متى نعتبر سلوك الطفل مشكلة بحد ذاته يحتاج لعلاج؟
قد يلجأ الوالدين لطلب استشارة نفسية عاجلة لسلوك طفلهما، ويعتقدون أن سلوك الطفل غير طبيعي، سواءً لجهلهم بطبيعة نمو الطفل أو لشدة حرصهم على سلامته وخوفهم عليه من الأمراض والاضطرابات النفسية، خاصة إذا كان هو المولود الأول. قد يكون سلوك الطفل عاديًا وطبيعيًا تبعًا للمرحلة التي يمر بها. لذا، من المهم جدًا عزيزي المربي أن تعرف متى يكون سلوك ابنك طبيعيًا أو مرضيًا.
يعد سلوك الطفل مشكلة تستدعي علاجًا عندما تُلاحظ النقاط التالية:
- تكرار المشكلة: يجب أن يتكرر هذا السلوك الذي تعتقد أنه غير طبيعي أكثر من مرة، فظهور سلوك شاذ مرة أو مرتين أو ثلاث لا يدل على وجود مشكلة عند الطفل. لماذا؟ لأنه قد يكون سلوكًا عابرًا يختفي تلقائيًا أو بجهد من الطفل أو والديه.
- اعاقة هذا السلوك لنمو الطفل الجسمي والنفسي والاجتماعي: عندما يكون هذا السلوك مؤثرًا على سير نمو الطفل ويؤدي إلى اختلاف سلوكه ومشاعره عن سلوك ومشاعر أقرانه.
- أن تعمل المشكلة على الحد من كفاءة الطفل في التحصيل الدراسي وفي اكتساب الخبرات وتعوقه هذه المشكلة عن التعليم.
- عندما تسبب هذه المشكلة في إعاقة الطفل عن الاستمتاع بالحياة مع نفسه ومع الآخرين وتؤدي لشعوره بالكآبة وضعف قدرته على تكوين علاقات جيدة مع والديه وأخوته وأصدقاءه ومدرسيه.
شاهد بالفيديو: قواعد هامة في تربية الطفل الوحيد
أهمية علاج مشكلات الطفولة:
ما أهمية علاج مشكلات الطفولة؟ نظرًا للأهمية البالغة للطفولة كحجر أساس لبناء شخصية الإنسان في المستقبل، وبما أن لها دور كبير في توافق الإنسان في مرحلة المراهقة والرشد، فقد أدرك علماء الصحة النفسية أهمية دراسة مشكلات الطفل وعلاجها في سن مبكرة قبل أن تستفحل وتؤدي لانحرافات نفسية وضعف في الصحة النفسية في مراحل العمر التالية. وقد تبين من دراسة الباحثين في شخصية وعلم نفس النمو أن توافق الإنسان في المراهقة والرشد مرتبط إلى حد كبير بتوافقه في الطفولة. فمعظم المراهقين والشباب المتوافقين مع أنفسهم ومجتمعهم توافقًا حسنًا كانوا سعداء في طفولتهم قليلي المشاكل في صغرهم. بينما كان معظم المراهقين والشباب سيئي التوافق، تعساء في طفولتهم، كثيري المشاكل في صغرهم.
وكذلك، أظهرت نتائج الدراسات في مجالات علم النفس المرضي وعلم النفس الشواذ دور مشكلات الطفولة في نشوء الاضطرابات النفسية والعقلية والانحرافات السلوكية في مراحل المراهقة والرشد. لذا، ينبغي التركيز على علاج مشكلات الطفولة في مرحلة مبكرة لتجنب تأثيرها السلبي على النمو النفسي والاجتماعي للفرد في المستقبل.
مشاكل الطفولة وعلاجها:
قد تظهر مشاكل الطفولة بأشكال مختلفة، ومنها السلوكية والنفسية والاجتماعية، وتتطلب تدخلاً فعّالًا من الوالدين والمعلمين للتعامل معها بشكل مناسب والعمل على حلها. فيما يلي مشاكل الأطفال وحلولها:
أولاً: مشكلة العناد والتمرد على الأوامر وعدم الطاعة:
العناد هو عصيان الطفل للأوامر وعدم استجابته لمطالب الكبار في الوقت الذي ينبغي أن يعمل فيه. والعناد من الاضطرابات السلوكية الشائعة، وقد يحدث لفترة وجيزة أو مرحلة عابرة، أو يكون نمطًا متواصلاً أو صفة ثابتة في سلوك وشخصية الطفل.
أسباب مشكلة العناد لدى الطفل:
- اصرار الوالدين على تنفيذ أوامرهما الغير متناسبة مع الواقع، كطلب الأم من الطفل أن يرتدي الملابس الثقيلة مع أن الجو دافئ، مما يدفع الطفل للعناد كردة فعل.
- رغبة الطفل في تأكيد ذاته واستقلاليته عن الأسرة، خاصة إذا كانت الأسرة لا تنمي ذلك الدافع في نفسه.
- القسوة، فالطفل يرفض اللهجة القاسية ويتقبل الرجاء، ويلجأ للعناد، وكذلك عندما يتدخل الوالدين في كل صغيرة وكبيرة في حياته ويقيدانه بالأوامر التي تكون أحيانًا غير ضرورية، فيجد الطفل من مهرب سوى بالعناد.
- تلبية رغبات الطفل ومطالبه نتيجة العناد، تدعم هذا السلوك لديه، فيتخذ هذا السلوك لتحقيق أغراضه ورغباته.
ونقترح لعلاج مشكلة العناد ما يلي:
- تجنب الاكثار من الأوامر على الطفل وإرغامه على اطاعتك، وكن مرنًا في القاء الأوامر. فالعناد البسيط يمكن أن نغض الطرف عنه مادام أنه لا يسبب ضررًا للطفل، وخاطب الطفل بدفء وحنان، فمثلاً: استخدم عبارات "يا حبيبي" أو "يا طفلي العزيز".
- احرص على جذب انتباهه قبل اعطاءه الأوامر.
- تجنب ضربه لأنك ستزيد بذلك من عناده، وعليك بالصبر، فالتعامل مع الطفل العنادي ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب استخدام الحكمة في التعامل معه.
- ناقشه وخاطبه كأنسان كبير ووضح له النتائج السلبية التي نتجت من أفعاله تلك.
- إذا اشتد عناده الجئ للعاطفة وقل له: "اذا كنت تحبني، افعل ذلك من أجلي".
- إذا لم يجدي معه العقل ولا العاطفة، احرمه من شيء محبب له كالحلوى أو الهدايا، وهذا الحرمان يجب أن يكون فوراً، أي بعد سلوك الطفل للعناد ولا تؤجله.
- وضح له من خلال تعابير وجهك ومن خلال معاملتك أنك لن تكلمه حتى يرجع.
ملاحظة:
عزيزي المربي، لا تنسَ أن الطفل عندما يمر عبر مراحل نموه النفسي، يظهر لديه علامات العناد، وهذا شيء طبيعي يشير إلى مرحلة طبيعية من مراحل النمو. وهذه المرحلة تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وامكاناته وقدرته على التأثير في الآخرين وتمكّنه من تكوين قوة الانفعال. كل عنادٍ مرضي يستلزم العلاج.
ثانياً: مشكلة الغيرة:
الغيرة هي حالة انفعالية مركبة تتألف من حب التملك وشعور الغضب بسبب وجود عائق، مصحوبة بتغيرات فسيولوجية داخلية وخارجية. يشعر بها الطفل عادة عند فقدان الامتيازات التي كان يحصل عليها أو عند ظهور مولود جديد في الأسرة أو عند نجاح طفل آخر في المدرسة، في حين كان حظه الفشل والاخفاق. هذه المشاعر المركبة يرفض الطفل الإفصاح عنها أو الاعتراف بها، ويحاول الإخفاء لأن الظهور أو الإفصاح عنها تزيد من شعوره بالمهانة والتقصير.
أسباب مشكلة الغيرة لدى الطفل:
- شعور الطفل بالنقص ومروره بمواقف محبطة، مثل نقص الجمال أو الحاجات الاقتصادية مثل الملابس وغيرها. وقد يزداد هذا الشعور ويثبت نتيجة سوء معاملة الوالدين وقسوتهم معه والسخرية من فشله.
- الانانية للطفل التي تجعله راغبًا في حيازة أكبر قدر من اهتمام الوالدين.
- قدوم طفل جديد للأسرة.
- ظروف الأسرة الاقتصادية؛ فبعض الأسر قد يكون دخلها الاقتصادي منخفضًا أو تتجاهل احتياجات الطفل مما يؤدي لنمو بذور الغيرة في نفس الطفل نتيجة عدم حصوله على ما يريد من أسرته.
- المفاضلة بين الأبناء؛ فبعض الأسر تفضل الذكور على الإناث أو عندما يفضل الصغير على الكبير وهكذا تنمو الغيرة بين الأبناء.
- كثرة المديح للأخوة أو الأصدقاء أمام الطفل وإظهار محاسنهم أمامه.
وَلِعَلاج مشكلة الغيرة عند الطفل نقترح ما يلي:
- أن نزرع في الطفل ثقته بنفسه وأن نشجعه على النجاح، وأنه عندما يفشل في عمل ما سينجح في عمل آخر.
- أن نتجنب عقابه أو مقارنته بأصدقائه أو أخوته وإظهار نواحي ضعفه وعجزه، فالمقارنة تصنع الغيرة بين الأخوة والأصدقاء وتبعده عن مواقف المنافسات غير العادلة.
- أن نعلمه أن هناك فروقًا فردية بين الناس ونضرب له الأمثلة على ذلك.
- أن نزرع فيه حب المنافسة الشريفة وأن الفشل ليس هو نهاية المطاف بل قد يقود إلى النجاح.
- تشجيعه لأن يعبر عن انفعالاته بشكل متزن.
- إشعار الطفل بأنه مقبول بمافيه لدى الأسرة وأن تفوق الآخرين لا يعني أن ذلك سيقلل من حب الأسرة له أو يزلزل مكانته.
- إذا قدمت للأسرة مولود جديد ولاحظت غيرة ابنك منه فلا تكفه أو تزجره بل دعه يساعدك في العناية بالطفل في أمور هي في حدود طاقته واثنِ عليه واشعره بالمسؤولية وراقبه عن بُعد دون أن يشعر. ولا تظهر اهتمامك بالطفل الجديد وهو يرى ولا تدعه يشعر بأن هذا الطفل قد أخذ حبه منك، وكن دائمًا يقظ لسلوك الطفل وصحح خطأه بلطف ولباقة.
- تعويد الطفل منذ الصغر على تدنيب الأنانية والفردية والتمركز حول الذات، وأن له حقوقًا وعليه واجبات، ونوضح له السلوك الصحيح.
- إدماج الطفل في جماعات نشاط وفرق رياضية.
ثالثاً: مشكلة الغضب:
الطفل الغاضب هو ذلك الطفل الذي يكون كثير الصراخ والبكاء، يضرب ويرفس الأرض بقدميه، ويصاحب ذلك الصوت المرتفع ويعمد إلى تصليب جسمه عند حمله لغسل يديه أو قدميه، وتكسير الأشياء ورميها على الأرض. وتكون هذه التعبيرات عن الغضب بين الثالثة والخامسة تقريباً، وبعد الخامسة يكون تعبير الغضب في صورة لفظية أكثر من كونها فعلية.
أسباب مشكلة الغضب عند الأطفال:
- نقد الطفل ولومه وإغاظته أمام الآخرين، خاصة أمام أشخاص لهم مكانة عنده أو عند من هم في سنه، أو تحقيره أو الاستهزاء به أو التعدي على شيء من ممتلكاته.
- تكليف الطفل بأداء أعمال فوق إمكاناته ولومه عند التقصير، مما يعرضه للإحباط نتيجة تكليفه بما لا يستطيع كتنفيذ الأوامر بسرعة.
- حرمان الطفل من اهتمام الكبار وحبهم وعطفهم، فيكون الغضب كوسيلة للتعبير.
- كثرة فرض الأوامر على الطفل واستخدام أساليب المنع والحرمان بكثرة والزامه بمعايير سلوكية لا تتفق مع عمره والتدخل في شؤونه.
- تدليل الطفل، وذلك يعود الطفل على الآخرين الاستجابة لرغباته دائماً، ويغضب إن لم يستجيبوا له.
- القسوة الشديدة على الطفل وشعوره بظلم المحيطين به من آباء وإخوة.
- التقليد، فيقلد الطفل أحد والديه أو معلميه أو يقلد ما يراه عبر وسائل الإعلام.
- شعور الطفل بالفشل في حياته، إما في المدرسة أو في تكوين العلاقات أو في المنزل.
وللعلاج من هذه المشكلة، نقترح ما يلي:
- يجب أن يحتفظ الوالدين بهدوئهما أثناء غضب الطفل وأن يخبراه بأنهما على علم بغضبه وأن له الحق في أن يغضب، ولكن من الخطأ أن يعبر عن غضبه بهذا الأسلوب. ومن ثم يُبينا له الأسلوب الأمثل في التعبير عن غضبه.
- عدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياته، فمثلاً: عندما يتشاجر الطفل مع طفل آخر، لا يتدخل الوالدين إلا عندما يكون هناك ضرر على الطفلين أو أحدهما.
- الابتعاد عن حرمان الطفل من ممتلكاته الشخصية واستخدامه كعقاب للطفل.
- تجنب مناقشة مشاكله مع غيره على مسمع منه.
- أن يكون الوالدين قدوة للطفل وأن لا يغضبان بمرأى الطفل، لأن الطفل ربما يقلد الوالدين أو كلاهما.
- العمل على إشباع حاجاته النفسية وعدم إهماله أو تفضيل أحد أخوته عليه.
- الابتعاد عن إثارة الطفل بهدف الضحك عليه أو احتقاره والحط من قيمته.
- أن لا تكثر عليه الأوامر والتعليمات وليكن له استقلاليته.
- أن لا نكلفه بأعمال تفوق طاقته.
- إرشاد الطفل للوضوء عندما يغضب والجلوس إن كان واقفاً والاضطجاع إن كان جالساً.
رابعاً: الشجار بين الأبناء:
هو الصراع الذي ينشب بين الأشقاء ليس شرًا كله، إذ يتعلم الأبناء من خلاله الدفاع عن أنفسهم والتعبير عن مشاعرهم. ولكن إذا تطور الأمر إلى الإيذاء والاعتداء البدني، فهنا يلزم التدخل من قبل الوالدين.
يتطور صراع الأشقاء لعدة أسباب منها:
- تفضيل أحد الوالدين طفلًا على الآخر قد يولد البغضاء بين الأبناء.
- رفض الوالدين سلوك أحد الأبناء يظهر من خلال سلوك الآخرين تجاه هذا الابن.
- الصراع بين الأبناء في أحيان كثيرة يحاكي الصراع الناشب بين الوالدين.
- شعور الأبناء بأن الصراع الناشب بينهم يصرف أنظار الوالدين عن مشاكل أخرى بينهما.
ماذا نصنع؟
- نتجاهل الشجارات التافهة: عندما يكون الطرفان متكافآن والموضوع تافه، لا نتدخل طالما أنه لا يتعرض أحد الطرفين للإيذاء؛ لأن ذلك يعوِّدهما على حل النزاع دون اللجوء للآخرين.
- درِّب الأبناء على مهارات حل المشكلات: من خلال دعوتهم بعد انتهاء الشجار وتدريبهم على تحديد المشكلة وتوليد الحلول واختيار الأنسب منها.
- مكافأة الأبناء عندما يتسامحون فيما بينهم ويظهرون روح التعاون.
- استخدام الإبعاد المؤقت مع الاثنين: حتى يتعودا ضبط النفس.
- تجنب المقارنة؛ لأنها تخلق حالة من الغضب لدى الطفل تجاه إخوته.
- حاول أن تقضي وقتًا منفردًا مع كل طفل.
- تذكر أن الشجار بين الأخوة أمر طبيعي.
خامساً: الهروب من حل الواجبات المدرسية:
وبالرغم من الجهد الذي تبذله الأم في محاولة أن يبدأ ابنها أو ابنتها بداية جيدة في العام الدراسي الجديد، إلا أن الأبن يحاول أن يهرب من الواجب بكل الطرق.
مثلاً، قد تحدث معركة بين الابن ووالديه من أجل تأدية واجباته المدرسية. وقد يقوم الطفل بالمجادلة لمدة ساعتين من أجل القيام بواجباته، أو يتفنن في ضياع الوقت بأن يبري القلم مرة كل كلمتين أو يشطب الجملة ويعيد كتابتها مرة أخرى، أو أن يذهب إلى دورة المياه كل ربع ساعة، أو أن يخلق الأعذار بأن يطلب الأكل أكثر من مرة... كل هذه محاولات لتضييع الوقت ثم يبكي الطفل، وذلك لأن الوقت ضاع وأنه تعب من الكتابة.
وباختصار، يفعل كل شيء لكي يهرب من الواجبات المدرسية. هذا النوع من الأطفال تجدهم أيضًا في المدرسة لا يكملون كتابة الدروس ويفضلون أن تكتب لهم أمهاتهم واجباتهم رغم أن الأغلبية منهم أذكياء. هذا التصرف قد يجعلنا نحكم عليهم بالأهمال، ولكن هذا المفهوم خاطئ، كما يقول علماء النفس. فيرون أن الطفل هنا يحتاج إلى مساعدة نفسية وليست مساعدة في حل الواجب.
فالوالدين عندما يرون ابنهم مقصرًا في حل واجباته، فيعتقدون أنه مهمل رغم توفر كل وسائل الراحة له. إلا أن عدم الاهتمام به يعطيه عدم الثقة بنفسه. فينعزل عن أصدقائه أو يغرق في قراءة الكتب أو مشاهدة التلفزيون ويصبح حساسًا جدًا من مشاكله الصحية ويمكن أن ينقلب إلى طفل مشاغب في المدرسة.
العلاج في مثل هذه الحالة هو:
- أن تعطيه الاهتمام مثل أخوته تمامًا وأن تعدلي بينهم.
- كذلك، اعطيه الثقة بنفسه، فإذا نجح في عمل في البيت اجعليه يكرره مرة أخرى.
- عليك أن تهتمي بملابسه وتبدي اعجابك بما يختاره. ولا تلقي العبء وحده، بل اجعليه يشعر بالمساعدة.
- لا تؤنبيه إذا أخطأ في شيء.
- إذا حصل على درجات عالية عليكِ أن تفتخري به بين أصدقائه.
- افعلي كل هذا بدون مبالغة في المديح حتى لا يشعر أنه عملية مفتعلة.
- اختاري له الأصدقاء أصحاب الأخلاق الحسنة والمتفوقين في المدرسة.
هذا العلاج يحتاج إلى وقت طويل لكي يتغير الطفل.
سادساً: مشكلة الألفاظ النابية:
يجب ربط الأطفال منذ نعومة أظفارهم بالله، سواء عند الثواب أو العقاب وعلى أي خطأ يرتكبونه منذ سن الثانية. قولي لهم: "لا تقولوا هذه الكلمات السيئة والبذيئة لكي يحبكم الله. وإذا أحبكم الله، يجعل ماما وبابا وكل الناس يحبوكم." قولي لهم: "ماما تحبكم ولكن تزعل منكم لو قلتم هذه الكلمة لأنها كلمة سيئة، وما يقولها الولد الصالح، الطيب، المؤدب." أجلسيهم في مكان محدد يعاقب فيه الطفل ولا يتحرك منه لمدة دقيقة أو اثنين، ثم يطلب منهم الاعتذار.
قد تضيفين للطفل السابعة بأن تقولي لهم: "أنا أعرف بأنكم فتيان طيبون ومؤدبون، ولكن الشيطان يجعلكم تقولونها عشان ربنا يزعل منكم وهو يفرح بعملكم هذا. فإذا وسوس لكم أو قلتم في نفسكم أشتم أو سب أو أفعل كذا وكذا، قولوا: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أنا ولد مسلم ما أخليكم تفرحوا وأبغي ربنا يحبكم ويدخلكم الجنة."
أسباب المشكلة:
هناك عدة حالات ومسببات تدفع الطفل إلى تعلم السب والشتم والتعود عليه، ومنها أنه عند بداية انتقالهم لمرحلة اللعب مع الأطفال الآخرين يتولد لديهم إحساس بالصراع والنزاع فيتسبب ذلك في توليد الرغبة لاستخدام كلمات عدائية مع الأطفال، تظهر عدم رضاهم ومنازعتهم على الأشياء. فيستخدموا غالبًا الكلمات التي يسمعونها من والديهم عند الغضب أو الكلمات التي تستخدم في الأماكن غير الجيدة مثل الحمام، وتكون وقتها أفضل الكلمات التي تعبر عن عدم رضاهم.
العلاج:
لا تبدي انزعاجاً ملحوظاً عند سماعك لكلمة الشتم عند الوهلة الأولى، وكذلك لا تبدي ارتياحاً ورضاً بالتبسم والضحك مما يولد تشجيعاً له على تكرارها. حاولي أن تشرحي له أن هذه الكلمات تؤلم مشاعر الآخرين كما يؤلمهم الضرب. حاولي أن تدربيه على كيفية التعبير عن عدم الرضا عن الآخرين وذلك بأن تدربيه على قول "إذا عملت معي كذا فذلك سيغضبني منك"، وإذا استدعى الأمر قولي له "لا تلعب مع هذا الطفل واجعليه يلعب مع آخرين".
قد لا تؤدي الخطوات المذكورة إلى نتائج سريعة وفعالة لأن إحساس الطفل بقدرته على إحداث الأثر والانفعال على أعدائه - في اللعب بالسب والشتم أقوى من أثر الضرب. لذلك فهو يشبع رغبة جامحة تجعله يحرص على الشتم ويفضله على الحلول الأخرى. دائماً يكون التعبير بالقدوة هو أفضل الوسائل لتدريب الطفل ومعالجة تلفظه بكلمات نابية، ولذلك يجب أن يتجنب الكبار التلفظ بما يكرهون أن يتلفظ به الصغار، وكذلك التصرف بانفعالات وعصبية وسلبية في المواقف والتي بلا شك ستنتقل إلى الصغار الذين يفهمون أكثر بكثير مما يعتقد أهلهم أنهم يفهمونه. فمثلاً عند اعتراض سيارة للأب أثناء قيادته ومعه الطفل يجب انضباط الأب وعدم التلفظ بالألفاظ غير اللائقة عن السائق الآخر وأمام الابن، وإلا سيكون خير مثال يحتذي به.
هناك أسباب أخرى للشتم:
هناك أسباب أخرى للشتم، وهي أن يستخدم الطفل الشتم على سبيل المرح ولجلب اهتمام الآخرين وليس للعداء مع الآخرين، كأن يكون صوت كلمة الشتم جميل وله نغمة وعذوبة. يعالج ذلك بأن نطلب منه الذهاب إلى مكان لوحده ويكرر لفظ الكلمة عدد ما يشاء وحيدًا وبعيدًا عنهم، ويعلم أنه قد يؤذي الآخرين ولا يريدون سماعها. أو نحاول استبدال كلمة الشتم بكلمة مشابهة لها في الصوت والنغمة، مثل "حمار بفنار" أو "محار وكلب بقلب". لا تحبطي إذا تكرر سماعك لما تكرهين، لأن الطفل لن ينسى أو يتغير بين يوم وليلة. حاولي استخدام كلمات جميلة أو مقبولة للتعبير بها عن الأشياء غير الجميلة، مثل كلمات "الحمام". كلما يكبر الطفل سيكون أكثر فهماً للكلمات التي يجب أن لا يتفوه بها، وعندئذٍ يمكن التعامل معه من مبدأ الثواب والعقاب على كل كلمة سيئة ينطق بها.
الخلاصة:
في ختام هذا المقال، وبعد أن ناقضنا مشاكل الطفولة وعلاجها، يمكن القول أنَّ تعليم الأطفال يُعد أهمية كبيرة لبناء مجتمع سليم ومستقبل واعد. تواجه العديد من التحديات في هذا المجال، بما في ذلك مشكلة الغضب والشجار بين الأطفال واستخدام الألفاظ النابية. لحل هذه المشكلات ومعالجتها، ينبغي على الوالدين والمربين أن يكونوا مدركين للأسباب التي تؤدي إلى هذه السلوكيات وأن يتخذوا الإجراءات المناسبة للتعامل معها.
أضف تعليقاً