3 طرق لمعرفة ما إذا كنت قد انخدعت بأسطورة السعادة

هل تساءلتَ يوماً ما إذا كان يجب أن تكون أكثر سعادةً؟ ربما تكون في إجازة وقد سافرتَ لوقت طويل وتكبَّدتَ مصروفات كبيرة للوصول إلى منتجعٍ جميلٍ معزولٍ يقع على شاطئ البحر، وبعد أن استقررتَ في منزلك المؤقت، فأنت على استعداد للخروج والاستمتاع بمحيطك الجديد، وبينما تتمدد على الرمال، قد تقول لنفسك: "حسناً، حان وقت الاستمتاع" تريد أن يكون كل شيء مثالياً وأن تكون سعيداً.



يُظهر بحث جديد كيفية اكتشاف الأفكار غير المنطقية المرتبطة بالسعادة.

بينما تستعد للدخول في حالة من النعيم المبهج، تبدأ فكرة حزينة بتهديد قدرتك على الاستمتاع باللحظة، فقبل مغادرة المدينة مباشرة، اتصلَت صديقةٌ لإعلامك بوفاة والدها في الليلة السابقة، والأسوأ من ذلك، علمَت هذه الصديقة مؤخراً أنَّها تعاني من مرض خطير يتطلب علاجاً مكثفاً خلال الأشهر العديدة القادمة، فتشعر بالسوء بمجرد تخيُّل ما تمرُّ به ولكنَّك أيضاً تنزعج من نفسك، فأنت في إجازة، ومن المفترض أن تكون سعيداً.

ربما لا توجد مواقف في الحياة يكون فيها النعيم كاملاً؛ فهناك ما يعكر مواقف حياتنا كلها سواء كان ذلك أخباراً سيئة أم طقساً أم مرضاً جسدياً أم مواقف مرهقة، وحتى عندما تكون سعيداً، هناك دائماً شيء يمكِن أن ينتقص من حالة التفاؤل لديك، كأن تشعر بالقلق من الإصابة بحروق الشمس أو أن ترى بعض السحب المتجمعة في الأفق، أو ربما بدأ رفاقك في السفر يضايقونك، ومع ذلك؛ لأنَّك تعتقد أنَّك يجب أن تشعر بالسعادة، فإنَّك تجد صعوبةً أكبر في تنحية هذه الأفكار جانباً.

يمكِن أن يكون هناك جوانب سيئة للسعادة:

وفقاً لدراسة أجراها "مراد يلديريم" (Murat Yildirim) من جامعة أغري إبراهيم جيجن (Ağrı İbrahim Çeçen University) و"جون مالتبي" (John Maltby) من جامعة ليستر (University of Leicester)، قد لا تكون السعادة هي الهدف المنشود، من ناحية أخرى، السعادة هي حالة ممتعة؛ أي الحالة المزاجية التي كنتَ عليها عندما استلقيتَ على الرمال لأول مرة، لكنَّ بيت القصيد هنا هو أنَّ السعادة تختلُّ حينما تجعل نفسك بحاجةٍ إليها، بغضِّ النظر عن السبب. يقول مُعِدَّا الدراسة التركي "مراد" والبريطاني "جون" إنَّ الناس يدمرون قدرتهم على الإحساس بالسعادة من خلال فرض "معايير مبالغ فيها على أنفسهم للوصول إليها".

المفارقة في السعادة يه أنَّ المشكلات تبدأ عندما تدع كلمات مثل "ينبغي" أو "يجب" أو "يتعين" تتدخل بحاجتك لجعل نفسك في مزاج جيد، وبربط نظرية "يلدريم" (Yildirim) و"مالتبي" (Maltby) بالنظرية العاطفية المنطقية لألبرت إليس (Albert Ellis)، يشير مُعِدَّا الدراسة إلى أنَّ هذا "التفكير المطلق" هو ما ينتقص من الصحة العقلية؛ حيث يمكِن أن يجعلك دفع نفسك لتكون سعيداً أكثر بؤساً فقط عندما يفشل وضعك في الارتقاء إلى مستوى معاييرك غير الواقعية للنعيم التام.

بعض الناس أكثر عُرضةً من غيرهم للتمسك بهذه المعتقدات غير العقلانية، كما يقترح "يلدريم" (Yildirim) و"مالتبي" (Maltby)، فالشخصية وأسلوب المواجهة عاملان هامان يدخلان في هذه المعادلة، والأشخاص الأكثر ميلاً للتمسك بإجبار أنفسهم، وفقاً لتوقعاتهم، هم الأشخاص الذين يحاولون باستمرار إصلاح الأشياء غير القابلة للإصلاح، اختبرَ بحثهم هذا التوقع من خلال دراسة العلاقات بين معتقدات السعادة غير العقلانية والشخصية وأسلوب التأقلم.

شاهد بالفيديو: 6 أمور تسرق منك السعادة إياك والقيام بها

ما هي معتقداتك غير المنطقية حول السعادة؟

قبل الانتقال إلى النموذج النظري الأوسع الذي اختُبِر في الدراسة التركية البريطانية، يمكِنك إجراء اختبار المعتقدات غير العقلانية بنفسك من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة القصيرة: اسأل نفسك عن مدى موافقتك أو عدم موافقتك - امنح نفسك درجةً من 1 إلى 7 - مع هذه العبارات:

  • ينبغي أن أكون دائماً سعيداً في جميع جوانب حياتي.
  • لا بُدَّ من أن أكون دائماً سعيداً في جميع جوانب حياتي.
  • من الضروري أن أكون دائماً سعيداً في جميع جوانب حياتي.

عندما تفكر في كيفية تقييمك لهذه العناصر، قد تتعرَّف إلى الفروق الطفيفة التي تميِّز "ينبغي" عن "لا بُدَّ من" عن "من الضروري"، وفي النظرية العاطفية العقلانية، تعني كلمة "ينبغي" أنَّك بحاجة إلى التوافق مع مجموعة معيَّنة من التوقعات، لا سيَّما تلك الخاصة بالآخرين، ويأتي هذا المفهوم جزئياً من عالمة النفس الألمانية كارين هورني (Karen Horney) التي صاغت عبارة "استبداد كلمة ينبغي"، وتتعلق كلمة "لا بُدَّ من" بفكرة "الوجوب" في نظرية "ألبرت أليس" (Albert Ellis)، أو المطلب المطلق بأن تكون دائماً في حالة من السعادة، وتشبه كلمة "من الضروري" إلى حد كبير كلمة "ينبغي"؛ وذلك لأنَّها تعني مرة أخرى أنَّه يجب عليك أن ترقى إلى مستوىً معيَّن.

أُخِذَت عينةٌ عبر الإنترنت من 166 مشاركاً أمريكياً، تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 60 عاماً؛ أي 40 وسطيَّاً، وتتألف من عددٍ متساوٍ تقريباً من الجنسين، وكان متوسط النقاط التي حققها المشاركون 13، وسجَّل معظم الأشخاص نقاطاً ما بين 8 و18، وكانت العناصر الفردية مرتبطةً ارتباطاً كبيراً ببعضها بعضاً، وإذا كانت نتيجتك في نطاق الـ 18 نقطة أو أعلى، فسوف تَعُدُّ معتقداتك غير العقلانية حول السعادة عاليةً جداً.

من هو الأكثر ميلاً لامتلاك معتقدات غير عقلانية حول السعادة؟

سعى مُعِدَّا الدراسة إلى فهم العوامل التي من شأنها أن تكون أكثر تنبؤاً بالمعتقدات حول السعادة من خلال استخدام مقاييس مستمدة من نموذج الشخصية "النفسية-البيولوجية" التي تدرس الدوافع البغيضة كالرغبة في تجنب المنبهات غير السارَّة، مقابل دوافع التنشيط كالرغبة في الاقتراب من المحفزات السارَّة.

إذا كانت الدوافع البغيضة شديدةً عندك، فسوف تحاول جاهداً تجنُّب المحفزات السلبية مثل العقاب، على سبيل المثال: فإنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من هذا الدافع يتفقون مع العبارة التي تقول "أشعر بالقلق عندما أعتقد أنَّني قدَّمتُ أداءً سيئاً في عملٍ هام"، وأولئك الذين تحفزهم الرغبة في المتعة يكونون حساسين لإشارات المكافآت مثل "إذا رأيتُ فرصةً للحصول على شيء أريده، فأنا أتحرك إليه على الفور".

عندما تفكر في أي نوع من النظامين التحفيزيين ينطبق عليك بشكل أفضل، فكِّر في الدور المحتمل للتكيف وكيف تتعامل مع المواقف التي تنطوي على الضغوطات، فقد تتميز بالرغبة في تجنُّب الحالات السلبية؛ لذا تحاول إيجاد طريقة لتجاهل أو إنكار وجود مشكلة، ويعتقد الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من التأقلم أنَّه يمكِنهم إجبار المشكلة على الاختفاء، وهناك استراتيجيتان تساعدان في الحد من التوتر، وهما إعادة التقييم؛ أي النظر إلى التوتر من منظور إيجابي، وتنظيم المشاعر؛ أي محاولة جعل نفسك تشعر بتحسن.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التكيّف مع متغيرات الحياة

وفقاً لـ "يلدريم" (Yildirim) و"مالتبي" (Maltby)، فإنَّ فئات المواجهة الأربع هذه هي مؤشرات شخصية هامة، ومن المرجح أن يكون الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح من ذوي الدوافع التنشيطية وهم أيضاً أفضل في استخدام استراتيجيات إعادة التقييم وتنظيم العاطفة للتعامل مع الإجهاد، بينما من المرجح أن يحاول الأشخاص الذين يعانون من العصابية وكذلك الذهانية الابتعاد عن التوتر.

خرافات السعادة والقدرة على التعامل مع الشدائد:

لتحليل النتائج التي توصَّل "يلدريم" (Yildirim) و"مالتبي" (Maltby) إليها، بدآ دمج درجات التحفيز والتأقلم في عاملَين مختلفين، وكما توقع المُعِدَّان، كان الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الدوافع التنشيطية أكثر ميلاً لاستخدام استراتيجيات المواجهة المتمثلة في إعادة التقييم وتنظيم العاطفة، بينما فضَّل أولئك الذين يتمتعون بدرجة عالية من دوافع التجنب الابتعاد عن التوتر؛ ومن ثمَّ كانوا أقل ميلاً لمحاولة إنكار وجوده أو تقليله.

فيما يتعلق بعوامل التأقلم الشخصية ومعتقدات السعادة غير المنطقية، دعمَت النتائج تنبؤات الدراسة؛ إذ كان الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الدوافع التحفيزية واستراتيجيات التكيف الإيجابية، كما هو متوقع، الأعلى في درجات التوقعات غير المنطقية حول السعادة، ويمكِن أن يقودهم توجههم الإيجابي في التعامل مع المكافآت إلى الاعتقاد بأنَّ الحالة المزاجية، مثل أيَّة مشكلة أخرى، "قابلة للإصلاح"، وكنتيجة لذلك، يتوقعون أن يكونوا سعيدين وسيفعلون كل ما في وسعهم للتأكد من بقائهم كذلك.

شاهد بالفديو: 6 إرشادات هامة لتحسين الحالة المزاجية

الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من دوافع التجنب والذين يميلون أيضاً إلى تجنُّب التأقلم لم يُظهروا أي ميل معيَّن نحو المعتقدات غير المنطقية حول السعادة، فقد لا تكون استراتيجيات المواجهة هذه قادرةً على التكيف عندما يتعلق الأمر بحل المشكلات التي لها حل، ويمكِنها أيضاً أن تشل الأشخاص الذين يخافون من النتائج السلبية المحتملة، ومع ذلك، من حيث المعتقدات غير العقلانية، لم يكن من المرجح أن يقفز الأفراد الذين يتمتعون بالقدرة على التأقلم مع الشخصية هذه إلى عربة السعادة، وربما يفضِّلون ببساطة عدم التفكير في مشكلات مثل تلك الأفكار المزعجة التي يمكِن أن تعرقل مزاج عطلتهم الجيد.

على الرغم من أنَّ معظم نماذج الشخصية والتكيف تؤكد قيمة استراتيجيات التخلص من الإجهاد مثل إعادة التقييم وتنظيم العاطفة، فإنَّ النتائج الحالية تشير إلى وجود سمات غير تكيفية تهدف إلى إشعارك بالرضا، وإذا كنتَ تتَّبع الاعتقاد الذي يقول إنَّ السعادة هي حالة تحتاج إلى تحقيقها، فسوف تكون أقل استعداداً للتعامل مع المواقف الحتمية التي يمكِن أن تحبطك.

باختصار، هناك مواقف في الحياة يمكِن إصلاحها ومواقف لا يمكِن إصلاحها، وإنَّ الشعور بالاقتناع بأنَّ تغيير حالتك المزاجية هو الطريقة الوحيدة لتكون متكيفاً جيداً قد يجعلك تضل طريق الإنجاز وتتَّبع طريق التفكير الخاطئ.

المصدر




مقالات مرتبطة