فيتحدثون عن تضاعف أسعار الكثير من السلع والخدمات، وانخفاض القوَّة الشرائيَّة لوحدة النقد التي بين يديهم، وهو ما يشعرهم بالفقر حتى مع ثبات مصادر دخلهم من رواتب وغيرها.
وتأتي محاربة التَّضَخُّم في أعلى رتبة من قائمة أولويات الحكومات؛ وذلك بسبب الحساسية العالية والخطورة الجسيمة وأثره الاجتماعي الكبير.
ولمزيد من التوضيح حول ذلك نعرض لكم ما يلي:
- مفهوم التَّضَخُّم الاقتصادي.
- أسباب التَّضَخُّم الاقتصادي.
- آثار التَّضَخُّم الاقتصادي.
- مكافحة التَّضَخُّم الاقتصادي.
مفهوم التضخم الاقتصادي:
يعد من أكبر المصطلحات الاقتصادية شيوعاً، إلَّا أنَّه لا يوجد اتِّفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه، ويرجع ذلك إلى انقسام الرَّأي حول تحديد مفهوم التَّضَخُّم، فقد يُستخدَم هذا الاصطلاح لوصف عدد من الحالات المختلفة مثل:
- الارتفاع المفرط والمستمر والمؤثر في المستوى العام للأسعار.
- تَّضَخُّم الدخل النقدي أو عنصر من عناصر الدخل النقدي مثل: الأجور أو الأرباح.
- ارتفاع التكاليف.
- الإفراط في خلق الأرصدة النقدية.
وكل ذلك يؤدي إلى تخفيض القوة الشرائيَّة للأفراد؛ أي كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها ضمن حدود الدخل المتاح.
أسباب التضخم الاقتصادي:
لا يمكن حصر أسباب التضخم بعدد من النقاط المحددة، لكن نذكر أهمها:
- الاضطرابات السياسية سواء الداخلية أم الخارجية المؤثرة تأثيراً مباشراً.
- عجز الموازنة العامة للدولة بسبب الفارق الكبير بين الإيرادات العامة وعدم تغطيتها للنفقات العامة.
- انخفاض قيمة العملة المحلية نتيجة تراجع الاستثمار الأجنبي والسياحة.
- ارتفاع المستوى العام للأسعار لفترة طويلة تتخطى الستة أشهر.
- محدودية عناصر الإنتاج مثل: الانخفاض في عدد العمال، والمواد الخام وغير ذلك.
- ظهور عجز في رأس المال الخاص بعملية الإنتاج والتشغيل، مما يؤدي إلى عدم مرونة العملية الإنتاجية.
- ارتفاع التكاليف التشغيلية في الشركات، مثل زيادة الرواتب وغيرها مما يؤدي إلى حدوث تَّضَخُّم ناتج عن زيادة التكاليف.
- زيادة حجم الطلب النقدي مع ثبات عرض السلع والخدمات مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
- زيادة الأسعار في الأسواق الخارجية مع وجود حاجة مُلحَّة للدولة إلى استيراد سلعة ما؛ حيث يُسبب ذلك تَّضَخُّماً مستورداً.
- تضَخُّم ناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي تجاه دول أخرى، يُمارس من قِبل قوى خارجية.
- الحروب والكوارث الطبيعيَّة.
- تأثير الفوائد المصرفيَّة: حيث لا تحتفظ المصارف بكامل قيمة الودائع؛ بل تحتفظ بنسبة صغيرة منها؛ ممَّا يؤدي إلى صدور النقود الخاصة بالودائع بأضعاف كبيرة ينتج عنها ارتفاع في العرض النقدي، والذي يساهم في ظهور التَّضَخُّم النقدي، والاعتماد على القروض المالية كوسيلة لتقليل الفجوة الظاهرة بين الطلب والدخل.
- قرارات المنتجين: قد تلجأ بعض الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها دون وجود أسباب طبيعية تستدعي ذلك، كانخفاض حجم العرض أو زيادة حجم الطلب.
- ثقة المستهلك: يُلاحظ ارتفاع الأسعار عند تحسُّن الأوضاع الاقتصادية تحسُّناً عاماً، فتوافر فرص العمل واستقرار الأجور يخلق بيئة استهلاكية آمنة، فيكون المستهلك أكثر استعداداً لدفع المزيد مقابل السلع والخدمات المقدَّمة إليه.
- غياب الدور الرقابي، سواء من قِبل الأجهزة الحكومية أم منظمات المجتمع المدني، مما يساعد على وجود احتكارات كبيرة للعديد من السلع التي تمثل احتياجات أساسية لمعيشة المواطن العربي.
- زيادة الضرائب على المواطنين؛ لأنَّ ذلك يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
آثار التضخم الاقتصادي:
يؤدي التَّضَخُّم الاقتصادي إلى ظهور العديد من الآثار التي تؤثر سلباً في الاقتصاد، ومنها:
- التأثير في التوزيع الخاص بالدخل الوطني الحقيقي: وهو إجمالي كميات الخدمات والسلع التي يحصل عليها الأفراد بالاعتماد على الدخل النقدي الخاص بهم.
- تأثُّر القوة الشرائيَّة الخاصة بالنقود: هو فقدان النقود لقسم من القوة الشرائيَّة الخاصة بها، والناتجة عن الزيادة المستمرة في الأسعار؛ ممَّا يؤدِّي إلى ضعف الثقة الخاصة بالعملة الوطنية، ومن ثم يشجِّع ذلك الأفرادَ على شراء المنتجات، والعملات الأجنبية، والعقارات.
- التأثير سلباً في ميزان المدفوعات؛ حيث يتراجع حجم الصادرات، ويزداد الطلب على المنتجات المستوردة ذات الأسعار المنخفضة مقارنةً مع المنتجات المحلية المشابهة لها.
- تأثر توزيع الثروة: هو إعادة توزيع الثروات الخاصة بالمجتمع عشوائيَّاً خلال فترة ظهور التَّضَخُّم؛ فيبيع الأفراد ثرواتهم الحقيقيَّة كالعقارات نتيجةً للزيادة المستمرة بالأسعار؛ من أجل المحافظة على مستواهم الاستهلاكي الذي اعتادوا عليه، أما الأفراد الذين يمتلكون ثروات مالية فسيخسرون جزءاً من قيمتها الحقيقية؛ بسبب زيادة الأسعار وانخفاض القوة الشرائيَّة للدخل.
- زيادة عرض النقود في الدولة مع ارتفاع الأسعار مما يؤدي إلى موجة غلاء تخفض القوة الشرائيَّة للنقود انخفاضاً كبيراً.
- تعرُّض المدخرات في البنوك أو خارج القطاع المصرفي إلى انخفاض حاد في قيمتها؛ نتيجة لارتفاع معدل التَّضَخُّم ارتفعاً يفوق سعر الفائدة على الودائع.
مكافحة التضخم الاقتصادي:
يمكن الحد من التَّضَخُّم عن طريق مجموعة من الإجراءات والتدابير أهمها:
- تخفيض شراء السلع: فقد نشتري ونستهلك على قدر حاجتنا فقط، حتى لا نرفع مستوى الطلب عن العرض وتزيد الأسعار.
- عدم الإفراط في زيادة دخل الفرد: حتى لا يشتري السلع بكثرة.
- اتخاذ إجراءات السياسات المالية والنقدية التالية:
- السياسة الاقتصادية التي تضعها وزارة المالية:
- بموجبها تتحدد مصادر الإيرادات واستخداماتها والفائض في الموازنة، وهذا يؤدي إلى تقليل حجم السيولة المتاحة، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى خفض معدل التَّضَخُّم.
- بيع الدين العام إلى الجمهور، ومن ثم سحب النقد المتوفر في السوق ليحدَّ ذلك من النقد المعروض.
- زيادة الضرائب على السلع الكمالية التي تتداولها القلة من السكان من أصحاب الدخول المرتفعة.
- خفض الإنفاق الحكومي وتقليصه سيؤدي إلى خفض النقد المتداول في الأسواق.
- السياسة النقدية: تتولى المصارف المركزية في الدول المختلفة وضع وتنفيذ السياسات النقدية باعتماد مجموعة من الأدوات الكمية والنوعية:
- الأدوات الكمية:
- زيادة سعر إعادة الخصم.
- دخول المصارف المركزية إلى أسواق بائعة للأوراق المالية؛ وذلك من أجل سحب جزء من السيولة المتداولة في السوق.
- زيادة نسبة الاحتياطي القانوني.
- الأدوات النوعية: تتلخص بطريقة الإقناع لمديري المصارف التجارية والمسؤولين فيها عن الائتمان المصرفي، بسياسة الدولة الهادفة إلى خفض السيولة المتداولة في الأسواق، وهذه السياسة فعالة في الدولة النامية أكثر مما في دول أخرى.
- ضبط معدَّلات الفائدة.
- الأدوات الكمية:
- السياسة الاقتصادية التي تضعها وزارة المالية:
وبهذا القدر من المعلومات نكون قدمنا لكم اليوم موضوعاً هاماً جداً، وهو بحث عن التَّضَخُّم الاقتصادي وأسبابه وآثاره ومكافحته، وقد تناولنا الموضوع بشيء من التفصيل وبشكل بسيط وسهل ودقيق.
أضف تعليقاً