لقد دخل إلى مجالات عديدة كمجال النقل مثلاً، فيُستخدَم الذكاء الاصطناعي في تطوير السيارات ذاتية القيادة وأيضاً في تحسين حركة المرور، كما استُخدِم في مجال التعليم لتحسين أساليب التعليم وابتكار أساليب جديدة تناسب التطور في العالم، وكذلك استُخدِم لتطوير التعليم الإلكتروني.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في حل عديد من المشكلات الحقيقية التي تواجهنا في حياتنا كمشكلات الأمن مثلاً، فيمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الأمنية وتحديد الخطر والتنبؤ بالخطر القادم، كالتنبؤ بالهجمات الإرهابية ومكان الوقوع واقتراح أفضل الحلول المناسبة، وأيضاً يمكنه حل كثير من المشكلات التي تتعلق بمجال الطب والعلوم الحيوية.
كما يمكنه أن يؤدي دوراً أساسياً في تلك المجالات، فمجال الطب والعلوم الحيوية تأثروا سابقاً تأثراً كبيراً بالتطورات التقنية والعلمية، فقد أصبح بإمكان الأطباء الوصول إلى معلومات أكثر دقة، كما تطورت الأدوية وتحسَّن العلاج باستخدام التكنولوجيا، إضافة إلى أنَّ العلماء تمكنوا من إجراء تجارب أكثر دقة وبسرعة أكبر، ومقالنا الحالي سيوضح لك كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيق تقدم في مجال الطب والعلوم الحيوية، لتكوِّن فكرة واضحة عن استخداماته في المستقبل القريب.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
هو فرع من فروع العلوم الحاسوبية والذي يهدف إلى تصميم الأنظمة الحاسوبية وتطويرها، بحيث يصبح لها القدرة على التفكير والتعلم الذاتي واتخاذ القرارات بنفسها لتصبح مشابهة إلى حد كبير الذكاء البشري، وربما تتفوق عليه أيضاً، ويعتمد ذلك اعتماداً أساسياً على تقنيات البرمجة والتعلم الآلي، ويتطلب كثيراً من المعالجة الحاسوبية والبيانات الضخمة والقوة الحاسوبية المتطورة.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات في الحياة لتنفيذ العمليات التي يقوم بها البشر وبدقة وحرفية وإتقان مشابه لعمل البشر وأفضل منهم في كثير من الأحيان، وهذا ما يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاجية والتحكم بالعمليات الصناعية والزراعية والمالية والتجارية والأمن والحماية أيضاً، لتقليل الاعتداءات الإلكترونية والكشف عن الاحتيال والمشكلات الأمنية المختلفة والتنبيه المبكر للأزمات والكوارث، وغيرها من المجالات التي ستزداد في المستقبل كما هو متوقَّع.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيق تقدم في الطب والعلوم الحيوية؟
يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في مجال الطب والعلوم الحيوية كما ذكرنا آنفاً، وفيما يأتي توضيح للتقدم الذي يمكن إحرازه في هذه المجالات:
دور الذكاء الاصطناعي في تقدم الطب:
يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في مجال الطب والرعاية الصحية، ويتم ذلك من خلال عدة طرائق أهمها ما يأتي:
1. تحليل الصور الطبية:
أثبتت الدراسات أنَّ الذكاء الاصطناعي له القدرة على تحليل الصور الطبية بمهارة ودقة أفضل من الأطباء في كثير من الحالات؛ والسبب وراء ذلك أنَّ الذكاء الاصطناعي له القدرة على التوصل للنتائج الصحيحة أسرع من الأطباء، وهذا يساهم في توفير الوقت والجهد والتكاليف أيضاً، ولكن مع ذلك لا يمكن إلغاء دور الأطباء والاعتماد على الذكاء الاصطناعي فقط مهما بلغ التقدم والتطور، بل يجب أن يكون أداة مساعدة للأطباء تسهِّل أعمالهم الكثيرة، فيمكن النظر إلى تحليلات الذكاء الاصطناعي بوصفها مرجعاً يستفاد منه الأطباء في تشخيص الأمراض المتعددة.
2. تحليل البيانات الطبية:
يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل السجلات الطبية الإلكترونية لاستخراج المعلومات الهامة المتعلقة بتشخيص الأمراض، كما يمكن تحليل البيانات التي تصدر عن الأجهزة الطبية سواء الأجهزة التشخيصية أم الأجهزة العلاجية أم الأجهزة المختصة بمراقبة وظائف الجسم، إضافة إلى تحليل البيانات الكبيرة واكتشاف العلاقات التي تربط البيانات ببعضها بعضاً، وتحليل البيانات الجينية وتحديد العوامل الوراثية وتحليل الصور الطبية.
3. التشخيص التلقائي:
يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في التشخيص التلقائي؛ وذلك بالاعتماد على التحليل الدقيق للصور الطبية وتحليل البيانات الطبية، كنتائج التحاليل المخبرية والسريرية وبمعرفة تاريخ المريض الصحي بالتفصيل، فيمكن استخدام هذه التقنية لتشخيص الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب، أو في تشخيص الأمراض النادرة، أو الوراثية ولتقديم النصائح وتحديد العلاجات المناسبة لتقليل المخاطر الصحية على المريض.
4. الجراحة بمساعدة الروبوت:
يمكن استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية لمساعدة الأطباء في إجراء العملية وتجنُّب الوقوع في الأخطاء، فيمكن للروبوت تزويد الجرَّاح بصورة دقيقة عن المريض، ويمكنه تحريك الأدوات الجراحية بدقة عالية بناءً على توجيهات الطبيب، ومن ثم تقليل النزف أو الأضرار على الأنسجة المجاورة لمكان العمل الجراحي.
كما أنَّه يساعد على الوصول إلى الأماكن الدقيقة والحساسة التي يصعب الوصول إليها من قبل الطبيب الجراح في بعض الأحيان، كما يمكن للروبوت القيام بالخياطة بدقة عالية، ومن ثم يوفر الوقت والجهد، إضافة إلى ذلك فإنَّ الروبوتات يمكنها العمل طوال اليوم.
5. النصائح الطبية الذكية:
يساعد الذكاء الاصطناعي إلى حد كبير في تقديم نصائح طبية تساعد المريض على اتباع أسلوب حياة صحي بعد تحليل بياناته المتعلقة بالعمر والجنس والحالة الصحية والموقع الجغرافي له، فيقوم بتعليمه السلوكات الصحيحة ويقدم تحذيرات صحية ونصائح غذائية تفيد في تفادي الإصابة بالأمراض كما تساهم في معالجة المرضى.
6. تحليل الجينات والجينوم:
يساعد الذكاء الاصطناعي على تحليل الجينات والجينوم من خلال تحليل السلسلة الحيوانية لها وتحليل البيانات الجينومية المعقدة وتحليل المعلومات الوراثية للأفراد، ومن ثم يصل إلى العوامل الوراثية المسببة للأمراض والحالات الصحية لتحديد كيفية العلاج، ومخاطر الأمراض، والآثار الجانبية للعلاج، وتقديم توصيات لتجنب الإصابة بالأمراض التي يحتمل الإصابة بها.
دور الذكاء الاصطناعي في تقدم العلوم الحيوية:
العلوم الحيوية هي مختلف العلوم التي تتعامل مع الأحياء والكائنات الحية، والذكاء الاصطناعي يؤثر فيها بعدة طرائق أهمها ما يأتي:
1. تحسين الزراعة:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الجوية والتاريخية للتنبؤ بالمحاصيل المزروعة، إضافة إلى تحليل البيانات المتعلقة بالأمراض والآفات التي تصيب المحاصيل؛ لتقليل الخسائر ولاتباع أفضل الطرائق في العلاج، كما يمكن استخدامه لتحليل البيانات التي تتعلق بالمناخ والرطوبة والتربة؛ لتحديد الكمية المناسبة من المياه التي يحتاج إليها المحصول والوقت المناسب للري، ومن ثم التقليل من تكاليف الري.
2. تحسين البيئة:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات التي تتعلق بالتربة والهواء، ومن ثم استخدامه للتنبؤ بالكوارث كالزلازل والفيضانات والجفاف والحرائق والأعاصير، كما يحلل البيانات المتعلقة بالطاقة والتلوث وتحديد أنواع النفايات وكيفية التخلص منها، وهذا يساعد على تحسين إدارة الموارد الطبيعية مثل الغابات والمصادر المائية؛ وذلك للحفاظ عليها.
3. تطوير التكنولوجيا الحيوية:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير التكنولوجيا الحيوية في عدة مجالات، مثل الطب الجزيئي والوراثة والتطوير الدوائي وتحليل البيانات المتعلقة بالتفاعلات بين الأدوية والخلايا والأعضاء، وتحليل البيانات المتعلقة بالحياة البرية والتنوع البيولوجي والمناخ، كتحديد سرعة واتجاه الرياح والتنبؤ بالأحوال الجوية المستقبلية.
4. تطوير علم الأحياء الدقيقة:
باستطاعة الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة التي تتعلق بالجينات والبروتينات والخلايا، ومن ثم الفهم الدقيق للعلاقة بين المكونات الحيوية المختلفة، كما يمكن تحليل البيانات المتعلقة بالميكروبات والفيروسات والبكتيريا، وتحديد العوامل الوراثية؛ لذلك يمكن تطوير المضادات الحيوية ويمكن تحديد اللقاحات الفعالة وتطوير اللقاحات أيضاً.
5. تطوير علم الأحياء البحرية:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المتعلقة بالأحياء البحرية، مثل المعلومات الجينية لفهم التفاعلات بين الكائنات الحية والبيئة البحرية، إضافة إلى مراقبة الأحياء البحرية لمعرفة الأعداد والأنواع والحركة والسلوكات والمواقع بدقة، ولدراسة التغيرات البيئية الطارئة عليها.
إضافة إلى تحسين أجهزة الاستشعار البحري والروبوتات وتطوير أساليب الاتصال اللاسلكي وتحسين أداء المراكب البحرية، ويمكن استخدامه في سبيل تحسين إدارة الموارد البحرية وتحديد مناطق الحماية وتحسين إدارة المخلفات البحرية أيضاً.
6. تطوير علم الأحياء الإنسانية:
يساعد الذكاء الاصطناعي على تطوير علم الأحياء الإنسانية بعدة طرائق، مثل فهم الجينات والعوامل الوراثية المتعلقة بالأمراض، ومن ثم التشخيص بدقة أكبر وبكفاءة عالية، وتحليل البيانات المتعلقة بالتجارب السريرية، وتصميم التجارب السريرية بعد تحديد المرضى المناسبين للتجارب، وتصميم الأدوية والعلاجات التي تساعد على تحسين إدارة الأزمات الصحية.
في الختام:
الذكاء الاصطناعي هو ذكاء الآلات، فتصبح الأجهزة قادرة على العمل والتفكير والتعلم الذاتي وحل المشكلات واتخاذ أفضل القرارات بالشكل الذي يساهم في تطوير مختلف مجالات الحياة، وخاصة مجال الطب والعلوم الحيوية، فيمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي مستقبلاً في تحليل الصور والبيانات الطبية التي تنتج عن المخابر أو الآلات بسرعة وبدقة؛ لتوفير الجهد والوقت.
كما يمكن استخدام الروبوتات لمساعدة الطبيب في العمليات الجراحية؛ لأنَّ الروبوت قادر على الحركة بدقة والوصول إلى الأماكن الحساسة دون إحداث خدش أو أذية للمناطق المجاورة، وهذا يجعل الأخطاء الطبية أقل، ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تقديم النصائح الطبية للمريض بعد التعرف إلى معلوماته كافة.
أيضاً يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين مجال الزراعة وتحسين البيئة، فيمكنه التنبؤ بالكوارث وكيفية علاجها ومنع وقوعها، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير علم الأحياء الدقيقة وعلم الأحياء البحرية؛ وذلك من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالعوامل الوراثية والجينات، وأيضاً يمكنه تطوير علم الأحياء الإنسانية بما يساهم في إدارة الأزمات الصحية بأفضل شكل.
أضف تعليقاً