10 دروس هامة تعلمناها من عشرينيات القرن 21

يعدُّ هذا العام (2020) نهاية العقد، ويعدُّ هذا الوقت أحد الأوقات الخاصة التي يلتقي فيها الكتَّاب والصحفيون ويقررون "أفضل" و"أسوأ" الأشياء في السنوات العشر الماضية، ثمَّ يتظاهرون بأنَّهم ذوو بصيرة وعمق لبضع دقائق؛ وقد أكون أو لا أكون شخصاً من تلك النوعيات، ولعلَّك أنت من يقرر ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب الأمريكي مارك مانسون (Mark Manson)، والذي يحدثنا فيه عن الدروس الهامة التي تعلمناها في هذا العقد.

لقد جمعت لكم في هذا المقال أهم 10 دروس تعلمناها في هذا العقد؛ لذا دعونا نتعمق أكثر.

1. الدرس الأول، بعد نقطة معينة، يتسبب مزيد من التواصل في التباعد بين الناس بدلاً من جمعهم معاً:

كنَّا في بداية العقد غارقين في الرؤى المثالية لمارك زوكبيرج مؤسس فيسبوك (Faecbook)، حيث كان جَعْلُ العالمِ أكثرَ تواصلاً وترابطاً أمراً جيداً بطبيعته.

يمكننا أن نجمع الناس معاً من خلال التكنولوجيا لمساعدتهم على أن يصبحوا أكثر تقبلاً لاختلافاتهم، وأن نَتَّحِدَ جميعاً كسلالةٍ بشريةٍ تحت شعارٍ واحدٍ كبيرٍ من النكات المضحكة.

للأسف، يبدو أنَّه كلَّما ازداد وعي الناس بجميع وجهات النظر المختلفة في العالم، تمنَّوا عدم وجود هذه الآراء المختلفة عن آرائهم، وسعوا إلى قمعها؛ وانتشر هذا التزايد الغريب في التعصب تجاه الآراء المتضاربة في جميع أنحاء العالم عبر الطوائف السياسية، ولا يبدو أنَّ الأمر قد استثنى أحداً.

إنَّنا ندخل عام 2020 بعلاقة متضاربة مع وسائل التواصل الاجتماعي وفيض المعلومات؛ وبينما أعتقد أنَّنا بدأنا العقد بتفاؤل غير منطقي بشأن تقنيتنا الجديدة، فإنَّنا ننهي العقد بتشاؤم غير منطقي أيضاً حيال ذلك؛ كما أنَّ البيانات التي تسببها وسائل التواصل الاجتماعي من قلق واكتئاب غالباً ما تكون غير صحيحة، وتظهر الأبحاث أنَّ الأخبار المزيفة تفقد تأثيرها، وأنَّ الناس يحللون ما يقرؤونه؛ ورغم الثقافة السطحية الواضحة في الشعوب، إلَّا أنَّنا بالفعل نقرأ مزيداً من الكتب أكثر من أي وقت مضى.

كان إدخال أي شكلٍ جديدٍ من وسائل الإعلام يتسبب بحدوث اضطرابٍ كبيرٍ في النظام الاجتماعي على مدار التاريخ، وقد أدى هذا عادةً إلى حروب دموية طويلة الأمد؛ ولكن اليوم، ورغم ملايين التغريدات الغاضبة، لم يحدث أيّ شيءٍ مأساوي.

ولكنَّني متفائل، إذ تتيح لنا وسائل التواصل الاجتماعي إدراك الآثار المترتبة على استخدامها في الوقت الراهن؛ فبالعودة إلى الماضي، لم نكن ندرك مدى سوء استخدام النازيين والشيوعيين للإعلام حتى قتلوا ملايين البشر؛ أمَّا اليوم، عندما يفعل أيُّ شخصٍ شيئاً خاطئاً، فإنَّ نصف الكوكب يعرف ذلك بالفعل.

رغم أنَّ هذا الحكم المستمر قد يثير الغضب ويخلق مزيداً من التوتر والإحباط اليومي، إلَّا أنَّه قد يكون أكثر تصحيحاً ذاتياً من الأشكال السابقة لوسائل الإعلام، وبالتالي فهو جيد للعالم على الأمد الطويل؛ والحيلة هي أنَّه يجب على كلٍّ منَّا تعلم كيفية إدارة علاقتنا بهذه الأخبار.

إقرأ أيضاً: 9 أضرار تلحقها وسائل الإعلام في المجتمع

2. الدرس الثاني، الانتباه محدود وهشّ ويجب إدارته:

أعتقد أنَّ الأجيال ستنظر من الآن فصاعداً إلى الوراء في عشرينيات القرن الحادي والعشرين كنقطة تحول في التاريخ، حيث وصلنا أخيراً إلى نقطة تشبُّع الانتباه؛ وما أعنيه بذلك هو أنَّنا عشنا للتو في المرة الأولى في التاريخ التي تفوق فيها كمية التحفيز المتاحة لنا إلى حدٍّ كبيرٍ قدرتنا على الانغماس فيها.

يخلق هذا مجموعةً جديدةً وفريدةً من المشكلات، فعلى سبيل المثال: إنَّه لمن الهام أكثر من ذي قبل تطوير مهارة الاختيار الواعي لما يجب أن يحوز على اهتمامنا وما لا يجب أن يفعل ذلك، كما يتعيَّن علينا تطوير الانضباط الداخلي وعدم المبالغة في ردود الفعل العاطفية للأخبار، ويجب أن نكون الآن حريصين على كيفية استثمار وقتنا واهتمامنا بالطريقة نفسها التي نساوم من خلالها للحصول على أفضل جهاز كمبيوتر جديد أو زوج من البناطيل.

لقد استغرق الأمر بعض الوقت، لكنَّنا نفهم ذلك الآن؛ إذ قد درَّبَنَا عصر التلفاز على الانصياع والتقبل، بينما يتطلّب منَّا الإنترنت أن نكون مشاركين نشطين في استهلاكنا؛ ولكنَّ تحمل المسؤولية عن هذا الاستهلاك وإدارة أنفسنا عندما نبالغ في الانغماس فيه مَهمَّة صعبة ومستمرة.

لقد ظهرت مجموعة كبيرة من الكتب والمنتجات التي صُمِّمت حول إدارة الانتباه في العام أو العامين الماضيين، وأتخيل أنَّ هذا سينتشر أكثر في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، مثل توافر نسخ أصغر من صناعات اللياقة والتغذية؛ حيث سيكون الاهتمام والانتباه إلى التغذية شيئاً يُتوقَّع منَّا جميعاً الحفاظ عليه وتحسينه لزيادة صحتنا الشخصية ورفاهيتنا.

3. الدرس الثالث، لعلَّ أهم مهارة في الحياة الآن هي القدرة على التعلم الذاتي بشكل جيد:

كتب الاقتصادي والمدون "تايلر كوين" (Tyler Cowen) كتاباً بعنوان (Average is Over) في عام 2013، وكانت حجته بسيطة: "قد تؤدي الحقائق الاقتصادية لتكنولوجيا القرن الحادي والعشرين إلى نتائج يحصل فيها الفائز على كلّ شيءٍ أكثر ممَّا مضى"؛ وهو يشير إلى المشتبه بهم المعتادين لتفسير حدوث ذلك، مثل: قدرة البرمجيات على التوسع بسرعة، والقوى الاحتكارية في أسواق معينة، ومزايا شبكات النخبة، وما إلى ذلك؛ لكنَّه يشير أيضاً إلى سببٍ آخر، وهو المعلومات.

عندما تكون هناك معلومات محدودة، يمتلك الأشخاص الذين هم الأفضل في تعلم تلك المعلومات ومعالجتها بشكلٍ جيدٍ ميزةً محدودة؛ فكل شخص لديه المعلومات نفسها، ولكنَّ بعض الناس يستخدمونها بشكل أفضل من الآخرين.

عندما تصبح المعلومات غير محدودة فعلياً، تتضاعف مزايا التعلم ومعالجة المعلومات بطرائق مؤثرة للغاية؛ ليس فقط لأنَّك تستخدم المعلومات نفسها بشكلٍ أفضل، بل لأنَّه يمكنك أيضاً اكتشاف وفهم وتلخيص معلومات أكثر بكثير من الآخرين، ويمكنك القيام بذلك بمعدل أسرع بكثير.

كما لهذه القدرة على التعلم السريع والاكتفاء الذاتي تأثير مضاعف أيضاً، ممَّا يؤدي إلى تشعب أكبر في النتائج؛ فكلَّما تعلمت الآن، تمكنت من التعلم ومعالجة التجارب الجديدة بشكل أفضل في المستقبل؛ لذلك، إذا طورت القدرة على التعلم جيداً، فستكون لديك فرص لتحقيق نتائج ضخمة ومضاعفة أكثر من أي وقت مضى.

شاهد بالفيديو: 10 طرق فعالة لتتعلّم بشكل أسرع

4. الدرس الرابع، يحفز تعريض الناس إلى "التعقيد" على البحث عن "البساطة":

لقد فهم علماء النفس لفترة طويلة أنَّنا لا نشكل المعتقدات بشكل طبيعي بناءً على الحقيقة، بل نشكلها من أجل الحفاظ على إحساسنا بالهوية والأمان.

حتى في الآونة الأخيرة في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان هناك اعتقاد ساذج أنَّه إذا جرى إبلاغ الناس بشكل صحيح فقط عمَّا يحدث في العالم، فإنَّهم سيصوغون معتقدات أكثر دقة، ويتخذون قرارات أفضل؛ ولقد استمر هذا الافتراض بعناد حتى اليوم.

إنَّ وسائل الإعلام -خاصة السياسية- تفكر في أنَّه "إذا قدَّمت ​​للمتابعين مزيداً من المعلومات، فسيغيرون آراءهم"، ولقد جاء هذا الافتراض بنتائج عكسية؛ إذ ربَّما يكون الناس متشبثين بمعتقداتهم اليوم أكثر من أي وقت آخر في التاريخ الحديث، والغريب أنَّنا نميل باستمرار إلى جميع الطرائق التي نكون مخطئين فيها.

الحقيقة هي أنَّ التأقلم مع الفروق الدقيقة في الأفكار أو التجارب المتناقضة أمر مرهق، إذ يتطلب طاقة وجهداً للتعايش مع تلك الأشياء التي تبدو متناقضة؛ وقد وصف عالم النفس "ليون فيستينغر" (Leon Festinger) هذا "التنافر المعرفي" قائلاً أنَّ الناس سيحلون هذا التنافر حتماً من خلال الاعتقاد الأعمى بكل ما يريدون تصديقه.

لقد أصبح أحد أكبر التوجهات الثقافية في عام 2010 في جميع أنحاء العالم هو التوجه نحو البساطة، وينعكس ذلك في الخطاب السياسي ووسائل الإعلام الإخبارية ووسائل الترفيه لدينا، وهناك سببٌ بالتأكيد وراء استمرار هوليوود في ضخ ثمانية عشر إصداراً من أفلام مارفل (Marvel)؛ فعندما نشاهد أفلام الأبطال الخارقين، يكون هناك خطأ وصواب واضحين؛ فأنت تعرف بالضبط ما هو جيد أو سيئ في العالم، وتعلم أنَّ الجميع يشجعون الصالحين. إنَّها وسيلة سينمائية تعيدنا إلى البساطة الشبيهة ببساطة الأطفال التي نتوق إليها من العالم.

لقد كَتَبْتُ بشكلٍ مُكَثَّفٍ عن أزمةِ النضج الحالية في العالم اليوم، وأنَّ هذا النفور من الكميات الهائلة من المعلومات المعقدة قد يكون التهديد الأكبر، وهو أيضاً سبب القدرة على التعلم؛ أي بمعنى آخر: ستصبح القدرة على تقييم وتصحيح المعتقدات الخاطئة أكثر قيمة في السنوات القادمة.

إقرأ أيضاً: لِمَ لا نَسلُك الطريق السّهل؟

5. الدرس الخامس، إنَّنا نعيش حالياً في عصر ذهبي للفن دون إدراك ذلك حتى:

لقد كان الكم الهائل من التحفيز المتاح اليوم سبباً في صرف انتباهنا عن حقيقة هامة أخرى، ألا وهي: "أنَّنا نعيش في عصر ذهبي من الفن والإبداع".

كان نموذج الأعمال في عالم الفن والترفيه في الماضي ذا تسلسل هرمي فائق، ولم يكن هناك حالة متوسطة؛ فإمَّا أن تكون نجماً، أو أن تكون مفلساً.

اليوم، لا يوجد شيء تقريباً سوى الوسط، إذ يمكنني تحميل تطبيق سبوتيفي (Spotify) واكتشاف ستة من الفرق الغامضة التي تعزف بالضبط نوع الموسيقى الغريبة التي أحبها، ويمكن لهذه الفرق الغامضة أن تجعل الحياة مختلفة على الأقل لبعض الوقت، كما يمكن مشاهدة الأفلام الوثائقية الأجنبية بنهم ودون مجهود.

لقد قال الناس لسنوات أنَّ التلفاز في عصر ذهبي جديد، كما دخل النشر بهدوء عصراً ذهبياً جديداً بمبيعات قياسية طيلة القسم الأعظم من العقد، وقد نُشرت ملايين الكتب بشكلٍ ذاتيٍّ، ويمكنك الآن بدء مدونة في غضون ثوانٍ وليس ساعات أو أسابيع مثلما كان الحال عليه قبل عقدٍ من الزمن.

إنَّه أفضل وقتٍ على الإطلاق لتكون فناناً؛ وإذا كنت جيداً، فمن السهل إنجاز عملك أكثر من ذي قبل. إنَّه أيضاً أفضل وقتٍ على الإطلاق لاستهلاك الفن، وهو الآن أرخص ممَّا مضى، ومتاح أكثر من أي وقت مضى؛ إذ من السهل العثور على أشياء جديدة، ومن الأسهل أن ندعم الفنانين أكثر من السابق.

6. الدرس السادس، مثل كلِّ شيءٍ آخر، قد تتضرر نقاط الضعف بسبب الرغبة في الحصول على أفضل حالة اجتماعية:

لقد ترسخت الرسالة التي وَعظَنا بها الآخرون، وهي "أنَّ إظهار نقاط الضعف ليس شكلاً من أشكال الضعف، بل إنَّه في الواقع دليل على القوة".

الضعف -كما عُرِف آنذاك- بمثابة إظهار غير مشروط لأفكار المرء ومشاعره، والتقبل التام والكامل لفكرة رفضه؛ وقد أصبح هذا تغييراً كبيراً من أجل صحة عاطفية أكبر وتجارب أكثر أصالة مع العالم عموماً، وكان رسالة عظيمة، وكنت فخوراً بكوني واحداً من الكثيرين الذين يدعمونها؛ ولكن، كما يقول "جاري فاينرتشوك" (Gary Vaynerchuk): "يدمر المسوقون كل شيء".

يعدُّ الضعف اليوم كلمة مبتذلة، ويبدو الأمر كما لو أنَّ أحد الساسة يطلق بشكلٍ عفويٍّ قصةً حول كيف كان والده بواباً أو شيئاً من هذا القبيل، ومن المفترض أن يكون هذا محل نقاش وإثارة للعاطفة، ولكنَّ المشكلة أنَّه قال ذلك لنحو 500 مرة أمام مجموعات المناقشة والمستشارين من أجل مصالح شخصية فحسب.

ليس هذا هو الضعف؛ فصحيح أنَّ هذا الضعف المبتذل يبدو كما لو أنَّه أشبه بالضعف الحقيقي، لكنَّه ليس كذلك؛ إذ إنَّه شكل فاسد وخادع من أشكال الضعف، وهو عكس الضعف الحقيقي تماماً، ويوضح فقط كيف أنَّ أي شيء يمكن إثباته لتحسين وضع المرء في إطار ثقافة ما يمكن أن يُختَار ويُفسَد من قبل أولئك الذين سيفعلون أي شيء من أجل الحصول على وضع معين؛ وبعبارة أخرى: البشر سيئون.

7. الدرس السابع، لم تعد الجامعات تستحق كل هذا العناء:

اعتماداً على ماهيتك وإرادتك، ولأول مرة منذ ثلاثة أجيال على الأقل، قد يكون من المنطقي ألَّا تذهب إلى الجامعة. لقد أصبحت الجامعات أغلى من ذي قبل، كما أنَّها تقدم تعليماً أسوأ من ذي قبل، وهي أقل ضرورة لوظائف ومهن جيدة من ذي قبل.

لا يعني هذا أنَّ الجامعات سيئة، فهي لا تزال هامة للكثير من الناس والعديد من المهن؛ فإذا كنت من بلد أقل نمواً أو تعيش في بلد تدفع فيها الحكومة تكاليف الجامعة أو جزءاً منها، فمن شبه المؤكد أن يكون ذهابك إليها أمراً منطقياً؛ ولكن إذا كنت تعيش في الولايات المتحدة أو في عدد من الدول المتقدمة الأخرى حيث صارت تكلفة الجامعة باهظة الثمن، فقد يتعين عليك إيجاد طريقة لدخول الجامعة على نفقتك الخاصة.

إقرأ أيضاً: دليلك لأفضل المنح لدراسة الماجستير والدكتوراه حول العالم

8. الدرس الثامن، قد يؤدي الانقسام الحضري والريفي إلى مشكلات اجتماعية وسياسية وإيديولوجية:

هناك الكثير حول الاستقطاب السياسي وعدم المساواة في الثروة وظهور الشعبوية، ونادراً ما يُناقَش الانقسام المتزايد بين الريف والحضر.

مثلما بدأ هذا العقد، ولأول مرة في تاريخ العالم، كان عدد السكان الذين يعيشون في المدن الكبيرة أكثر من المدن الصغيرة أو الأرياف؛ إذ يتجمع السكان في مدن ذات كثافة سكانية عالية في البلدان في جميع أنحاء العالم، حيث تكون تكلفة المعيشة مرتفعة هناك، وكذلك مستوى التعليم والوصول إلى وسائل الراحة والفن، ويكون السكان متنوعين ومتعاونين؛ في حين أصبحت المناطق الريفية في العالم -بما في ذلك المدن الصغيرة والمجتمعات المحلية- متخلفة أكثر فأكثر من حيث الثقافة والاقتصاد والتعليم والبنية التحتية.

يخلق هذا التقسيم الطبقي للمجتمع بين النخب الحضرية وسكان الريف ظاهرة لدولتين تعيشان داخل دولة واحدة، ومن ثمَّ يدفع هذا التركيز المواقف والمعتقدات الجديدة حول الإنصاف والعدالة والمساواة التي تتعارض تماماً مع القيم والرغبات التقليدية للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الداخلية في بلدهم، وتظهر مع اختلاف هذه القيم توترات ثقافية بين شطري المجتمع؛ كالمسنين والشباب، والمتعلمين وغير المتعلمين، والتنوع والتجانس.

9. الدرس التاسع، في حين لن يعترف أحد بذلك، ولكن الحمد لله على كبار أرباب الشركات:

ليس من الشائع أن نشيد بالشركات في هذا العصر، ولكن في عصر الجمود السياسي، والتردد البيروقراطي، والبنية التحتية المتداعية، والاتجاهات الاستبدادية الناشئة في مختلف أنحاء الكوكب؛ قد يكون أمازون (Amazon)، وآبل (Apple)، وآخرون الشيء الوحيد الذي يجمع العالم في الوقت الحالي.

تجعل الكفاءة اللوجستية (السوقية) التي تتمتع بها شركة أمازون (Amazon) كل كيان بشريٍّ آخر يشعر بالخجل، ومن المحتمل أن تكون سلسلة التوريد العالمية لشركة آبل (Apple) واحدة من الأشياء القليلة التي قللت نوعاً ما حالة العداء تجاه الصين.

إنَّ شركات التكنولوجيا مثل سامسونج (Samsung) وفيسبوك (Facebook) وجوجل (Google) هي التي تقود البنية التحتية للإنترنت في جميع أنحاء العالم الثالث، وغالباً ما تأتي أكبر الابتكارات في الطاقات المتجددة من القطاع الخاص.

نعم، يسبب حجم هذه الشركات وقوتها وتأثيرها الضخم بعض المشكلات، ولكن لا تخلو أي منظمة تتمتع بالكثير من السلطة من المشكلات.

إنَّ وجهة نظري ببساطة هي أنَّ التغاضي عن فوائد هذه الكيانات العملاقة لا يقلُّ سهولةً عن انتقاد أخطائها، لكنَّ هذه الشركات تدير كوكب الأرض أكثر من أي منظمة حكومية دولية، وقد يكون ذلك شيئاً جيداً من بعض النواحي.

10. الدرس العاشر، في حين أنَّ هذا الوقت أفضل وقت للبقاء على قيد الحياة، لا يعني هذا أنَّه الأسهل:

في كتابي "خراب: كتاب عن الأمل" (F*cked: A Book About Hope)، كتبت كيف أنَّ اليوم هو أفضل وقت في تاريخ العالم للبقاء على قيد الحياة وفقاً لمعظم المقاييس المادية؛ فنحن أكثر أماناً وصحة، وأقل عنفاً، وأكثر تسامحاً وتعليماً، وأفضل من أيِّ وقتٍ مضى؛ كما نتمتع بمزيدٍ من الحرية الاقتصادية والمعرفة والترفيه والتواصل أكثر من أيِّ وقتٍ آخر في تاريخ العالم.

ولكن، تتسبب هذه الوفرة من المعلومات والفرص بخسائر نفسية، حيث إنَّها تجعل الأمر أكثر صعوبة في العثور على المغزى والهدف؛ فهي تخلق الصراع لإدارة انتباهك، وهذا يعرضك إلى أشياء فظيعة أكثر من أي وقت مضى.

أسمِّي هذا مفارقة التقدم؛ فكلَّما تحسن العالم، زادت توقعاتنا، وعانينا للعثور على المغزى والدافع في حياتنا اليومية؛ لذلك، في حين أنَّ اليوم هو بلا شك أفضل وقت للبقاء على قيد الحياة من نواحٍ عديدة، فإنَّه ليس أسهل وقت لذلك؛ ورغم أنَّ الصراع الجسدي من أجل البقاء قد تبدد بالنسبة إلى معظم الكوكب، إلَّا أنَّ الصراع النفسي قد تضاعف من أجل إيجاد المعنى.

ماذا يعني كل هذا لعشرينيات القرن الحادي والعشرين؟

حسناً، إنَّ الخروج من عقد كامل تهيمن عليه حالة من التشاؤم العام أمرٌ لا طائل منه، وقد كانت هناك آلام متزايدة، ونحن نتعامل مع آثار هذه التقنيات الجديدة على المجتمع؛ ولكن كلَّما أصبحنا أكثر إدراكاً لمداركنا الخاصة والقيود الكامنة، زادت المعارف التي نكتسبها عن العالم من حولنا، وأصبحت الأمور أفضل.

هذا هو العقد المقبل، فليكن أقلَّ إرباكاً وتشويشاً من هذا.

المصدر




مقالات مرتبطة