يُعد الصيام المتقطّع أحد الأساليب التي أثبتت فعاليتها في السنوات الأخيرة، وهو نمط غذائي يركز على فترات من الصيام المتناوب مع فترات لتناول الطعام.
أشارت الدراسات العلمية الحديثة إلى أنّ هذا النوع من الصيام قد يساعد مرضى السكري في تحقيق تحكم أفضل بمستويات السكر في الدم؛ حيث يُظهر المرضى الذين يتبعون هذا النظام تحسناً ملحوظاً يصل إلى نسبة 30% في استجابة الجسم للأنسولين، مع تقليل وزنهم بنسبة تتراوح بين 5-10% خلال أسابيع قليلة.
مفهوم الصيام المتقطع؟
الصيام المتقطع هو نظام غذائي يعتمد على تقسيم اليوم أو الأسبوع إلى فترات متعاقبة من الصيام وتناول الطعام، دون التركيز بالضرورة على نوعية الأطعمة الذي يتم تناوله، بل على توقيته، ويهدف هذا الأسلوب إلى منح الجسم فترة راحة من تناول السعرات الحرارية، مما يساعد في تحسين عمليات التمثيل الغذائي وتنظيم مستويات السكر في الدم.
أنماط الصيام المتقطع
هناك العديد من أنماط الصيام المتقطع التي يمكن اختيارها وفقاً لاحتياجات الفرد وأهدافه الصحية، ومنها:
1. نظام 16/8
حيث يتم الصيام لمدة 16 ساعة يومياً، مع تخصيص نافذة 8 ساعات لتناول الطعام.
2. نظام 5/2
يتناول الشخص الطعام بصورة طبيعية لمدة 5 أيام في الأسبوع، ويقلل السعرات الحرارية إلى حوالي 500-600 سعرة حرارية في يومين غير متتاليين.
3. الصيام التبادلي
في الصيام التبادلي يتناول الشخص الطعام في يوم معين ثم يصوم بصورة كاملة أو يكتفي بسعرات قليلة في اليوم التالي.
4. الصيام لمدة 24 ساعة
يتم فيه الامتناع عن تناول الطعام لمدة يوم كامل مرة أو مرتين أسبوعياً.
هل يختلف النظام الصيام المتقطع لمرضى السكري عن الاشخاص الأصحّاء؟
نعم، يختلف نظام الصيام المتقطع لمرضى السكري عن الأشخاص الأصحاء، وذلك بسبب طبيعة مرض السكري، وتأثيره على مستويات السكر في الدم، واستجابة الجسم للأنسولين. يحتاج مرضى السكري إلى تعديلات خاصة وضوابط محددة لضمان سلامتهم أثناء الصيام المتقطع. في ما يلي أبرز الاختلافات:
1. توقيت الصيام وتناول الطعام
يجب أن ينظم مرضى السكري صيامهم ووجباتهم بعناية لتجنب تقلبات السكر، بينما يمكن للأصحاء الصيام لفترات أطول دون قلق بشأن استقرار السكر في الدم.
2. المراقبة والمتابعة
يحتاج مرضى السكري إلى مراقبة مستمرة لمستويات السكر في الدم وتعديل الأدوية عند الضرورة لتجنب المضاعفات، بينما يتمتع الأصحاء بتنظيم طبيعي للجلوكوز دون حاجة للمراقبة الدقيقة.
3. نوع الأطعمة المسموحة
يركز مرضى السكري على تناول أطعمة ذات مؤشر جلايسيمي منخفض لتجنب ارتفاع السكر، بينما يتمتع الأصحاء بمرونة أكبر تشمل تناول الكربوهيدرات البسيطة باعتدال.
4. مدة الصيام
يُنصح مرضى السكري بفترات صيام أقصر مثل 14/10 لتجنب انخفاض السكر، بينما يمكن للأصحاء اتباع صيام أطول كـ 16/8 أو 24 ساعة دون مشاكل.
5. إشراف طبي
يجب على مرضى السكري استشارة الطبيب قبل بدء الصيام المتقطع، خاصةً مع استخدام أدوية السكر، بينما يمكن للأصحاء تجربته بحرية دون إشراف طبي.
شاهد بالفيديو: 8 أسباب تقف وراء الإصابة بداء السكري
10 فوائد للصيام المتقطع لمرضى السكري وفقاً للدراسات العلمية
يُعد مرض السكري من أبرز الأمراض المزمنة التي تؤثر في ملايين الأشخاص حول العالم، مما يفرض تحديات كبيرة على الأفراد في إدارة مستويات السكر في الدم وتحسين نوعية حياتهم. في السنوات الأخيرة، أصبح الصيام المتقطع أحد الأنظمة الغذائية المثيرة للاهتمام والبحث العلمي، خصوصاً في ما يتعلق بفوائده لمرضى السكري.
إليك 10 فوائد مثبتة علمياً للصيام المتقطع لمرضى السكري، التي قد تُحدث فرقاً حقيقياً في تحسين إدارة المرض والوقاية من مضاعفاته:
1. تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم
يمكن أن يؤدي ارتفاع السكر المزمن إلى مشاكل صحية خطيرة مثل أمراض القلب وتلف الأعصاب؛ إذ تشير الدراسات إلى أنّ الصيام المتقطع يساعد في تحسين استجابة الجسم للأنسولين، مما يسهم في نقل السكر إلى الخلايا واستخدامه كمصدر للطاقة.
خلال فترات الصيام، ينخفض مستوى الجلوكوز في الدم بصورة طبيعية، مما يقلل من التقلبات التي تحدث عادة بين الوجبات، وبالتالي، يسهم هذا التحكم المحسن في مستويات السكر في تقليل خطر المضاعفات المرتبطة بالسكري، مثل الفشل الكلوي وأمراض القلب.
2. تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وخفض ضغط الدم
يزيد مرض السكري من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بسبب تأثيره السلبي على الأوعية الدموية و مستويات الكوليسترول؛ إذ أظهرت الدراسات العلمية حول فوائد الصيام المتقطع لمرضى السكري أنّ هناك تحسناً في صحة القلب، بما في ذلك خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) و الدهون الثلاثية، وزيادة مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)
3. زيادة مستويات الأديبونكتين وخفض مستويات اللبتين
الأديبونكتين هو هرمون يُفرز من الأنسجة الدهنية، ويعمل لتحسين حساسية الأنسولين؛ إذ يساهم تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم، وزيادة مستويات الأديبونكتين في تعزيز قدرة الجسم على امتصاص الجلوكوز والتقليل من مقاومة الأنسولين.
بالمقابل، اللبتين هو هرمون يُفرز من نفس الأنسجة ويعمل على تنظيم الشعور بالجوع وتنظيم الوزن؛ فعندما ترتفع مستويات اللبتين بإفراط، قد تحدث مقاومة له، مما يؤدي إلى زيادة الشهية وتخزين الدهون. لكن يساعد الصيام المتقطع في خفض مستويات اللبتين، مما يؤدي إلى تحسين حساسية الجسم للأنسولين، وتقليل الوزن، وتحسين التوازن الهرموني عموماً.
4. تحفيز التعافي من السكري
أظهرت الدراسات أنّ الصيام المتقطع يمكن أن يساعد في تحفيز التعافي من مرض السكري، خصوصاً في النوع الثاني؛ ففي فترات الصيام، يتعرض الجسم لضغط معتدل يحفز الآليات الطبيعية للإصلاح الخلوي وتجديد الخلايا التالفة وبالتالي تحسين وظيفة خلايا بيتا في البنكرياس، المسؤولة عن إفراز الأنسولين.
5. تقليل الإجهاد التأكسدي
هو عملية ينتج عنها تراكم الجذور الحرة في الجسم، مما يؤدي إلى تلف الخلايا والأنسجة، يُعد هذا الإجهاد أحد الأسباب الرئيسة لتطور مضاعفات مرض السكري، مثل تلف الأوعية الدموية والأعصاب.
ووفقاً للأبحاث العلمية، يساعد الصيام المتقطع مرضى السكري في الحد من الإجهاد التأكسدي من خلال تعزيز آليات الدفاع الطبيعية في الجسم، بما في ذلك زيادة إنتاج مضادات الأكسدة وتقليل الالتهابات. بفضل هذه العمليات، يقلل الصيام من تراكم الجذور الحرة ويحمي من مضاعفات مرض السكري مثل اعتلال الأعصاب وأمراض القلب.
6. تقليل وزن الجسم وكتلة الدهون الحشوية
من أبرز فوائد الصيام المتقطع لمرضى السكري هو تقليل وزن الجسم وكتلة الدهون الحشوية التي تتراكم في المنطقة البطنية المحيطة بالأعضاء الداخلية، و يرتبط هذا النوع من الدهون ارتباطاً وثيقاً بزيادة مقاومة الأنسولين وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وخلال فترات الصيام، ينخفض مستوى الأنسولين في الجسم، مما يسمح بتحفيز حرق الدهون كمصدر رئيس للطاقة، علاوةً على ذلك، يساعد الصيام في زيادة معدل الأيض وحرق السعرات الحرارية بصورة أكثر فعالية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن وتقليل الدهون الحشوية تدريجياً.
7. تحسين حساسية الأنسولين
حساسية الأنسولين هي قدرة خلايا الجسم على الاستجابة للأنسولين بفعالية، وهو عامل حاسم في التحكّم بمستويات السكر في الدم. في مرض السكري، تحدث عادةً مقاومة الأنسولين، مما يجعل من الصعب على الجسم استخدام الأنسولين بصورة صحيحة. أظهرت الأبحاث أنّ الصيام المتقطع يمكن أن يساهم في تحسين حساسية الأنسولين؛ حيث يساعد في تقليل مستويات الإنسولين في الدم وتحفيز الخلايا على استجابة أفضل للأنسولين.
8. تحفيز الالتهام الذاتي وتجديد الخلايا
يُعد الالتهام الذاتي عملية حيوية؛ حيث يدّمره الجسم بتدمير الخلايا التالفة أو غير الوظيفية وإعادة استخدامها لبناء خلايا جديدة وصحية. يعتبر الصيام المتقطع محفزاً قوياً لهذه العملية؛ حيث يتعرض الجسم للضغط الخفيف أثناء الصيام، مما يحفز الخلايا على إزالة المكونات غير المفيدة وتجديد نفسها.
وهذا يساعد في تحسين وظيفة الأنسجة وزيادة قدرة الجسم على إصلاح الأضرار الخلوية، مما يسهم في تقوية الجهاز المناعي، وتقليل الالتهابات، وتحسين الصحة العامة. يُعد الالتهام الذاتي أيضاً أحد العوامل المهمة في تعزز قدرة الجسم على إفراز الأنسولين بصورة أفضل.
9. خفض إنتاج الجلوكوز الداخلي
يمثل إنتاج الجلوكوز الداخلي (المعروف أيضاً بالسكر الذي ينتجه الكبد) عملية حيوية تتحكم في مستويات الجلوكوز في الدم،؛ ففي مرض السكري، قد يرتفع إنتاج الجلوكوز الداخلي بصورة غير طبيعية، مما يؤدي لارتفاع مستويات السكر في الدم.
يمكن أن يساعد الصيام المتقطع في خفض إنتاج الجلوكوز الداخلي عن طريق تقليل إفراز الهرمونات التي تحفز الكبد على إنتاج الجلوكوز.
10. تحسين الإيقاعات البيولوجية
تُعد الإيقاعات البيولوجية بمنزلة العمليات الفسيولوجية التي تنظمها ساعة الجسم البيولوجية، مثل دورة النوم والاستيقاظ، وتنظيم الأيض. يساعد الصيام المتقطع في تحسين هذه الإيقاعات من خلال تنظيم فترات الطعام والصيام وبالتالي الحصول على نوم أفضل، وزيادة الطاقة أثناء النهار، بالإضافة إلى تحسين التوازن الهرموني عموماً.
في الختام
يمكن للصيام المتقطع أن يكون له تأثير إيجابي كبير في حياة مرضى السكري، بشرط أن يُطبق بحذر وتحت إشراف طبي. فهو يساعد في خفض مستويات السكر في الدم، وتحسين حساسية الأنسولين، وتعزيز صحة القلب، مما يجعله أداة فعّالة لإدارة المرض بصورة أفضل.
إلى جانب ذلك، يقدم الصيام المتقطع فوائد إضافية مثل تقليل الدهون الحشوية، وتحفيز تجديد الخلايا، وتحسين الأداء الرياضي، مما يجعله خياراً متوازناً ومُبشراً لتحسين الصحة العامة. ومع ذلك، من الضروري أن يستشير مرضى السكري مختصاً قبل البدء بهذا النظام لضمان ملاءمته لحالتهم الصحية.
أضف تعليقاً