13 طريقة لتنمية العقول الهشة

يسعى معظمنا إلى الاعتناء بالجسد على حساب العقل، فنهرع إلى شراء أطيب المأكولات، ونقضي أغلب وقتنا في التفكير بما ستحتويه وجبات طعامنا على مدار اليوم، كما نهدر الكثير من الوقت في الاعتناء بمظهرنا الخارجي، حتى بات مِن المعيب الخروج خارج المنزل من دون استخدام مساحيق التجميل. ومن غير المنطقي ارتداء الملابس المريحة والعملية في مناسبة رسمية، فكل ما يهم هو نظرة الناس عنَّا، والآراء التي سيشكِّلونها بخصوصنا.



أما عقولنا فلا تحظى للأسف بالاهتمام المطلوب، فنقضي أغلب وقتنا في تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، أو في مجالس الغيبة والنميمة، أو في جلسات السهر والتدخين، أو في حلقات التذمر والشكوى وندب الحظ، أو في أحاديث المقارنات التي لا تنفع بشيء، مبتعدين عن كل ما يُثرِي عقولنا وينمِّيها، حتى أصبحت قراءة الكتاب من العادات الغريبة جداً وغير المألوفة، وبات الحديث الغني والهادف إلى التغيير والبناء؛ حديثاً مملَّاً ومستهجناً.

كما نلاحظ ميل الناس إلى السخرية والضحك، معتقدين أنَّ الحياة قصيرة ولا تستحق تلك الجدية في التعامل معها، في حين أنَّه من المفترض أن تحمِّسهم تلك الفكرة من أجل صنع بصمة حقيقية لهم في المجتمع، فلقد خُلِقنا من أجل تحقيق رسالة سامية في المجتمع، ولم نخلق لكي نغتاب ونسخر وندخِّن ونسهر.

كيف ننمِّي أغلى ما نملك في الحياة؟ مدار حديثنا خلال هذا المقال.

العقول الهشة:

نحن نعيش في مجتمع يعاني أزمة حقيقية في مسألة الوعي؛ حيث يستهلك أفراده وقتهم في مراقبة الأحداث الخارجية والاستسلام لها، بدلاً من تحمُّل مسؤولية إحداث التغيير في حياتهم، الأمر الذي يُقلِّل من حجم استخدامهم لقدراتهم العقلية، فكيف للعقل أن ينتج أعظم ما لديه إن تبنَّى صاحبه أفكاراً سلبية مثل: "لا أستطيع فعل شيء، فكل الظروف الخارجية سلبية للغاية"، "لا يوجد فرص في هذا المكان، لذلك لا أستطيع أن أعمل وأُنتِج".

تصاب العقول بالهشاشة والضمور في حال لم تُفعَّل تفعيلاً صحيحاً، فهي أشبه بأي عضلة من عضلات الجسم، بمقدار ما تدرِّبها؛ تثمر وتعطي.

كيف أحوِّل العقل من الهشاشة إلى الصلابة؟

1. القراءة:

تعدُّ القراءة من أعظم طرائق تنمية العقل، فمن خلالها تستطيع اكتساب منهجية جديدة في التفكير، كالتحليل والاستنتاج، فلن تسلِّم في أي معلومة تسمعها، إن كنت قارئاً جيداً؛ بل ستفكر فيها وتبحث عنها أكثر ومن ثمَّ ستقر باقتناعك فيها أو لا.

ولا يجب عليك قراءة الكتب بطريقة عشوائية؛ بل عليك بناء خطة واضحة للكتب التي ستقرأها، بحيث تكون 50 % من الكتب في المجال الذي ترغب بالتخصص فيه، وما تبقَّى في مجالات أخرى، فمن الهام جداً بناء قاعدة معرفية في المجالات كافة.

كما تساعد القراءة على تمرين الخيال لديك؛ بحيث تجعلك أكثر قدرة على صناعة الصور الذهنية الإيجابية لحياتك، والتي تكون الأساس لسلوكاتك المستقبلية.

2. مجالسة الناس الناجحين:

يتأثر العقل كثيراً بما حوله من أفكار ومعتقدات، لذلك عليك الانتباه إلى نوعية الأصدقاء الذين تختارهم، فإن كان صديقك المقرب من الأشخاص السلبيين، دائمي التذمر والشكوى؛ فأستطيع أن أؤكِّد لك أنَّه سيَنقُل لك تلك العدوى.

وفي حال اضطررت إلى التواجد مع أشخاص سلبيين، كزملاء العمل أو الأقارب؛ فعندها عليك استخدام تقنية "الحماية والحراسة" بحيث تبدو أنَّك تستمع إليهم، إلَّا أنَّك قد قمت بصنع حاجز ما بين عقلك وحديثهم لكيلا تتأثر به، ومن جهة أخرى، عليك البحث في سِير الناجحين لكي تستفيد من تجاربهم في الحياة، ومن نصائحهم وأقوالهم حول النجاح وريادة الأعمال.

شاهد بالفيديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

3. التأثير والنطاق:

من أكبر مثبطات العقل التفكير بما هو خارج نطاق تأثيرك، كأن تفكر في الظروف الاقتصادية الراكدة في العالم، ممَّا يجلب لك التعاسة والألم وغياب الحماس للعمل، في حين لو قمت بالتركيز على نطاق تأثيرك وسألت نفسك: "ما الذي أستطيع فعله وفقاً لإمكاناتي المتاحة؟" فعندها ستتولَّد في عقلك ملايين الأفكار الإبداعية التي تساعدك على الخروج من الظروف الصعبة.

4. ردة الفعل:

قد تصيب الظروف القاسية الجميع، ولكنَّ الذي يختلف طريقة تعاطي كل شخص معها، فأنت تملك ردة فعلك حيال أي ظرف تتعرَّض له في العالم، على سبيل المثال: تعرَّض أخوان للطفولة القاسية ذاتها والأب العنيف والظالم ذاته، إلَّا أنَّهما اتَّخذا مسارين مختلفين تماماً عن بعضهما؛ حيث أصبح الأول رئيساً تنفيذياً لشركة كبيرة واستطاع تأسيس عائلة ناجحة للغاية، في حين أدمن الآخر الكحول وامتنع عن مواصلة تعليمه، وأسس علاقات عميقة مع مدمني الكحول والمجرمين، وعندما سئل الأخوان عن السبب الحقيقي وراء الوضع الحالي لهما؛ أجابا الإجابة ذاتها: "أبي".

5. معنى الفشل:

ابنِ نظرة مختلفة لمسألة الفشل، فإن كنتَ ممَّن يدمنون النظر إلى الوراء وجلد ذاتك والندم على ما فاتك من فرص وعلاقات؛ فأنتَ من الأشخاص الذين يحطِّمون إبداعهم بيدهم، لذلك عليك الوعي إلى أنَّ الفشل هو فرصة جديدة للتعلُّم والتطور، ففي كل مرة تفشل فيها؛ تضاف معلومات جديدة إلى خبرتك ومسيرتك، فالحياة سلسلة من التجارب، التي لن يكون لها معنى إن كانت مثالية.

6. قدرة التحمُّل:

يعتقد الكثير من البشر أنَّ طاقتهم منخفضة، فيتوقفون عن العمل بمجرد إحساسهم بالتعب، في حين أنَّ قدرة تحمُّل أغلب الناس عالية، وعليهم ألَّا يستسلموا إلى كل إحساس تعب ينتابهم؛ بل عليهم العمل لمدة قصيرة إضافية بعد شعورهم بالتعب وذلك لكي يساعدوا في تقوية صلابتهم الجسدية ومن ثم النفسية.

7. تصوُّر الحياة:

يمتلك الكثير من الناس تصوُّراً سلبياً عن الحياة، بحيث يدمنون تمثيل دور الضحية، فتجدهم دائمي الشكوى والتذمر، وينسبون أي فشل في حياتهم إلى حظهم المتعثر السيئ، ومن ثم يُضعِف تبنيهم لهذا التصور من عزيمتهم، ويقلل من إنتاجيتهم، ويُصِيب عقولهم بالتسطح والتراجع، لذلك عليهم البحث في تصوُّرٍ أكثر فاعلية وقوة، فالحياة دار اختبار، بعضهم مَن يُختَبر بالابتلاء الإيجابي وبعضهم مَن يُختَبر بالابتلاء السلبي.

على سبيل المثال: قد يمتلك شخص ما أموالاً طائلة، في حين لا يمتلك الآخر فلساً واحداً، كلاهما في الحقيقة مُبتلى، وسيُحاسبان يوم القيامة وفقاً لأفعالهما؛ حيث سيُسأل الغني عمَّا فعله بماله، والفقير عمَّا فعله لكي يتخلص من فقره؛ لذا تقبَّل وضعك الحالي أيَّاً كان، واسعَ إلى التطور بكل ما أوتيت من قوة.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتنمية وتطوير عقلك باستمرار

8. الانتباه إلى وهم الاكتفاء:

قد يسعى الكثير من الناس إلى أهدافهم وبقوة كبيرة، وقد ينجحون في تحقيق جزء كبير منها، الأمر الذي قد يصيبهم بوهم الاكتفاء، بحيث يشعرون أنَّ عليهم الاستراحة والابتعاد عن السعي والعمل، ممَّا يوقف القدرات الإبداعية للعقل، فيجب على كل إنسان الانتباه إلى أنَّ النجاح رحلة طويلة ومستمرة لا تنتهي، وأنَّ سعي الإنسان إلى تحقيق رسالته في الحياة؛ دائم التجدد والتطور.

9. رضا الناس:

يسعى الكثير من الأشخاص إلى كسب رضا الناس، متنازلين عن حقوقهم وأولوياتهم في سبيل إسعاد الآخرين، مجنِّدين عقولهم وأفكارهم في خدمتهم، دون أن يكترثوا إلى حياتهم وأهدافهم، وهنا على كل شخص السعي إلى تلبية احتياجاته النفسية والعقلية أولاً، ومن ثمَّ تقديم المساعدة للآخرين، فلن تستطيع أن تحب الآخر؛ إن لم تتعلَّم حب وتقدير ذاتك أولاً.

10. الجرأة:

لن تستطيع التطور إن لم تمتلك جرأة الاعتراف بأخطائك وواقعك، وإن لم تكسر دائرة الأمان التي تسكن فيها، فكلما ازداد خجلك؛ قلَّ ارتقاءك، حيث تتطلب الحياة الكثير من الجرأة والوضوح، فلا تعتمد سياسة النعامة وتهرب من أفكارك ومشاعرك وأفعالك؛ بل واجهها وحللها واكتشف الأسباب الحقيقية الكامنة وراءها، على سبيل المثال: إن كنت تشعر بالغضب الشديد والتوتر، فاسأل نفسك "ما الذي يختبئ وراء تلك المشاعر؟" قد يكون خوفك من عدم الوصول إلى أهدافك وقلقك حول عدم نجاحك في تنفيذ خططك المستقبلية.

11. تقبُّل التغيير:

التغيير هو الحقيقة الوحيدة الثابتة في الحياة، فإيَّاك أن تعانده أو ترفضه؛ بل احتفل به وتقبَّله، فاتَّخذ القرار بتغيير مكان عملك الذي لا يتناسب مع شغفك، وبتغيير تسريحة الشعر التي واظبت عليها لمدة عشر سنوات متواصلة، وبتغيير طريقة التفكير تلك التي تبنَّيتها لمدة عشرين سنة والتي أنتجت لك النتائج ذاتها.

إقرأ أيضاً: 4 طرق فعّالة لتنمية قدراتك العقلية

12. وهم الحماية:

يعتقد الكثير من الناس أنَّهم في حالة رائعة من النضج النفسي والعقلي والروحي، الأمر الذي يجعلهم ينخرطون في كل الاجتماعات، عاقدين الصداقات مع كل مستويات التفكير والوعي وبطريقة عشوائية وفوضوية، معتقدين بصعوبة تأثُّرهم بالوسط المحيط بهم، إلَّا أنَّهم ينصدمون عندما يلمسون تغيُّرهم السلبي وانحدار مستوى تفكيرهم ونضجهم، لذلك على كل إنسان الانتباه إلى نوعية الوسط المحيط به، بحيث لا يبني علاقات عميقة مع الأشخاص البعيدين عنه في مستوى التفكير والقيم.

13. النمو مع الألم المصاحب له:

لا يوجد نمو بدون ألم، لذلك لا تسمح لعقلك بإبقائك في منطقة الراحة، واستعد للمعاناة أحياناً، ولمشاعر القلق والتوتر أحياناً أخرى، فلا يمكن أن تتطور وترتقي في الحياة بدون تلك المشاعر، ولكن تأكد أنَّك بمجرد سعيك المستمر إلى الوصول إلى أهدافك؛ ستقل العراقيل رويداً رويداً وتزداد ثقتك بنفسك أكثر وتنظر إلى المشكلات التي قد تعترض طريقك على أنَّها فرصاً حقيقيَّة للتطور في الحياة.

في الختام:

ميَّزنا الله عن سائر المخلوقات بالعقل، لذلك لا تبخل على عقلك بالتغذية الضرورية له، اقرأ وابحث وناقش وحاول وكرر المحاولة بطريقة مختلفة في حال لم تنجح الطريقة الأولى، وجالس الناجحين، وتحدَّ نفسك بصنع الأفكار الإبداعية المميزة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة