وقد شهد أكثر من نصف أرباب العمل الذين يُقدِّمون برامج الصحة إلى موظفيهم، انخفاضاً في معدلات التغيب، كما أبلغ قرابة 66% عن زيادة في الإنتاجية.
نواجه حالياً موسم نزلات البرد؛ إذ لعلَّك قد أُصِبتَ بنزلة برد، واستغرقَ الأمر أسابيع لتتعافى، وقد التقطَ الموظفون كلهم الذين يعملون معك في الشركة العدوى، وأُصيبوا بالمرض، وقلَّة منهم لم يُصَب حتى الآن.
لا علاقة للإصابة بالإنفلونزا بمستوى لياقتك البدنية أو العادات التي تمارسها، ومع ذلك تستثمر الشركات في تعزيز صحة موظفيها عبر إنشاء برامج الصحة في محاولةٍ منها لتوفير المال المهدور على تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة، وكذلك الحفاظ على صحة الموظفين.
إمكانية وصول الموظفين إلى برامج الصحة:
تصل تكلفة برامج الصحة في الصناعة الأمريكية إلى ما يقارب 8 مليارات دولار في الولايات المتحدة وحدها، ومن المتوقع أن تزيد بنسبة 7,8% بحلول عام 2021.
وعلى الصعيد العالمي، تتجاوز تكلفتها نحو 40 مليار دولار على الرغم من أنَّ قرابة 9% فقط من القوى العاملة العالمية، والتي يبلغ عددها 3 مليارات تقريباً، لديها إمكانية الوصول إلى برامج الصحة، وذلك وفقاً لمعهد الصحة العالمي (Global Wellness Institute).
وقد حدثَ في السنوات الأخيرة أمر غيَّر الطريقة التي ننظر بها إلى اللياقة البدنية والصحة العامة، ووفقاً لمراكز الأمراض، تُكلِّف إصابة العمال ومرضهم أرباب العمل في الولايات المتحدة 225.8 مليار دولار سنوياً؛ أي 1685 دولاراً لكل موظف، كما تخسر الشركات تريليون دولار بسبب المرض المزمن الذي يعاني منه الموظفون دون معالجة كل عام، وذلك وفقاً لمعهد "ميلكين" (Milken Institute).
وفي حين بدأ جيل طفرة المواليد بالتقاعد، أصبح جيل الألفية أكبر جيل يعمل بشكل كامل، ونتيجة لذلك، تمتلك العديد من الشركات برامج الصحة في مقرِّها لاجتذاب الشباب المحترفين، ويتجاوز ذلك جيل الألفية؛ لأنَّ المهنيين من جميع الأجيال يهتمون اليوم بصحتهم أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما يجعل برامج الصحة مميَّزةً أكثر من كونها مجرد عرض عادي، والنتيجة أنَّ كل 9 من 10 منظمات تُقدِّم مبادرةً واحدة لتعزيز الصحة على الأقل، ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها المؤسسة الدولية لخطط استحقاقات الموظفين (International Foundation of Employee Benefit Plans) عام 2017، أنَّ السبب وراء شعبية هذه المبادرات واضح للعيان؛ فهي توفر للموظفين والمسؤولين التنفيذيين المشغولين فرصاً لتحسين صحتهم دون التضحية بوقت فراغهم أو وقتهم مع عائلتهم.
وتأتي هذه الفرص مع خمس فوائد بالغة الأهمية تُقدِّمها برامج الصحة اليوم وهي:
- تحسين السلوك الصحي للموظفين.
- خفض خطر ارتفاع المخاطر الصحية.
- خفض تكاليف الرعاية الصحية.
- تحسين الإنتاجية.
- تقليل نسبة الغياب.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لحماية الصحة والحفاظ على السلامة في العمل
أنماط السلوك:
من الأمور الهامة في برامج الصحة أنَّها مُصمَّمة لتغيير الأنماط السلوكية التي يمكِن أن تؤدي إلى أمراض مزمنة، مثل: الربو، وأمراض القلب، والسمنة، والسرطان، والسكري، حيث يعاني 45% من السكان من 1% على الأقل من هذه الأمراض المزمنة والمسؤولة عن 7 من كل 10 حالات وفاة في الولايات المتحدة؛ ولهذا فعندما يغير الموظفون سلوكهم تنخفض تكاليف الرعاية الصحية لأرباب العمل، وقد وجدَت دراسة أجرتها جامعة "لويزفيل" (University of Louisville) أنَّ استثمار كل دولار في برامج الصحة يوفر 7 دولارات من مدخرات الرعاية الصحية، وكشفَت الدراسة إلى أنَّ بعض السلوكات أدت إلى انخفاض متوسط في عدد المخاطر الصحية بين العاملين.
الإنتاجية:
وهي عامل آخر يتأثر عندما لا يكون الموظفون في أفضل حالاتهم البدنية والذهنية، ويشير ضعف إنتاجية الموظفين إلى وجودهم جسدياً في العمل دون حضور ذهني، وقد يعود السبب في ذلك إلى عوامل عدَّة منها: نقص النوم، أو الصداع، أو مشكلات في الصحة النفسية، أو حتى بعض المشكلات المالية، وكشفَت دراسة استقصائية أجرتها مجلة "إيمبلويي بينيفيت نيوز" (Employee Benefit News) أنَّ 31% من المشاركين عَدُّوا الأمراض النفسية هي السبب الأول لضعف الإنتاجية، وهو أمر هام لأنَّ هناك واحداً من أربعة بالغين يعانون من نوع من الأمراض النفسية؛ ولذا لم تَعُد برامج الصحة تقتصر على الصحة البدنية فحسب، وأصبحَت العافية النفسية تضاهي أهمية العافية الجسدية، فكلنا نعيش حياةً متواترة بسرعة، وهو ما سبب لنا ضغطاً عالياً.
ويمكِن أن تؤدي قلَّة الإنتاجية الناتجة عن أسباب صحية إلى تغيُّب الموظفين، ووفقاً لدراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يكلف الغياب أرباب العمل الناشئين ما بين 16 و81 دولاراً لكل موظف سنوياً، بينما يكلف كبار أرباب العمل ما بين 71 و286 دولاراً، وخلصَت الدراسة الاستقصائية التي أجرتها المؤسسة الدولية لخطط استحقاقات الموظفين (The International Foundation of Employee Benefit Plans) إلى أنَّ أكثر من نصف أرباب العمل الذين يُقدِّمون برامج الصحة قد شهدوا انخفاضاً في معدل التغيب عن العمل، في حين أبلغ 66% منهم عن زيادة في الإنتاجية، وقال 67% منهم إنَّ موظفيهم كانوا أكثر ارتياحاً، وهو أمر بديهي؛ حيث إنَّ الموظفين الأصحَّاء هم موظفون منتِجون، ويحتاج أرباب العمل ومديرو الشركات لضمان أن تكون برامج الصحة شاملةً، وأنَّه كلما استثمروا في موظفيهم أكثر، عاد ذلك بالنفع عليهم.
ماذا عن المديرين في المناصب القيادية داخل الشركة؟
بعد الاهتمام برعاية الموظفين، ماذا عن قادة الشركات وغيرهم من المديرين التنفيذيين المشغولين ودائمي التنقل؟
إذا كنتَ دائم الانتقال من مدينة إلى أخرى ومن حدث إلى آخر يتبعه، فقد تكون صحتك آخر أولوياتك، وغالباً ما سيكون الذهاب إلى الطبيب هو الملاذ الأخير بالنسبة إليك؛ ولذا فقد تستنتج أنَّ الصحة هي أغلى ما تملكه.
ويقودنا هذا إلى التعليقات التي أدلى بها "آري كوكيير" (Ari Cukier)، وهو كبير مسؤولي العمليات في مركز "إليترا" الطبي (Elitra Health)، وخلال إحدى مقابلاته، أوضحَ أهمية إنشاء نمط حياة صحي، ومدى أهمية تلقِّي الرعاية الصحية، كما تحدَّث عن الحاجة التي يراها داخل مجال المناصب التنفيذية، حيث أولئك الذين لا يتمثلون بالقيم التي ينشرونها هم بالتحديد من يريدون لموظفيهم أن يتمتعوا باللياقة الجسدية والنفسية العالية، كما أنَّهم يؤجلون دائماً زيارات أطبائهم، أو حتى لا يكلفون أنفسهم عناء طلب موعد لزيارة دورية بسبب جداول أعمالهم المزدحمة، وهنا يأتي دور مركز "إليترا" الطبي (Elitra Health) من خلال الحصول على المعدات اللازمة جميعها، والاختبارات في مؤسسة واحدة أملاً بتغيير الطريقة التي يتعامل بها المسؤولون التنفيذيون مع صحتهم وعافيتهم.
دمج البيانات:
هناك تغييرات أخرى تتعلق بالصحة على وشك الحدوث أو أنَّها حدثَت بالفعل، ومنها دمج البيانات، بدءاً من المنصات البرمجية، ووصولاً إلى تخصيص المعلومات الهامة للموظفين الذين يسعون إلى تغيير أسلوب حياتهم والحصول على النتائج، وتنبع رغبة الموظفين في هذه التكنولوجيا من الرسوم البيانية الصادرة عن مجموعة الصحة المتحدة (UnitedHealthcare)، والذي كشف أنَّ 62% من الموظفين ممَّن لا يملكون جهاز تتبُّع الحركة كانوا مهتمين باستخدام واحد كجزء من برنامج صحة العمل.
ما الذي يمكِن أن تفعله بصفتك قائداً؟
يمكِنك ضمان أن يأخذ موظفوك الإجازات المُخصَّصة لراحتهم، حيث لدى الأمريكيين ما مجموعه 10 أيام إجازة مدفوعة الأجر سنوياً وهو ما يقل عن نظرائهم الأوروبيين الذين يحصلون على ما بين 20 و30 يوم إجازة مدفوعة الأجر سنوياً.
ارتفعَ مقدار الإجازات التي يحصل عليها الموظفون الأمريكيون إلى ما يقرب من يوم كامل في عام 2016، وعلى الرغم من هذه الزيادة، فإنَّ نسبة 54% من الموظفين انتهى بهم العام دون أن يأخذوا إجازاتهم أكثر من العام السابق، والذي بلغَت نسبته 55%، وتعني الإجازات أنَّ العمال تخلُّوا عن 66.4 مليار دولار من الاستحقاقات طوال عام 2016، مما يكلف الاقتصاد الأمريكي 236 مليار دولار.
ومن الهام أن تحافظ الشركات الأمريكية الكبرى والصغرى على حد سواء على سلامة الموظفين، ويشجع هذا التوجه العمال على البقاء بصحة جيدة وسعادة وإنتاجية حتى مع أنَّ أرباب عملهم يجنون مدخرات من جهودهم.
ومن منظور مالي، لستَ بحاجة إلى موارد الشركة لضمان أن يحصل موظفوك على الرعاية بشكل جيد، ولكن مهما كنتَ تُقدِّم إلى شركتك، ففي النهاية تضمن رعاية ثقافة العافية في شركتك أنَّ لديك مجموعة من الناس تعطيك أفضل ما لديها في كل وقت.
أضف تعليقاً