10 نصائح من الخبراء لتعزيز الذكاء العاطفي

لقد صاغ عالِما النفس "بيتر سالوفي" (Peter Salovey) و"جون د. ماير" (John D. Mayer) مصطلح "الذكاء العاطفي" في عام 1990 لوصف نوع من أنواع الذكاء الاجتماعي يتضمن "القدرة على مراقبة المرء لعواطفه وعواطف والآخرين، والتمييز بينهما، واستخدام هذه المعلومات لتوجيه تفكيره وعمله توجيهاً صحيحاً".



يؤثِّر الذكاء العاطفي في كل جانب من جوانب نجاحك المهني تقريباً.

كما زعم "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) في كتابه " الذكاء العاطفي" (Emotional Intelligence) الذي لاقى رواجاً كبيراً في عام 1995 بأنَّ الذكاء العاطفي يتفوق على الذكاء المعرفي من حيث قدرته على التنبُّؤ بنجاح الأعمال.

وبعد حوالي ثلاثة عقود، تبيَّن أنَّ الذكاء العاطفي هو عامل حازم في كل جانبٍ - تقريباً - من جوانب القيادة الفعالة؛ بدءاً من إدارة التغيير إلى العمل مع الفِرَق ووصولاً إلى بناء العلاقات الشخصية، ولكنَّه ليس مجرد مهارة يكتسبها القادة دون تطبيقها فيما بعد؛ بل هو أمر يتطلَّب الاجتهاد والممارسة حتى يصير جزءاً من عمليات التواصل التي نُجريها كل يوم، ولكي نساعدك في ذلك جمَّعنا نصائح يقدِّمها خبراء تساعدك في إظهار الذكاء العاطفي في العمل، وهي:

1. كُن التغيير الذي تسعى إليه:

إذا كنت تريد من موظفيك التحلِّي بسلوكٍ ذكي عاطفياً، فعليك أن تكون قدوةً لهم؛ إذ يجب أن يتمتَّع القادة الذين يطبِّقون الذكاء العاطفي بقوَّة عظيمة يحددون من خلالها طريقة عمل المنظمة عن طريق التحول إلى نماذج تحاكي الذكاء العاطفي الذي يرغبون في تعزيزه، بدلاً من التعامل مع الأحداث والظروف بمبدأ رد الفعل.

تقول "جانيل لين" (Janele Lynn)، مالكة شركة "مجموعة لين للقيادة" (Lynn Leadership Group) والتي تساعد القادة على بناء علاقات قائمة على الثقة من خلال الذكاء العاطفي: " يتعيَّن على القادة تخصيص بعض الوقت للتفكير في السلوكات التي يريدون من فرقهم التحلِّي بها، والتفكير في سلوكاتهم وكيفية تأثيرها في ثقافة الشركة، كما يتعيَّن عليهم تطبيق مهارات الذكاء العاطفي ليكونوا على دراية بسلوكاتهم الخاصة ويتمكَّنوا من السيطرة على أنفسهم لتنمية هذه الصفات في فِرَقهم".

إقرأ أيضاً: 9 عادات للأشخاص الأذكياء عاطفياً

2. اصغِ باهتمام:

يقول الدكتور "ستيفن جيه شتاين" (Dr. Steven J. Stein)، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة مالتي هيلث سيستمز (Multi-Health Systems)، التي تُطوِّر وتُدير عمليات تقييم معدَّل الذكاء العاطفي (EQ): "من السهل أن تستمع إلى شخصٍ ما وهو يتحدَّث، ولكنَّ الإصغاء مسألة أخرى، والأشخاص الذين يتمتعون بذكاء عاطفي مرتفع يصغون باهتمامٍ شديد.

الفكرة من الإصغاء ليس سماع ما يقوله لك شخصٌ ما فحسب؛ بل الرسالة الخفية في حديثه وطريقة كلامه؛ فعلى سبيل المثال: عندما يقول شخص ما إنَّه بخير، فهل يكون بخير حقاً؟ أم هناك أمور في حياته يتجنَّب الحديث عنها حالياً؟ عليك أن تعرف الحقائق الكامنة وراء ما يُقال.

بالإضافة إلى ذلك، قد يساعد الإصغاء الفعَّال على معرفة الحقيقة، إذ يقول "هارفي دويتشندورف" (Harvey Deutschendorf) مؤلف كتاب " النوع الآخر من الذكاء: طرائق بسيطة لتعزيز ذكائك العاطفي من أجل تحقيق المزيد من الفاعلية الشخصية والنجاح " (The Other Kind of Smart: Simple Ways to Boost Your Emotional Intelligence for Greater Personal Effectiveness and Success): "كُن منتبهاً وركِّز على ما يقوله الشخص الآخر دون التفكير في الرد".

3. تحكَّم في ردة فعلك:

لقد استكشف "جولمان" خلال نشر كتاب "قوة العقل" (Brainpower) كيف يمكن للقادة تعزيز ذكائهم العاطفي من خلال فهم علم الأعصاب وعلاقته بردود الفعل العاطفية السلبية، وقد أوضح "جولمان" أنَّ اللوزة الدماغية عندما تشعر بوجود تهديد، فإنَّها تستولي حرفياً على قشرة الفص الجبهي، والذي يسميِّه "اختراق اللوزة الدماغية"، والذي ينتج عنه رد فعل عاطفي مفاجئ - مثل الغضب والخوف واليأس - يؤدي إلى استجابة غير ملائمة في أغلب الأحيان، أو غير متناسبة، أو غير فعَّالة.

والحل هو أن تتوقَّف توقُّفاً مؤقَّتاً عن تقديم أيَّة استجابات، وأن تمارس تمرينات التأمل مع التركيز على أنفاسك، أو تذهب إلى السير، أو تفكِّر للحظة قبل اتِّخاذ أي رد فعل؛ إذ تعمل هذه الإجراءات المؤقتة على إلغاء تنشيط اللوزة وتنشيط قشرة الفص الجبهي.

4. اعرف ذاتك:

من أهم صفات القائد الذي يتمتع بذكاء عاطفي عالٍ أنَّه يعرف ذاته حق معرفة، وخاصةً ما يشعر به.

يقول "شتاين": "بينما يعرف الكثير من الناس ما إذا كانوا يشعرون بشعورٍ جيد أم سيء، يعرف الأشخاص ذوو الذكاء العاطفي المرتفع ما إذا كانوا منفعلين أم قلقين أم متحمسين أم خائفين أم عصبيين، وقد يبدو هذا أمراً تافهاً، ولكنَّه ليس كذلك؛ لأنَّ فهم مشاعرك بوضوح يعزز قدرتك على إدارتها بصورة أفضل، وقد وُثِّق ذلك جيداً في الأبحاث على مدار الـ 25 عاماً الماضية".

قد تمر أحياناً بمواقف لا تكون فيها واضحاً بشأن ما تشعر به أو كيف تطغى عليك مشاعرك، وهنا تقول "جانيل": "فكِّر برهةً في الأمر؛ إذ قد يساعدك تخصيص الوقت للتفكير وإدراك ما تشعر به حيال موقف معين على الاستجابة بطريقة ذكية عاطفياً".

شاهد بالفديو: 15 صفة من صفات القادة المتميزين

5. حدِّد الأمور التي تثير مشاعرك:

عليك أن تحدِّد الأمور التي تثير مشاعرك، ورغم أنَّك لا يمكنك التنبؤ برد فعلك على كل موقف، إلَّا أنَّ هناك بعض المواقف التي تعرف مُسبقاً أنَّها ستستفزك؛ لذا يقترح "جيل هاسون" (Gill Hasson)، الكوتش المهني ومؤلف كتاب "الذكاء العاطفي: إدارة العواطف لإحداث تأثير إيجابي في حياتك الشخصية والمهنية" (Emotional Intelligence: Managing Emotions to Make a Positive Impact on Your Life and Career)، تدوين تلك المواقف حتى لا تتعرض للصدمة في كل مرة تواجهها فيها.

اسأل نفسك: "ما الموقف الذي قد يُعرِّضك فجأة إلى الشعور بالحيرة أو الشكوك؟" أو "ما الذي يحبطك بسرعة؟" أو "ما نوع المواقف التي تجعلك تشعر بخيبة الأمل أو الاستياء؟" أو "ما الذي تعرف أنَّه سيجعلك تشعر بالحرج أو الخزي؟".

يقول "أندرو أتكينز" (Andrew Atkins)، نائب رئيس قسم البحث والابتكار والتدريب في شركة "بيتس كوميونيكيشنز" (Bates Communications) للتدريب التنفيذي والتقييم: "اسأل نفسك دوماً عمَّا تشعر به في مجموعة مختلفة من المواقف"، كما يقترح ضبط رسائل تنبيه على هاتفك تُذكِّرك بالتحقُّق من مشاعرك.

6. تحمَّل المسؤولية:

بينما تفكر في تلك المواقف التي شعرت فيها بالذنب أو الغضب أو الانزعاج أو الغيرة أو خيبة الأمل، فكِّر في أول ردة فعل اتَّخذتها: هل ألقيت اللوم على شخص آخر بسبب ما شعرت به؟ هل فكرت أو قلت في وقتٍ ما: "أنت أو هي أو هو" جعلني أشعر بكذا...؟

عليك أن تكون أكثر وعياً بالمواقف والأحداث التي تُلقي فيها اللوم على الآخرين بسبب ما تشعر به وأن تتحمَّل المسؤولية عن هذه المواقف، واسأل نفسك في أي موقف تواجه فيه صعوبة أو خلاف مع أحد: "كيف أو بماذا أشعر؟" ثم أجِب لنفسك بقول "أنا أشعر بكذا..." وليس "إنَّه يجعلني أشعر بكذا".

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

7. أظهِر الذكاء العاطفي لرفع مصداقيتك:

ينظر معظم القادة إلى الذكاء العاطفي على أنَّه جزء لا يتجزأ من التواصل الشخصي الذي يقومون به في العمل، ولكن هذا ليس سوى جزء من القصة؛ إذ يقول "أتكينز": "يساهم الوعي الذاتي الذي تُبديه من خلال تواضعك والسيطرة على ذاتك في تعزيز الثقة أو التواصل الذي يمكنك إنشاؤه مع الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم ذكاؤك العاطفي في نظرة الآخرين لك كقائد يريدون اتِّباعه عندما تُظهر هدوءاً ورباطة جأش بشأن مشكلة ما في أوقات التوتُّر، ويُعدُّ الهدوء ورباطة الجأش من الصفات التي تصقلها الخبرة وتثبت من خلالها قدرتك على التعلُّم وعلى تمكُّنك من أن تصبح قائداً أفضل".

شاهد بالفديو: خمس مكونات رئيسة للذكاء العاطفي

8. ضَع الأحكام جانباً:

قد يكون الذكاء العاطفي مفيداً على نحوٍ خاص عند تقديم التغذية الراجعة للأفراد أو الفِرَق، وبينما تُلهم التغذية الراجعة الفعَّالة الموظفين وتحفزهم، قد تؤدي التغذية الراجعة السلبية إلى الاستياء والغضب وانخفاض الأداء؛ لذا يقترح "دويتشندورف" (Deutschendorf) بعض الملاحظات التي يجب وضعها في الحسبان عند الاستعداد لتقديم التغذية الراجعة، أهمها أن تقدِّمها في الوقت المناسب، فيقول: "تحقَّق من عواطفك قبل الاجتماع مع الموظف، واطلب منه أيضاً تغذية راجعة، واصغِ بفاعلية وأظهِر اهتمامك بما يقول، والتزم بالحقائق واستبعد الأحكام".

9. عزِّز تعاطفك:

الذكاء العاطفي والتعاطف أمران متلازمان؛ فالتعاطف هو ما يميز أفضل القادة، ويقول "إيان أيتكين" (Iain Aitken)، الرئيس التنفيذي لشركة "روتش مارتين" (RocheMartin)، التي تقدِّم تدريباً وتقييماً على الذكاء العاطفي للأفراد والمؤسسات: "يشمل الذكاء العاطفي بُعدين؛ البُعد المعرفي: وهو فهم المهمة التي يتعيَّن على الآخرين القيام بها، والبُعد العاطفي: وهو الاعتراف بإنسانية الآخرين؛ لذا يجب أن يتعرَّف القادة على موظفيهم على الصعيد الشخصي بصورة أفضل من أجل التعرُّف على تجاربهم العاطفية، كما تعني الاستجابة بتعاطف أنَّك تُعلِّم موظفيك بأنَّك سمعت وفهمت ما قالوه وما يشعرون به، وفي الواقع، الأمر أصعب مما يبدو، وسيتطلب بعض الممارسة، ولكنَّ الناس سيقدرون حتى أبسط الجهود".

ويُعدُّ طرح الأسئلة بمثابة نقطة جيدة للبدء، ويقول "أيتكين": "لا تجعل أسئلتك تقتصر على ما يفكرون فيه؛ بل اسأل عن شعورهم، أو تحقَّق من ملاحظة تفكِّر فيها؛ مثل القول "لقد لاحظت أنَّك لم تبدِ رأيك في هذا التغيير الأخير الذي أجريناه، فكيف تراه من وجهة نظرك؟"، وبمجرد أن يفهم القائد عواطف الآخرين، يصبح بوسعه ربطها بصورة أفضل مع المهام من أجل تحقيق نتائج أفضل.

10. أدرِك أنَّ بناء الذكاء العاطفي يتطلَّب الكثير من العمل:

يقول الدكتور "ديفيد كاروسو" (David Caruso)، عالِم النفس الإداري وباحث مشارك في "مركز ييل للذكاء العاطفي" (Yale Center for Emotional Intelligence): "عندما يقرأ الناس عن الذكاء العاطفي، يشعرون أنَّ الأمر سهل للغاية، وهو كذلك ولكنَّ الصعب هو القيام بالأمور الصحيحة على نحوٍ منتظم وفي الوقت الفعلي؛ ومن ثم عليك أن تتدرَّب على هذه النقاط قدر المُستطاع"، والخبر السار هو أنَّ هذه العملية قد تكون عملية ديناميكية متراكمة التأثير.

ويقول "هاسون": "يؤثر مدى قدرتك على فهم وإدارة عواطفك في قدرتك على فهم وإدارة عواطف الآخرين، وكلما زاد فهمك لعواطف الآخرين ونواياهم ودوافعهم وسلوكهم، استطعت الاستجابة بصورة مناسبة، وتعاملت معهم بفاعلية".

 

المصدر




مقالات مرتبطة