10 نصائح مهمة لتكمل ما تبدأ به (الجزء الثاني)

لقد ناقشتُ في الجزء الأول من المقال خمساً من أهم النصائح لإتمام المشاريع التي نبدأ بها، والآن سأناقش النصف الآخر منها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "سلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتقدِّم فيه بعض النصائح لإنهاء المشاريع التي نبدأ بها.

6. ركِّز على هدفك النهائي:

ربما واجهتَ هذه المشكلة مسبقاً، فحينما تبدأ بمشروع جديد تكون مفعماً بالطاقة والحماسة، لكن ما إن تتعمق في التفاصيل حتى تتلاشى هذه الطاقة شيئاً فشيئاً، فما زلت متحمساً للمشروع؛ لكنَّك لست على قدر كافٍ من الحماسة لإنجاز المهام الصغيرة التي تبدأ بالظهور بصفتها جزءاً من العمل، فإذا كنت تبني منزلاً مثلاً، فما يحفزك هو رؤية المنزل الجميل، ولا يهمك رصف سطحه بالقرميد كثيراً، لكنَّ رصف القرميد هو جزء من بناء هذا المنزل الجميل، وفي النهاية كل جزء صغير تقوم به الآن يؤدي دوراً في تشكيل هذه الرؤية النهائية، ومن السهل أن تغفل عن ذلك؛ لأنَّك منشغلٌ بالمهام الصغيرة التي تستمر في الظهور واحدة تلو الأخرى.

المشكلة هي أنَّ هدفك النهائي يغيب عن ذهنك؛ لذا يجب استحضاره في ذهنك ومن خلال ما حولك أيضاً، فأحط نفسك بأي شيء يذكِّرك بهدفك النهائي، مثل لوحة تمثِّل الرؤية الخاصة بك، وصور الأشخاص الذين حققوا الهدف نفسه، والأشياء التي تمثِّل الهدف بالنسبة إليك.

على سبيل المثال يهدف أحد عملائي إلى الحصول على سيارة من طراز "كاديلاك" (Cadillac) يوماً ما؛ لذلك اشترى لعبة سيارة "كاديلاك" (Cadillac) صغيرة، ووضعها على مكتبه، بينما وضعتُ أنا على مكتب عملي خريطة حياتي واقتباساً ملهماً وصوراً لأهم أهدافي، فكلها تذكِّرني بهدفي النهائي، هذا ما يُعرف "بالتعزيز البيئي" (environmental reinforcement)، وهو أمر فعال جداً؛ إذ لا يتطلب منك أي جهد بعد اتخاذ الخطوة الأولى.

من المفيد أيضاً تصميم صورة أو نموذج مصغَّر لما تفعله إن استطعت ذلك، فعندما عملتُ على برنامج "عش حياة أفضل في 30 يوم" (Live a Better Life in 30 Days Program)، حوَّلته إلى مستند ونظرت إليه نظرة عامة من حين إلى آخر، وكان هذا الفعل الصغير يثير حماستي؛ إذ ساعدني هذا النموذج الأولي للبرنامج على تصوُّر أثر جهدي في الناتج النهائي؛ لذا إن عملت على مدونة أو موقع ويب، عاين الموقع كما يراه القرَّاء، بدلاً من العمل على الواجهة الخلفية طوال الوقت، وإذا عملت على برنامج كمبيوتر، شغِّله واختبره بصفتك مستخدماً.

إقرأ أيضاً: 12 سبباً وراء أهمية تطوير الذات

7. اعمل بالطريقة الأكثر متعة:

أجد أنَّ المرونة في إدارة مشاريعي هي أسهل طريقة لأستطيع إكمالها، ذكرت في النصيحتين الثانية والثالثة ضرورة إنشاء مخطط تفصيلي لما يجب القيام به قسماً تلو الآخر وخطوة بخطوة، ينجز معظم الأشخاص مهامهم بترتيب تسلسلي، وقد يبدو الأمر واضحاً، ولقد فعلت ذلك لفترة طويلة إلى أن أدركت أنَّها لم تكن الطريقة الأكثر فاعلية.

على سبيل المثال، في بعض الأيام أرغب في العمل على المهمة الثالثة، لكن إن اتَّبعتُ الجدول الزمني التسلسلي للمشروع سيتحتَّم عليَّ الانتهاء من المهمة الأولى والثانية حتى أصل إلى المهمة الثالثة، وقد أحبطتني فكرة الاضطرار إلى إنجاز المهمَّتين الأولى والثانية أولاً، فأبطأ ذلك تقدُّم المشروع إلى أن توقفتُ عن العمل عليه تماماً؛ لأنَّني فقدتُ المتعة في ذلك، فبدا العمل على هدفي نشاطاً فارغاً، ومجرد تطبيق لخطوات لا أكثر.

بينما حين أتعامل مع مهامي بمرونة، مع الحفاظ على الاهتمام بالهدف النهائي، يصبح العمل على المشروع أشبه بمغامرة كبيرة، على سبيل المثال عندما بدأتُ بالعمل على برنامج "عش حياة أفضل في 30 يوماً"، أنشأت صفحة المبيعات وصمَّمت غلاف الكتاب قبل أن أشرع بالكتابة، مع أنَّها كانت مهاماً لاحقة في مخططي، وإنجازها سهل جداً؛ لأنَّني شعرت بالإلهام للعمل عليها، وأنهيت تصميم الغلاف في مساء اليوم ذاته، بينما أنهيت جزءاً كبيراً من صفحة المبيعات في الجلسة نفسها، وكان الأمر ممتعاً جداً طوال الوقت الذي عملت فيه وشعرت بسهولته، وبعد انتهائي من ذلك، اخترت المهمة التالية التي أردت العمل عليها، ثم تابعت العمل.

يجعلني اتِّباع هذا النهج أشعر كأنَّني في متجر للحلوى وأستطيع اختيار أي حلوى أريدها؛ لأنَّ إمكانية اختيار ما أريد من مهام يثير حماستي، ويتيح لي تأجيل مهمة والانتقال إلى أخرى؛ ومن ثَمَّ العودة إلى المهمة السابقة عندما أشعر بالرغبة في استكمالها، ما دمتُ أعمل على هدفي، فأنا أحرز تقدماً؛ لذلك لا يهم إن لم تكتمل مهمة ما؛ لأنَّها عملية تأجيل لا أكثر، وبسبب اندفاعي إلى العمل؛ تتدفق الأفكار إلى ذهني بسهولة وأعمل بسرعة.

أدعو هذا النهج "الطريق الأكثر متعة"؛ إذ يساعدك فعل ما يُسعدك في الوقت الحالي على أن تصبح  منتجاً في عملك تلقائياً؛ لذا جرِّب هذا النهج وراقب أثره في أدائك.

8. تتبَّع تقدُّمك:

يساعدك تتبُّع تقدُّمك على فهم كيفية أدائك، ويمنحك هدفاً للوصول إليه، مما يزيد من اندفاعك للعمل تدريجياً؛ لذا أنشئ ورقة مشروع وسجِّل فيها أهدافك وحالتك الحالية، وحدِّد مؤشرات الأداء الرئيسة (key performance indicators) التي تريد تحقيقها، فإذا كان هدفك هو خسارة الوزن، فستكون مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بك هي وزنك ونسبة الدهون لديك وربما أداؤك في أثناء التمرين، مثل المسافة التي تقطعها عند الركض لمدة 30 دقيقة، والأوزان التي ترفعها، وإذا كان هدفك هو بدء عمل تجاري، فقد تكون مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بك هي عدد عملائك الأسبوعيين ومبيعاتك وصافي دخلك.

راجع تقدُّمك أسبوعياً، وانظر إلى النسبة المئوية التي حققتها من هدفك النهائي، وما إذا كنت على المسار الصحيح لتحقيق هدفك، والأسباب في حال تأخرت عن ذلك، وحدِّد المهام الأساسية التي يجب القيام بها بعد ذلك وهدفك للأسبوع المقبل، فيجعلك تتبُّع أدائك مسؤولاً عن هدفك ويساعدك على البقاء في المسار الصحيح.

شاهد بالفيديو: 12 سبباً وراء أهمية تطوير الذات

9. احتفِ بما أنجزت حتى الآن:

أحياناً نشعر باليأس من كثرة الأشياء التي نحتاج إلى القيام بها، ويبدو لنا أنَّ أيَّاً كان ما نفعله، فيستحيل أن ننهي كل شيء، ويطغى علينا ضغط العمل ونتوقف في منتصف الطريق.

في الحقيقة، كلُّ ما حققته حتى الآن هو إنجاز، فيميل معظمنا إلى التركيز على الخطوة الأخيرة بوصفها المهمة الأكثر أهمية، لكن في الحقيقة كلُّ ما قمت به وما تفعله الآن يساهم في النتيجة النهائية؛ لذا احتف به، وكن فخوراً بنفسك واستمتع بكلِّ ما في الرحلة من عمل وراحة وإنجاز، واغتنم الفرصة للاسترخاء واستجماع قوَّتك، وحالما تصبح مستعداً، تابع عملك، فأنت حقاً تقوم بعمل رائع.

10. لا تجبر نفسك على الاستمرار إن فقدتَ الاهتمام:

يحدث في بعض الأحيان أن تفقد اهتمامك بالهدف، وهذا أمر طبيعي، فنحن نتغير وتتغير اهتماماتنا وتراودنا أفكار جديدة ونجد الإلهام في أمور جديدة طوال الوقت، وقد يشعر بعض الناس بأنَّ العمل على شيء دون إكماله هو مضيعة لجهودهم؛ لذا يرغمون أنفسهم على المُضي قُدماً.

أظن أنَّ ذلك يعتمد على الوضع، وأنَّ أيَّ جهد تبذله في المهمة لا تستطيع استرجاعه، لكن ينبغي ألا تؤثِّر في قرارك بشأن الاستمرار في مشروعك أو لا، ويجب أن تأخذ قرارك بناءً على الفوائد التي ستحصل عليها عند الانتهاء، والتكاليف التي ينطوي عليها الاستمرار من وقت وجهد وموارد لازمة، وإن كان الهدف لا ينفعك حقاً، أنصحك بالتخلِّي عنه والانتقال إلى الشيء التالي؛ لأنَّ الاستمرار في ذلك ما هو إلا مضيعة للوقت.

أنت تستهلك طاقة كبيرة في التغلب على رغبتك في التوقف؛ لأنَّك لا ترغب في الاستمرار،  الأمر أشبه بدفع سيارة إلى أعلى التل، وهذه الطاقة كلها التي تنفقها في إجبار نفسك على الاستمرار، تستطيع استثمارها في شيء آخر.

قد يبدو التخلي عن كلِّ ما حققته خسارة كبيرة؛ لكنَّه ليس بهذه الضخامة، فأنت قادر على تحقيق ما هو أكبر بكثير مما تدرك، فما قمت به حتى الآن هو مجرد ذرة صغيرة مما تستطيع تحقيقه، ومحاولة التمسك بما قمت به سوف تمنع كثيراً من الخير من الوصول إليك.

إنَّني أعتمد نهج التخلي عن مهمة والبدء بأخرى عند الحاجة، فمع مئات المقالات الموجودة في مدونتي، فلدي أكثر من 200 مقال لم أنشره، وبعضها مكتمل بنسبة 10%، وبعضها مكتمل بنسبة 30%، وبعضها أتممت نصفها تقريباً.

حرصتُ عندما بدأت بالتدوين على إنهاء كلِّ مقال، وأدركتُ لاحقاً أنَّني أضعت وقتاً طويلاً في كتابة المقالات التي فقدت شغفي بها، ومن ناحية أخرى عندما أتَّبع شغفي تصبح الكتابة أسهل بكثير.

قد تظن أنَّني بذلك أضيِّع الجهد الذي بذلتُهُ في كتابة هذه المقالات غير المكتملة؛ لكنَّك مخطئ؛ لأنَّها في النهاية تزيد من خبرتي، وأتعلَّم من كتابتها ما ينفعني في كتابة مقالاتي المستقبلية؛ لذا تقبَّل فكرة التخلي عمَّا تفعله إن لم ينجح الأمر، وقد تجد اهتمامات جديدة عدة في طريقك بعد ذلك.

بالطبع، يجب ألا تبدأ بالتخلِّي عن كلِّ ما تفعله الآن لمجرد أنَّك تفتقد الشغف؛ فالأمر يتعلق بالموازنة بين الفوائد العائدة والتكاليف اللازمة، وإذا كنت تشارف على إنهاء مهمة ما، وكانت الفوائد الناتجة عن الاستمرار بضع خطوات أُخرى تفوق التكاليف بكثير، فاستمر وأنهِ الأمر، عليك الموازنة بين الفوائد والتكاليف وأخذ القرار بناءً على ذلك.

إقرأ أيضاً: مفهوم تطوير الذات وأهم الأسرار لتطوير ذاتك وتنميتها

في الختام:

راجع هذه النصائح العشرة، واكتشف كيف تستطيع تطبيقها فيما تعمل عليه حالياً، وعندما تبدأ بمشروع جديد، استخدم هذه القائمة بوصفها دليلاً لك، وإن شعرت بالإرهاق في منتصف الطريق، اتَّبع هذه النصائح وسوف تساعدك على التقدُّم.




مقالات مرتبطة