سنستعرض في هذا المقال، مجموعة من النصائح العملية والمجربة التي يمكن أن تساعدك على بناء قاعدة مالية صلبة، وسنقدم لك خطوات واضحة ومبسطة لتحسين إدارتك المالية، بدءاً من التحكُّم في النفقات، وصولاً إلى التخطيط المالي الذكي والاستثمار المستدام، فسواء كنت تبحث عن طرائق لتفادي الديون أم تسعى إلى تعزيز مدخراتك، ستجد في هذا المقال الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.
كيف تخطط لتفادي الوقوع في الأزمة المالية؟
تفرض بعض الحالات على الناس أزمات مالية صعبة، سواء بسبب الظروف الاقتصادية العالمية، أم ظروف خاصة بهم كفقدان الوظيفة أو تكاليف غير متوقعة كإصلاح السيارة، أم نفقات طبية كبيرة، وإنَّ مواجهة هذه الأزمات المالية والتغلب عليها هي أمر هام جداً لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للفرد والأسرة وتحقيق الاستقرار المالي.
للتعامل بفاعلية مع هذه الأزمات المالية، يتطلب الأمر تخطيطاً جيداً لكيفية تفاديها أو التغلب عليها، ويجب تجنب اللجوء إلى الديون بشكل غير مدروس، والعمل على إيجاد حلول فعالة للحد من تأثير هذه الأزمات وتجاوزها بأقل الأضرار، فإليك مجموعة من الطرائق المفيدة في هذا السياق:
- إعداد ميزانية شاملة لمصروفاتك وإيراداتك الشهرية، فمن خلال هذا التتبع الدقيق، ستتمكن من تحديد النفقات الضرورية وتلك التي يمكن تقليصها عند الحاجة.
- بناء احتياطي مالي يكفي لتغطية 3 إلى 6 أشهر من نفقاتك الأساسية، فهذا الاحتياطي سيشكل شبكة أمان لك في حالات الطوارئ.
- تنويع مصادر دخلك، فلا تعتمد على وظيفة واحدة فقط، ولكن ابحث عن فرص عمل إضافية أو مشاريع جانبية، ففقدان مصدر دخل واحد سيكون أقل تأثيراً إذا كانت لديك مصادر أخرى.
- مراجعة نفقاتك وتحديد البنود التي يمكن تقليصها أو إلغاؤها دون المساس بالاحتياجات الأساسية، فهذا سيسمح لك بتوفير مزيد من الموارد للادخار والاستثمار.
- عدم وضع كل أموالك في استثمار واحد أو نوع واحد من الأصول، فحاول تنويع محفظتك لتقليل المخاطر، مثل الأسهم والعقارات والأصول الآمنة.
- البدء بالادخار والاستثمار من الآن لتأمين مستقبلك بعد التقاعد، فيمكنك الاستفادة من خطط التقاعد والادخار طويلة الأمد.
- التأكد من حصولك على تغطية تأمينية صحية كافية، فهذا سيحميك من التكاليف الباهظة للرعاية الطبية في حالة المرض أو الإصابة.
- الاطلاع على الأوضاع الاقتصادية العامة والتغييرات في سوق العمل والأسواق المالية، فهذا سيساعدك على اتخاذ قرارات استباقية.
بالتركيز على هذه الطرائق، ستتمكن من بناء قاعدة مالية صلبة تحميك من المخاطر المحتملة في المستقبل.
شاهد بالفيديو: أسباب الأزمة المالية العالمية وطرق التخلص من آثارها
نصائح فردية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية:
بلا شك، نحن نمر في الوقت الحالي بفترة اقتصادية عصيبة على مستوى العالم، ففي ظل استمرار الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا وما تبعه من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، إلى جانب التداعيات المستمرة لوباء كوفيد-19، باتت تقارير التضخم الاقتصادي تشكِّل هاجساً حقيقياً لدى الجميع.
بالنظر إلى هذه الأوضاع المضطربة، فقد آن الأوان لنا جميعاً أن نعيد النظر في أولوياتنا، وأن نبدأ في ترشيد إنفاقنا وادخار ما نستطيع للأيام العصيبة المقبلة، فالحكمة تقتضي منا في هذه الفترة أن نكون أكثر حذراً في التعامل مع ما نملك من موارد مالية وأن نستعد بشكل جيد لما قد تخبئه لنا الأيام القادمة.
إليك بعض الخطوات لتحمي نفسك من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية:
1. ضع خطة لنفسك:
المفتاح لمواجهة أي عاصفة مالية هو البدء في العمل على الحلول قبل وقوع الأزمة لتحقيق الاستقرار المالي، والخطوة الأولى هي فهم دخلك الشهري ونمط إنفاقك، فمن خلال متابعة نفقاتك عن كثب لمدة شهر أو اثنين، يمكنك تحديد متوسط إنفاقك، ويمكن القيام بذلك من خلال السجلات الإلكترونية للدفع وتطبيقات دفع الفواتير، ولا تنسَ تضمين أي مدفوعات ربع سنوية أو سنوية في حساباتك للحصول على صورة دقيقة.
ابدأ بتخصيص الأموال للاحتياجات الأساسية، مثل الطعام والسكن والفواتير الشهرية، عيِّن تواريخ استحقاق لهذه المدفوعات على هاتفك لضمان السداد في الوقت المناسب، وبعد ذلك، استعرض النفقات التقديرية وحدد المجالات التي يمكن فيها إجراء تعديلات، فهذا النهج الاستباقي سيوفر لك السلام النفسي ويمكنك في الوقت نفسه اتخاذ قرارات مستنيرة تتماشى مع أهدافك المالية طويلة الأجل.
2. فكِّر جيداً:
في عالم مليء بالإغراءات الاستهلاكية، غالباً ما نجد أنفسنا مندفعين نحو قرارات الشراء دون التفكير العميق في الدوافع الحقيقية وراءها، وربما يكون قلقنا من نظرة الآخرين أو تأثر قراراتنا بالإعلانات المغرية أو رغبة في مجاراة من حولنا هي السبب، لكن هذه ليست دوافع صادقة ومستدامة، فالحقيقة هي أنَّنا في كثير من الأحيان نشتري لنهرب من الشعور بالاحتياج الذي نرفضه داخلياً.
مع ذلك، يمكننا اتباع نهج أكثر حكمة في التعامل مع أموالنا، فالعيش بطريقة أكثر اعتدالاً وتقليل الإنفاق قد يوفر لنا استقراراً مالياً طويل الأمد، ويخفف الضغوطات خلال الأزمات العالمية، كما أنَّه سيمكِّننا من الادخار لحالات الطوارئ.
لذا، قبل أن نتخذ أي قرار شراء، يجب أن نتوقف ونتأمَّل في دوافعنا الحقيقية، فهل هذا الشراء ضروري أم مجرد رغبة عابرة؟ ما هي النتائج المترتبة على هذا القرار على الأمد الطويل؟ بهذه الطريقة، سنتخذ قرارات مالية أكثر حكمة وأكثر استدامة.
3. اشترِ من المنتجات المحلية:
ثمة بديل قيِّم آخر يجدر بنا التفكير فيه، فبدلاً من البحث عن المنتجات الأجنبية التي قد تكون مكلفة، يمكننا النظر إلى الخيارات المحلية التي تقدم جودة مماثلة بأسعار أكثر تنافسية، فالشركات المحلية تقدم منتجات ذات جودة عالية بأقل من نصف سعر المنتجات المستوردة، وغالباً ما تقدم هذه الشركات عروضاً ترويجية لتسويق منتجاتها، وهذا يجعل الاختيار منها خياراً اقتصادياً وعملياً.
بدلاً من الانجرار وراء الادعاءات المبالغ فيها للمنتجات الأجنبية، من الأفضل منح الفرصة للعلامات التجارية المحلية ذات الجودة المماثلة وبأسعار معقولة، فهذا الخيار سيوفر علينا كثيراً من التكاليف الإضافية، ويدعم الاقتصاد المحلي في الوقت ذاته.
4. تجنَّب القروض البنكية:
ينبغي التريث قبل اللجوء إلى الحلول الائتمانية مثل القروض بضمان الراتب أو الممتلكات، فهذه الخيارات عادةً ما تتضمن معدلات فائدة مرتفعة، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من الأعباء المالية في حال التأخر عن السداد، فبدلاً من ذلك، من الأفضل البحث عن طرائق أخرى لتخفيف الأعباء، كتخفيض النفقات غير الضرورية، ولا ينبغي أن تنظر إلى الديون بوصفها خياراً دائماً.
قد يحد البقاء في دائرة الديون من الخيارات المستقبلية، كالانتقال إلى وظيفة أخرى أو تغيير المهنة أو التقاعد؛ لذا من الهام التخطيط بحكمة للخروج من هذا الوضع في أقرب وقت ممكن.
5. استفد من الأغراض المستعملة:
بات شراء المنتجات المستعملة في الوقت الراهن أكثر شيوعاً وشعبيةً في الأسواق العربية، فقد ظهرت في السنوات الأخيرة عدة تطبيقات رقمية تسهل هذه العملية بكفاءة عالية، وتلتزم هذه التطبيقات في غالبيتها بمعايير عالية تحمي خصوصية المستخدمين وتضمن سرية بياناتهم الشخصية، كما أنَّها توفر خاصية الحماية من الاحتيال، وخدمات شحن بأسعار معقولة.
ما يميز هذه المنصات أيضاً هو تنوع المنتجات المعروضة؛ فهي تتيح فرصة لتصفح مجموعة متنوعة تبدأ من السيارات والأجهزة الكهربائية وصولاً إلى مستلزمات الأطفال، وبهذا، بات من السهل على المستهلكين في المنطقة العربية الحصول على سلع مستعملة بجودة موثوقة وبأسعار تنافسية.
6. تجنَّب القلق والتوتر:
في زمن التضخم العالمي وتراجع الأوضاع الاقتصادية، من الطبيعي أن نشعر بالقلق والتوتر بشأن استقرارنا المالي والوظيفي، ولكن علينا أن ندرك أنَّ هذا التوتر يؤثر سلباً في صحتنا البدنية والنفسية والذهنية، وهذا ينعكس على أدائنا في العمل، فقد يدفعنا هذا الإجهاد السريع نحو أساليب مادية للتخفيف من شعور الضغط، كالإفراط في تناول الوجبات السريعة أو الإسراف في التسوق والاقتراض.
لذا، من الهام أن نضع استراتيجية للتعامل مع هذا التوتر المتراكم، فممارسة تمرينات التنفس واتخاذ جولات يومية للمشي حول المنزل، إلى جانب تدوين مشاعرك المجهدة في اليومية، كلها وسائل فعالة للتخفيف من الإجهاد، كما أنَّ تغيير طريقة تفكيرك في التعامل مع الأحداث اليومية الضاغطة، بحيث تصبح تحديات بدلاً من تهديدات، سيساعدك على التجاوز بسلام.
أمور يجب مراعاتها للخروج من أزمة مالية:
- من الضروري تحديد الهدف والتعرف إلى أسباب الأزمة الحالية؛ فهذا يتطلب الصراحة مع الذات والمواجهة الشجاعة للحقائق، حتى إن كانت تنذر بالفشل في الوقت الراهن.
- قد يحصل خلط في المفاهيم المتعلقة بالنجاح والفشل وغيرها من العوامل التي قد تتأثر بها؛ لذا من الهام تصحيح هذه المفاهيم والتأكد من إدراكها على حقيقتها، فذلك سيساعدك على تحسين حياتك وتطوير ذاتك.
- يجب أن تكون أكبر داعم لنفسك؛ لأنَّ النجاح لا يأتي دون اتخاذ خطوات ملموسة، وهذا يتطلب منك الإيمان بمهاراتك وقدراتك الشخصية.
- يجب عليك التخلص من بعض العادات المالية السيئة، مثل الإفراط في استخدام بطاقات الائتمان والافتقار إلى التخطيط الجيد للميزانية، فهذه السلوكات قد تؤدي إلى مزيد من الأزمات المالية والديون.
في الختام:
نود أن نؤكد على أهمية اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على الاستقرار المالي، فإنَّ إدارة المال بذكاء ليست مجرد مهارة؛ بل هي أسلوب حياة يضمن لك مستقبلاً أكثر أماناً وراحة، ونأمل أن تكون هذه النصائح قد قدمت لك الإلهام والدعم اللازمَين لبناء مستقبل مالي مشرق ومستدام، وتذكر دائماً أنَّ الطريق إلى النجاح المالي يبدأ بخطوة صغيرة وقرار واعٍ، فابدأ اليوم ولا تنتظر الغد.
أضف تعليقاً