3 طرق فعالة كي تكون قائداً يحتذى به

يُعدُّ مكان العمل بمنزلة نسخة من ساحات اللعب؛ ولكنَّ هذه الساحات مخصصة للكِبار، فهو مليء بالعديد من الأشخاص والشخصيات ووجهات النظر المختلفة؛ إذ يجلب كل شخص ميزة فريدة إلى المكتب ثم تجتمع مزايا الجميع لإنشاء مجموعة متنوعة من المهارات والإمكانات التي تفيد الشركة؛ ولكي يجمع القائد بين الجميع، يجب أن يكون قدوة لهم.



لكن كيف نحسِّن الأنظمة والإجراءات لإبراز أفضل ما في كل شخص في الشركة إذاً؟ يتحقق ذلك من خلال إنشاء مبادئ قيادية عملية وعادات تنفيذية محددة.

ستكون القيادة دائماً من أساسيات الأعمال؛ ذلك لأنَّها تُمحوِر تركيزنا حول موضوع ومَهمَّة مشتركة؛ مثل فلسفة القوات المسلحة التي تنصُّ على أنَّ "القادة يُصنَعون ولا يُولَدون"، ينطبق الأمر نفسه على مجال الأعمال.

لا يختلف القادة في جواهرهم عن أولئك الذين يقودونهم فيما يتعلق بفيزيولوجيا الجسم أو تكوينه؛ ولكنَّهم يمتلكون خصائص وعادات أخرى قد لا تكون ظاهرة للعين المجردة، كما لا يحتاجون إلى لقب أو منصب قيادي ليكونوا قادة؛ إذ يجب على كل موظف في الشركة أن يفكر ويتصرف بوصفه قائداً بطريقةٍ ما؛ ولكن ما الذي يميز القادة الجيدين عن القادة العظماء إذاً؟

يقود القادة العظماء بوصفهم قدوة للآخرين.

تشير عقلية "القرد يرى القرد يفعل" أو عقلية "التقليد الأعمى" الكلاسيكية إلى بنية الدماغ البدائية التي تساعدنا على تكوين عادات يومية، والشبكات العصبية المحدَّدة في الدماغ ( الخلايا العصبية المرآتية) والتي تسمح لنا بمراقبة نشاط الآخرين، فعندما نشاهد الآخرين يؤدون المهام، تنشَط هذه الأنظمة العصبية وتحفِّز مناطق دماغية مماثلة في أدمغتنا، وهي المناطق الضرورية لأداء مهام وأفعال مماثلة.

دائماً ما تكون الأفعال أبلغ من الأقوال في مكان العمل؛ لأنَّها تؤدي إلى التنفيذ وتحصيل النتائج، كما أنَّ المعرفة لا تكون مجدية مطلقاً دون تطبيق؛ ولذا يختار القادة الحقيقيون القيادة بأفعالهم وليس بأقوالهم فحسب.

سنقدم إليك 3 نصائح تساعدك على أن تكون قائداً عظيماً:

1. كُن أفضل نسخة من نفسك:

لتحقيق أقصى استفادة من موظفيك، يجب عليك تقديم أفضل ما لديك أولاً؛ فالطبيب الذي يخبر المريض بالتوقف عن التدخين بعد انتهائه للتو من تدخين سيجارة ليس منافقاً فحسب؛ بل هو قدوة سيئة لمريضه أيضاً.

كما يَعرف أي أب كيف تؤثر هذه الطريقة في تربية الأطفال على الأمد البعيد؛ إذ تصبح الأمور التي تخبر أطفالك بعدم فعلها أبداً عادة من عاداتهم لأنَّهم يرونك وأنت تفعلها أثناء تجنُّبهم لها.

وينطبق الشيء نفسه على القادة في مكان العمل؛ فإذا كنت تريد أن يأتي موظفوك إلى العمل في الوقت المحدَّد ويبدؤون عملهم باكراً، ينبغي عليك أن تكون قدوة لهم، وليس لمرَّة واحدة فقط، بل بصورة متكرَّرة على مدار الوقت؛ إذ سيؤدي تطبيق ما تدعو إليه إلى بناء الثقة وإفادة ثقافة الشركة.

تكون هذه العلاقات المكتبية المحترمة والمبنية على الثقة والاحترام؛ علاقات مفيدة على نحو متبادَل للصحة العامة وسلامة جميع الأطراف، ولقد كشف استطلاع أجرته مؤسسة غالوب (Gallup) مؤخراً عن وجود أدلة تشير إلى أنَّ التقارير المباشرة تلقى فرصة أكبر بنسبة 15٪ من حيث الجودة وتحسن مستوى السلامة عموماً عندما يتمتَّع المشرفون المباشرون بمستويات سلامة أعلى.

كما تنساب ثقافة الشركة باستمرار على نطاق واسع بفضل مجموعة الإجراءات والنتائج والعواطف السائدة في بيئة الأعمال؛ وهذا المفهوم هام لعدة أسباب:

● يجب على القادة أن يكونوا قدوة:

إحدى مسؤوليات القائد أن يكون قدوة لزملائه في العمل، فإذا سبق لك ومررت بموقف أخبرك فيه أحدهم بشيء ما وفعل العكس تماماً، فربما شعرت بعدم الرغبة في التواصل مع هذا الشخص مجدداً؛ لأنَّه أمر مزعج للغاية، ويؤدي إلى فقدان الثقة في هذا الشخص.

إقرأ أيضاً: القيادة الأخلاقية: القيام بما هو صحيح

● يبدأ التغيير بالقادة:

يجب أن يبدأ القادة التغيير الذي يرغبون في رؤيته في مؤسساتهم وأعمالهم؛ فقد تبدو مبادرات الشركة عظيمة من الناحية النظرية؛ لكنَّها نادراً ما تصمد وتنمو إذا لم يدعمها الناس من خلال اتِّخاذ الإجراءات اللازمة؛ فتنفيذ الأعمال بصورة معتادة أسهل بكثير من تغيير السلوكات.

● يحفِّز القادة الآخرين على التحسُّن:

عندما تُظهِر التغييرات من خلال أفعالك، يكون من الأسهل على أعضاء فريقك وزملائك في العمل فعل الشيء نفسه، كما تشير التقديرات إلى أنَّ تحسين التعاون والتواصل من خلال العمل الجماعي يزيد من إنتاجية الموظفين بحوالي 20 إلى 25٪.

إذا كان العمل الجماعي سيحقِّق النتائج المرجوة حقاً، فعلى القادة المستقبليين إدراك أهمية التكامل، واتِّخاذ الإجراءات، ودعم مبادرات الشركة من خلال مهارات التواصل العالية.

2. كُن متواصلاً فعَّالاً:

التواصل هو أساس النجاح في العمل والحياة، ولا ينجح شيء يستحق الذِكر بدون تواصل فعَّال، ولكن لا تنشأ جميع التواصلات على نحوٍ متساوٍ.

لا شك أنَّ البشر مخلوقات اجتماعية؛ ولذا يُعدُّ التواصل والمحادثات النزيهة من أكثر الطرائق فاعلية لقيادة شركتك وفريقك إلى النجاح.

إنَّ التواصل غير محدود بالكلمات التي نتفوَّه بها، فهو يتعلق أيضاً بالطريقة التي نستخدم بها لغات أجسادنا وتعبيرات وجوهنا، والتي قد تختبئ وراء الكلمات التي نقولها وأيضاً تلك التي نختار عدم قولها.

يُعدُّ اختيار عدم قول شيء ما بمثابة قرار مُتَّخذ أيضاً، والذي قد يكون له عواقب وخيمة على أولئك الذين يُصغون بما يكفي لملاحظته؛ ولهذا السبب يُصغي القادة الحقيقيون أكثر ممَّا يتحدثون؛ لكنَّهم يُصغون من أجل الفهم ومن أجل إيجاد طرائق لحل المشكلات من خلال تعليقات وأسئلة المتابعة، وهي طريقة رائعة للقيادة بأسلوب القدوة.

يفهم القادة الناجحون أهمية التواصل، و يعززونه بالمهارات الناعمة المرتبطة بالإصغاء المتعمَّد، وطرح الأسئلة، واستخدام الإيماءات البسيطة للموافقة، مثل: إيماءة الرأس أو الابتسامة.

في عالم مليء بالمشتِّتات الرقمية، وبرامج المحادثة، والمراسلة عبر الإنترنت، والتواصل عبر الويب، نفقد عنصر التواصل البشري، وبالنسبة للكثيرين، قد يؤدي هذا الافتقار إلى التواصل البشري إلى تغيير ثقافة المكتب.

لكن يعرف خبراء التواصل الفعَّالون الصعوبات الناتجة عن هذه الممارسات؛ إذ ستكون هناك دائماً محادثات غير مريحة ومقلقة وذات طبيعة تصادمية لابد من حدوثها؛ لذا ينبغي على القادة الحقيقيين أن يكونوا على استعداد لوضع غرورهم جانباً لإجراء هذه المحادثات؛ لأنَّهم يعرفون أنَّ تحقيق نتائج النجاح طويلة الأمد يستحق المعاناة مؤقتاً.

أمَّا القادة الذين لا يستطيعون إجراء محادثات صعبة أو مشاركة آرائهم الحقيقية حول الأمور سيكونون شركاء في استنزاف المؤسسة والتدهور التدريجي لها؛ ولن يكون لثقافة الشركات في القرن الحادي والعشرين وقت للتسامح مع أولئك الذين يستخدمون وسائل تواصل غير فعَّالة؛ إذ سيتخلف هؤلاء الأفراد عن الركب ولن يمتلكوا فرصة للعودة.

شاهد بالفيديو: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية

3. أظهِر التعاطف:

يُعدُّ الذكاء العاطفي أحد أهم السمات التي يجب أن يمتلكها القادة في مكان العمل في القرن الحادي والعشرين؛ لأنَّه عامل توجيهي للنجاح وبناء العلاقات السليمة على الأمد البعيد، بجانب العديد من العوامل الأخرى.

وتتمثَّل إحدى أعظم نقاط القوة في الذكاء العاطفي؛ في القدرة على إظهار التعاطف مع زملائك في العمل والعاملين في المكتب؛ لذا اجعله جزءاً أصيلاً من ممارستك عندما تكون قدوة يُحتذى بها.

واعلم أنَّ وضع نفسك في محل شخص آخر لفهم وجهة نظره ليس بالأمر السهل دوماً؛ ولكنَّه أحد أسرع الطرائق لبناء الثقة وإظهار اهتمامك بالآخرين، كما أنَّه طريقة رائعة لبناء علاقات طويلة الأمد لتحسين ثقافة الشركة.

يحدِّد القادة الذين يظهرون التعاطف أسلوب التفاعلات والمحادثات المستقبلية، خاصةً مع المحادثات الصعبة التي لا مفر منها في مكان العمل، ويعتقد أكثر من 90٪ من متخصصي الموارد البشرية والرؤساء التنفيذيين والموظفين أنَّ التعاطف عامل أساسي في الأداء السليم لمكان العمل، كما صرَّح 8 من كل 10 موظفين بأنَّهم على استعداد لترك وظيفة عندما يكون رب عمل غير متعاطف.

قد يؤدي التعاطف في مكان العمل أيضاً إلى تحسين الصحة العامة للشركة وسلامتها بصورة كبيرة، كما تُعلِّم المؤسسات الطبية والمستشفيات الآن المهنيين الطبيين كيفية استخدام التعاطف في العيادة لتحسين حالات المرضى؛ وبما أنَّنا قادرون على تحسين وتنمية قدرتنا على استخدام التعاطف، يجب علينا تعزيزه باستمرار والعمل عليه بصورة مضاعفة.

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟

في الختام:

بوصفك قائداً، تكون أفعالك وأقوالك دائماً تحت المراقبة، كما يسعى أعضاء الفريق الذين يعتمدون عليك في التوجيه والتنفيذ إلى الحصول على هذه التغذية الراجعة المستمرة، وبما أنَّ الأفعال دائماً ما تكون أبلغ من الأقوال، يجب أن تكون كلماتك وأسلوبك في التواصل متسقاً مع ما تفعله عندما تكون مثالاً يحتذي به الآخرون.

لذا لا يمكن المطالبة بالثقة والاحترام في مكان العمل؛ لأنَّها أمور تُكتسَب بالود والعلاقة الطيبة ولا تفرض فرضاً، ولا يمكن للألقاب والأدوار أن تحمل مسؤولياتك سوى لمدَّة قصيرة، ممَّا يعني أنَّ الأمر متروك لك لاتخاذ هذه الخطوات وتنفيذها في عاداتك اليومية.

الاتِّساق هو أسهل طريقة لبناء سمعتك بوصفك قائداً يستطيع تنفيذ المهام، ويساهم في تطوير الفريق، وتطوير نظام الشركة بوصفها كُلَّاً.

المصدر




مقالات مرتبطة