مع هذه التغييرات، يتوقع ثلاثة أرباع المديرين التنفيذيين توفُّر فرص نمو كبيرة؛ لذا من الهام تعزيز الابتكار في جميع الإدارات وعلى جميع المستويات، لتهيئة مؤسستك لتحقيق النجاح على الأمد الطويل؛ إذ يُعَدُّ التدريب على الابتكار وسيلة فعالة للغاية لتحقيق ذلك.
ما هو التدريب على الابتكار؟
التدريب على الابتكار: هو برنامج أو دورة تدريبية تساعد المتعلمين على فهم نظريات وأُطر وتقنيات الابتكار، والاستفادة منها، فقد يختلف نطاق ومحتوى التدريب على الابتكار اعتماداً على المؤسسة، وأحد الأمثلة عن التدريب على الابتكار هو دورة "الاستراتيجية المزعزعة" (Disruptive Strategy) التي يقدمها الأستاذ بكلية "هارفارد للأعمال" (Harvard Business School) "كلايتون كريستنسن" (Clayton Christensen) عبر الإنترنت؛ إذ يتعلم المشاركون في هذه الدورة كيفية الموافقة بين الموارد والعمليات لتطوير ثقافة مبتكَرة، وتقييم الفرص الجديدة والتهديدات المحتملة في مجالات عملهم، والاستفادة من الاضطرابات في تعزيز نمو مؤسساتهم.
لماذا يُعَدُّ التدريب على الابتكار هاماً؟
تأتي أهمية التدريب على الابتكار من أنَّه يعزز التفكير الاستراتيجي الذي يحسِّن أداء الفريق، ويساعد مؤسستك على الوصول إلى أقصى إمكاناتها، فإن لم تركز على الابتكار، فلن تتنافس مؤسستك مع التكنولوجيا المزعزعة (disruptive technologies).
وجد تقرير حديث صادر عن شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC) أنَّ الرؤساء التنفيذيين يَعُدُّون إعادة التدريب وصقل المهارات أولوية قصوى في منظماتهم؛ إذ أشار 55% منهم إلى أنَّ الافتقار إلى المهارات يمنعهم من الابتكار بفاعلية؛ لذا إذا كنت ترغب في تجنب هذا المأزق في مؤسستك، فإليك 4 طرائق يساعدك بها التدريب على الابتكار على تطوير مؤسستك.
شاهد بالفديو: تعزيز الإبداع والابتكار في فريق عملك
فوائد التدريب على الابتكار:
1. يساعد مؤسستك على تلبية احتياجات العملاء:
تتمثل إحدى الفوائد الأساسية للتدريب على الابتكار في أنَّه يساعدك أنت وزملاؤك على فهم احتياجات العملاء وتلبيتها بصورة أفضل، ففي دورة "الاستراتيجية المزعزعة"، يستخدم المشاركون نظرية الوظائف التي يتعين تحقيقها (JTBD)، والتي ابتكرها "كريستنسن" لاستكشاف تلك الاحتياجات ومعرفة سبب اختيار العملاء لعروض معينة دوناً عن غيرها، كما تنص النظرية على أنَّ العملاء لا يشترون المنتجات والخدمات؛ بل "يستأجرونها" لأداء مهمة معينة.
تُعَدُّ شركة "باي بال" (PayPal) أحد الأمثلة الواقعية عن خدمة تلبي الوظيفة التي يتعين تحقيقها، والتي تخدم احتياجات العملاء الذين يريدون طريقة سهلة للدفع عبر الإنترنت، وعلى الرغم من وجود شركات أخرى قد تلبي هذه الحاجة، إلا أنَّ موقع "باي بال" يتعامل مع شريحة كبيرة من التجار، ومعروف بأمانته والميزات المريحة التي يوفرها، وهذا يجعله الخيار الأفضل للمستهلكين.
من خلال المشاركة في التدريب على الابتكار، ستُحدِّد المهام التي يريد العملاء من مؤسستك إنجازها باستخدام منتجاتك وخدماتك، كما ستستطلع آراء العملاء أو تستخدم أساليب أخرى لتحسين العروض التي تقدِّمها شركتك لخدمة احتياجات المستخدمين بصورة أفضل.
2. يجهِّز مؤسستك للاستفادة من أي اضطراب يطرأ:
تتمثل الميزة الجوهرية للتركيز على تلبية العملاء الذين لديهم مهام يتعين عليهم إنجازها، في أنَّها تجهز مؤسستك للاستفادة من الاضطرابات بدلاً من الاستسلام لها، فوفقاً لتقرير صادر عن شركة "أكسنتشر" (Accenture)، عانت أكثر من 60% من الشركات في 20 مجال عمل مختلفاً من اضطراب، وأكثر من 40% معرضون لمواجهة اضطراب في المستقبل.
يقول "كريستنسن": "الطريقة التي تحمي بها نفسك من الاضطرابات والاستغناء عن خدماتك، هي من خلال تنظيم عملك بحيث تركز على المهام التي يتعين القيام بها، وهذا يساعدك على إنشاء عمليات وطرائق عمل متكاملة يجد منافسوك صعوبة في تقليدها".
باستخدام الدروس والتقنيات المستقاة من التدريب على الابتكار، تصوغ استراتيجية تضع من خلالها احتياجات العملاء ومهامهم المختلفة في الحسبان، وتضمن أن تكون مؤسستك مستعدة للاستجابة للفرص الجديدة والتهديدات المحتملة عند ظهورها.
يقول "كريستنسن": "إذا نظَّمتَ مشروعك بطريقة تقدِّم فيها منتجاً أو خدمة تؤدي مهمة ما بصورة أفضل مع مرور الوقت، فسوف يفتح ذلك أمامك فرصاً لاستخدام تقنيات جديدة عند ظهورها؛ إذ يتمحور عملك حول أداء المهمة بصورة أفضل، وألَّا يتراجع ذلك مع مرور الوقت بسبب ثبات الجودة في المهام التي يتعين إنجازها".
3. يعزِّز الأداء والنمو التنظيمي:
قد يؤثر التدريب على الابتكار تأثيراً إيجابياً في أداء مؤسستك ونموها؛ إذ تُظهِر البيانات التي جمعَتها شركة "مايكروسوفت" (Microsoft)، أنَّ الشركات ذات الثقافات المبتكَرة التي تتقبل الأفكار الجديدة وتدعمها، يزيد احتمال أن تشهد نمواً مضاعَفاً مقارنة بالشركات التي لديها تركيز أقل على الابتكار.
قد يحقق الابتكار مكاسب مالية أيضاً؛ إذ تشير الأبحاث التي أجرتها شركة "ماكينزي" إلى أنَّ الشركات التي تطبق خمساً أو أكثر من "الممارسات الرئيسة للابتكار"، مثل الطموح، والاكتشاف، والتكيف، والتنظيم، تُحقِّق عوائد مالية أكبر من المنظمات الأقل ابتكاراً.
4. يعزِّز اندماج الموظفين ونسبة الاحتفاظ بهم:
يعزِّز الابتكار أيضاً نسبة الاحتفاظ بالموظفين والتزامهم في العمل، فوفقاً لأبحاث إضافية أجرتها شركة "مايكروسوفت"، يخطط 86% من الموظفين الذين يعملون في شركات تستثمر في الابتكار للبقاء على رأس عملهم، مقارنةً بـ 57% من الموظفين الذين يعملون في شركات مستوى اهتمامها بالابتكار منخفض.
في مقال نُشِرَ في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، يصف المسؤولون التنفيذيون من شركة "باير" (Bayer) للصناعات الدوائية وعلوم الحياة، كيف مكَّنت المبادرات والتدريب على الابتكار مؤسساتهم من تحقيق التغيير؛ إذ أنشأت الشركة - بوصفها جزءاً من العمل على الابتكار - شبكة من السفراء والكوتشز المتطوعين الذين يسعون من خلال التدريب وورش العمل إلى التواصل وإلهام الموظفين للمشاركة في الابتكار.
أدَّت المبادرة إلى إنشاء شبكة من السفراء والكوتشز في 70 دولة، فقد شارك 80% منهم في أعمال ابتكارية بنشاط، على الرغم من أنَّ ذلك كان خارج نطاق مناصبهم الرسمية، كما شارك أكثر من 5000 شخص في ندوات الابتكار على الإنترنت وفعاليات التدريب.
يوضح هذا المثال الأثر العميق الذي قد يُحدِثه التدريب على الابتكار، فلا تقتصر فوائده على تعزيز الالتزام بالابتكار في جميع أنحاء مؤسستك فحسب؛ بل تُوضِّح أيضاً كيفية تنظيم مواردها ومواءمتها.
في الختام:
يُعَدُّ التدريب على الابتكار مهمةً جديرة بالاهتمام تُزوِّد مؤسستك بالمهارات اللازمة لتزدهر مع تطور مجال العمل، وعلى الرغم من وجود مجموعة من الموارد التي تستخدمها لتعلُّم مزيدٍ من الأمور عن الابتكار في الوقت الذي يناسبك، يختار محترفون عدة نهجاً أكثر تنظيماً، مثل حضور دورة تدريب عبر الإنترنت.
أضف تعليقاً