ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "روبن هاردمان" (Robin Hardman)، تُحدِّثنا فيه عن الطموح.
أنا فخورة بأن أقول إنَّني لم أكن من الأشخاص الطموحين؛ بالتأكيد، كبرت وكنت أحلم كالآخرين بأن أصبح عالمة آثار أو دكتورة، لكنَّني أتذكر بوضوح ردي في السنة الأخيرة في الكلية، عندما سألني الناس عما خططت لفعله قلت: "أن أحصل على وظيفة، أي وظيفة، ثم أعود إلى المنزل في نهاية اليوم وأقرأ".
كان ذلك في أوائل الثمانينيات، وفي تلك الأيام، كان من غير المألوف جداً أن تكون المرأة غير طموحة، وكان من المفترض أن تخطط لحياتها المهنية، وحياتها في المنزل.
العمل أو الفشل:
يبيِّن الناشطون المناصرون لحقوق النساء أنَّه يجب على المرأة ألَّا ترضى بأقل من مقعد في مجلس الإدارة، وأنا من المؤيدين لذلك؛ فقد كنت أريد أن أجد عملاً أريده وأستمتع به؛ ومع ذلك، لم أكترث للنجاح الوظيفي.
كانت النتيجة أنَّه بعد عقد أو نحو ذلك من تجربة كثير من العمل، صادفت موضوعاً يثير اهتمامي جعل العمل أكثر إنسانية، ووجدت أنَّني أمتلك مهارة يمكنني تطبيقها وهي التواصل، وقررت أن أحوِّلها لتكون مهنة.
في فترة من الوقت، بعد أن تعرضت للتوتر بسبب إنجاب طفلين صغيرين في المنزل، وتعبت من سياسة العمل في المكتب، قررت أن أترك الوظيفة، وأعمل لحسابي الخاص، بالإضافة إلى تربية الأطفال منذ فترة طويلة.
في ذلك الوقت، عندما أعددت أول مكتب لي في زاوية غرفة نومي، اكتشفت سريعاً ما لا يدركه الآخرون الآن إلا للمرة الأولى، العمل من المنزل له تحدياته، ولكن يمكن أن يكون أيضاً محرِّراً بشكل لا يصدق.
حتى في الأوقات التي أكون فيها متعبة من العمل، لسبعة أيام في الأسبوع، ما يزال في إمكاني التوقف مؤقتاً للتسلية، ونقل عملي إلى الفناء الخلفي في يوم ربيعي دافئ، والتحقق من رسائل البريد الإلكتروني لحظة وصولها.
وفي أيام العمل القليلة، يمكنني قراءة مزيد من جريدة الصباح، أو القيام ببعض الأعمال المنزلية، أو زيارة المعرض الفني الذي كنت أرغب في رؤيته، ولم يكن في إمكاني فعل ذلك إلا في عطلة نهاية الأسبوع.
هذه الحرية، بالنسبة إليَّ، تنبع من مزيج من العمل لحسابي الخاص والعمل من المنزل، كما أنَّها تنبع من التنازل الذي قدمته وأنا سعيدةٌ بذلك، لم يكن لدي أي اهتمام بتحويل مشروعي الصغير إلى مشروع ضخم، أنا أستمتع بعملي، وكنت محظوظة في كسب العيش منه، لكنَّ حياتي المهنية لم تكن قط محور حياتي.
شاهد بالفديو: 12 عبارة رائعة عن النجاح والطموح
هناك حياة ما بعد العمل:
صحيحٌ أنَّ الأمر احتاج إلى خوض تجربة الجائحة، ولكن فجأة، أصبح منظوري غير المعاصر من حولنا في كل مكان. بعد مرور أكثر من عام على حدوث اضطراب كبير في طريقة عملنا، يستقيل الناس جماعياً من وظائفهم التي تسبب لهم الضغط والموجهة نحو الحياة المهنية، بالإضافة إلى وظائفهم المليئة بالإجهاد وذات الأفق المسدود؛ فإحدى الموظفات التي تعمل منتجة سابقة في "الإذاعة الوطنية العامة" (NPR)، استقالت من وظيفتها في "بوسطن" الخريف الماضي وعادت إلى منزل والديها في "ويست فيرجينيا".
لقد نشرت في الفترة الأخيرة مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) عن حملة "الاستلقاء" في الصين، التي تؤكد على "الحق في اختيار أسلوب حياة بطيء"، ونظيرتها الأمريكية، التي تلخِّص تغريدة كتب صاحبها قائلاً: "لا أريد عملاً؛ بل أريد أن أجلس على الأريكة"، التي حازت أكثر من 415 ألف إعجاب.
لا شك بأنَّ إحدى نتائج اضطرابات السنتين الماضيتين كانتا تساؤلاً جديداً عن دور العمل في حياة العديد من الأشخاص، وقد أدَّى هذا بدوره إلى أكثر من مجرد استقالات جماعية، وإلى أن تأخذ الشركات على محمل الجد، وتؤسس التغييرات التي كنت أدافع عنها منذ سنوات.
التغييرات التي كان من الممكن أن نستغني عنها في معظم الأجنحة التنفيذية قبل بضع سنوات فقط: وهي أسبوع عمل من أربعة أيام، والعمل عن بُعد بدوام كامل أو جزئي، وإغلاق جميع أنحاء الشركة مدة أسبوع لاستعادة العافية وزيادة أجور العمال بالساعة.
منذ نحو 100 عام، توقَّع الخبير الاقتصادي "جون ماينارد كينز" (John Maynard Keynes) أنَّه بفضل التكنولوجيا، سنعمل جميعاً 15 ساعة في الأسبوع تقريباً. على مدار العقد الماضي، ألقى الخبراء رأيهم من جوانب عدة عن سبب عدم حدوث ذلك بعد.
ولكن ما يمكنني رؤيته، تتلخص الحجج معظمها في هذا: نريد جميعاً الوصول إلى القمة، وقد بنينا أنموذجاً يؤكد أنَّه كلما عملت أكثر، ارتفعت، وهذا مع حقيقة أنَّ الأبحاث تُظهر أنَّ العمل لساعات أطول لا يجعلنا أكثر إنتاجية فحسب؛ بل يجعلنا في أغلب الأحيان أقل إنتاجية.
في أثناء كتابة في هذا المقال، عثرت على معلومات مسلية عن أصول الكلمات: أصل كلمة أعمال في اللغة اللاتينية هو (Negotium) "التفاوض"، وتعني في الأصل "عدم وجود أوقات الفراغ". أنا بالتأكيد لا أعتقد أنَّ ممارسة الأعمال التجارية تعني التفوق على كل أوقات الفراغ، لكنَّني أعتقد أنَّها علامة مشجعة وصحية على أنَّ الناس بدؤوا برفض مفهوم العمل في كل وقت، وأرباب عملهم بدؤوا بالإصغاء.
أضف تعليقاً