17 نصيحة للتغلب على المشاعر السلبية

هل شعرت يوماً ما بأنَّك تريد فقط العودة إلى السرير، ووضع وسادة فوق رأسك، والانعزال عن العالم لبضع ساعات أو أيام، أو ربَّما لبقية العام؟ لا بدَّ أنَّك كنت مستعداً للاستسلام لليأس في مرحلة ما، ولا بأس في ذلك؛ إنَّها استجابة طبيعية تماماً في الواقع.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة آنجِل كِرنوف (Angel Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن رحلتها لكي تصبح كاتبة تقدِّم نصائح للتغلب على المشاعر السلبية.

لدى البشر آليةٌ دفاعيةٌ فطريةٌ متقنةٌ مصمَّمةٌ للحفاظ على سلامتنا، والمشكلة الوحيدة هي أنَّ هذا النظام ليس بارعاً جداً في تقييم التهديدات المختلفة؛ إذ يُعِدُّ الأخطار كلها متساوية سواء أكان التهديد حيواناً مفترساً أم أحكام الناس الفارغة إنَّنا نستجيب نفسياً وجسدياً بالطريقة نفسها لكلا التهديدين؛ فنتراجع ونختبئ بحثاً عن الأمان.

لا شكَّ في أنَّك قلت من قبل: "لن ينجح الأمر، فلماذا أحاول حتى؟" أو "لا أعرف ما الذي أفعله، هذا قمة الغباء"، فأنت تعرف في أعماقك أنَّك تحاول أن تجد مهرباً من شيء تجده مخيفاً سواء أكان ذلك البحث عن وظيفة جديدة، أم تأسيس شركة، أم تأليف كتاب، أم التواصل مع شقيق خاصمته، وفي كل مرة تُبرر فيها هذا الهروب فإنَّك تغوص أكثر فأكثر في أعماق السلبية الساحقة.

تجربة شخصية:

لقد كتبت روايةً قبل بضع سنوات، كان الأمر سهلاً أحياناً، فقد انسالت الكلمات بسهولة وارتسمت القصة بوضوحٍ في رأسي، وفي أحيان أخرى بدا الأمر كما لو أنَّ أصابعي تجمدت والقصة هربت من رأسي، في تلك الأيام شعرت بالرغبة في الاستسلام كأنَّني لن أُنهي الرواية أبداً، وحتى لو فعلت فسوف تكون مُريعة؛ لذلك تركت الكتابة، ولم يمس أحدٌ مخطوطتي لأكثر من عام، وكنت أتألم بسببها يومياً؛ لأنَّني كنت أحاول جاهدة إقناع نفسي أنَّ الكتابة ليست مناسبة لي.

كنت أموت قليلاً في داخلي في كل يوم لم أكتب فيه، وكنت أعلم أنَّني في هذا الوقت يجب أن أبدع، وأمنح شخصيات الرواية الحياة، وأرسم بالكلمات الصور التي تخيلتها في ذهني.

بعد أكثر من عام من انقطاعي عن الإبداع أصابني شيءٌ ما فجأةً؛ فبدأت أفكر في كتابي وفي حياتي تفكيراً مختلفاً، واكتشفت حيلاً صغيرة؛ لإقناع الكاتب في داخلي بالكتابة ولو لفترةٍ وجيزة، في البداية كانت هذه لحظات عابرة ربَّما بضع دقائق هنا وهناك، ولكن سرعان ما بدأت أقضي المزيد والمزيد من الوقت في كتابة روايتي دون بذل كثير من الجهد، ولقد استمتعت بذلك وضحكت على تلك اللحظات التي لم أستطع فيها إبداع أيِّ كلمات.

إنَّ الخوف والقلق اللذين دفعاني سابقاً إلى الانقطاع عن الكتابة قد دفعاني هذه المرة إلى الأمام، لقد تعلمت من خلال تغيير عقليتي وتعلُّم تقنيات مختلفة أن أمنع نفسي من الاستسلام للمشاعر السلبية؛ والنتيجة هي أنَّني الآن أكثر تركيزاً وقدرة على تخطِّي العقبات وخوض التحديات التي تعترض طريقي.

إقرأ أيضاً: التفكير السلبي: أسبابه وطرق التخلص منه

إليك 17 نصيحة يمكنك من خلالها تحقيق المزيد من الإنجازات وعيش حياة وافرة وأكثر ثقة:

1. صِغ أسئلتك في إطار إيجابي:

"ماذا لو فشلت؟".

"ماذا سيفكر الناس بي إن كنت مخطئاً؟".

تدفعنا هذه الأسئلة إلى التفكير السلبي من خلال صياغة قراراتنا بهذه الطريقة؛ فإنَّنا نُهيِّئ أنفسنا مسبقاً لنتائج مُخيِّبة للآمال ونصدر ردود فعلٍ بدائية.

بدلاً من ذلك سلِّط الضوء من خلال أسئلتك على الإيجابيات والمزايا، واسأل نفسك: "ماذا لو سار الأمر على ما يرام؟"، أو قل: "سيكون الأمر رائعاً جداً" بدلاً من: "قد أفشل فشلاً ذريعاً" تساعدك طريقة التفكير هذه على التركيز على الفوائد بدلاً من العيوب.

2. ركز على بناء عادات صغيرة:

يتطلب التغلب على المشاعر السلبية اتخاذ الخطوة الأولى مهما كانت صغيرة، وإنَّ بناء العادات اليومية يُعَدُّ طريقةً رائعة للبدء وبناء الزخم، إذا كنت تواجه صعوبةً في التركيز فابدأ في التأمل لمدة خمس دقائق يومياً، ثمَّ ثابر على ذلك تدريجياً حتَّى تتمكن من التركيز لفترات أطول، وإذا كنت تعاني "قفلة الكاتب" فاكتب في دفتر يومياتك لمدة خمس دقائق يومياً، وستصبح تدريجياً 10 دقائق، ثمَّ 20 دقيقة.

يبقى الشيء الأهم هو تكوين عادات إيجابية تحلُّ محل المشاعر السلبية.

3. اسمح لنفسك بالابتسام والضحك:

عندما نكون في حالةٍ عاطفيةٍ سلبية من الصعب أن نجد الفكاهة في أيِّ شيء، تُظهِر الأبحاث أنَّ الضحك والابتسام يمكن أن يزيدا من مستويات السيروتونين (Serotonin) - هرمون السعادة - ويعززا أيضاً من إنتاج الإندورفين (Endorphine)؛ ممَّا يؤدي إلى شعورٍ طبيعي بالنشوة، وهذا بدوره يقلل التوتر، ويعود بكثير من الفوائد النفسية والفيزيولوجية الأخرى.

عليك أن تعرف أولاً ما الذي يجعلك تضحك، راقب لعدة أيام الأشياء التي تجعلك تضحك بصوت عالٍ، أو تبتسم، أو تشعر بالسعادة عموماً، ثمَّ اجمع أكبر قدر ممكن من هذه المصادر كالكتب والمقالات والرسوم المتحركة والمدونات وما إلى ذلك، وعندما تشعر بشعور سيِّئ الجأ إليها لبضع دقائق.

شاهد بالفديو: 9 فوائد صحية للضحك ستجعلك دائم الابتسامة

4. توقف عن قول "لا أستطيع":

نحن عندما نريد شيئاً ونواجه صعوبةً في تحقيقه فإنَّنا غالباً ما ندمر التقدم الذي أحرزناه ​​من خلال إقناع أنفسنا بأنَّ أهدافنا بعيدة المنال، فإنَّ قول: "لا أستطيع فعل ذلك"، أو "لن أكون قادراً على الإطلاق" يعزز المشاعر السلبية، بدلاً من ذلك ركز على ما يمكنك فعله وقل: "يمكنني الكتابة لمدة 5 دقائق يومياً" و"يمكنني معرفة الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك".

سلِّط الضوء على قدراتك بدلاً من قيودك، وركز على جميع النتائج الإيجابية المحتملة، ولنأخذ مثالاً آخر: إذا لم تسافر لأنَّك تخشى أن تسقط الطائرة أو لأنَّك "لن تستطيع" التواصل بلغة أجنبية؛ فافهم أنَّ الاحتمالات في صالحك وأنَّ النتائج الإيجابية سوف تفوق بكثير النتائج السلبية، فقارن مخاوفك مع العواقب الناتجة عن التقاعس وعدم اتخاذ الإجراءات، وركز على الحقائق المعروفة وليس القصص الخيالية.

5. كن حذراً عند قول "دائماً" أو "أبداً":

تشير كلمتَي دائماً وأبداً إلى أمور مطلقة لا مجال للنقاش فيها وتسببان الشعور بالعجز، إنَّ قولك: "دائماً ما أقع في هذه المشكلة"، أو "لا يمكنني تحقيق ذلك أبداً" يُجرِّدك من قوتك؛ لذا أجرِ بعض التعديلات الصغيرة في كيفية استخدامك للغة بقولك: "لقد عانيت هذه المشكلة في الماضي، ولكن بوسعي التغلب عليها الآن" أو "يمكنني تحقيق ذلك إذا كنت مصمماً"؛ استعِد قوتك بحذف هاتين الكلمتين من قاموسك، وإدراك الاحتمالات المتاحة.

6. غيِّر بيئتك:

في بعض الأحيان نحتاج فقط إلى محيط مختلف، إذا كنت تعمل في المنزل انضم إلى مركز عمل جماعي، وإذا كنت تعمل في مكتب خذ استراحةً وتمشى في الخارج، واذهب في إجازة لفترة قصيرة إذا كنت قادراً، فكلما عشت تجارب أكثر اطمأنت نفسك ووجدت الإلهام الكافي للخروج من يأسك.

7. مارس الرياضة قدر الإمكان:

من المعروف أنَّ التمرينات الرياضية تُحفز أجسادنا على إفراز المواد الكيميائية التي تبعث على الشعور بالسعادة، ناهيك عن أنَّها مفيدة جداً، فإذا لم تكن تمارس الرياضة ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع فابدأ على الفور، وابدأ تدريجياً لا تلتزم فوراً ببرنامج صارم قبل أن يتأقلم جسمك؛ فامشِ قبل أن تركض، ومارس تمرينات اللياقة البدنية قبل البدء باستخدام الآلات، وركِّز على تحقيق التقدم خطوةً بخطوة وابنِ عادات إيجابية تستمر طوال حياتك.

8. تحدَّ نفسك:

إنَّ عملية التعلم سواء كانت مهارة أم لغة أم هواية أم رياضة تفيدنا بطرائق عديدة، فتشغل عقولنا عن التفكير في مشكلاتنا وتجبرنا على التركيز، وتعزز مشاعر الإنجاز التي تُعارض المشاعر السلبية، كما تتعزز ثقتنا بنفسنا في حين نتعلم وننمو.

حتى أستعيد رغبتي في الإبداع قررت تولِّي مشاريع وممارسة هوايات أجبرتني على تعلُّم مهارات جديدة وطرائق جديدة لمعاملة الصعوبات التي يعانيها المبتدئون، وعندما جلست أخيراً لأكتب مرةً أخرى كان لدي منظور جديد عن الكتابة الأمر الذي منحني سيلاً من الأفكار الجديدة.

9. دوِّن أفكارك:

تساعدنا كتابة اليوميات على حل مشكلاتنا دون المبالغة في التفكير فيها، فكتابة أفكارنا السلبية تساعدنا على تخفيف الشعور بالضيق؛ لذا اختر وقتاً من اليوم لست مُشتتاً فيه إطلاقاً واكتب لمدة 5 إلى 10 دقائق أيَّ شيء يتبادر إلى ذهنك عفوياً، وإنَّ عملية حل مشكلاتنا من خلال التأمل في ذاتنا تجعلنا مبدعين ومرنين لدرجةٍ مدهشة.

10. تجاوَز أخطاء الماضي:

كان أحد أسباب انقطاعي عن الكتابة هو أنَّني كتبت قسماً أعشقه؛ لكنَّني أخذت القصة والشخصية الرئيسة في مسار غير منطقي، كنت أرغب بشدة في أن ينجح الأمر؛ لكنَّني أدركت أنَّني وصلت إلى طريق مسدود، وبمجرد حذف هذا القسم استطعت إكمال القصة مرةً أخرى.

إنَّ التمسك بأخطاء الماضي أو الخيارات الخاطئة يبقينا عالقين في مكاننا وغير قادرين على النمو أو التقدم؛ لذا فإنَّ الاعتراف بالأخطاء والتعلم منها يتيح لنا استيعاب هذه الدروس وتجاوز تلك العقبات.

شاهد بالفديو: 7 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي

11. اسمح لنفسك بارتكاب الأخطاء:

إنَّنا نتعلَّم من خلال الفشل والمحاولات المتكررة؛ فالأخطاء هي جزءٌ من تجارب الحياة، ومن خلال تقبُّل الفشل نسمح لأنفسنا بعيش الحياة على أكمل وجه، وعندها يمكننا استيعاب الدروس التي نتعلمها من أخطائنا، وبمرور الوقت نتعلم ضرورة تقديرها.

في المرة التالية التي كتبت فيها شيئاً لا معنى له أو لم يُطوِّر القصة لم أتردد في حذفه وإعادة كتابته، فقد أدركت أنَّه كان جزءاً أساسياً من عملية الكتابة وليس علامةً على الفشل.

12. عامِل الناس بلطف:

إنَّ معاملة الآخرين بلطف واحترام تجعلنا نشعر بالرضى عن أنفسنا، وعندما يكون هذا اللطف غير متوقع فإنَّ امتنان الغريب ورد فعله الإيجابي يمدُّنا بالمشاعر الإيجابية.

في أحد الأيام دفع شخص غريب ثمن فنجان قهوتي، ولم يتوقف حتى أُقدِّر صنيعه، وغادر المقهى قبل أن أشكره؛ لذلك فعلت الشيء نفسه مع السيدة التي وقفت في الطابور خلفي، ولقد أثارت ابتسامتها الصادقة الإلهام في نفسي اليوم بأكمله.

13. استمتع في حياتك:

لا توجد طريقةٌ أفضل للقضاء على المشاعر السلبية من ممارسة النشاطات المُسلية، خطط لأشياء ممتعة كلَّ يوم؛ شاهد فيلماً أو العب لعبة، تذكَّر النشاطات التي تُرفِّه عنك ومارس المزيد منها، وتحلَّ بعقلية الطفولة مرةً أخرى عندما تكون التجارب مفعمةً بالدهشة والرهبة، فإنَّ التجارب الجديدة هي طريقةٌ رائعة للقيام بذلك.

إقرأ أيضاً: 8 طرق بسيطة للاستمتاع في الحياة

14. ضع حدوداً للعائلة والأصدقاء:

إنَّ النميمة ممتعةٌ بالتأكيد؛ فنحن نجد المتعة في سماع مآسي الآخرين وأخطائهم؛ لكنَّ هذه النميمة تجلب الطاقة السلبية؛ لذلك ارفض المشاركة في هذا النوع من الأحاديث وأخبر أصدقاءك وعائلتك أنَّ النميمة مرفوضةٌ تماماً بالنسبة إليك، وينطبق الشيء نفسه على الأحكام التي يطلقونها على الآخرين، وعلى النصائح التي تخصُّ أهدافك والتي لا ترغب في نقاشها مع أحد؛ لذا ابذل قصارى جهدك لوضع هذه الحدود؛ حتَّى تتجنب المشاعر السلبية.

15. لا تأخذ الإساءة على محملٍ شخصي:

لا يسيء الناس السلبيون لك فقط؛ بل لكل شخص يعاملونه، وإنَّ تصرفاتهم وأقوالهم ما هي إلا دليلٌ على سوء سلوكهم، وحتى عندما يبدو الموقف شخصياً أو عندما يهينك شخص ما مباشرة فإنَّك في كثير من الأحيان لا علاقة للأمر بك؛ لذا تذكَّر أنَّ أقوال الناس وأفعالهم وآراءهم تعكس ما في داخلهم فقط.

16. عِش اللحظة:

في كثير من الأحيان نبقى مهووسين بالمستقبل، ونقضي كثيراً من الوقت في تخيل سيناريوهات مختلفة لدرجة أنَّنا نُغفل كل الأشياء الجميلة والخيِّرة والمُلهمة التي نمتلكها في حياتنا؛ لذا بدلاً من التفكير فيما لم يحدث بعد كن ممتناً للحب الموجود في حياتك حالياً وركز على الأشياء التي تهمك اليوم.

17. امنح نفسك بعض الراحة:

كل ما نحتاج إليه في بعض الأحيان هو السكينة والطمأنينة؛ فإنَّ توقعاتنا غير الواقعية تضعنا تحت ضغط كبير؛ فنكره أنفسنا إذا لم تكن النتيجة مثاليةً تماماً؛ لذا تمهَّل، واسترخِ، وتقبَّل صفاتك الغريبة، وأدرك أنَّك كافٍ تماماً مثلما أنت، ولا تحاول أن تكون مثالياً؛ يكفي أن تكون مثالاً للخير يُحتذى به.

في الختام:

حتى أكثر الأشخاص نجاحاً قد عانوا مشاعر سلبية في مراحل مختلفة خلال حياتهم، فربَّما كانت ناتجةً عن الخوف أو الشعور بعدم الكفاءة، كما كان الحال بالنسبة إلي، أو ربما عانوا إخفاقات أو خيبات أمل متكررة أعادتهم إلى نقطة البداية، مهما كان السبب لن يتحقق النجاح دون معاناة، والأشخاص الذين يثابرون ويحققون أهدافهم في نهاية المطاف لا يتمكنون من ذلك إلا بعد التغلب على هذه المشاعر السلبية المدمرة، وسواء حققوا الشهرة أم لا فسوف يبلغون العظمة؛ لأنَّهم يواصلون الكفاح في مواجهة الحواجز النفسية التي تعترض طريقهم، وقد حان الوقت لتُدرك أنَّ لديك كل ما يلزم لتكون أحد العظماء.




مقالات مرتبطة