فكر الآن في قائد فاشل، هل تنطبق عليه صفات كالصدق أو النزاهة أو الإيجابية؟ سيكون جوابك النفي غالباً.
رغم أنَّ بلوغ القمة يتطلب وجود المهارات والمعرفة والموهبة، إلَّا أنَّ على القائد العظيم التحلي بمهارات ناعمة تساعده على القيادة وليس الإشراف وحده؛ فهو ليس شخصاً نرغب في العمل لديه فحسب، بل هو قدوة لنا على طول رحلتنا القيادية؛ لذلك، نقدم إليك قائمة بالمهارات التي يجب أن تتحلى بها كي تصبح قائداً جيداً:
1. الإصغاء:
هناك الكثير ممَّن يتحدثون ولا يتركون مجالاً لأحد بالحديث؛ فإن توفقوا، فذلك لكي يلتقطوا أنفاسهم؛ وإن أصغوا، فذلك ليتجهزوا للرد على "غريمهم".
تُلهي المشاغل القادة عن الإصغاء، لذا سيصعب عليك الإصغاء إلى الآخرين إن أنت تقلّدت منصباً رفيعاً؛ لكن في الحقيقة، يتعين على القادة الحقيقيين أن يصغوا إلى الأذكياء مهما كان منصبهم.
يساعد الإصغاء الفعال على حل النزاعات بدل تعقيدها، كما يساعد الموظفين الذي يواجهون المخاوف على التعامل معها بدل تلفيق أعذار لا تضر ولا تنفع.
2. التعليم:
لا يجد القادة الفاشلون سوى العقوبة حلاً للأخطاء؛ ممَّا يعيق التطور، ويؤثر سلباً في معنويات من هم تحت إمرتهم؛ في حين يكون القادة الجيدون معلمين حقيقيين؛ فقد وجدت دراسة استمرت لعشر سنوات أنَّ أهم ما يميز المديرين المتميزين عن نظرائهم هو اهتمامهم العميق بالتدريب.
يتعزز النمو بتحويل الزلات والأخطاء إلى خبرة تعليمية، وتعدُّ معالجة الأخطاء ومساعدة الآخرين على تقدير حجم زلاتهم وإجراء التغييرات الضرورية لتجاوزها أفضل طريقة للنهوض بالجميع.
3. التعاطف:
إنَّ التعاطف هو القدرة على وضع نفسك مكان الآخرين، وهو من أهم الصفات التي تميز القائد الجيد، رغم أنَّنا لا نوليه اهتماماً كافياً.
يرفض القادة الفاشلون رؤية الأشياء من منظور الآخرين، في حين يستنبط القادة المتعاطفون القرارات استناداً إلى وجهات النظر المختلفة، ممَّا يمكِّنهم من اتخاذ قرارات أفضل؛ ويتمتعون بالقدرة على جذب أعضاء فريق موهوبين، إذ يرغب الجميع في العمل لدى شخص داعم يكون عوناً له عندما تأخذ الأمور منحى خاطئاً؛ كما يضمن القائد المتعاطف ألَّا يُستثنَى أحد من عملية اتخاذ القرارات الصعبة.
كي تقيِّم مهارة التعاطف لديك، اسأل أعضاء فريقك؛ فوفقاً لدراسة استقصائية سنوية أُجرِيت على قادة الأعمال الصغيرة، وُجِد أنَّ 36% فقط من المشاركين بالاستطلاع يهتمون جيداً بموظفيهم، في حين أقرَّ نحو نصف الموظفين أنَّهم يتلقون اهتماماً جيداً؛ لذا إن كنت متعاطفاً في نظر الآخرين، فأنت كذلك على الأغلب.
4. الصبر:
لا يجب الاستعجال في اتخاذ القرارات، حيث يمنح القائد الجيد نفسه الوقت للتفكير ملياً قبل التوصل إلى القرار؛ أمَّا القائد الذي لا يستطيع التحكم بأعصابه، فغالباً ما يزيد الحالة سوءاً؛ لذا، نورد بعض النصائح لمساعدتك على ممارسة الصبر:
- أجبر نفسك على الانتظار: فبدل طلب توصيل الحاجيات إلى منزلك، اذهب إلى المتجر وانتظر دورك في الصف الطويل؛ وبدل اختيار مطعم ليس عليك فيه الانتظار لتلبية طلبك، اختر مطعماً تحبه، وانتظر وصول وجبتك اللذيذة.
- مارس التأمل: عندما تشعر بالإرهاق، اجلس في مكان هادئ، وأصغِ إلى صوت أنفاسك، وستلاحظ كم سيؤثر هذا إيجاباً في شعورك.
- أسس مشروعاً بعيد الأمد: لا تتحقق الإنجازات العظيمة بين ليلة وضحاها؛ لذا ابدأ مشروعاً يلبِّي شغفك، وراقبه وهو يزدهر مع مرور الأيام.
- استثمر في شخص جديد: لا يسطع نجم أحدهم بين ليلة وضحاها؛ لذا عند توفر شاغر في فريقك، اختر شخصاً واعداً تؤمن بقدراته ويمكنك إظهار أفضل ما لديه من إمكانات، واستمتع بمساعدته على النمو.
شاهد بالفيديو:7 خطوات لكي تكون صبوراً
5. الحافز:
لا يتمتع الموظفون عادة باندفاع مديريهم وأرباب عملهم نفسه؛ فهم يحتاجون التشجيع من قادتهم لمساعدتهم على الاستمرار، وإلَّا سيصابون بالاحتراق الوظيفي نتيجة ضغوطات العمل، وهذا ما يعانيه أكثر من ثلاث أرباع الموظفين تقريباً.
يحافظ القائد الجيد على حماسة فريقه مهما قست الظروف؛ وذلك من خلال الحفاظ على حماسته، ونقل هذه الطاقة الإيجابية إلى الآخرين؛ حيث يتطلب إيقاد الحماسة في الآخرين قوة ذهنية ونضجاً واتزاناً.
6. التواصل الفعال:
يبرع بعض القادة في التواصل وجهاً لوجه، بينما يبرز آخرون في المناسبات العامة؛ وتتطلب المواقف المتنوعة خبرة في عدة أنواع من التواصل، ويبرع جميع القادة الجيدين في واحد منها على الأقل.
يمكن تقسيم التواصل إلى عدة أنواع وهي:
- التواصل المكتوب: تعدُّ القدرة على شرح التفاصيل عبر البريد الإلكتروني أو برامج تواصل مثل سلاك (Slack) من أهم المهارات التي يجب على المديرين التحلي بها.
- التحدث أمام جمهور: إنَّ القدرة على مخاطبة جمهرة كبيرة من الناس أمر أساسي لاجتماعات الفريق والتدريب وغيرها.
- المحادثة وجهاً لوجه: أي القدرة على مخاطبة الزملاء أو الموظفين وجهاً لوجه؛ وهنا يجب أن يكون القادة مثالاً يُحتذَى به.
- التواصل غير اللفظي: يتضمن تعبيرات الوجه ولغة الجسد، ويعدُّ هذا النوع أكثر أنواع التواصل إيضاحاً وإيصالاً للفكرة من كل الكلمات والعبارات.
يتبع القادة التواصل كطريقة فعالة لإنجاز مهماتهم، بدءاً بالتفويض، وانتهاء بإلهام أعضاء الفريق؛ لذا إن رغبت بإدارة استراتيجية المؤسسة أو تطويرها، فابحث عن نوع التواصل الذي تبرع فيه.
7. النزاهة:
القادة مؤثرون فعالون، لذا عليهم التحلي بالنزاهة على اعتبارها أحد أهم الصفات التي يجب على القائد الجيد التمتع بها.
قد يكون استخدام السلطة لتحقيق المكاسب الشخصية مغرياً لبعض الناس، لكن من المستحيل على قائد أناني أو مخادع تأسيس فريق عظيم؛ كما على القائد الجيد والنزيه أن يمارس سلطته فقط ضمن إطار ما يضمن صالح الفريق جميعه.
يقف الجميع إلى جانب القائد النزيه في السراء والضراء، ويثقون أنَّه سيفعل كل ما باستطاعته ضمن نطاق سلطته لتحسين وضع الفريق، ويعلم هذا النوع من القادة جيداً كم يتطلب بناء الثقة من الجهد، وكم من السهل هدمها.
8. التواضع:
يصعُبُ العثور على قائد متواضع لأسباب عدة، فعادة ما يستغل أصحاب المناصب الوظيفية العليا مكانتهم للتقليل من أهمية الآخرين وإعلاء قدر أنفسهم؛ في حين يقدِّر القائد المتواضع أنَّ نجاح الفريق يعتمد على أداء الجميع لأدوارهم، ويعترف هؤلاء بأخطائهم، ويُقِّرون بزلاتهم، ويقومون بكل ما هو ضروري لتقديم التعويضات، ويرون من هم أدنى منهم مرتبة مساوين لهم، وليس مرؤوسين ينجزون أعماله فحسب.
9. مهارات التواصل الاجتماعي:
الإدارة هي جوهر القيادة؛ لذا يتعين على المديرين التفاعل مع الآخرين باستمرار، ويمكن للقائد المناسب تنظيم الأحداث الاجتماعية في كل مكان وبكل كياسة؛ بدءاً باجتماعات الفريق، ومروراً بمجالس الإدارة، وانتهاء بوجبات الغداء غير الرسمية.
لدى الجميع تصرفات غريبة وخاصة، لكن على القادة تعلُّم كيفية التصرف اللائق أمام الآخرين؛ ذلك لأنَّ هناك خطاً رفيعاً بين السلوك المهني والعفوي الذي يتعين على القادة عدم الحياد عنه.
شاهد بالفيديو: 12 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد
10. حل المشكلات:
من أهم الصفات التي تميز القائد الجيد هي القدرة على حل المشكلات عند ظهورها بدلاً من طلب مساعدة الآخرين باستمرار.
يدرك القائد الجيد أنَّه لن يُوفَّق في إيجاد حلول لمشكلاته في كل مرة، لكنَّه يعلم أنَّ تقديم أي حل أفضل من تجاهل المشكلة برمتها.
يتطلب حل المشكلات مهارات مكتسبة ذات صلة بالعمل المطلوب، وهذا أحد أسباب اختيار القادة بناء على سنوات خبرتهم في هذا المجال؛ وبمعنى آخر: كلما نمت خبرتهم في حل المشكلات المماثلة، ازدادت قدرتهم على معالجة حالات جديدة على أتم وجه.
11. أخلاقيات العمل:
يتطلب الوصول إلى موقع القيادة عملاً شاقاً ومثابرة منقطِعَي النظير، فلا مجال للتراجع حال استلام دفة القيادة، والقادة الجيدون مستعدون لبذل جهود إضافية لإتمام العمل، ولو كان هذا على حساب راحتهم الشخصية، وحتى دون أن يطلبوا مساعدة موظفيهم.
ومع هذا، القادة الجيدون أذكى من أن يُنهكوا أنفسهم بالعمل الشاق؛ لذا يجترحون حلاً وسطاً يرضيهم دون أن يجهدهم أو يعطلهم عن عملهم.
تشير الأبحاث إلى أنَّ الأشخاص الذين يأخذون فترات راحة دورياً أكثر إنتاجية ممَّن يحاولون تمرير العمل خلال فترة استراحتهم.
12. التفويض:
يعدُّ التفويض الفعال أحد أهم المزايا التي يجب أن يتحلى بها القائد الجيد، فلا تتوقع من القادة أن يقوموا بكل شيء بمفردهم؛ ذلك لأنَّهم في الحقيقة يفوضون باقي أعضاء الفريق لإنجاز المهمات، حيث يوزع القادة الجيدون أعباء العمل على موظفي المؤسسة جميعهم، وربَّما يبالغون في ذلك أحياناً.
يجب ألَّا يخشى القادة استلامَ دفة القيادة في المشروعات الصعبة التي تتطلب لمسة خاصة منهم؛ ومع ذلك، يجب أن يخلقوا فرصاً للآخرين للنمو من خلال إسناد مشروعات تنمي من قدراتهم.
13. الرؤية:
يتمتع القادة الجيدون بالتوجه الصحيح؛ فهم يساعدون الآخرين على التحرك باتجاه هدفهم عبر تطويرهم ذاتياً أو مهنياً، ويحددون مؤشرات الأداء الأساسية للتحقق إن كان الفريق على الطريق الصحيح في تحقيق تلك الرؤية.
يجب أن يكون القائد قادراً أيضاً على رسم صورة للآخرين وربطها بجوانب التحفيز والتواصل في القيادة؛ فإن لم يستطع الآخرون إدراك رؤية القائد، سيكابد كثيراً في محاولة إلهامهم للعمل على تحقيقها.
14. الثقة:
يتعين على القادة اتخاذ كمٍّ كبير من القرارات الصعبة، وأن يتصالحوا أيضاً مع السلبيات والإيجابيات المرتبطة بالقيادة، ممَّا قد يعطي انطباعاً للآخرين أنَّ القائد لا يقوم بواجبه على أكمل وجه.
كثيراً ما تُوضَع الثقة في غير محلها، ويُكلَّف بالمناصب مَن يرون فيها منفعة أو إشباعاً لميولهم في السلطة، فيكونون غير أهل للقيادة؛ لكن في الواقع، يجب على القادة تثبيت جذور ثقة الآخرين فيهم من خلال أدائهم وتعاطفهم، وليس غرورهم وتعاليهم.
15. التنافس:
القادة ليسوا مجرد رموز للسلطة، ولا تعني قدراتهم الواضحة للعيان أنَّ أداءهم للمهمات لا تشوبه شائبة، بل أنَّهم ماهرون في المجالات التي يجب عليهم فيها اتخاذ القرار المناسب نيابة عن الفريق.
الخلاصة:
ليس من السهل تطوير وإتقان مهارات القائد الجيد، لكنَّ تحمل المسؤولية هي أصعبها؛ لذا قم بالمساءلة الذاتية، واسأل نفسك: أيٌّ من هذه الصفات يجب عليك تطويرها كي تصبح القائد العظيم الذي تطمح إليه؟
أضف تعليقاً