لِمَ أصبحَت اجتماعات الفيديو الافتراضية مرهقة عقلياً؟ وكيف يمكِن أن يمنع الناس هذا الإرهاق الناتج عن استخدام تطبيق "زوم (Zoom)"؟
هناك عوامل عدَّة تؤدي دوراً في ذلك، بما فيها القيود التي تفرضها التكنولوجيا، حيث تفتقر مؤتمرات الفيديو إلى القدرة على التواصل المتزامن، كما تترك فترات التأخير في وصول الصوت والصورة فجواتٍ قد يُساء فهمها، وقد يكون التدفق الطبيعي للمحادثة غير متقن؛ وذلك بسبب المشكلات التقنية مثل: حدوث عطل ما في سماعات الرأس أو ربما جودة الاتصال بالإنترنت أو حتى الاضطرابات الناجمة عن توقُّف الشاشة أو الصوت المشوَّش، وهذا من شأنه أن يُبطئ أو يسرع من المحادثة.
حتى عندما تكون جودة الإنترنت جيدةً عند كلا الطرفين، فهناك فترات تأخير بسيطة لا مفرَّ منها في الصوت والفيديو على حد سواء، ويسبب هذا الافتقار إلى التزامن إفراط عمل العقل بشكل لا واعٍ في محاولة منه لمزامنة التواصل، حيث يضطر عقلك إلى العمل لساعات إضافية لفهم تعابير الشخص الآخر وسلوكه، وتُصعِّب مؤتمرات الفيديو على الجميع كشف الانطباعات البسيطة مما يؤدي إلى سوء الفهم، فقد تشعر بعد ثوانٍ من الصمت بالحرج الذي قد يُفهَم بشكل سلبي، ذلك لأنَّه لا تظهر لغة جسدك وجسد الآخر بوضوح.
تؤدي هذه القيود جميعها إلى حدوث سوء في التواصل وانعدام الطمأنينة لكلا الطرفين، فحتى المستمع ذو النية الحسنة والذي يحاول الكشف عن الانطباعات الدقيقة قد ينتهي به المطاف إلى أن يحدق طويلاً وبشكل مركز، مما يجعل الطرف الآخر يشعر أنَّ تلك النظرات تحمل في طياتها العداوة.
شاهد بالفيديو: كيف تتجنب إضاعة الوقت في اجتماعات العمل التي تجريها من منزلك؟
ويكاد تداخُل الأحاديث أن يكون مستحيلاً في العديد من منصات مؤتمرات الفيديو، مما يجعل وتيرة الحوار غير طبيعية، حيث يضيع التدفق التلقائي للمعلومات؛ لأنَّ على الناس أن ينتظروا ليحين دورهم، وهذا يجعل الأمور التي تُخفِّف حدة المحادثة مثل الفكاهة والمزاح أكثر صعوبةً.
وتؤدي الزيادة في عقد مؤتمرات الفيديو إلى نمط حياة تسود فيها قلة الحركة، وقد اعتادت الاجتماعات في المكاتب أو أي مكان عام أن تكون بمثابة فترات راحة؛ وذلك ليتسنى للناس الانتقال من غرفة إلى أخرى أو حتى الذهاب إلى الحمام، إلا أنَّ الاجتماعات على الإنترنت تجعل ذلك أقل مرونةً، وتُقلل من هذه الاستراحات، كما أنَّ هناك توقعات لبدء الاجتماعات في وقت مُحدَّد حيث يكون الجميع على الإنترنت، على الرغم من أنَّه قد يكون هناك حد أدنى من فترات الراحة أو قد لا توجَد على الإطلاق.
تؤدي هذه الأمور كلها إلى زيادة التوتر والحاجة المتزايدة بالبقاء متسمراً خلف الشاشة لتكون متاحاً دوماً، وهذا يقلل من ممارسة التمرينات البدنية، ويقلل وقت الفراغ أو الراحة.
إليك بعض النصائح للحد من التعب الناجم عن استخدام تطبيق "زوم (Zoom)":
- حدِّد فترات راحة بعيداً عن الشاشة، وهو أمر هام للغاية؛ حيث تحوَّلَت العديد من الشركات إلى العمل عن بُعْد إلى أجل غير مسمى، ووضعَت هذه الجداول الزمنية للعمل كاستجابة سريعة في وقت مبكر من هذه الجائحة، ولم تحسب الإرهاق الناتج عن استخدام التطبيق أو استدامة هذا الوضع. ينبغي أن تشمل الجداول الزمنية فترات راحة تتراوح بين 5 و15 دقيقة كحد أدنى بين المؤتمرات المباشرة عن طريق الفيديو؛ حيث تُخصِّص فترات في جدولك اليومي لتمشي أو تُحرِّك جسدك في هذا الوقت؛ لذا تجنَّب التحديق في الشاشة أو التحقق من هاتفك في هذه الفترات.
- استبدِل اجتماعات الفيديو باجتماعات صوتية حين يمكِن ذلك.
- حافِظ على مستوى عينيك في مستوى الشاشة كي تستطيع النظر مباشرة إلى الكاميرا.
- تأكَّد من الإضاءة عندما تنظر مباشرة إلى الكاميرا وضَعْها من الأمام لتقليل الظلال وضمان جودة الصورة، وهذا من شأنه أن يساعد الآخرين على قراءة تعابير وجهك.
- تعديل صورة الفيديو بحيث يكون رأسك وكتفاك ظاهرين بدلاً من مجرد وجهك؛ فهذا يقلل من ظهور وجهك فحسب وقراءته على أنَّه يحمل إيحاءات عدوانية ويساعدك على إظهار لغة جسدك وإيماءاتك.
- أبقِ الخلفية وراءك بسيطة كي لا يتسبب ذلك في تشتت المشاركين الآخرين.
- عدِّل برنامج اجتماعاتك بحيث يكون المتكلم الأساسي أمامك مباشرة؛ فهذا من شأنه أن يقلل من التشتيت أيضاً.
- أغلِق التبويبات الأخرى، مثل: وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والرسائل النصية؛ فهذا يمنعك من التشتت والانقطاع الذي يرهق دماغك، وتجنَّب الشاشات المتعددة قدر الإمكان.
- استخدِم سماعات جيدة لتسمع الصوت بشكل واضح وتُقلل من الضوضاء المحيطة بكلا الطرفين.
- مارِس بعض الأنشطة التي تبعث على الاسترخاء في وقت الفراغ بعيداً عن الشاشة مثل: التأمل، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو الطبخ، أو حتى التنزه وقراءة كتاب، أو الاستحمام بماء دافئ، أو شرب كوب من الشاي، أو حتى لقاء صديق.
في الختام:
نظراً إلى الحاجة المتزايدة لإجراء الاجتماعات الافتراضية، تساعد الكثير من أنواع منصات الواقع الافتراضي على تسخير التكنولوجيا لصالحنا.
عرض موقع "فيسبوك آي كيو" (Facebook IQ) دراسةً أجرتها شركة "نيورال إنك" (Neural Inc) عن كيفية استجابة 60 مشاركاً للواقع الافتراضي مقابل إجراء محادثة شخصية وجهاً لوجه، ووجد أنَّ الناس، خاصة الانطوائيين، يشعرون براحة أكبر في البيئة الافتراضية، وقد طوَّرَت العديد من الشركات منذ ذلك الحين منصاتٍ افتراضية اجتماعية مختلفة بما في ذلك "فيسبوك هورايزن" (Facebook Horizon) و"فايف سينك" (VIVE Sync) و"ألت سبيس في آر" (AltspaceVR) و"سبيشال" (Spatial) و"في آر تشات" (VRChat).
أضف تعليقاً