3 طرق لتحديد أولويات ثقافة الشركة خلال فترات التغيير

لقد كان لجائحة كورونا تأثير عميق فيما يخص مقرات العمل الحديثة في العام الماضي، وبين ليلة وضحاها، جعلت الجائحة فكرة العمل عن بُعد النموذج الجديد، مما أدى إلى تسريع التحول الرقمي للعديد من الأعمال التجارية، ولكنَّه أجبر العديد من الأشخاص على ترك وظائفهم أو إضافة المزيد من العمل إلى قائمة مهامهم، وقد أدى ذلك إلى الشعور بالعزلة والشك وزيادة القلق والتوتر والاكتئاب بين الموظفين.



بعد مرور أكثر من عام على انتشار الوباء، اتضح أنَّ بعض نواحي حياتنا الجديدة ستبقى على حالها لفترة طويلة بعد عودتنا إلى العمل في مكاتبنا، وقد حان الآن دور فِرق الموارد البشرية للإنصات والتفاعل مع ما يريده الموظفون لتعديل ثقافتهم بما يتلاءم مع الوقائع الجديدة لمقرات العمل الحديثة.

إنَّ التعامل مع موضوع الثقافة في المقام الأول في أوقات التغيير ليس أمراً سهلاً، ولكن كما قال مؤسس شركة كالتشر أمب (Culture Amp) ورئيسها التنفيذي "ديدييه إلزينجا" (Didier Elzinga): "إذا لم تطبِّق ثقافتك في أوقات الأزمات، فإنَّ ثقافتك لا تعني شيئاً".

تعد فترات التغيير الكبيرة هي أهم أوقات الإنصات إلى التغذية الراجعة التي يقدِّمها الموظفون والتصرف وفقاً لذلك، وفَهْم مواضع الشكوى لدى الموظفين، والاستجابة لها في الوقت المناسب، ويمكن أن تتحمَّل تكاليف باهظة إذا لم تفعل ذلك.

نقدِّم لك فيما يلي طرائق الاستمرار في التركيز على المستقبل وتكييف ثقافتك مع الوقائع الجديدة التي تواجه مقرات العمل الحديثة، وذلك بدءاً من بناء علاقات اجتماعية مفيدة مع الموظفين حتى مع فكرة العمل عن بُعد ووصولاً إلى حماية رفاهية العمال في الأوقات العصيبة:

1. التواصل الاجتماعي:

منذ بداية جائحة كورونا والانتقال إلى وضع العمل عن بُعد، يشعر عدد كبير من الموظفين بأنَّهم منعزلون عن فرقهم، وعلى الرغم من أنَّ وجود مسافة وعدم توفر لقاء مباشر ومفيد يلعبان دوراً واضحاً في الشعور بالانعزال، إلا أنَّ الموظفين يشعرون أيضاً بأنَّهم منعزلون إذا حصلوا على إجازة مؤقتة أو خُفِّضَت عدد ساعات عملهم، وخلافاً لذلك، قد يشعر الموظفون بالإرهاق نتيجة زيادة عبء العمل أو التعب لمجرد العمل من المنزل.

تقول ديبورا موشيوني (Deborah Moschioni)، رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة كوفي سيركل (Coffee Circle): "نحن نؤكد حقاً على أهمية إجراء اجتماعات شخصية مجدولة (عادةً كل أسبوع) ليس فقط من أجل المسائل العملية؛ وإنَّما لتعزيز التواصل وبناء العلاقات.

يحدث التواصل نتيجة شعورنا بالضعف أمام الناس، ومن مشاركة الخبرات، ومن طرح الأسئلة بفضول حقيقي، فنحن نشجع المديرين على استخدام أسلوب الاجتماعات الشخصية المباشرة من أجل التحفيز على العمل وبناء الثقة".

إذاً كيف يمكنك تحسين التواصل الاجتماعي ضمن شركتك؟ ابدأ التخطيط لتحقيق المزيد من التواصل بين الموظفين بحيث يكون ذلك أقل  توجهاً نحو المهام وأكثر تركيزاً على التواصل الاجتماعي ومشاركة الخبرات، كما يمكنك التفكير في إجراء جلسات عمل مشتركة عن طريق مكالمات الفيديو لفريقك أو اجتماعات تساعدهم على الشعور بتجربة العمل من المكاتب مرةً أخرى، والسماح للأشخاص بأداء عملهم وتخصيص فترات راحة للدردشة مع زملائهم كما يرغبون.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح ذهنية للتأقلم مع جائحة كورونا (Covid-19)

2. الثقة:

تستند علاقة الموظف ورب العمل إلى مجموعة من القواعد غير المدونة؛ حيث يوافق أرباب العمل على الحفاظ على سلامة الموظفين، وتزويدهم بكل ما يحتاجونه لإنجاز أعمالهم، ومنحهم فرص للتطور، وتبنِّي ثقافة تجعلهم يشعرون بالتقدير.

يمكن أن يؤدي عدم الالتزام بالعقد النفسي (يشير مصطلح "العقد النفسي" إلى توقعات الأفراد ومعتقداتهم وطموحاتهم والتزاماتهم، كما يراها رب العمل والموظف) إلى ردود أفعال سلبية شديدة، ولسوء الحظ ، في ظل التهديد الدائم بتسريح العمال والاستقرار الوظيفي الذي لا يزال غير مؤكد، من المرجح أن يشعر الموظفون بأنَّ رب العمل لم يلتزم بالعقد وسيحتاجون إلى إعادة بناء تلك الثقة للمضي قدماً.

يوجد ركيزتان أساسيتان لبناء الثقة مع الموظفين هما: الإنصات والاستجابة:

  • الإنصات: يساعدك الإنصات في فَهْم تجارب الموظفين واهتماماتهم الحالية، كما يساعدك في تحديد جوانب ثقافتك الهامة بالنسبة إليهم، ولكي تنصت إلى موظفيك وتفهم احتياجاتهم، يجب على شركتك إجراء استطلاعات منتظمة للحصول على تغذية راجعة، ويجب أن يشجع مديرك الفِرق على مشاركة مخاوفهم في مناقشات شخصية، ويجب على القادة الاستفادة من اجتماعات الفريق لفهم واقع الموظف.
  • الاستجابة: لا يكون الإنصات مفيداً ما لم تتخذ الإجراء المناسب لتحسين ما تعلَّمته، فبمجرد إطلاعك على المشكلة، يجب أن تتصرف بشأن حلها والعمل على تغيير ثقافتك عند الحاجة، وتعد هذه الخطوة ضرورية لبناء ثقة مع الموظفين؛ وذلك لأنَّها توضِّح لهم أنَّك مهتم فعلاً بتغذيتهم الراجعة وترغب في تحسين خبراتهم العامة في الشركة.

كيف يمكنك بناء الثقة ضمن فريقك؟

تبدأ الثقة بالتواصل القوي والمستمر، كما يعد الحفاظ على الشفافية ومعالجة ومناقشة الموضوعات غير المريحة كفريق واحد أمراً ضرورياً للتخلص من حالات الثرثرة والنميمة، والحفاظ على هدوء الأشخاص حتى في مواجهة الشعور بعدم اليقين.

وبالأسلوب نفسه، تحتاج الشركات إلى تمكين مديريها من أجل إجراء هذه المناقشات مع فرقهم من خلال القيام بإجراءاتٍ مثل تزويدهم بالمعلومات اللازمة للإجابة عن أسئلة الموظفين ومشاركة كيف يمكن أن تؤثر تغييرات الشركة الأوسع نطاقاً في الفرق؛ يساعد هذا الأمر المديرين على نشر الحقائق، وليس المعلومات الخاطئة.

تقول موشيوني: "من الهام الإنصات، وطرح الأسئلة المناسبة، وتخصيص الوقت للتصرف والتعبير عن نواياك؛ حيث تعد هذه الأمور هي الأساس لبناء الثقة، وتعتمد الطريقة التي تقوم بها بذلك كثيراً على شركتك، فنحن نقوم باستطلاعات الرأي ولدينا قادة تطرح أسئلة معينة في الاجتماعات الشخصية المباشرة، فيجب أن تحرص على التأكُّد من أنَّ هذه المناقشات تحدث وأنَّ الإنصات إلى الآخرين هو عادة ثابتة".

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال

3. الرفاهية:

لا يعني العمل الحصول على راتب فحسب؛ حيث يكسب معظم الناس درجة معينة من تقدير الذات وإثبات هويتهم من العمل الذي يقومون به.

بالنسبة إلى العديد من الموظفين، لقد كان لجائحة كورونا تأثير هائل في طريقة عملهم وفي وجود العمل أساساً؛ حيث سُرِّحَ العديد من العمال أو مُنِحوا إجازات مؤقتة أو خُفِّضَت ساعات عملهم منذ بداية الأزمة الصحية، مما أدى إلى الشعور بالكثير من القلق والتوتر والإحباط وعدم الثقة بالنفس.

من بين الأشخاص الذين حافظوا على وظائفهم، يقول حوالي ثلث الموظفين بأنَّهم يشعرون بالذنب؛ وذلك لأنَّهم حصلوا على وظيفة عندما سُرِّحَ زملاؤهم أو مُنِحوا إجازات لفترة مؤقتة.

ما الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحسين رفاهية الموظف في عام 2021؟

ركِّز على تقدير الموظفين وادعمهم عندما يحتاجون إلى ذلك، فقد عانوا كثيراً في الأشهر القليلة الماضية، وهم يستحقون أن يشعروا بأنَّ مساهماتهم قد لوحظت وقُدِّرَت؛ لذا احرص على الاعتراف العلني والخاص بجهود الموظفين وإنجازاتهم لإظهار اهتمامك بهم والاعتراف بعملهم الشاق المتواصل، واحرص أيضاً على الاعتراف بانتصاراتهم البسيطة وخصِّص وقتاً للالتقاء والاحتفال كفريق.

ثم، امنح الموظفين الدعم الذي يحتاجونه لتجاوز هذه الأوقات الصعبة، وتتمثل إحدى طرائق القيام بذلك في تعليم المديرين المهارات التي يحتاجون إليها لتدريب الموظفين وتوجيههم خلال فترة التغيير؛ حيث يمنح وجود كوتش للمهارات في شركة كالتشر أمب (Culture Amp) وإجراء مناقشات شخصية وتوفُّر المعدات والوسائل اللازمة، المديرين المعرفة التي يحتاجون إليها لدعم الموظفين والتعامل مع رفاهيتهم وبناء فِرق أكثر مرونة.

تقول موشيوني: "نحن نستفيد من شركة كالتشر أمب (Culture Amp) للإنصات إلى التغذية الراجعة للموظفين والتصرف على أساسها والاستجابة لها، فعندما تتلقى هذه التغذية الراجعة، فإنَّ حاجتك للتواصل ضرورية لمعالجة مخاوف الموظفين وشكواهم؛ فالتواصل ضروري لبناء الثقة".

عندما كشف استطلاع شركة كالتشر أمب (Culture Amp) في شهر نيسان 2020 أنَّ موظفي شركة كوفي سيركل (Coffee Circle) كانوا يشعرون بالقلق وعدم الشعور بالأمان مع ظهور جائحة كورونا؛ قدَّمت موشيوني وفريقها مزايا جديدة للصحة البدنية والعقلية لمساعدة الموظفين على التكيف مع التغييرات، لذلك ربطت شركة كوفي سيركل الموظفين بتطبيقات مختصة بأمور اليقظة وجلسات علاج افتراضية، وبدأت إجراء تحديات يومية لتحفيزهم على الحفاظ على النشاط.

كما أضافت موشيوني: "بالطبع، نحن نستمر في منح الناس قسائم قهوة حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بالقليل من منتجاتنا في منازلهم أيضاً".

الخلاصة:

على الرغم من أنَّنا لا نمتلك أي فكرة عن موعد انتهاء جائحة كورونا وتأثيراتها في مكان العمل، إلا أنَّ الوقت قد حان الآن لمضاعفة الجهود لتحسين ثقافة شركتك والتأكد من شعور الموظفين بالدعم خلال أي تغيير يواجههم.

يمكنك اليوم تغيير مسار عملك؛ فلم يفت الأوان بعد ويمكنك الإنصات إلى التغذية الراجعة التي يقدِّمها الموظفون واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين تجربتك في مكان العمل، سيساعدك هذا الأمر على توفير تجربة عمل أكثر إيجابية وتهيئة نفسك للنجاح في عالم الأعمال المستقبلي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة