يكمن الحل المثالي في عدم التخلِّي عن أحد الأمرين لأجل الآخر، وتبنِّي نهج يحقق شغفك ويضمن لك دخلاً عالياً، وتنبع أهمية هذه الطريقة من حقيقة أنَّ المال أو الشغف غير كافيَين، كل منهما بمعزل عن الآخر، لتحقيق السعادة، وقد تمتلك وظيفة أو مشروعاً تجارياً يحقق لك أرباحاً طائلة، لكنَّك ستفتقر للسعادة ما لم تمارس نشاطاً تشعر تجاهه بالشغف وخلاف ذلك صحيح؛ لأنَّك عندما تستبدل مشروعاً أو عملاً يحقق لك دخلاً عالياً بآخر لا يوفِّر لك نفس المقدار من الدخل، ستشعر بعدم الوفرة التي اعتدت عليها؛ وهذا سيقوض شعورك بالسعادة لاحقاً، ونظراً لأنَّ كلا الحلين عاجزان وحدهما عن إشباع احتياجاتك المادية والوجدانية؛ فيجب أن تبحث عن حل ثالث يضمن لك تحقيقهما.
نصائح مفيدة لتحقيق الوفرة المادية والاستمتاع بشغفك في الحياة:
1. تابِع عملك أو مشروعك الحالي بينما تؤسس لمشروع أو تبحث عن عمل جديد يحقق شغفك:
ستضمن بهذه الطريقة بقاء الدخل الذي يحققه لك مشروعك أو عملك الحالي بينما تنتظر أن يصل مشروعك الجديد الى المرحلة التي يحقق لك فيها نفس العائد المادي.
ستكون قادراً على العمل بدوام كامل في مشروعك الجديد عندما تتأكد من قدرته على منحك دخلاً مساوياً، على الأقل للدخل الحالي في حال عملت به بدوام كامل، أما إذا كان مشروعك الحالي يستغرق كامل وقتك، ففوِّض إدارته لشخص ما، أو استعن بمصادر خارجية أو اتبع آلية تساعدك على اختصار الإجراءات لتوفِّر لنفسك الوقت اللازم لتطوير المشروع الجديد.
2. طوِّر فكرتك لجعلها فكرة مُربحة:
يعتقد بعض الأشخاص خطأً أنَّ الأفكار التي تصلح لتأسيس مشاريع مُربحة تقتصر على المُنتجات التقليدية، ويستثنون نتيجة لذلك كل فكرة لها علاقة بالفن أو الكتابة أو الأشياء الأخرى التي تمثِّل شغفاً لبعضهم، فإذا لم تكن فكرة المشروع المجردة قادرة على تحقيق الأرباح، فطوِّرها لزيادة ربحيتها، وتذكَّر أنَّ المال هو مجرد نتيجة للقيمة التي تقدمها، وما دمت تمنح عملاءك أو زبائنك قيمة كبيرة، فستكون قادراً على تحقيق أرباح طائلة.
3. أسِّس مشروعاً تجارياً جديداً يضمن لك تحقيق الشغف والدخل المرتفع:
تتطلَّب منك هذه النصيحة منح نفسك الوقت الكافي لتأسيس مشروع ناجح من الناحية المادية، إضافة إلى كونه يحقق شغفك؛ لذا فكِّر دائماً في طريقة لتحويل شغفك إلى فكرة عملية تجني منها المال.
قصة الكوتش سيليس تشاو (Celes Chau): الانتقال من نعمة المال إلى نعمة المال والشغف
ربَّما أحد أبرز قصص تحقيق النجاح في كسب أرباح عالية، وتأسيس نشاط تجاري يحقق الشغف، هي قصة الكوتش "سيليس تشاو".
عملت الكوتش "سيليس تشاو" بصفتها موظفة مرموقة في شركة فورتشن 100 (Fortune 100) وبراتب مغرٍ، لكن لم تُرضِ تلك الوظيفة شغفها، وأرادت "تشاو" أن تحقق شغفها المتمثِّل في مساعدة الآخرين على تطوير ذاتهم من خلال إنشاء مدونة وشركة تنشط في مجال تطوير الذات والكوتشينغ.
علِمَت "تشاو" أنَّ هذا العمل قد لا يحقق لها في البداية أي دخل لأنَّها تفتقر لأي خبرة فعلية في هذا المجال، ومع ذلك فقد استقالت "تشاو" من عملها لمتابعة شغفها مع إصرارها على تطوير مشروعها الجديد تدريجياً حتى يصبح مؤهلاً لتحقيق دخل جيد.
لجأت "تشاو" إلى إعطاء الدروس الخاصة لتحقيق دخل يغطي لها نفقاتها إلى أن بدأ مشروعها الجديد بتحقيق الأرباح لها (وقد تحقق ذلك بعد 4 أشهر فقط من تأسيسه)، فتوقفت عندها "تشاو" عن إعطاء الدروس الخاصة وركَّزت جهودها على مساعدة الآخرين في تطوير مشاريعهم التجارية ما أدى الى تحسين دخلها، وتحقق "تشاو" حالياً دخلاً أعلى من دخل وظيفتها السابقة، وكل ذلك لأنَّها أدركت وجود حل كفيل بتحويل الشغف إلى مصدر لتحقيق أرباح عالية، وغني عن البيان أنَّ ذلك لم يكن ممكناً لو أنَّها ضحت بأحد الأمرين من أجل الآخر.
شاهد بالفيديو: 14 نصيحة لتحويل شغفك إلى أفكار قابلة للتنفيذ
كيف يساعدك الدخل العالي على تحقيق شغفك؟
تحقق "تشاو" دخلاً سلبياً عالياً من مدونتها "بيرسونال إيكسيلِنس" (Personal Excellence) والمقصود بالدخل السلبي النوع من الدخل الذي يتحقق دون بذل جهد، ويتوفر لها ذلك من خلال إيرادات الإعلانات على مدونتها والكتب ودورات الكوتشينغ الإلكترونية، إضافة إلى رسوم الامتياز، عداك عن الدخل الإيجابي الذي تحققه من خلال التدريب والكوتشينغ.
مع ذلك توضِح "تشاو" أنَّها لا تفكِّر بالركون إلى منطقة راحتها اعتماداً على دخلها العالي؛ لأنَّها ترى بأنَّه لا يمكنها عيش حياة ممتعة ما لم تجرِّب نشاطات ومشاريع وأفكاراً جديدة، وتؤكِّد "تشاو" على أنَّ الشغف لا يتحقق ما لم يسعَ الشخص إلى تعزيز تجاربه، وشغف "تشاو" الأساسي هو مساعدة الآخرين على تطوير أنفسهم ومشاريعهم التجارية؛ ولذلك ما زالت تعمل في هذا المجال مع التركيز بشكل أساسي على الكتابة والكوتشينغ كونهما أكثر ما تستمتع به.
كيف تتيح لك الوفرة المادية الوقت اللازم لممارسة شغفك؟
ما إن يبلغ مشروعك الجديد مستوىً من التقدُّم يمكِّنك من جني أرباح عالية حتى تشعر بمزيد من الحرية، والقدرة على اختيار الطريقة التي تقضي وقتك بها، وإليك ما يمكنك فعله عندما يتوفر لديك المال:
1. توظيف أشخاص لمساعدتك في المهام التي لا تستمتع بها:
قد تحب عملك الأساسي لكنَّك تشعر بالملل من القيام بالعمل الإداري، أو المهام المكتبية، وتستطيع عندما يتطور مشروعك أن توظف شخصاً أو أكثر للقيام بهذه المهام والتفرغ بشكل شبه كلي لأداء العمل الذي تستمتع به، وتجيده.
2. السفر واستكشاف العالم:
يجعل المال حياتك أسهل، وأروع ما يمكنك القيام به عندما يصبح لديك وفرة من المال هو السفر واستكشاف أشياء جديدة تعزز شغفك.
3. تأسيس مشاريع جديدة:
ما من شعور يضاهي شعورنا بالحماسة عند البدء بتطبيق فكرة جديدة، وبذل قصارى جهدنا لإنجاحها، وما دمتَ مطمئناً لوجود دخل مرتفع، وثابت في آن معاً، فلن يمنعك أي شيء من تجربة أفكار ومشاريع جديدة تحقق شغفك.
في الختام:
يقول الكاتب الإيرلندي "سبايك ميليغان" (Spike Milligan): "المال لا يحقق لك السعادة، لكنَّه يجعلك تعيش بؤسك برفاهية"، وربما كان الحل الذي جهلناه لفترة طويلة هو أن نصمم حياتنا بطريقة تحقق لنا الرخاء المادي والشغف، ولا يتعين عليك أن تضحي بأحدهما من أجل الآخر، فكلاهما ضروري لسعادتك، وهذه النصائح تجعلك قادراً على تحويل شغفك إلى مشروع يعود عليك بأرباح ممتازة.
أضف تعليقاً