11 سبباً يجعل الهدوء مصدراً للقلق

لا أحد يحب الشعور بالقلق؛ إذاً لماذا نشعر أحياناً بشيء من الاضطراب وبشعورٍ غريبٍ حتَّى عندما تكون الحياة هادئةً وكل شيء فيها مستقراً؟ قد تشعر أنَّ ضربات قلبك تتسارع عندما تكون مستلقياً على السرير، أو أنَّ أفكارك تتصاعد عند مشاهدة التلفاز، أو قد تشعر برغبةٍ في جعل جدولك مزدحماً قدر الإمكان لتجنب هذا القلق.



عندما تعتاد العيش في حالةٍ من التوتر، فإنَّ الحصول على استراحةٍ منه قد يؤدي في الواقع إلى إثارة القلق فإذا كنت تشعر بالقلق على الرَّغم من أنَّ حياتك أصبحت أخيراً كما تريدها؛ فقد يكون ذلك لأنَّك كنت معتاداً العيش في حالة من الفوضى لدرجة أنَّك لا تثق بالشعور بالهدوء.

قد يكون الهدوء مريباً إذا لم تكن معتاداً عليه؛ فقد يظنُّ دماغك أنَّه يجب أن يكون دائماً في وضعٍ يحاول فيه البقاء على قيد الحياة فقط وينتظر وقوع المكروه التالي، وغالباً ما يأتي الهدوء قبل عاصفة القلق، لكن لماذا؟

يشارك المعالجون النفسيون الأسباب الأكثر شيوعاً التي تجعل الهدوء مصدراً للقلق، وهي كالآتي:

1. عودة القلق الدفين إلى الظهور:

في الأوقات الهادئة تعود الأفكار والمخاوف التي تكون غالباً مدفونةً نتيجة الانشغال في الحياة اليومية إلى الظهور، إنَّها مخاوف عميقة وربَّما تتعلق بمراحل الحياة، أو التحولات الحياتية، أو المخاوف التي يضمرها الشخص.

إنَّ أخذ استراحةٍ من المهام اليومية والأفكار والمشاعر المتسارعة ومتطلبات الحياة، هي ما يمنح عقلك مساحةً للتركيز على مخاوفك الدفينة، فعندما تصبح بيئتنا هادئة تصبح أذهاننا صاخبة، وبالنسبة إلى معظمنا ليست أذهاننا ملاذاً؛ بل تنطوي على مشاعر النقد والقلق والخجل والخوف.

2. اعتيادك على التفكير في أسوأ السيناريوهات:

من الصعب الاستمتاع بالحياة إذا كنت قلقاً دائماً بشأن مصاعبها، وخلال أوقات الهدوء تعلم أنَّ معظم الناس الذين يعانون القلق يربطون عن طريق الخطأ الهدوء الحالي بالكارثة القادمة.

سيخبرك عقلك القلق أنَّ حدثاً سيئاً سيتبع الحدث الجيد دائماً؛ لذلك لا يمكنك الاستراحة، ويتوقع العديد من الأفراد السيناريو الأسوأ، ويصنعون كارثةً من كل موقف، وينتظرون ما لا مفرَّ منه؛ لذلك في الأوقات السعيدة لا يمكنهم الاستمتاع بالتجربة وعيش اللحظة الحالية.

3. محاولتك الدائمة للتمسك بالأوقات الجيدة:

من ناحيةٍ أخرى قد تصبح مركِّزاً بهوس على الأوقات السعيدة، فأولئك الذين يعانون القلق غالباً ما يظنون أنَّهم قادرون على إيجاد حالةٍ من الهدوء والحفاظ عليها على الأمد الطويل، إنَّهم ينسون أنَّ الحياة والمشاعر مؤقتة ومتقلبة.

لذا بدلاً من التمسك بالأوقات السعيدة بإحكام قدر الإمكان، يجب أن تتقبل أنَّها قد لا تدوم إلى الأبد، فذلك سيزيد من لذة تلك الأوقات؛ لأنَّ القلق لن يفسدها.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتقلل التوتر في حياتك

4. أن يكون الشعور بالقلق عادة لديك:

قد يصبح القلق في بعض الأحيان تلقائياً، فعندما يكون شخص ما مسترخياً، من الشائع أن يفكر بالطريقة التي اعتادها؛ وهي القلق واجترار الأفكار المقلقة، حتَّى لو لم يكن لديه شيء في تلك اللحظة يجعله يشعر بالقلق.

لا يهم ما إذا كان القلق مبرراً أم لا، فإذا كان عقلك معتاداً على فعل شيء ما فسوف يفعل ذلك، وإنَّ البشر محكومون بالعادة؛ ممَّا يعني أننَّا نصبح متكيفين مع بيئاتنا ومواقفنا وخبراتنا لأنَّها ما نتوقعه، سواء أكانت آمنةً أم منطقيةً أم مفيدة.

5. الشعور بالهدوء غير مألوف بالنسبة إليك:

بالنسبة إلى الأشخاص الذين اعتادوا العيش في ظل التوتر والضوضاء الصاخبة والفوضى، قد تكون البيئة الهادئة غريبةً وغير مريحة حتَّى، والأمر أشبه بالشخص الذي اعتاد العيش في مدينةٍ صاخبة ولا يستطيع النوم عندما يقضي إجازة في ريف هادئ؛ لأنَّه لا يتقبل الهدوء على الإطلاق.

6. أن يكون القلق جزء من شخصيتك:

بعض الناس لا يعرفون كيفية التصرف عندما لا يكونون قلقين، فإذا كانت شخصية المرء تتسم بالتوتر والاضطراب الدائم، فقد يصبح من الصعب تحمُّل لحظات الهدوء؛ وذلك لأنَّها لا تتوافق وشخصيته؛ وذلك لأنَّه لا يعرف العيش دون قلق، الأمر الذي بدوره يثير قلقه أكثر.

7. المعاناة من القلق المتأخر:

ربما كان عليك إنجاز مشروع ضخمٍ في العمل، أو تعاملت مع حالة طارئة غير متوقعة تتطلب ذهناً هادئاً، وعندما تنتهي قد تشعر بالقلق المتأخر، فعندما يتمكن الناس من الحفاظ على هدوئهم خلال المواقف العصيبة غالباً ما يظهر القلق بعد انتهاء التوتر.

شاهد بالفديو: 12 وسيلة فعالة للرعاية الذاتية لا يمكنك العيش دونها

8. تأقلم جسمك مع حالة القلق المستمرة:

قد يسبب القلق تغيرات في التنفس وارتفاع معدل ضربات القلب والغثيان وتسارع الأفكار وتغيرات جسدية وعقلية، فإذا شعرنا بالقلق طوال الوقت، فإنَّ أجسامنا ستعمل بآليةٍ وقائية وتضمن أنَّها تتكيف مع حالتنا الحالية؛ لهذا السبب قد لا تدرك دائماً أنَّك كنت تعاني من الكثير من القلق؛ فنحن نتكيف مع هذه البيئة فتصبح كل الأفكار المُقلقة والأعراض الفيزيولوجية وأعراض القلق الأخرى هي الوضع الطبيعي الجديد.

9. الشعور بالكسل عند أخذ قسطٍ من الراحة:

يستحق الجميع بعض الراحة؛ لكنَّ العيش في مجتمع مهووس بالإنتاجية، قد يجعلك تشعر بالذنب عندما تأخذ قسطاً من الراحة، بالنسبة إلى الأشخاص القلقين الذين اعتادوا القيام بشيءٍ ما دائماً، فإنَّ قضاء وقت الفراغ غالباً ما يجعلهم يظنون أنَّه ينبغي عليهم العمل.

إنَّه أمرٌ شائع لا سيَّما في مجتمعنا؛ وذلك لأنَّنا ننظر إلى الإنتاجية بإيجابية، في حين ننظر إلى الراحة أو القيام بشيء ممتع وغير منتج أو عدم القيام بأي شيء على أنَّه كسل.

المهووسون بالكمال هم أكثر عرضةً لذلك؛ فقد يحسبون أنَّه عليهم دائماً أن يكونوا منتجين وأن يفرطوا في أداء المهام والالتزام بالمسؤوليات، إنَّهم يقيِّمون ذاتهم وقيمتهم الشخصية حسب إنجازاتهم.

10. المعاناة من القلق الناجم عن الاسترخاء (RIA):

وجدت دراسةٌ نُشرت عام 1988 في مجلة "جورنال أوف بيهيفيور ثيرابي آند إكسبيريمينتل سايكايتري" (Journal of Behavior Therapy and Experimental Psychiatry) أنَّ أولئك الذين يعانون اضطراب القلق الناجم عن الاسترخاء، قد يشعرون بخوفٍ من القلق أو خوفٍ من فقدان السيطرة عندما يكونون مسترخين.

قد يعاني بعضهم من الذعر أو القلق الناجم عن الاسترخاء عند محاولتهم ممارسة استراتيجيات للاسترخاء، مثل استرخاء العضلات التدريجي أو التنفس العميق، ففي محاولة لتهدئة أجسادهم وعقولهم التي تعاني من القلق عادةً، فإنَّهم يعيشون تجربةً متناقضة من القلق المتزايد؛ بسبب صعوبة تخلِّيهم عنه وشعورهم بفقدان السيطرة.

11. صدمات الماضي:

قد يكون قلقك استجابةً لصدمة ما، فإذا عشت في الماضي حدثاً يثير القلق أو الخوف عندما كنت هادئاً أو مسترخياً فقد يصبح الهدوء بالنسبة إليك إشارةً إلى تهديد قادم.

ربما جعلك شخص ما في الماضي تشعر بالسوء لأنَّك استرخيت، أو كافأ والدان ابنهما لأنَّه اعتاد الانشغال الدائم عندما كان طفلاً، فالرسالة التي تبعثها هذه التجارب هي أنَّ الشعور بالرضى عمَّا هو موجود هو أمرٌ خاطئ، ويصبح مع مرور الوقت جزءاً من أفكاره الخاصة.

إقرأ أيضاً: كيف نتخلّص من الماضي المرير؟

كيف تستمتع بلحظات الهدوء؟

يجب أن يكون الاسترخاء ممتعاً، وهناك طرائق للاستمتاع بالأوقات السعيدة مرةً أخرى؛ لذا ابدأ بتخفيف رغبتك الدائمة في أن تكون منتجاً؛ فإدمان الإنتاجية أمر حقيقي، فنحن نعيش اليوم في ثقافة تنافسية وغامضة متمحورةٍ حول النجاح، وأصبحت الإنتاجية استجابتنا التي نلجأ إليها لتخفيف القلق.

ابحث عن النشاطات والميول التي تستمتع بها بمجرد أدائها حتَّى لو لم تأتِ بنتائج مفيدة، إنَّه عنصر أساسي من عناصر الحياة السعيدة، وقد يساعد بشدةٍ في علاج القلق، وعندما تجد هذه النشاطات تخلَّ عن شعورك بالذنب؛ فهو شعورٌ سام سيسرق قدرتك على العيش والاستمتاع المطلق بحياتك.

يمكن أن يساعدك العلاج النفسي واليقظة أيضاً في ضبط الأعراض وتغيير سلوكك الذي يزيد من القلق، ويمكن أن تتواصل مع متخصص في الصحة العقلية لمعرفة المزيد، ولن يحل أي قدر من العمل الإضافي محل متعة القيام بشيء تحبه وعيش اللحظة الحالية، فمع قليل من المساعدة  يمكنك الاستمتاع براحتك مجدداً.

المصدر




مقالات مرتبطة