3 أدلة على أنَّك ستكون بخير وإن لم تشعر بذلك الآن

قد تبدأ مباشرةً بالقلق في بعض الأيام من لحظة استيقاظك بشأن كل الأشياء التي يجب عليك فعلها، وكل الأشخاص الذين ستراهم، وتكون قلقاً بشأن رأي الآخرين فيك، سواء عائلتك أم أصدقائك أم زملائك أم الغرباء، كما تقلقك مسؤولياتك في العمل من رسائل بريد إلكتروني واجتماعات وغيرها، وجميع التزامات حياتك الشخصية من توفير الطعام ودفع الفواتير وغيرها، ويرافقك هذا الشعور المؤلم المستمر بأنَّك لا تفعل ما يكفي، وأنَّك لست جيداً بما يكفي، ولن تكون كذلك أبداً.



تكون قلقاً لأنَّك تقارن نفسك بالآخرين، وتظن أنَّهم أفضل منك، وبكل الأشياء التي لا تملكها وما فاتك، وتشعر بالذنب لأنَّك لست أفضل وأرشق وأقوى وأذكى مما أنت عليه الآن؛ لكنَّك لست وحدك من يعاني ذلك، فجميعنا ننشغل بأفكارنا أحياناً، لكن ما تحتاج إلى إدراكه هو أنَّك بصرف النظر عما يحدث في حياتك ستكون على ما يرام.

نركز دائماً على الأشياء السيئة التي قد تحصل، والآراء غير اللطيفة التي قد يتبنونها الناس عنا، وما إلى ذلك؛ أي باختصار، نركز على الاحتمالات السلبية فقط؛ لكنَّ هذه الاحتمالات السلبية ليست سوى مجموعة صغيرة من بحر من الاحتمالات؛ لذا فإنَّ فرص تحولها إلى حقيقة ضئيلة، وحتى إذا تحقق أحدها، نادراً ما يكون التأثير السلبي لها كارثياً كما نتخيل.

الحقيقة هي، وإن تحققت مخاوفنا سنكون بخير غالباً؛ لذا حاول أن تتخيل كل الأشياء الصغيرة التي كنت قلقاً بشأنها مؤخراً، لقد نجوت من كل واحدة من هذه الاحتمالات، ولم تنتهِ الحياة، وحتى عندما اضطررت إلى التعامل مع بعض الصعوبات لفترة من الوقت، فقد تعلمت بعض الدروس المفيدة التي جعلتك أقوى في النهاية.

إذا تعودت على إخبار نفسك بأنَّك ستكون على ما يرام وأنَّك بخير الآن، يمكنك التخلي تدريجياً عن مخاوفك لحظة شعورك بها؛ إذ يمكنك التفكير بوضوح أكثر ويمكنك في النهاية العيش حياة أفضل، كما يمكنك أن تبدأ يومك بذهن صافٍ ومع ابتسامة حقيقية على وجهك، ثم يمكنك التقدم بإيجابية.

ماذا تفعل حين تقع كارثة بالفعل؟

"في عيد ميلادي السابع والعشرين كتبت رسالة الانتحار قبل حوالي دقيقتين من دخول زوجتي إلى شقتي وإخبارها لي بأنَّها حامل، فقد كان ذلك السبب الوحيد في أنَّني لم أُنهِ حياتي حينها، ففجأة شعرت أنَّ لدي شيئاً يستحق أن أعيش من أجله، وبدأت في إجراء تغييرات إيجابية، وقد تطلب الأمر وقتاً طويلاً؛ لكنَّني وزوجتي سعداء بزواجنا، وابنتي الآن طالبة جامعية تبلغ من العمر 21 عاماً تدرس الطب، ولديها شقيقان أصغر سنَّاً منها، أُعيد قراءة رسالة الانتحار تلك كل عام في صباح يوم عيد ميلادي لأذكِّر نفسي بأن أكون ممتناً للفرصة الثانية التي حصلت عليها في الحياة".

تُذكرنا هذه الكلمات، التي كتبها شاب يدعى "كيفن" (Kevin)، أنَّنا في بعض الأحيان يجب أن نصل إلى الحضيض أولاً قبل أن ننهض مجدداً ونصبح أقوى.

ستؤدي الظروف والأشخاص أحياناً إلى إحباطك وتحطيم نفسيتك إلى أدنى المستويات، لكن إذا ركزت على الأمور الإيجابية، وأبقيت قلبك مفتوحاً للحب، واستمريت في التقدم يمكنك العودة أقوى وأكثر سعادة، مما كنت عليه في أي وقت مضى. إليك فيما يأتي ثلاثة أدلة واضحة على أنَّك ستكون على ما يرام، وإن لم تكن كذلك الآن:

إقرأ أيضاً: عادات يوميّة تؤدي لتدمير الصحة النفسيّة للإنسان

1. تغيُّر كل شيء، فلا شيء مؤكد؛ لكنَّك حر:

كل شيء في الحياة مؤقت، ولا شيء يدوم، فكل لحظة يمكن أن تكون بداية جديدة ونهاية جديدة، وتوجد فرصة جديدة كل ثانية من الحياة، وكل مرة تمطر سيتوقف هطول المطر بعدها، وكل شيء يصعد سيهبط، وبعد أن يحل الظلام كل يوم ستشرق الشمس صباحاً.

يروي الناس في جميع أنحاء العالم باستمرار قصصهم المفجعة عن كيف أصبحت حياتهم تتمحور حول التعامل مع حدث معين من الماضي، ثم يفوِّتون كل فرصة تتاح لهم في الحاضر بسبب هوسهم بشيء حصل وانتهى ولا يمكن تغييره؛ فالمفتاح هو أن تدرك أنَّه ليس عليك أن تكون واحداً من هؤلاء الأشخاص.

يشكل ماضيك من أنت عليه، لكن يجب ألا تكون أسيراً له؛ إذ يقيدك ماضيك عندما تتمسك بما لم يعد موجوداً؛ لذا تذكر: إذا كنت شجاعاً بما يكفي للتخلي عنه فستكافئك الحياة بفرصة جديدة، وقد يكون الأمر صعباً، لكن يمكنك فعله، لا بل يجب عليك ذلك.

يجب عليك أن تتخلى وتتقبل الشعور بعدم اليقين بشأن وجهتك التالية، وتدرِّب نفسك على محبة وتقدير هذه الحرية؛ لأنَّك فقط عندما تكون غير واثق مما سيحصل وليس لديك وجهة محددة تجبر نفسك على تقديم أفضل ما يمكنك، وقد لا تعرف إلى أين تتجه؛ لكنَّك تعلم أنَّك ما دامت تبذل أقصى جهدك ستتقدم.

2. طريقة استجابتك للظروف عائدة إليك:

نحن نتوق في كثير من الأحيان إلى عيش مجموعة صغيرة ومحددة من تجارب الحياة؛ لأنَّنا نريد الأوقات الجيدة والمواقف المريحة والتجارب التي تجعلنا سعداء فقط؛ لكنَّ الواقع الذي نواجهه كل يوم مختلف تماماً؛ إذ تجبرنا الحياة على عيش مجموعة واسعة من التجارب المختلفة جداً، التي تحرك فينا مختلف المشاعر من الغضب والحب والحسرة والفرح والإحباط والإثارة والوحدة والارتباك، فكل واحدة منها جزء من واقعنا ومن كوننا بشراً.

السؤال هو: كيف تختار الاستجابة لها؟ يمكنك أن تغضب لأنَّك لا تحصل على كل ما تريد، ولأنَّك مضطر إلى التعامل مع الألم، أو يمكنك محاولة مقاومة مشاعر الحزن والإحباط والارتباك تلك وإنكارها، لكن احذر من أنَّ كل هذه الخيارات ستؤدي في النهاية إلى دخولك دوامة عميقة من اليأس.

ربما يكون الخيار الأفضل هو تقبُّل الواقع بكامله والمجموعة الواسعة من تجارب الحياة التي تواجهها، الجيدة منها والسيئة؛ إذ يتضمن هذا كل المشاعر والتقلبات واللحظات السعيدة والمؤلمة؛ فالحياة لا تقتصر على الراحة والفرح؛ بل هي معقدة ورائعة بسبب ذلك.

إنَّ تقبُّل الحياة بالكامل بهذه الطريقة يعني الانفتاح على احتمالات لا يمكن تصورها، والتعرض للتغييرات غير المتوقعة، والتعاطف مع نفسك عندما تكون الأوقات صعبة، وإعطاء نفسك بعض الحب واللطف الإضافي بصرف النظر عما يحدث، والامتنان لإتاحة الفرصة لتجربة كل ذلك.

هذا يعني عدم توقع أن تكون دائماً الإنسان المثالي الذي يعيش حياة مثالية، لكن بدلاً من ذلك، تقبَّل الواقع كما هو، واقبل نفسك كما أنت، ثم استفد منها على أفضل وجه.

شاهد بالفيديو: أقوال وعبارات تحفيزية لتطوير النفس والذات

3. توجد دائماً خطوة إيجابية واحدة يمكنك اتخاذها على الفور:

لا تحاول إحداث تغييرات هائلة دفعة واحدة؛ لأنَّك عندما تسعى إلى الحصول على نتائج كبيرة وسريعة ستسبب الألم والإحباط لنفسك، لكن عندما تختار بدلاً من ذلك التعامل مع كل لحظة على أنَّها فرصة لإجراء استثمار إيجابي صغير ستتلوه النتائج بشكل طبيعي.

عندما يكون شيء ما محطماً بالكامل يكون من السهل العثور على أشياء صغيرة كثيرة يمكنك إصلاحها، وعندما لا يبدو أنَّ شيئاً يسير على ما يرام يمكن للجهود الإيجابية أن تُحدِث فرقاً كبيراً، وحين تأتيك أوقات الشدائد تظهر الفرص العظيمة، وعندما تحيط بك المشكلات أينما نظرت، لديك أيضاً قيمة كبيرة كامنة تنتظر أن تستثمرها، لكن عندما يسير كل شيء على ما يرام، فمن السهل أن تنجر إلى روتين من الخمول، ومن السهل أن تنسى كم أنَّك ذكي وما أنت قادر على فعله؛ لذا اعقد العزم على العمل والتقدم خطوة صغيرة في كل مرة.

ستحقق عبر اتخاذ خطوات صغيرة وإجراء إصلاحات وتغييرات صغيرة منتظمة كل يوم ما تسعى إليه، فإذا كنت ترغب في البدء الآن، تحدَّ نفسك للقيام بذلك، اختر مجالاً معيناً من حياتك تريد تحسينه، ثم:

  1. اكتب التفاصيل المحددة المتعلقة بظروفك الحالية: ما الذي يزعجك؟ وما هي المشكلة؟ وما الذي تريد تغييره؟
  2. اكتب إجابتك عن هذا السؤال: ما هي العادات اليومية التي ساهمت في ظروفك الحالية؟ كن صريحاً مع نفسك، فما الذي تفعله ويساهم في استمرار الموقف الذي أنت فيه؟
  3. اكتب التفاصيل المحددة لتوضيح كيف تريد أن تصبح ظروفك: ما الذي يجعلك سعيداً؟ وكيف يكون الوضع المثالي بالنسبة إليك؟
  4. اكتب إجابتك عن هذا السؤال: ما هي العادات اليومية التي ستحقق التغييرات التي تسعى إليها؟ فكر في الأمر، وما هي الخطوات اليومية الصغيرة التي ستساعدك على التقدم؟

خلاصة القول هي أنَّ ما سيحصل في حياتك يجب أن يكون نتيجة عمل تراكمي، فكل لحظة هي فرصة للانتقال من حيث أنت الآن إلى حيث تريد أن تكون.

تستطيع تغيير مستقبلك في كل ثانية، يجب عليك فقط أن تقرر التصرف الآن، فأكبر خطأ يمكن أن ترتكبه هو ألا تفعل شيئاً ببساطة؛ لأنَّك لا تستطيع فعل سوى القليل في الوقت الحالي، ومرة أخرى، فإنَّ اتخاذ خطوات صغيرة عديدة في الاتجاه الصحيح يحقق نتائج أكبر بكثير من محاولة كبيرة تودي بك إلى التعثر والسقوط وعدم النهوض مرة أخرى.

يتطلب الطريق إلى ما تريده في الحياة طقوساً من ألف خطوة صغيرة تفصل بينها فواصل زمنية قصيرة؛ لذا اكتشف إلى أين تريد أن تذهب، واتخذ الخطوة الأولى، واستمر في التحرك؛ فالاجتهاد والمثابرة سيوصلانك إلى مرادك.

شاهد بالفديو: أربع عادات تمنحك الثقة بالنفس

في الختام:

يدرك كل منا أهمية أن يحب ويرعى والديه أو أطفاله أو الأشخاص الآخرين الهامين في حياتنا، ونبذل قصارى جهدنا في فعل ذلك يومياً؛ لكنَّنا نغفل عن منح أنفسنا المستوى نفسه من الحب والاهتمام، والدليل على ذلك إجابات الأسئلة الآتية:

  • هل تنتقد مظهرك الجسدي؟
  • هل تقول لنفسك أنَّك لست جيداً بما يكفي؟
  • هل تظلم نفسك حين تقارن نفسك بالآخرين؟
  • هل تُجبر على فعل أشياء لا تريدها؟
  • هل تتغاضى عن احتياجاتك الشخصية لتلبي احتياجات الآخرين؟
  • هل توبخ نفسك لارتكابك خطأ؟
إقرأ أيضاً: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

بالنسبة إلى معظمنا، نشعر في أعماقنا بأنَّنا أقل مما نعتقد أنَّنا يجب أن نكون عليه، وهذا ليس شيئاً نتعمد فعله لنؤذي أنفسنا، ومع ذلك فإنَّه يحصل مراراً وتكراراً، لكن يمكننا أن نختار التصرف بطريقة مختلفة.

اختر اليوم أن تبدأ بممارسة مزيد من حب الذات والرعاية الذاتية وقبول الذات، فكر في نفسك وجسدك ومشاعرك ووضعك، وأخبر نفسك بأنَّك على ما يرام، وأنَّك جيد بما فيه الكفاية، وأنَّك تستحق السعادة؛ إذ سيغير ذلك موقفك وحياتك، وحاول قبول كل شيء فيك تماماً كما أنت الآن من دون التوق إلى تغيير نفسك بأيِّ شكل من الأشكال.

من الهام أيضاً ملاحظة أنَّ قبول نفسك كما أنت لا يتعلق بالتقاعس عن العمل وعدم محاولة تطوير نفسك؛ بل يتعلق الأمر بإدراك أنَّك لا تستطيع أن تكره نفسك وأن تغير نفسك إلى الأفضل في الوقت نفسه، يجب أن يرتكز النمو الإيجابي على أساس من الحب والقبول؛ إذ لا يستطيع سوى الشخص الذي يحب نفسه أن يتخذ إجراءات إيجابية تساعده على التقدم.

في النهاية، سوف تتغير مهما حدث، فلا شيء يدوم ولا يمكنك تجنب التغيير مع مرور الزمن، السؤال هو ما إذا كان ذلك التغيير يقوم على الحب والقبول، أم كراهية الذات والرفض؟




مقالات مرتبطة