نحن نسمع ونقرأ عن استعانة الشركات، وقطاعات الأعمال بالخبراء والمتخصصين لمعالجة مشكلة ما، أو دراسة اقتراح ما، وغالبا ما تدفع الشركات ومؤسسات قطاع الأعمال مبالغ كبيرة جراء لأولئك الخبراء عند طلب استشارته، فما هو سر الخبرة في العمل؟ وما هي أهمية الخبرة؟
الخبرة تكمن بين السطور:
لمعرفة هذا الأمر اقرأ معنا ما كتبه الأستاذ زياد ريس مؤلف كتاب "تجربتي لحياة أفضل"؛ إذ يقول: وصلتني استشارة من إدارة إحدى الشَّركات فيما يخص بند الاهتلاكات (Depreciation) لأصول الشَّركة (مبان – آلات – معدات – سيَّارات – مفروشات)، والقيمة المطلوب احتجازها في التقرير المالي لقائمة الدَّخل لهذا الغرض.
لأهميَّة الموضوع أحببتُ أنْ أُلقي الضوء على ذلك؛ فمعظم الأشخاص لا يُعيرون اهتماماً للموضوع رَغْم ما له من تداعيات وتَبِعَات ماليَّة وحقوقيَّة؛ فالتَّغافُل عن إعطاء هذا البند حقه الكامل سوف ينعكس على التالي:
1. عدم تخصيص قيمة الاهتلاك في قائمة الدَّخل:
سوف يعطي قيمة إضافيَّة من الأرباح الصَّافية الوهميَّة، ويُبْنَى عليها توزيع الحصص بين الإدارة وصاحب رأس المال؛ ومعظم الشَّراكات يتم فيها تخصيص نسبة من صافي الربح للإدارة، وأخرى لرأس المال، وتتوالى السنوات على هذا المنوال في التوزيع الخاطئ.
2. إضافة قيمة الاهتلاك إلى الربح الصَّافي:
يضيف نسبة أرباح وهميَّة وذلك يعطي جاذبيَّة لضَخ مزيد من رأس المال في الشَّركة من طرف الشركاء بناءً على تقارير غير صحيحة.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لتخفيض نفقات شركتك في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية
3. قد يخرج بعض الشُّركاء خلال السَّنوات المتعاقبة:
بناء على معطيات ماليَّة غير صحيحة كليَّاً، ويكون خروجهم بطريقة غير عادلة.
4. مع مرور الزمن تتفاقم المشكلة:
وتظهر حقيقتها وتداعياتها في ذوبان رأس المال أو نسبة كبيرة منه إلى أن تطفو خلافات حقيقيَّة بين الشركاء لا يعود سببها لعدم الأمانة أو الثقة، أو ما إلى ذلك من القِيَم بمعناها المطلق، وإنَّما لعدم المعرفة والالتزام بالمعايير والتَّقارير الماليَّة المهنيَّة البحتة.
هذا المثال أعلاه هو عينة من الأمور التي تكون سبباً قويَّاً لحدوث خلافات تجارية كبيرة ومؤلمة بين الشركاء، والتي لا تعود إلى سوء النية، ولا تنضوي تحت أجندة خاصَّة من أحد الأطراف بين الشُّركاء، وإنَّما تَعُود لفقدان الخبرة المهنيَّة البحتة.
ينطبق الحال على كثيرٍ من البنود المحاسبيَّة التي تحتاج إلى أخذ الاحتياطي الدوري لها، والتي لا تُصرَف في وقتها، وإنَّما لها استحقاقات صَرْف متأخِّرة؛ بحيث يغفل عنها القائمون على العمل، ويتصرَّفون بالكاش الموجود أوَّلاً بأوَّل، بما فيه من توزيع أرباح دون الانتباه لحجم هذه الالتزامات المتراكمة؛ بحيث تصبح في بعض الأحيان أكبر من قيمة أصول الشركة في حال التَّصفية.
مثال على ذلك:
مستحقات نهاية الخدمة للكادر الموجود بالشَّركة، والتي تتعاظم مع مرور السنوات، ويكونون هم ضحية هذا الخطأ، أو المستحقات الضريبيَّة المتأخِّرة للجهات الحكوميَّة وما إلى ذلك؛ لذلك من الهام وجود رقابة ماليَّة داخليَّة وخارجيَّة تتوافق مع الأنظمة والمعايير المحلِّيَّة والدوليَّة المُتجدِّدة.
بالعودة لما سبق نجد أنَّ الخبرة المكتسبة تساعد مساعدة كبيرة على حل المشكلات، ومساعدة الشركات والمؤسسات على تجاوز العقبات، وكذلك تطوير أعمالها، ودراسة الاقتراحات التي يمكن أن تعبر بالشركات والمؤسسات إلى بر الأمان، وكل ذلك يكون بسبب تراكم المعرفة الناتجة عن تكرار التجارب لدى أولئك الأشخاص الذين يسمون أنفسهم الخبراء، فتراكم التجارب وتكرارها يساعدهم على اكتساب المعرفة والمهارة ببواطن الأمور، والتي تتعلق بعالم الأعمال وحتى مختلف مجالات الحياة.
أضف تعليقاً