في الواقع، ليس هناك من وصفة سحريّة ولا هو مجرّد الحظ. فجميعنا قادرين على تحقيق أهدافنا التي لطالما تمنّينا تحقيقها، لكنَّ مناط ذلك هو طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للأمور، وكيفيّة تعاملنا مع العَقَبَات وظروف الحياة الصعبة.
الإيمان بالقدرة على النجاح وتحقيق الأهداف:
إنَّ الرغبة هي أساس النجاح، فالإنسان لا يستطيع أن يحصل على شيء بدون أن تُولد عنده الرغبة أوّلاً. وبسبب وجود هذه الرغبة قبل أيّ شيء يُصبح المستحيل ممكناً. فالإنسان إذا وُجدت لديه الرغبة يؤمن إيماناً تاماً بقدرته على تحقيقها، ويُصبح هذا الإيمان القوي هو أكبر قوّة دافعة تحوّل الشيء المستحيل إلى أمر ممكن.
وعندما يصطدم الناس بأي عقبات أو عراقيل يظهر فارق كبير وحاسم فيما بينهم نتيجةً لوجود هذا الإيمان أو عدم وجوده، فالشخص الذي يوجد لديه هذا الإيمان حتّى لو واجهته أي عقبات أو عراقيل فإنّه يبذل كل ما في وسعه للتغلُّب عليها محاولاً تغيير طريقة فهمه أو تفكيره تارة أو تغيير أسلوب التنفيذ تارةً أُخرى. أمّا الشخص الذي يوجد في قلبه شك فإنَّ شكوكه تولّد مخاوف لا أساس لها، وفي معظم الأحوال فإنّ مثل هؤلاء الناس يُصيبهم اليأس قائلين لأنفسهم "فشلنا كما توقّعنا" والسبب الأوّل الذي يقف وراء فشل الكثيرين في بلوغ أهدافهم هو اليأس الذي يُسيطر عليهم بسرعة شديدة عندما يصطدمون بأيّ عقبات أو عراقيل نتيجةً لخطأ عرضي أو فشل وَقتِي.
وإذا نظرنا حولنا فسنجد الكثير من الأمثلة الدالّة على ذلك، أنت نفسك سبق وقد مررت بهذه التجربة أكثر من مرّة، فينبغي علينا أن لا نيأس ولا نستسلم وإنّما نواصل العمل الجاد مؤمنين بقدرتنا على النجاح مكرّسين أنفسنا بإخلاص وتصميم من أجل بلوغ أهدافنا.
الالتزام والعمل الجاد:
غالباً ما يبدأ الإنسان في السعي لتحقيق هدف ما مغموراً بمشاعر الإثارة والحماس نحو تحقيقه. لكن، وبعد مُرُور فترة من الزمن، يتبخّر هذا الحماس وتبدأ حلقة مُفرغة من الأعذار والأسباب والظروف حول سببِ عدم قدرته على فعل ذلك، أو لماذا لا يمكنه ذلك. والحقيقة أنَّ الكثير من الأشخاص حتّى المنضبطين منهم يبدؤون بهذا الحماس ولكنهم يجدون صعوبة في الالتزام بما يريدون تحقيقه، وهذا هو سبب فشل معظم الناس في تحقيق أهدافهم. فحسب دراسة أعدّها معهد الإحصاء في جامعة سكرانتون أنّ 8 في المئة فقط من الناس يحقّقون أهدافهم التي سعوا إليها حينما اتّخذوا قرارات للعام الجديد.
ما السبب في اعتقادك؟
إنّه فشلهم في"الالتزام" متذرّعين بالحجج والظروف. وفي الواقع، إذا كنت ملتزماً، صدّقني ستبذل أقصى جهدك وتفعل كلّ ما يتطلَّبه الأمر لتصل إلى ما تريد وبغض النظر عن العَقَبَات والظروف التي تواجهك، إلّا أنّك تحتاج للتأكُّد قبل ذلك أنّك لست "مهتم" فقط لأنَّ هذا لا يكفي بل يجب أن تكون "ملتزماً".
إنَّ مُعظم الناس مهتمون فقط، لا شيء أكثر من ذلك. "مهتمون" بكتابة كتاب، أو فقدان الوزن، أو تعلّم مهارة جديدة. وفي الحقيقة فإنَّ أغلبهم يظلّون غارقين في الحلم والتمنّي وتخيُّل ما سيفعلونه دون أدنى حركة أو فعل يجعلهم يتقدّمون أو يقرّبهم فعليّاً ممّا يريدونه. ونادراً ما يختارون الالتزام الكامل بأفعالهم.
إنَّ النجاح الكبير يتطلّب منّا التزاماً حقيقيّاً كبيراً وعملاً جادّاً، وإذا أردنا أن نمتلك القدرة على الحفاظ على دوافعنا بشكلٍ مُستمر وإحراز التقدُّم؛ فعلينا البدأ بمستوى التزامنا وسؤال أنفسنا الأسئلة التالية:
- هل أنا مُلتزم أم مُهتم فقط لا غير؟
- لماذا لم ألتزم بعد؟
- تُرى كيف سيبدو النجاح إذا حقَّقت أهدافي؟
- هل التزامي يستحقُّ مني كلّ هذا العناء؟
إنَّ الأشخاص الناجحين لا يقضون وقتهم بالتفكير فقط، بل يتحرّكون وينفّذون ويقفزُون إلى أهدافهم الكبيرة. ونحن بأمس الحاجة لتطبيق ذلك. لذلك توقّف عن التفكير، وابدأ في العمل الآن وكُن قبل الغالبيّة التي تحلم فقط.
غيّر نمط تفكيرك وطريقتك في التعامل مع الصعوبات:
إنَّ الفارق بين الأشخاص الذين نجحوا في تحقيق أهدافهم وبين من لم ينجحوا في ذلك هو نمط تفكيرهم وطريقة تعاملهم مع الظروف الصعبة التي مرّوا بها أو العَقَبَات التي اعترضت طريق نجاحهم. فكل إنسان مهما كان عظيماً وناجحاً لا بدَّ له أن مرَّ بظروف صعبة قبل وصوله إلى ما هو عليه، ولكن ما يميّزه هو امتلاكه عامل مهم لتحقيق النجاح وهو العقليّة المرنة. فالكثير من الناس يؤمنون بأنَّ حياتهم هي عبارة عن ما "يحدث" لهم فقط دون أي تدخّل منهم، أي خارجة عن نطاق سيطرتهم أو تحكّمهم. وفي الحقيقة، فإنَّ هذا النوع من الأشخاص غالباً ما يُلقي باللوم على "الظروف" أو "الآخرين" في حال لم تجري الأمور كما كان يتمنّى وهو ما يُسمّى بالعقليّة الانهزاميّة.
قد لا نستطيع أن نتحكّم بكلّ الأشياء أو الظروف المُحيطة بنا، إلّا أنّنا بالرغم من ذلك قادرين على صُنع مستقبلنا إذا ما آمنا فقط أنّنا نحن من نتحكّم بمصيرنا وأنَّ مصدر هذا التحكُّم ينبع من أعماق دواخلنا وأنَّ ما نرغب في تحقيقه من أهداف لن يتحقّق دون أن نعمل عليه حقّاً. عندما نمتلك هذه العقليّة فقط سنتحفّز ونسترجع الدافع لبلوغ هدفنا الصعب.
وأخيراً انتبه من حديثك مع نفسك. فإذا وجدت نفسك تقول لنفسك "لا يمكنني فعل أيّ شيء حيال هذا الأمر" أو "هكذا حياتي" أو "لا أملك الخيار"؛ فاسأل نفسك هل هذا الوضع حقيقي فعلاً؟
في الواقع، قد تكون حقّاً أمام موقف صعب أو ظرف لم تتسبّب فيه، لكنَّ الحل لا يكون بالانهزام أمامه، بل مناط التفكير الصحيح هو أن تقول: "كيف يُمكنني تحسين الوضع".
وتذكّر أنّك دائماً تمتلك الخيار.
تحلّى بالإيجابيّة واجعل العقبات قِوَىً دافعة لتحقيق أهدافك:
هناك شروط ضروريّة يجب توافرها من أجل حفاظك على الدافع لتحقيق أهدافك التي ترجوها، وأهم هذه الشروط هو السعي الدائم إلى التطوير والتحلّي بالاستعداد النفسي الإيجابي. فالسبب في انغلاق أبواب النجاح أمام بعض الناس يعود إلى عدم وجود عادة التفكير الإيجابي نحو التطوير، واقتصار تفكيرهم على احتمالات الفشل ونظرهم للخلف واتّخاذهم مواقف سلبيّة.
فهناك من الناس من إذا اصطدم بعقبات وعوائق فإنّه يحصل على نتيجة طيّبة لهذا السبب، بينما هناك من هو على النقيض من ذلك يحصل على نتيجة سيّئة، فالأشخاص الذين ينتمون إلى النوع الأوّل يعتبرون العوائق أو الصعوبات التي تواجههم عملاً تطويريّاً لهم في حدّ ذاتها، حيث يعتقدون أنّهم سوف يتطوّرون إذا تمكّنوا من اجتياز هذه العَقَبَات أو الصعوبات. فتصبح هذه العَقَبَات بالتالي قِوىً دافعة لهم ومحرّكة نحو تحقيق أهدافهم. وفي المُقابل فإنّّ الأشخاص الذي ينتمون إلى النوع الثاني يصيبهم اليأس ويعتقدون بأنّهم لن يتمكّنوا من إنجاز أهدافهم بسبب اصطدامهم بهذه العَقَبَات أو الصعوبات؛ وبالتالي فإذا ماقارنا بين هذين النوعين من الأشخاص فسنجد فرقاً كبيراً على مستوى النجاح في تحقيق الأهداف.
لذلك فإنَّ الناجحين دائماً ما يستخدمون عقباتهم وظروفهم الصعبة ليصبحوا أفضل وأقوى وأكثر نجاحاً.
الاستمراريّة:
إنّ ما يميّز هؤلاء الذين تمكّنوا من الوصول إلى تحقيق أهدافهم هو الاستمراريّة. نعم، الاستمراريّة في العمل كلَّ يوم والمثابرة على وتيرة ثابتة من دون كلل من دون أعذار أو حجج أو انقطاعات. كلَّ يوم عمل وتقدُّم صغير يقودك إلى هدفك الأكبر.
إنَّ النجاح مُعادلة غير معقّدة، فقط كل ما تحتاج إليه عمل مستمر كلّ يوم يضعك على الطريق الذي سيقودك للهدف، وبذلك تُبقي على دوافعك ثابتة وتتغلَّب على أيّ عقبات أو ظروف تَحُول دونك ودون وصولك إلى هدفك النهائي. فإذا استطعت الالتزام بذلك والقيام به كلّ يوم ستُحقّق نجاحاً كبيراً، لأنَّ عدد قليل من الأشخاص يقومون بالتقدُّم الصغير، كلَّ يوم. والاستمراريّة تضمن لك ذلك وتُحافظ على حماسك ودوافعك نحو تحقيق أهدافك.
وأخيراً دعني أقول لك إنّ بلوغ الأهداف لا يأتي عن طريق المُصادفة بضربة حظ، بل يأتي عن طريق العمل الدؤوب دون كلل أو ملل ومن خلال بذلنا لأقصى جهودنا من أجل تحقيق هذا الهدف. وإذا ما اعترضتنا العراقيل وإذا ما واجهتنا الصعوبات؛ فلنتذكر أولئك الذين يُعانون حقّاً في حياتهم ولكنّهم لم يستسلموا وأصبحوا من العظماء اليوم والقصص والشواهد على ذلك كثيرة.
وتذكّر أنّ الإنسان مهما كان يمتلك من العزيمة والإيمان بقدرته على النجاح فإنّه لا بدَّ له أن يتذوّق طعم الإحباط والتعب وحتّى الشعور بأنَّ جهده يذهب بلا فائدة. وأنَّ قُدرة الإنسان على تحقيق نجاحه أو فشله تتوقّف على قُدرته على الصمود في تلك المواقف الصعبة والشّاقة.
وفي الواقع فقد مررتُ بهذا الشعور، وشعرتُ لبرهة من الوقت أنَّ جهودي في كتابة المقالات لا فائدة منها وأنَّ لا أحد يهتم فعلاً بقراءة ما أكتب، ولكنّني اليوم وبعد أن كتبتُ هذه المقالة، ضحكت من نفسي. فالحقيقة أنّني ما زلت في أوّل الطريق والنجاح يحتاج إلى الصبر والوقت والجهد المستمر والمتواصل، وقد اقتنعتُ بذلك وشعرتُ بأنّني يوماً ما حتماً سأصل لتحقيق ما أُريد وأنَّ ما أمرُّ به من عَقَبَات أو ظروف حتماً ستجعلني أفضل وأبرع وأذكى وأكثر خبرة ممّا أنا عليه الآن.
لذلك أقول لك لا تيأس بل واصل العمل بعزم أكبر كلّما واجهتك العَقَبَات أو أحبطتك الظروف واضعاً هدفك نصب عينيك ومُحافظاً على دافعك للاتجاه نحو تحقيقه وستصل من دون أدنى شك.
وتذكر المثل القائل: "الطريق المفروشة بالورد لا تقود إلى المجد".
المصادر:
أضف تعليقاً