُضحِّ بما تريده حقاً في الحياة في سبيل ما تريده بعض الشيء حالياً، ادرس عاداتك واكتشف أين يضيع وقتك وتخلص من كل ما يشتتك، لقد حان الوقت للتركيز على الهام.

لكن من أين تبدأ؟ تعلَّم أن تكون أكثر إنسانية مرةً أخرى، ولا تتجنب التواصل البصري، ولا تختبئ وراء الأجهزة الإلكترونية، ابتسم أكثر، واسأل الناس عن قصصهم واستمع جيداً؛ فلا يمكنك التواصل مع أيِّ شخص - حتى نفسك - إلا إذا ركزت اهتمامك على لحظات الحاضر وأنت غير مشتت الذهن، ولا يمكنك أن تكون أياً من الاثنين عندما تُهدر حياتك في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكنك أبداً.

إذا كنت ملتصقاً بهاتفك الذكي طوال الوقت تستمع بأذنيك فقط في حين تراقب عيناك الخبر التالي، فإنَّك تحرم نفسك من عيش علاقات حقيقية وحياة حقيقية، وينطبق الشيء نفسه على الرسائل النصية أيضاً، وستصدم يوماً عندما تُدرك أنَّ ذكرى ضائعة أسوأ بكثير من رسالةٍ لم يُرَد عليها.

فليكن هذا نداء صحوتك، غالباً ما نختار تشتيت انتباهنا بالأجهزة الإلكترونية والأخبار ومقاطع الفيديو والموسيقى والصور طيلة الساعة لتحفيز أنفسنا فقط، لقد أصبح أمراً بديهياً بالنسبة إلينا؛ إنَّنا معتادون الشعور بأنَّ اللحظة الحالية لا تستحق انتباهنا الكامل، وأنَّ عقلية الإلهاء وعدم الرضى هذه عقلية أنَّ الواقع لا يكفي أبداً تتغلغل في كل جانب من جوانب حياتنا؛ إذ إنَّنا:

  • نفكر باستمرارٍ في القادم كأنَّ ما لدينا الآن لا يستحق التقدير.
  • نجلس للاسترخاء للحظة، ثمَّ نشعر على الفور بالحاجة إلى قراءة شيء ما على هواتفنا، كما لو أنَّ الاسترخاء للحظة لا يكفي.
  • نماطل عندما يحين وقت العمل، ونبحث عن المزيد من مصادر الإلهاء، كما لو أنَّ القيام بعمل جيد لم يعد كافياً بالنسبة إلينا.
  • ننزعج من الناس عندما يفشلون في تلبية توقعاتنا كأنَّهم ليسوا كافين كما هم.
  • نقاوم التغييرات في حياتنا، وفي علاقاتنا، وفي وظائفنا؛ لأنَّ الواقع يبدو غير كافٍ.
  • نرفض المواقف والأشخاص وحتى أنفسنا؛ لأنَّنا نشعر أنَّ أيَّاً منها لا يكفي لنا الآن.
إقرأ أيضاً: انجح في حياتك من خلال مفهوم "إطار الحياة الكاملة"

لكن ماذا لو فعلنا العكس؟

ماذا لو قبلنا أنَّ هذه اللحظة بكل ما فيها، وكل من فيها حتى نحن أنفسنا كافيةٌ تماماً؟

ماذا لو اعترفنا بأنَّ الحياة تضيع منَّا، وأنَّ الوقت الذي لدينا كافٍ دون الحاجة إلى مشاركة كل شيءٍ على وسائل التواصل الاجتماعي أو تصويره أو تعديله بأيِّ شكل من الأشكال؟

ماذا لو قبلنا الجوانب السيئة مع الجيدة، والإحباط مع الدروس، والإزعاج مع كل ما هو جميل، والقلق مع الفرص وعدَدناه جزءاً من كل ما تقدمه لنا هذه اللحظة.

ماذا لو توقفنا الآن، ورأينا كل شيء بوضوح تام ودون أي مشتتات؟

ألن نعيش حياةً ذات معنى وحياةً لا تُنسى؟

ألن يكون لدينا مزيد من القصص الجميلة لنعتزَّ بها ونشاركها؟

بالتأكيد؛ ومن ثَمَّ أظنُّ أنَّه الوقت المناسب للانتباه، وللنظر حولنا، والشعور بالامتنان لصحتنا ومنازلنا وعائلاتنا وأصدقائنا وفرصنا الحالية.

عندما ننظر إلى الوراء يوماً ما لن يكون أيُّ شيء آخر هاماً بقدر هذه الأشياء.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتبدأ نهارك وأنت في قمة السعادة

2. الاعتقاد بأنَّنا نحتاج إلى قبول الآخرين:

إنَّنا قلقون حيال أفكار الآخرين عنا، وقلقون بشأن مظهرنا، وما إذا كان الناس سيحبوننا، إنَّنا قلقون من أنَّنا لم نحقق كل ما ينبغي لنا أن نحققه، وقلقون من الفشل، ومن أنَّنا لسنا كافين كما نحن، وبالطبع إنَّنا قلقون أيضاً بشأن كل تلك الأشياء الحمقاء والطائشة التي قالها أحدهم عنا ذات مرة.

كما أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي بثقافتها التي تحثُّ على السعي إلى الحصول على قبول الناس من خلال تعبيرات الإعجاب والقلوب الافتراضية وصور الأجساد المثالية والرحلات المذهلة؛ فإنَّها تزيد من حدة المشكلة، تأكد فقط من أنَّك لا تحتاج إلى أيٍّ من ذلك القبول الاجتماعي والإلهاء في حياتك.

إنَّ قناعتك هي التي تحدد مستوى نجاحك الشخصي على الأمد الطويل، وليس عدد الأشخاص الذين يتفقون مع كل خطوة صغيرة تخطوها، في النهاية ستعرف أنَّك اتخذت القرارات الصحيحة، واتبعت المسار المناسب الذي يُشعرك بسلام حقيقي في قلبك، عندما ترى الأشخاص القلائل الذين يعنون لك العالم بأسره يحتفلون بنجاحك.

من الجيد أن يكون لديك معارف، ومن الضروري أن تشارك في مجتمعك إلى حد ما، لكن لا تنجرَّ بعيداً ولا تُكثر التزاماتك، اترك متسعاً من الوقت للأشخاص والمشاريع التي تهمك كثيراً، إنَّ وقتك محدود للغاية، وعاجلاً أم آجلاً سوف تتوق إلى قضاء مزيد منه مع مجموعة مختارة من الأشخاص والمشاريع التي تجعلك تبتسم ابتسامةً حقيقية.

الهدف النهائي هو ألا تدع رأي أي شخص يؤثِّر في واقعك، وألا تضحي أبداً بهويتك أو بطموحك لأنَّ شخصاً ما على الإنترنت يرى فيهما مشكلةً، وأن تحب من أنت قلباً وقالباً في حين تمضي قدماً، وأن تدرك دائماً أنَّه لا أحد لديه القدرة على جعلك تشعر بأنَّك لستَ كفئاً ما لم تمنحه تلك الصلاحية.

في بعض الأحيان قد يكون الضغط والأحكام المختلة من الأقران والعمل والمجتمع عموماً كافيةً لتجعلنا نشعر بأنَّنا محطمون تماماً من الداخل، وإذا فعلنا الأشياء بطريقة مختلفة عن الآخرين قد يُنظر إلينا بازدراء، وإذا طمحنا كثيراً قد يُستهزأ بنا، وإذا لم يكن لدينا الوظيفة والعلاقة ونمط الحياة المناسب، وما إلى ذلك حسب عمر معين أو إطار زمني معين يُقال إنَّنا لسنا جيدين كفاية؛ لكنَّ هذا ليس صحيحاً أبداً، وإدراك ذلك هو مهمتك.

تذكَّر أنَّ هذه الحياة هي حياتك بما فيها من خياراتٍ وأخطاء ودروس، فإن كنت لا تؤذي الناس فلا داعي للقلق حيال آرائهم.

3. الاعتقاد بأنَّنا نحتاج إلى المآسي كل يوم:

إنَّ الغالبية العظمى من المآسي في حياتنا ليس لها أهمية على الأمد الطويل؛ لأنَّها ليست حقيقيةً حتى، إنَّها محض أفكارٍ تختلقها عقولنا وارتفاع مؤقت في ضغط الدم لا داعي له على الإطلاق.

باختصار إنَّ معظم المآسي هي ببساطة نتيجة لمقاومتنا الداخلية للحوادث الخارجية؛ ومن ثمَّ يوجد احتمال كبير أنَّ المآسي التي تمر بها في أيِّ لحظة معينة لا تغذيها أقوال الآخرين أو أفعالهم أو أيِّ مصادر خارجية على الإطلاق؛ بل يغذيها في المقام الأول عقلك الذي يعطي أهميةً لها، نفعل جميعاً هذا بأنفسنا أحياناً.

لكن لماذا؟ لماذا نشعر بالتوتر بسهولة ونغرق في المآسي التي لا داعي لها؟

ذلك لأنَّ العالم ليس مكاناً سعيداً ومنظماً، ويمكن التنبؤ به مثلما نتمنى، ونريد دائماً أن تكون الأمور سهلة ومريحة ومرتبة جداً، لكن لسوء الحظ في بعض الأحيان يكون العمل عصيباً والعلاقات معقدةً، كما يتطلب الأشخاص الهامون وقتنا الثمين، ولسنا مستعدين لذلك مثلما يُفترَض أن نكون، ولدينا كثير ممَّا يجب فعله وتعلمه ومعالجته ذهنياً، وعندها تتأجج مقاومتنا الداخلية.

تكمن المشكلة في أنَّنا نتمسك بشدة بالمبادئ التي لا تطابق الواقع، لقد وضعنا توقعات لا شعورية في أذهاننا لما نريد أن يكون عليه الآخرون، وما نريد أن نكون عليه، وما ينبغي لنا أن يكون عليه عملنا وعلاقاتنا وحياتنا.

إنَّ تبنِّي هذه المبادئ ورفضنا لقبول الأشياء على حقيقتها يثير التوتر في أذهاننا والمآسي في حياتنا، ونحن لا نريد أن نكون جزءاً من هذه المآسي، وهذا ما نقوله لأنفسنا على الأقل؛ لذلك نلوم الآخرين على ذلك، ثمَّ ننخرط في المزيد منها.

لكن لحسن الحظ يمكننا الخروج من دوامة المآسي والتخلي عنها، وتحقيق السلام مع الواقع؛ إليك تمرين بسيط يمكن ممارسته كلما شعرت بالتوتر والقلق وجميع المشاعر الأخرى المستُنزفة التي تغذي المآسي في حياتك:

ركز بعناية على مشاعرك ولا تُسكِّنها ببعض الإلهاءات، بدلاً من ذلك كن أكثر وعياً بهذه المشاعر، ورحِّب بها، وابتسم لها، وامنحها حضورك الذهني الكامل.

لاحظ تأثيرها في جسدك؛ فأين يقع الشعور؟ وما هي الصفات الفريدة التي يتمتع بها؟

لاحظ التوتر في جسدك، وفي عقلك أيضاً الذي ينشأ من هذا الشعور.

حاول إرخاء الأجزاء المتوترة من جسدك، ثمَّ الأجزاء المتوترة من عقلك؛ وذلك من خلال التركيز على أنفاسك، أغمض عينيك واستنشق واشعر بهذا الشهيق، ثمَّ ازفر واشعر بهذا الزفير، وهكذا مراراً وتكراراً حتى تشعر بمزيد من الاسترخاء.

في هذه الحالة الأكثر استرخاءً جِد مساحة هادئة داخلك، وفي هذه المساحة اسمح لنفسك بإعادة اكتشاف الخير الكامن بداخلك الموجود في كل لحظة، واسمح لنفسك أيضاً بإعادة اكتشاف الخير الكامن في هذه اللحظة بالذات؛ فالخير موجود دائماً متى أردت التركيز عليه، ثمَّ خذ الوقت الكافي للشعور بالسلام الداخلي الذي يجلبه هذان الاكتشافان البسيطان.

هذا هو تمرين التخلي عن مشاعر الأسى، وقبول هذه اللحظة كما هي، وتقبُّل النفس كما هي، ويمكنك القيام بذلك في أي وقت وأينما كنت، ويمكنك التدرب على إيجاد الخير في الآخرين أيضاً، ورؤية الخير في تحدياتك وعلاقاتك وعملك، وهكذا دواليك، ويمكنك بناء عاداتٍ يومية صحية لإيقاف المآسي التي لا داعي لها في حياتك، وإعادة اكتشاف السلام والفرح والحب التي يفصلك عنها بضع أفكارٍ فقط.

شاهد بالفيديو: 15 درس يجب أن نتعلمها من الحياة

4. الاعتقاد أنَّنا نحتاج إلى يوم مريح ومسلٍّ:

إنَّ قضاء يوم مريح ومُسلٍّ يبدو جيداً للوهلة الأولى، لكن عندما تنظر إلى الوراء إلى هذا اليوم لن يجعلك تشعر بالامتنان لما وصلت إليه.

الحق يُقال إنَّ الإدمان الأكثر شيوعاً ودماراً في هذا العالم هو إدمان الراحة؛ فلا داعي لتواصل النمو في حين يمكنك الجلوس على أريكتك ومشاهدة مقاطع اليوتيوب (Youtube) ومئات القنوات التلفزيونية؛ لكنَّ هذه ليست حياة؛ بل إنَّها محض وجود فارغ.

إنَّ الحياة تعني التعلم والنمو بحماسة وبلا راحة، يتعلق الأمر بطرح الأسئلة والبحث عن الإجابات؛ فالحياة مليئة بالأسئلة، وكثير منها لا إجابة واضحة أو فورية له، إنَّ رغبتك في طرح هذه الأسئلة وشجاعتك للغوص بجرأة في المجهول بحثاً عن الإجابات هو ما يعطي الحياة معناها.

في النهاية يمكنك أن تقضي حياتك في حين تشعر بالأسف على نفسك، وتجلس على أريكتك مرتاحاً، وتتساءل لمَ يعجُّ عالمنا بالكثير من المشكلات، أو يمكنك أن تكون ممتناً؛ لأنَّك قوي بما يكفي لتحملها؛ إذ يعتمد الأمر فقط على طريقة تفكيرك، ومن ثمَّ فإنَّ الخطوة الأولى الواضحة هي إقناع نفسك بالنهوض من مكانك والقيام بالأشياء المزعجة التي يجب القيام بها.

كم مرةً خلال العام الماضي تخليت عن أفضل نياتك سعياً إلى الراحة؟ وكم تمرين فاتك لأنَّ عقلك - وليس جسمك - أخبرك أنَّك متعب جداً؟ وكم عدد التمرينات التي تجاوزتها لأنَّ عقلك - وليس جسدك - أخبرك بأنَّ 9 تمرينات كافية ولا داعي للعاشر؟

في العام الماضي وحده ربما كانت الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة هي على الأرجح عشرات المرات؛ وذلك بالنسبة إلى معظم الناس ومنهم أنا، ويمكن إعادة صياغة هذه الأسئلة بسهولة وتطبيقها على مجالات مختلفة من حياتنا أيضاً.

إقرأ أيضاً: ما هو أقل ما يمكنك فعله للحفاظ على صحتك؟

في الختام:

إنَّ جاذبية الراحة - وهي نقطة ضعف شائعة للعقل البشري - إلى جانب قلَّة الإجراءات على أرض الواقع تُدمِّر إمكاناتنا تماماً؛ فعندما نسعى إلى الراحة ونتجنب أي انزعاج لن نُحقق أيَّ شيء هام، والطريقة الوحيدة للخروج من هذه الورطة هي بالممارسة اليومية.

يحتاج عقلك إلى التمرين لاكتساب القوة، ويجب أن تُمرنه كل يوم لينمو، وإذا لم تُعامل قليلاً من الضغوطات الصغيرة، وإذا كنت تتجنب دائماً القيام بالأشياء المزعجة؛ فمن شبه المؤكد أنَّك ستنهار في الأيام الصعبة التي ستأتي عاجلاً أم آجلاً.

اختر الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية عندما يكون النوم أكثر راحة، واختر أداء التمرين العاشر عندما يكون الاستسلام عند التاسع أكثر راحة، واختر إنشاء شيء مميز عندما يكون من المريح مشاهدة برنامج رديء آخر، واختر رفع يدك واطرح ذلك السؤال الإضافي عندما يكون الصمت أكثر راحة، واختر أن تتمسك برأيك في حين يكون من المريح أن توافق الآخرين فقط.

أثبت لنفسك بطرائق صغيرة مختلفة كل يوم أنَّ لديك الشجاعة للنهوض والقتال من أجل الحياة التي تستحق أن تعيشها.

مثلك تماماً لست أنا وإنجِل محصنين ضد أيٍّ من نقاط الضعف هذه، ولا أحد معصومٌ من تلك الأمور، في بعض الأحيان نترك دوافعنا الضعيفة تتمكن منا، ويتطلب الأمر كثيراً من الممارسة فقط لإدراك ذلك، ثم مزيداً من الممارسة لإعادة أنفسنا إلى المسار الصحيح.




مقالات مرتبطة