الشعور بعدم الرضى بوصفه حافزاً لإيجاد الحلول:
اكتشفَ علم الأعصاب خلال العقد الماضي من خلال فحوصات الدماغ وأبحاث أخرى؛ أنَّ للعقل القدرة على تغيير الواقع؛ إذ تُظهر عمليات فحص الدماغ وجود نشاط زائد عندما يشعر الشخص بعدم الرضى مقارنةً بأية مشاعر أو أنماط تفكير أخرى، لذا فكِّر في الأمر على هذا النحو.
لقد تحققَتْ جميع الإنجازات على صعيد العلم، والتكنولوجيا، والطب، وغير ذلك على يد أشخاص غير راضين عن الواقع، ويَخلُص علم الأعصاب إلى أنَّ عاطفة عدم الرضى أو الاستياء هي ما يُلهم الفرد أو يدفعه لاتخاذ إجراءات لحل مشكلاته، ويعني أن تكون غير راض أنَّك ترغب بالحصول على شيء ما، وعندما ترغب جداً بشيء ما، فسوف تقوم بما يلزم من أجل الحصول عليه، وستكون أكثر حماسةً لإيجاد الحل.
مصفوفة العقل الحل لتغيير واقعك:
لا يستطيع الدماغ التمييز بين المعلومات الحقيقية والزائفة، ولذلك يعتمد على ما يُسمى مصفوفة العقل؛ أي على ثنائية العقل الواعي، والعقل الباطن، وتتحكم هذه الثنائية في وظائف الاستنتاج، والتفكير، والشعور، ووجهات النظر، وإطلاق الأحكام؛ وذلك بهدف تقييم مصداقية المعلومات الواردة له.
تتألف مصفوفة العقل من 3 أجزاء:
1. العقل التصميمي:
هو بمنزلة المهندس المعماري الذي يصمم الصورة العامة للحلم الذي ترغب بتحقيقه بكل ما فيها من تفاصيل.
2. العقل المؤمن:
هو المسؤول عن تفسير معتقداتك والطريقة التي تشكلت فيها من خلال العوامل المؤثِّرة؛ كتجارب الحياة بشقيها الجسدي والنفسي.
3. العقل المُنجِز:
هو المسؤول عن تحديد الهدف، ووضع الخطة، وجميع الإجراءات الضرورية لتحقيق النتيجة التي ترغب بها.
إذا استخدمت هذه الأجزاء الثلاثة من العقل، فسوف تكون قادراً على تحقيق الحياة التي تحلم بها.
سنتحدث بشيء من التفصيل عن كل واحد من هذه الأجزاء:
شاهد بالفيديو: العقل الباطن قوة خفية داخلك تنتظر اكتشافها
1. العقل التصميمي: كيف تراودك فكرة الهدف؟
الخطوة الأولى في سبيل تحقيق أي هدف هي التفكير به؛ إذ يُعدُّ العقل التصميمي كما ذكرنا بمنزلة المهندس المعماري الذي يستخدم جميع إمكاناته ليقدِّم لك أفضل رؤية أو تصوُّر عن الهدف الذي ترغب بتحقيقه، وهذا هو الجزء الممتع من العملية، فلا حدود لأحلامك، ويمكنك التفكير في كل ما تحلم به؛ لأنَّه ما من شيء مستحيل في عملية التصوُّر والحلم، وإليك كيفية إطلاق العنان لهذا الجزء من المصفوفة للعثور على أفضل تصوُّر عن هدفك:
- حرر عقلك، وركِّز على الأفكار التي كانت تراودك في سن الطفولة عندما كنت تسرح في خيالك دون قلق أو توتر، وأغمض عينيك واسأل نفسك: ما الذي أريد تحقيقه بشدة في حياتي؟
- انتظر بهدوء حتى تحصل على الإجابات، والتي ستأتي على شكل مشاعر، وعواطف، أو حدس داخلي عميق، ومن ثم دوِّن كل شيء يخطر في ذهنك على ورقة.
- واظب يومياً على قراءة ما دوَّنته، وراجع ما قرأته يومياً لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 دقيقة، أو أكثر، ودوِّن أي شيء جديد يخطر في ذهنك.
- استمر بالقيام بذلك لمدة 3 أسابيع وستنبهر مما سيكشفه لك عقلك الباطن.
تكون قد وضعت بهذه الطريقة قدمك على أول خطوة نحو تحقيق أحلامك.
2. العقل المؤمن: تحويل الأفكار إلى معتقدات
تتعلق هذه المرحلة من العملية بالمعتقدات، وما يجب أن تفعله في هذه المرحلة هو التخلص من جميع المعتقدات السلبية بشأن ما لا تحبه في حياتك، واستبدالها بمعتقدات إيجابية تركِّز فيها على نعَمك وليس مشكلاتك، ويمكنك القيام بذلك من خلال تقنية تكرار الإيحاء الذاتي الإيجابي، وهي أفكار لم تتحول بعَد إلى واقع، ولكنَّك ترغب بتحقيقها، وهي باختصار عبارة عن جمل مشحونة بعواطف إيجابية يتم تكرارها بشكل مستمر على فترات زمنية منتظمة.
لنفترض مثلاً أنَّ وضعك المالي متدهور، وترغب في سداد جميع ديونك:
- استخدم الإيحاء النفسي الآتي: "لديَّ فائض من المال، والعديد من الموارد المالية".
- فكِّر في هذه العبارة طوال اليوم بدلاً من التفكير في مشكلتك، واسمح لنفسك بالشعور بعواطف إيجابية مثل الأمل والحماسة.
- كرر الإيحاء النفسي الخاص بك كلما بدأتَ بتوبيخ نفسك، أو راودتك أفكار عن مدى سوء الحياة التي تعيشها الآن.
- سجِّل عبارتك الإيجابية من خلال تطبيق مسجِّل الصوت على هاتفك واستمع إليها في كل مرة تراودك فيها إحدى الأفكار السلبية أو عندما يكون لديك الوقت لذلك.
كلما ساهمت في هذه العملية بمزيد من حواسك، آمنتَ بما تقوله لنفسك بشكل أسرع؛ إذ ستلاحظ سريعاً كيف تزول الأفكار السلبية من عقلك، وستبدأ بالإيمان بما تقوله وتردده لنفسك، ويجب أن تدرك أنَّ عبارات الإيحاء النفسية سواء الإيجابية أم السلبية تبدو مجرد كلمات لا أثر لها، ولكنَّها سرعان ما تتحول إلى قناعات راسخة تساهم في تشكيل حياتك.
3. العقل المُنجِز: دمج كافة المعطيات في خطة عملية
تبدأ في هذه المرحلة بتجميع كل المعلومات التي حصلت عليها من العقل المُصمِم والمؤمن، وتحويلها إلى خطة عملية، وهذه هي مهمة العقل المُنجِز، فيستند إلى رغباتك العاطفية ومعتقداتك الأساسية، ويختار منها ما يلائم هدفك المنشود، وعندما يعثر عقلك المُنجِز على ما يكفي من المعتقدات الداعمة التي تلائم هدفك، فإنَّه يبدأ بإنشاء الخطة التي تهدف إلى تحويل الحلم إلى حقيقة.
لقد تم تحديد هدفك، وأصبحت لديك المعتقدات المطلوبة، ويبدأ عقلك المُنجز بالاعتماد على هذه المعطيات بتحويل أحلامك إلى حقيقة، لذا إليك هذه النصائح التي تساعدك في هذه العملية:
- دوِّن الحلم الذي تصورته في المرحلة الأولى تماماً كما تخيلته في مرحلة العقل المُصمم، ولا تغفل عن أي تفصيل.
- تذكَّر ألا تدوِّن حلمك بصيغة المستقبل؛ بل دوِّنه وكأنَّه واقع مُعاش، وإذا لم تتمكن من تصوره وكأنَّه أمر واقع، فاستمر في التأمل حتى تتمكن من ذلك، ومن ثمَّ اكتب قصة مفصلة قصيرة عما رأيته.
- اسأل نفسك: هل أنا مستعد للقيام بذلك من أجل الوصول إلى حلمي إذا كنت متيقناً من أنَّني لن أخفق؟
- دوِّن كل الاقتراحات التي تخطر في ذهنك، ستمنحك هذه الممارسة الإجابات إذا أصغيت إلى حدسك.
- ابدأ بتصميم خطة للعمل على الجوانب التي يسهُل تحقيقها، ونعني بذلك الخطوات البسيطة التي يجب أن تتخذها بشكل تدريجي من أجل تعزيز ثقتك بنفسك شيئاً فشيئاً.
- أخبر شخصاً ما بما تفعله، ولا تحتفظ بالأمر لنفسك فحسب، قد يكون هذا الشخص صديقاً تثق به، لذا أخبره بخطتك كي يتمكن من مساعدتك في حال واجهت بعض الصعوبات؛ وسيؤدي ذلك إضافة إلى ما سبق إلى تعزيز عواطفك الإيجابية، وهو أمر سيساعدك بلا شك.
- أعدَّ قائمة "العقبات التافهة"، وفي كل مرة تواجه فيها عقبة دوِّنها في هذه القائمة حتى تؤمن بأنَّها لن تمنعك من متابعة العمل وفق خطتك، وكرر هذه العبارة حتى تؤمن بها: "لا مكان للعقبات في خطتي العملية".
تذكَّر:
لا شيء ثابت بالمطلق؛ لذلك إذا راودت عقلك التصميمي فكرة جديدة، فأدرجها في خطتك وتابع العمل عليها، واستمر بالتعديل حتى تحصل على ما تريده بالضبط، وتشعر بأنَّ هذه هي الخطة المثالية، والكفيلة بتحقيق حلمك.
في الختام:
نحن نتخذ المئات من الخيارات يومياً، ويصدر 95% منها عن عقلنا الباطن، لذا اتخذ زمام المبادرة وسيطر على حياتك بوعي، وقرر أن تعمل على تحقيق أحلامك. لقد عشت بطريقة عبثية بما فيه الكفاية؛ لذلك حان الوقت لتستعيد السيطرة على حياتك مجدداً، وتحقق ما تصبو إليه، فأنت تستحق الحياة التي تحلم بها؛ لذلك لا تقلق حيال العواقب المُحتملة، فما من شك أنَّها ستكون أفضل من الركود الذي تعيشه في حياتك الآن. أطلق العنان لقدراتك المذهلة، وكن البطل في قصتك التي تستحق أن تعيشها بسعادة، فأنت قادر على تحقيق ما تحلم به، وكل إنجاز كبير يبدأ بحلم صغير
أضف تعليقاً