10 علامات تدل على الافتقار إلى النزاهة وفق علم النفس
1. التناقض بين الأقوال والأفعال
تعني النزاهة الانسجام بين ما يقوله المرء وما يفعله، ولكن عندما يفتقر المرء إلى النزاهة، ينكشف تناقض صارخ بين ما يقوله وما يفعله، فتُصبح أقواله مجرد وعود جوفاء لا تُترجم إلى أفعال حقيقية، ويقول عالم النفس الشهير "كارل يونج" (Carl Jung): "ما تفعله هو ما يعبِّر عنك، لا ما تقول أنَّك ستفعله"، ويلخِّص هذا الاقتباس جوهر النزاهة بدقة، ومن ينقض عهوده لا يُؤتمن على أقواله، فالنزاهة تتطلب الإخلاص في الأقوال والأفعال، وهذا التناقض هو علامة واضحة على أنَّ الشخص لا يلتزم أقواله، وغالباً ما تكون هذه العلامة خفية وتتطلب مراقبة دقيقة، ولكن بمجرد اكتشافها، تصبح علامة تحذيرية لا يمكن تجاهلها، لذا احترس من تلك الأفعال، فهي أبلغ من الكلمات.
2. عدم تحمل المسؤولية
ترتبط النزاهة ارتباطاً وثيقاً بالمسؤولية، ويتحمَّل الفرد الذي يتمتَّع بالنزاهة مسؤولية أخطائه، فلا يتَّهم الآخرين ولا يختلق الأعذار ولا يلوم الظروف، وبدلاً من ذلك، يتحمَّل مسؤولية أخطائه ويكفِّر عنها، وتقول الكاتبة "بايرون كاتي" (Byron Katie): "عندما تتحمل مسؤولية معتقداتك وأحكامك، تمتلك القدرة على تغييرها"، وعندما يتهرب الفرد باستمرار من المسؤولية ويلقي اللوم على الآخرين، فهذه علامة واضحة على افتقاره إلى النزاهة.
3. الكذب والخداع
عندما يتعلق الأمر بالنزاهة، فإنَّ الصدق مزية لا يمكن المساومة عليها، فمن الواضح أنَّ الشخص الذي يكذب أو يغشُّ أو يشوه الحقيقة يفتقر إلى النزاهة، فدعونا نكون صادقين للغاية هنا، لقد صادفنا جميعاً مثل هؤلاء الأفراد الذين يفضلون نسج شبكة من الأكاذيب بدلاً من مواجهة الحقيقة، وأولئك الذين يختبئون وراء سلسلة من الأكاذيب، ويخفون حقيقتهم عن العالم،
إنَّه أمر مؤلم ومحبِط، لكنَّه علامة صارخة على الافتقار إلى النزاهة، وكما يقول عالم النفس "سيغموند فرويد" (Sigmund Freud): "إنَّ من يملك عينين ترى وأذنين تسمع يعلم بأنَّه لا يمكن لأي إنسان أن يخفي سراً، فإذا صمتت شفتاه، ثرثر بأطراف أصابعه، وتسرَّبت الخيانة من مسامه"، فأبقِ عينيك مفتوحتين، وانظُر إلى ما وراء الكلمات، فقد تكون الأكاذيب مخفية، لكنَّها تترك أثراً، وهذا الأثر دليل واضح على انعدام النزاهة.
4. عدم التعاطف
التعاطف؛ أي القدرة على فهم مشاعر الآخرين وتقديرها، هو سمة أساسية للشخص النزيه، فمن جهة أخرى، يعدُّ الافتقار إلى التعاطف علامة واضحة على أنَّه شخص غير نزيه، وعندما يضع الفرد احتياجاته ورغباته فوق احتياجات أي شخص آخر ولا يدرك تأثير أفعاله في الآخرين، فهذه علامة صارخة على أنَّه شخص غير نزيه.
يقول عالم النفس الشهير "دانييل جولمان" (Daniel Goleman): "التعاطف والمهارات الاجتماعية هي ذكاء اجتماعي، وهو الجزء التفاعلي من الذكاء العاطفي، ولهذا السبب يبدو كلاهما متشابهاً"، فإذا كان الفرد غير مبال بمشاعر الآخرين ويركِّز فقط على مشاعره، فقد يكون ذلك علامة على افتقاره إلى النزاهة.
5. الثقة الزائدة بالنفس والغرور
قد يبدو الأمر غير منطقي، لكنَّ الثقة المفرطة والغرور هما في كثير من الأحيان علامة على الافتقار إلى النزاهة، فلا يحتاج الشخص الواثق من نفسه إلى التأكيد باستمرار على تفوقه أو التقليل من شأن الآخرين لتعزيز غروره، ويقول عالم النفس "ألفريد أدلر" (Alfred Adler): "الشخص العصابي مسجون داخل حدود واقعه المُشوَّه"، ويتعالى الناس في بعض الأحيان على الآخرين لإخفاء نقاط ضعفهم أو شعورهم بعدم الأمان، وهذا يؤدي إلى الغرور والثقة الزائدة، فالشخص النزيه واثق من نفسه ولكنَّه متواضع، إنَّه يحترم الآخرين ولا يحتاج إلى الشعور بالارتياح على حساب الآخرين، فإذا قابلت شخصاً يريد أن يكون أذكى شخص بين الحاضرين، فقد يكون ذلك علامة على أنَّه يفتقر إلى النزاهة.
6. عدم احترام الحدود
يعدُّ احترام الحدود الجسدية والعاطفية علامة هامة على النزاهة، وغالباً ما يتجاوز الشخص الذي يفتقر إلى النزاهة هذه الحدود دون أي اعتبار لراحة الآخرين أو موافقتهم، وتقول الكاتبة "برينيه براون" (Brene Brown): "تعني الجرأة على وضع الحدود امتلاك الشجاعة لحب أنفسنا، حتى عندما نخاطر بإحباط الآخرين"، ويفهم الشخص الذي يتمتع بالنزاهة ذلك ويحترم الحدود التي وضعها الآخرون، عندما ينتهك أحدهم مساحتك الشخصية انتهاكاً متكرراً أو يتجاهل مشاعرك وراحتك، فهذا مؤشر واضح على افتقاره إلى النزاهة.
7. المعاملة غير العادلة للآخرين
يعامل الشخص النزيه الجميع بإنصاف واحترام، بصرف النظر عن مكانتهم أو علاقتهم به، ويتصرف بعض الأشخاص بطرائق مختلفة تماماً وفقَ الشخص الذي يتعاملون معه، فقد يكونون مهذبين جداً مع رئيسهم ولكنَّهم يتجاهلون ويعاملون عمَّال التنظيف في المكتب بوقاحة، وهذا الاحترام الانتقائي هو علامة واضحة على نقص النزاهة.
كما يقول الناشط السياسي "مارتن لوثر كينج جونيور" (Martin Luther King Jr)، الذي كان يفهم علم النفس البشري بعمق: "لا تُقاس نزاهة المرء في لحظات السلم، وإنَّما في أوقات التحدي والخلاف"، ولا يرتقي الشخص الذي يفتقر إلى النزاهة إلى هذا المقياس، فهو متحيز في تعامله مع الناس، ويُظهر الاحترام فقط عندما يكون ذلك في مصلحته، وإذا تغيَّرت معاملة الشخص للآخرين بناءً على مكانتهم أو ما يمكنهم تقديمه له، فهذه علامة واضحة على نقص النزاهة.
8. رفض الاعتذار
نحن جميعاً نرتكب الأخطاء، فهذا من طبع البشر، ولكنَّ الشخص النزيه لا يخشى الاعتراف بأخطائه وتقديم اعتذار صادق، وعلى النقيض من ذلك، الشخص الذي يفتقر إلى النزاهة غالباً ما يرفض الاعتذار، حتى عندما يكون مخطئاً بوضوح، إنَّها حقيقة قاسية، لا أحد يحب الاعتراف بأنَّه كان على خطأ، إنَّه أمر غير مريح ومذل، وغالباً ما يكون من الأسهل تجاهله.
لكن كما يقول عالم النفس الشهير "كارل روجرز" (Carl Rogers): "المفارقة الغريبة هي أنَّه عندما أقبل نفسي كما أنا، حينها فقط يسعني أن أتغير"، وقبول أخطائنا هو الخطوة الأولى نحو تصحيحها والنمو بوصفنا أفراداً، ويفوِّت الشخص الذي يفتقر إلى النزاهة هذا الجانب الحيوي من النمو الشخصي، فهو يفضِّل إنكار أخطائه على مواجهتها مباشرة.
شاهد بالفيديو: 16 خصلة يتحلى بها الأشخاص النزيهون
9. السلوك الدفاعي المفرط
قد يكون هذا غير منطقي، لكن قد يشير السلوك الدفاعي المفرط في كثير من الأحيان إلى الافتقار إلى النزاهة، فالشخص الذي يتمتَّع بالنزاهة منفتح على النقد ويستخدمه بوصفه أداة لتحسين الذات، أمَّا الشخص الذي يفتقر إلى النزاهة، فيسارع إلى اتخاذ موقف دفاعي، ويرى أي انتقاد هجوماً شخصياً عليه، وتقول عالمة النفس "هارييت ليرنر" (Harriet Lerner): "الدفاع عادةً هو محاولة شخص ما أن يقي نفسه الشعور بعدم الارتياح أو التعرض لشكل من أشكال التهديد المتصوَّر".
بإمكان الشخص النزيه أن يتعامل مع الحقائق غير المريحة ولا يرى ضرورة للدفاع عن نفسه في كل موقف، ومن جهة أخرى، إذا كان الشخص دائماً في حالة دفاع ولا يستطيع التعامل مع النقد، فقد يكون ذلك مؤشراً على افتقاره إلى النزاهة.
10. عقلية الضحية
هل قابلت يوماً شخصاً يكون دائماً الضحية في قصصه؟ شخص يشعر باستمرار أنَّ العالم ضده؟ هذه العقلية هي سمة شائعة بين الأشخاص الذين يفتقرون إلى النزاهة، ويوجد أشخاص يصوِّرون أنفسهم بوصفهم ضحايا، بصرف النظر عن الموقف، وحتى عندما يكون من الواضح أنَّهم هم المخطئون، يتلاعبون بسرد القصة ليظهروا مظلومين.
يقول عالم النفس الشهير "ألبرت إليس" (Albert Ellis): "أفضل سنوات حياتك هي تلك التي تقرر فيها أنَّ مشكلاتك هي مسؤوليتك وحدك دون أن تلوم أحد، فأنت تدرك أنَّه يمكنك التحكم في مصيرك".
يعترف الشخص النزيه بدوره في مشكلاته ولا يلجأ للَعب دور الضحية، لذا إذا كان الشخص الذي تعرفه يصوِّر نفسه دائماً على أنَّه الضحية، فقد يكون ذلك علامة على افتقاره إلى النزاهة.
في الختام
لقد قدَّم المقال 10 علامات تدلُّ على الافتقار إلى النزاهة، ويمكننا عندما نفهم هذه العلامات، اكتشاف الأشخاص الذين قد يفتقرون إلى هذه السمة الأساسية والتعامل معهم بحذر، فالنزاهة ليست مجرد قيمة أخلاقية؛ بل هي أساس الثقة والاحترام في العلاقات الشخصية والمهنية، وتذكَّر دائماً أنَّ النزاهة تبدأ من الداخل وتنعكس في أفعالنا اليومية.
أضف تعليقاً